Alef Logo
يوميات
              

يتدرّبون على الموت ...!

أحمد بغدادي

خاص ألف

2014-09-08

وأنتَ تجلس على الكرسي بساقين منفرجتين وذراعين مشدودتين إلى الأسفل كرقاصي ساعة الجدار المُعطلةِ.. لا تفكر إلا بعدد نبضات قلبك المُتبقيةِ، وعدد القبلات التي سوف تحظى بها من أصدقائكَ .. من صديقاتكَ .. جيرانك المسافرين أو العائدين من البيوت المُحطّمةِ والأحلام القصيرة !

من حبيبتكَ المُتمرسة بتقبيل خصمكَ حين تغيب عن قلبها ثلاثة أيامٍ فقط ..!

انهض الآن ....

وقبّل شفاه الأصدقاء الرمادية

أو الغرباء الذين يحملون مرايا ضريرة لوجوهٍ غير وجوههم ...!

أنتَ الآن تتدرّب على حتفكَ ...!

تتدرّب كباقي الأحياء الشاخصين بعيون فارغة وأهداب مغبرة !

............. من لكَ الآن ...؟!

الدفتر ذاته الذي رسمتَ فيه جدولاً حسابياً ورقمته بأعداد عشوائية، مازال أمامكَ ...

في آخر الصفحة .. أضف رقماً جديداً ولا تكتب أمامه شيئاً ما ... لا اسمكَ، ولا اسم من تحب أو تكره ...! في نهاية المطاف إن غبتَ عن المشهدِ

سوف يضيف اسمكَ أو رقمكَ أحدٌ سوف يأتي دور اسمهِ ورقمه أيضاً ...!

النوافذ كلها أمامكَ ... لا تدّعي الاختناق !

لا الهواء يعرفكَ ولا الغبار ولا الغمام ولا المطر .... ليس لكَ خصمٌ شرعيٌ ولا

لكَ عدوٌ يشاطركَ الحقدَ ...!

أنتَ لمجردِ أنّكَ على هذه الأرض ...

في هذا الوطن ( الفخ ) .. أنتَ لستَ سوى أهزوجة ترددها الحياة

مثلكَ .. مثل أي من يمشي في لجِ المغامرة !

غامرتَ ورمتَ المستحيلَ كي تحيا بجسدٍ كامل على هذه الأرض ؟!!

لم لا تحيا بنصفه فقط؛

نصف العبودية والذلِ والانتقاص والشعور العدم ؟!!

فالنصفُ الآخر ليس لكَ ...

للذين يعرفون فنّ الحياة وقد خلقوا كذلكَ ...!

موصى بهم قبل أن يُخْلقوا ... قبل أن يعرفوا ما معنى أنهم يعيشون في الطرف الآخر من الحياة ...... حفلاتٌ حمراء وبذلات سوداء أنيقة وقمصان زرقاء وبيضاء وبنفسجية ....!

سيارات لنقل المومسات إلى القصور ِ والمزارع أو إلى الليل ...!

أطفالٌ بخدود وردية ومليئة !

أنتَ لستَ منهم ..... تكاد تكفيكَ بضعة أحلامٍ ممزقة كجيوب المتسولين !

تكاد تكفيكَ خطوات قليلة، حذرة أمام رخام منازلهم ....!

أنتَ لستَ في كفّة الميزان الإلهي .... أنتَ قاعدة الميزان ...!

فهم في كفّةٍ يجلسون ... وفي الكفة الأخرى ... تساويهم كل هذه الميزات ...!

تدرّب أكثر على حتفكَ ...

صادقهُ .. أعطه كنهكَ وكل ما تصبو إليهِ دون أن تطالبه بهِ ...!

تدرّب أكثر .... مثل عداء الحواجز .. اقفز فوق ظلكَ واسرع ... انطلق قبل أن يسبقكَ أحدٌ من الذين يشبهونكَ إلى قبركَ ...!

كن أول الواصلين .... قبركَ مازال فارغاً

لم يره بعض الموتى الماصبين بالزكام والزمهرير .... !

عندما تصل إليه، رتّب الدفءَ

وتأكد أن تضع اسمكَ على رخامة الشاهدة إن وجدتْ ...!

أو تكتب اسمكَ بدمكَ على حجر فوقه ....

فالقبور في هذا الوطن رغم كثرتها .......... تكاد أن تصبحَ

بثمن حياة كاملة ....!

احجز لنفسكَ مدةً طويلة ... سنة .. أربعة ... أو قرن ...!

فالإقامة سوف تكون طويلة يا صديقي .... طويلة كموتكَ ...!

ولا تنسَ أن تأخذَ معكَ الكرسي ذاته الذي كنتَ تجلس عليه دائماً بساقين منفرجتين،

فلربما يحلو لكَ أن تجلسَ مساءً خارجَ قبركَ

تدخّن ذكرياتكَ ...

وتشاهد ما تبقى من أحياء مثلكَ ...... يتدربون على الموت

بالقربِ من كاميرات العالم !!!.













































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

غداً سأبقى وحدي

15-أيار-2021

قصيدتان من دفتر النبع الضرير

24-نيسان-2021

كاان بيني وبينكَ

03-نيسان-2021

"أغنية بلا نوافذ" // إلى ريدي مشو

27-آذار-2021

لعنة الشعراء

06-آذار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow