Alef Logo
ابداعات
              

قصة / فتاة الدراق

باسم سليمان

2006-05-07

فيروز(أنا عندي حنين ما بعرف لمين)
لمَ تلك المواربة؟ لكلٍ منا حنينه ويعرف لمن؟.
هذا الحنين الذي يركض خلفك، أمامك، ويتلطى بين قدميك ككلب وفيّ.
مرارا هربت، تكرارا أسلمت نفسي لسجاني وكل يوم مشمس اجمع غسيله النظيف جدا وأغسله بالملح المجفف وعلى ضوء الشباك وفيروز (يومي بيخطفني من بين السهرانين) أتلمس آثارها. بصمة إبهامها الأيسر لقلبي ورسم كفيها على ظهري لضمة طالت كنهر وسبابتها تقاطع شفتي للصمت في حضرة الحب وقبضة كاملة انتزعت عضوي ووضعته في مزهرية مع وردة وحيدة يابسة في ضوء الشباك.
***
رائحة الدراق تفوح كرائحة الكحول في المشفى



***
الشريط الأحمر المعقود كأذني أرنب يعلو ويهبط مع صفارة متقطعة لشرطي السير. فكته كجديلتها لتعلقها على حبل الغسيل
- على السطح المقابل امرأة منشورة على حبل وهي انسحبت من الرؤية كما اعتادت أن انزع صدارتها فتخرج منها كأسواره من ساعد
- تحتاج الذكريات لدفتر ينبض جلده بالمفارق وطاولات المقاهي، الإنتظارات، القبلات اللاهثة لراكضي المسافات الطويلة.
صفارة الشرطي تأخذ منحى مستمرا كما الطريق إلى غرفتي آخر الزقاق.
فتاة الدراق بقربي. تضع سماعة الوكمان على أذنيها وكأني بفيروز(بصير يوديني لبعيد يوديني وما بعرف لمين وما بعرف لمين)
الممرضة تضع السماعة على صدرها تستمع لنبض عميق.
تقرع لمرة واحدة بعد أن تكون اجتازت شارعا ماطرا. لتمضيّ إليّ. دائرة الماء تتسع حول قدميها كهالة القديسين
- كم أحبك مبّللة !!
الممرضة تطلب مني الخروج. يختفي انعكاسي من زجاج الباص. صوت فيروز يغدو بعيدا يخرج معها من الباب الموارب بعد أن تلصق قبلة على جبيني وتكتب عنوانا آخر
***
لم أكن قرب أحد إلا أمي!. وأمي تقول: عندما ينضج الدراق تمتلئ السماء بالبثور وتكحل بدلا من عينيها شاربي وتتمتم "الكحل خير من العمى"
العمى هو ظهور معالم الرجولة وامتلاك حق البعاد. أما جدتي فتقول: الشب بلا سيكارة متل البنت بلا سواره.
ابتعدت وحلقت شواربي ودخنت كثيرا وبدلا من الإسواره أهديتها خلخالا استرخى كالظهيرة فوق كاحلها الأيمن
وضعتُ الوردة اليابسة بقرب قبرها على ضوء السماء. لم أحلق بعدها وكأني أرى أمي التي كانت تحضر للبعاد. كل صباح تعن آلة الحلاقة لتترك شواربي وذقني على سوية واحدة وكأني اختار خطوة للأمام وخطوة للخلف.
-أحبكَ أن تنتظرني، هكذا اشعر بالأمان !.
***
رغم إن دفتر الذكريات كانت تكتبه في الغرفة تكتب عندما اغرق في النوم لم اطلع عليه حتى في غيابها وكأني أريد أن اترك عذرية ما لم أفضها.
تكتب بقلم الرصاص ذو الممحاة الحمراء في رأسه.
-الأقلام تكتب بأقدامها ؟!
تبري قلمها بمبراة قلم الكحلة وتجمع البقية في حوض زجاج امتلأ ربعه بعد أن أنهت الدزينة الثانية التي أهديتها إياها.
***
امسح لهاثي حرارتي عن الزجاج و...
***
قلم الرصاص قلم يغفِر، قلم بريء، قلم للطفولة لتتعلم ارتكاب الأخطاء بدون حساب، ممحاته الحمراء حلمة الطمأنينة. الحلوى التي كنت أكلها خفية عن أمي لذلك أحذر العودة لطفولتي عندما ُتلقمي نهدك لفمي.
باسم الكحل وثبات خطي تحولت للقلم الأزرق وداعا لطفولة أمارسها في حصة الرسم وعلى مسوداتي ولكن نهايتها سلة المهملات. هل كان دفتر ذكرياتك مسودات؟.
قلم الرصاص، قلم يملك غفرانه بممحاته أم قلم الحبر يحتاج إلى كفارة تدور بين الشطب واستخدام الماحي الأبيض وتمزيق الصفحة وجعلكتها ورميها بسلة المهملات
القلم الأزرق يؤثر في المكان. قلم ينتمي للبحر والسماء. إنه قلم الرشد حيث يبدأ ميزانك بالعمل وكفتاه بالغمز. قلم الرصاص قلم ينتمي للرمل.
لو تكتب حياتي بقلم الرصاص. أمحو ما أشاء أعيد الكتابة فوقه. قلم الرصاص آلة للزمن للعودة للماضي لأمحو يوم ألصقت طابعا على جبيني وأرسلتني لعنوان آخر
-الحاضر ظلال ذكريات.
وفي محاولة لإيجاد نوع من العلاقة الودية بيني والقلم الأزرق بدأت أشكله في جيب القميص وكونه قلم سكين كنت استحضر الضمادات، الماسح الأبيض. لأخيط جروحه ولكنها كندب الجروح تختفي من وجهك عندما يعتادها الآخرون.
- لمَ لمْ أحبك في زمن قلم الرصاص؟
الورقة البيضاء لحظة في زمان المكان كقطرة مطر تشظت على يد تدعي أما جسدك المنداح في الأبعاد - وكون قلم الرصاص لطفولة لم التق ِبك بها فلم يخطْ على جسدك كان لزاما عليّ أن أكتب كما في حياتي بالقلم الأزرق- هو الورقة الدائمة.
أحبك على بطنك خططتها بعد أن زرعت شجرة نخيل في سرتك.
ارتجل الشعر وأخطه على صدرك، بطنك، فخذيك، ساقيك، أصابعك، حلمة نهديك مستعجلا أكتب أتكلم بصوت عال فيما أنت تقهقهين ضاحكة
-أنا المنبر الوحيد الذي تلقي عنه أشعاركَ .
وتمتصي صوتي بقبلة تجعل خطي يعلو ويهبط.
جسدك لا يحتاج للماسح الأبيض ليخلص من جنابة قلمي الأزرق.
*****
أوشكت على الوصول. أخرجت دفتر مذكراتك من حقيبتي تأملته وشظايا حوض الزجاج المنكسر وبقية أقلام الرصاص متناثرة كالياسمين في الزقاق المؤدي للغرفة.
-إنه لك كاملا
التفت إلى فتاة الدراق وبعنين مقنعتين كالموت. هذا لك
انزل من الباص وصوت فيروز(ما بعرف لمين ما بعرف لمين).
خاص ألف


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

في بحثكَ عن ظلّ؛ تفوتك ألف شمسٍ

29-كانون الأول-2018

الصارية

02-حزيران-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

17-آذار-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

23-كانون الأول-2014

الخط الأحمر في طور المراهقة الحوارية*

04-آذار-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow