Alef Logo
كشاف الوراقين
              

كتاب : البيان والتبيين المؤلف : أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ج2

خاص ألف

2017-05-06

قال الاشل الازرقي - من بعض اخوال عمران بن حطان الصفري القعدي - في زيد بن جندب الايادي خطيب الازارقة واجتمعا في بعض المحافل فقال بعد ذلك الاشل البكري
( نحنح زيد وسعل ... لما رأى وقع الأسل )
( ويل امه اذا ارتجل ... ثم أطال واحتفل )
وقد ذكر الشاعر زيد بن جندب الايادي الخطيب الازرقي في مرثيته لابي داود بن جرير الايادي حيث ذكره بالخطابة وضرب المثل بخطباء إياد فقال
( كقس أياد أو لقيط بن معبد ... وعذرة والمنطيق زيد بن جندب )
وزيد بن جندب هو الذي يقول في الاختلاف الذي وقع بين الازارقة
( قل للمحلين قدقرت عيونكم ... بفرقة القوم والبغضاء والهرب )
( كنا اناسا على دين ففرقنا ... فرع الكلام وخلط الجد باللعب )
( ما كان أغنى رجالا ضل سعيهم ... عن الجدال وأغناهم عن الخطب )
( إني لأهونكم في الارض مضطربا ... مالي سوى فرسي والرمح من نشب )
وأما عذرة المذكور في البيت الاول فهو عذرة بن حجرة الخطيب الايادي ويدل على قدرة فيهم وعلى قدرة في اللسن والخطب قول شاعرهم
( وأي فتى صبر على الأين والظما ... اذا اعتصروا بلوح ماء فظاظها )
( إذا ضرجوها ساعة بدمائها ... وحل عن الكوماء عقد شظاظها )
( فانك ضحاك الىكل صاحب ... وأنطق من قس غداة عكاظها )
( إذا شعب المولى مشاعب معشر ... فعذرة فيها اخذ بكظاظها )
فلم يضرب هذا الشاعر الايادي المثل لهذا الخطيب الايادي الا برجل من خطباء إياد وهو قس بن ساعدة ولم يضرب صاحب مرثية أبي داود بن جرير الايادي المثل الا بخطباء اياد فقط ولم يفتقر الى غيرهم حيث قال في عذرة بن حجرة
( كقس إياد او لقيط بن معبد ... وعذرة والمنطيق زيد بن جندب )
واول هذه المرثية قوله
( نعى ابن جرير جاهل بمصابه ... فعم نزارا بالبكا والتحوب )
( نعاه لنا كالليث يحمي عرينه ... وكالبدر يغشى ضوؤه كل كوكب )
( وأصبر من عود وأهدى اذاسرى ... من النجم في داج من الليل غيهب )
( واضرب من حد السنان لسانه ... وأمضى من السيف الحسام المشطب )
( زعيم نزار كلها وخطيبها ... اذا قال طأطا رأسه كل مشغب )
( سليل قروم سادة ثم قالة ... يبزون يوم الجمع أهل المحصب )
( كقس إياد او لقيط بن معبد ... وعذرة والمنطيق زيد بن جندب )
في كلمة له طويلة وإياهم غنى الشاعر بقوله
( يرمون بالخطب الطوال وتارة ... وحي الملاحظ خيفة الرقباء )
قال أخبرني محمد بن عباد بن كاسب كاتب زهير ومولى بجيلة من سبى دابق وكان شاعرا راوية وطلابة للعلم علامة قال سمعت ابا دواد بن جرير يقول وقد جرى شيء من ذكر الخطب وتحبير الكلام واقتضابه وصعوبة ذلك المقام وأهواله فقال تخليص المعاني رفق والاستعانة بالغريب عجز والتشادق من غير أهل البادية بغض والنظر في عيون الناس عي ومس اللحية هلك والخروج مما بني عليه اول الكلام اسهاب وسمعته يقول رأس الخطابة الطبع وعمودها الدربة وجناحاها رواية الكلام وحليها الاعراب وبهاؤها تخير اللفظ والمحبة مقرونة بقلة الاستكراه وانشداني بيتا له في صفة خطباء اياد وهو قوله
( يرمون بالخطب الطوال وتارة ... وحي الملاحظ خيفة الرقباء )
فذكر المبسوط في موضعه والمحذوف في موضعه والموجز والكناية والوحي باللحظ ودلالة الاشارة وأنشدني له الثقة في كلمة له معروفة
( الجود أخشن مسا يا بني مطر ... من أن تبز كموه كف مستلب )
( ما أعلم الناس أن الجود مدفعة ... للذم لكنه يأتي على النشب )
قال ثم لم يحفل بها فادعاها مسلم بن الوليد الانصاري او ادعيت له وكان احد من يجيد قريض الشعر وتحبير الكلام
وفي الخطباء من يكون شاعرا ويكون إذا تحدث او وصف او احتج
بليغا مفوها بينا وربما كان خطيبا فقط وشاعرا فقط وبين اللسان فقط
ومن الشعراء الخطباء الأبيناء الحكماء قس ين ساعدة الأيادي والخطباء كثير والشعراء اكثر منهم ومن يجمع الخطابة والشعر قليل
ومنهم عمرو بن الاهتم المنقري وهو المكحل قالوا كأن شعره في مجالس الملوك حلل منشرة قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل للاوسية اي منظر احسن قالت قصور بيض في حدائق خضر فأنشد عند ذلك عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه بيت عدي بن زيد العبادي
( كدمى العاج في المحاريب أو كالبيض في الروض زهره مستنير )
قال فقال قسامة بن زهير كلام عمرو بن الاهتم انق وشعره احسن هذا وقسامة أحد أبيناء العرب
ومن الخطباء الشعراء البعيث المجاشعي واسمه خداش بن بشر بن لبيد
ومن الخطباء الشعراء الكميت بن زيد الاسدي وكنيته ابو المستهل
ومن الخطباء الشعراء الطرماح بن حكيم الطائي وكنيته ابو نفر
قال القاسم بن معن قال محمد بن سهل راوية الكميت أنشدت الكميت قول الطرماح
( اذا قبضت نفس الطرماح أخلقت ... عرى المجد واسترخى عنان القصائد )
فقال الكميت إي والله وعنان الخطابة والرواية
قال ابو عثمان الجاحظ ولم ير الناس اعجب حالا من الكميت والطرماح وكان الكميت عدنانيا عصبيا وكان الطرماح قحطانيا عصبيا وكان الكميت شيعيا من الغالية وكان الطرماح خارجيا من الصفرية وكان الكميت يتعصب لأهل الكوفة وكان الطرماح لأهل الشام وبينهما مع ذلك من الخاصة والمخالطة ما لم يكن بين نفسين قط ثم لم يجر بينهما صرم ولا جفوة ولا إعراض ولا شيء مما تدعو هذه الخصال اليه ولم ير الناس مثلهما إلا ما ذكروا من حال عبد الله بن زيد الاباضي وهشام بن الحكم الرافضي فانهما صارا الى المشاركة بعد الخلطة والمصاحبة وقد كانت الحال بين خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة الحال التي تدعو الى المفارقة بعد المناقشة والمحاسدة للذي اجتمع فيهما من اتفاق الصناعة والقرابة والمجاورة فكان يقال لولا أنهما أحلم تميم لتباينا تباين
النمر والأسد وكذلك كانت حال هشام بن حكم الرافضي وعبد الله بن زيد الاباضي إلا انهما فضلا على سائر المتضادين بما صارا اليه من الشركة في جميع تجارتهما وذكر خالد بن صفوان شبيب بن شيبة فقال ليس له صديق في السر ولا عدو في العلانية فلم يعارضه شبيب
وتدل كلمة خالد هذه على أنه يحسن ان يسب سب الاشراف
ومن الخطباء الشعراء عمران بن حطان وكنيته ابو شهاب احد بني عمرو بن شيبان اخوة سدوس
فمن بني عمرو بن شيبان مع قلتهم من العلماء والخطباء والشعراء
عمران بن حطان رئيس القعدة من الصفرية وصاحب فتياهم ومقرعهم عند اختلافهم
ومنهم دغفل بن حنظلة النسابة الخطيب العلامة
ومنهم القعقاع بن شور
وسنذكر شأنهم اذا انتهينا الى موضع ذكرهم ان شاء الله تعالى
ومن الخطباء الشعراء نصر بن سيار أحد بني ليث بن بكر صاحب خراسان وهو يعد في أصحاب الولايات وفي الحروب وفي التدبير وفي العقل وشدة الرأي
ومن الخطباء الشعراء زيد بن جندب الأيادي وقد ذكرنا شأنه
ومن الخطباء الشعراء عجلان بن سحبان الباهلي وسحبان هذا هو سحبان وائل وهو خطيب العرب
ومن الخطباء الشعراء العلماء وممن قد تنافر اليه الاشراف أعشى همدان
ومن الشعراء الخطباء عمران بن عصام العرني وهو الذي أشار على عبد الملك بخلع أخيه عبد العزيز والبيعة للوليد بن عبد الملك في خطبته المشهورة وقصيدته المذكورة وهو الذي لما بلغ عبد الملك بن مروان قتل الحجاج له قال ولم قتله ويله هلا رعى قوله فيه
( وبعثت من ولد الاغر معتب ... صقر يلوذ حمامه بالعرفج )
( فاذا طبخت بناره أنضجتها ... وإذا طبخت بغيرها لم ينضج )
( وهو الهزبر إذا أراد فريسة ... لم ينجها منه صياح الهجهج )
ومن خطباء الامصار وشعرائهم والمولدين منهم بشار الأعمى وهو بشار ابن برد وكنيته ابو معاذ كان من احد موالي بني عقيل فان كان مولى أم ظباء على ما يقول بنو سدوس وما ذكره حماد عجرد فهو من موالي بني سدوس ويقال انه من أهل خراسان نازلا في بني عقيل وله مديح كثير في فرسان أهل خراسان ورجالاتهم وهو الذي يقول
( من خراسان وبيتي في الذرى ... ولدى المسعاة فرعي قد سبق )
ويقول
( وإني لمن قوم خراسان دارهم ... كرام وفرعي فيهم ناضر بسق )
وكان شاعرا راجزا سجاعا خطيبا صاحب منثور ومزدوج وله رسائل معروفة وأنشد عقبة بن رؤبة عقبة بن سلم رجزا يمتدحه فيه وبشار حاضر فأظهر بشار استحسان الارجوزة فقال عقبة بن رؤبة هذا طراز يا أبا معاذ لا تحسنه فقال بشارألمثلي يقال هذا الكلام أنا والله أرجز منك ومن أبيك ومن جدك ثم غدا على عقبة بن سلم بأرجوزته التي أولها
( يا طلل الحي بذات الصمد ... بالله خبر كيف كنت بعدي )
وهي التي يقول فيها
( إسلم وحييت أبا الملد ... لله أيامك في معد )
وفيها يقول
( الحر يلحى والعصا للعبد ... وليس للملحف مثل الرد )
ويقول فيها
( وصاحب كالدمل الممد ... حملته في رقعة من جلدي )
( وما وراء رغبتي من زهدي ... )
أي لم أره زهدا فيه ولا رغبة ذهب الى قول الشاعر
( لقد كنت في قوم عليك أشحة ... بنفسك لولا أن من طاح طائح )
( يودون لو خاطوا عليك جلودهم ... ولا تدفع الموت النفوس الشحائح )
والمطبوعات على الشعر من المولدين بشار العقيلي والسيد الحميري وأبو العتاهية وابن ابي عيينة وقد ذكر الناس في هذا الباب يحيى بن نوفل وسلما الخاسر وخلف بن خليفة وأبان بن عبد الحميد اللاحقي أولى بالطبع من هؤلاء وبشار أطبعهم كلهم
ومن الخطباء الشعراء وممن يؤلف الجيد ويصنع المناقلات الحسان ويؤلف الشعر والقصائد الشريفة مع بيان عجيب ورواية كثيرة وحسن دل وإشارة عيسى بن يزيد بن دأب احد بني ليث بن بكر وكنيته ابو الوليد
ومن الخطباء الشعراء ممن كان يجمع الخطابة والشعر الجيد والرسائل الفاخرة مع البيان الحسن كلثوم بن عمرو العتابي وكنيته ابو عمرو وعلى ألفاظه وحذوه ومثاله في البديع يقول جميع من يتكلف مثل ذلك من شعراء المولدين كنحو منصور النمري ومسلم بن الوليد الانصاري وأشباههما وكان العتابي يحتذي حذو بشار في البديع ولم يكن في المولدين أصوب بديعا من بشار وابن هرمة والعتابي من ولد عمرو بن كلثوم ولذلك قال
( إني امرؤ هدم الإقتار مأثرتي ... واجتاح ما بنت الايام من خطري )
( أيام عمرو بن كلثوم يسوده ... حيا ربيعة والأفناء من مضر )
( أرومة عطلتني من مكارمها ... كالقوس عطلها الرامي من الوتر )
ودل في هذه القصيدة على انه كان قصيرا قوله
( نهى ظراف الغواني عن مواصلتي ... ما يفجأ العين من شيبي ومن قصري )
ومن الخطباء الشعراء الذين جمعوا الشعر والخطب والرسائل الطوال والقصار والكتب الكبار المجلدة والسير الحسان المولدة والاخبار المدونة سهل بن هرون بن راهيبوني الكاتب صاحب كتاب ثعلة وعفرة في معارضة كتاب كليلة ودمنة وكتاب الأخوان وكتاب المسائل وكتاب المخزومي والهذلية وغير ذلك من الكتب
ومن الخطباء الشعراء على بن ابرهيم بن جبلة بن مخرمة ولا أعلمه يكنى الا أبا الحسن
وسنذكر كلام قس بن ساعدة وشأن لقيط بن معبد وهند بنت الخس وجمعة بنت حابس وخطباء إياد اذا صرنا الى ذكر خطباء القبائل ان شاء الله
ولإياد وتميم في الخطب خصلة ليست لأحد من العرب لأن رسول الله هو الذي روى كلام قس بن ساعدة وموقفه على جمله بعكاظ وموعظته وهو الذي
رواه لقريش والعرب وهو الذي عجب من حسنه وأظهر من تصويبه وهذا إسناد تعجز عنه الاماني وتنقطع دونه الامال وإنما وفق الله ذلك الكلام لقس ين ساعدة لاحتجاجه للتوحيد ولاظهاره معنى الاخلاص وإيمانه بالبعث ولذلك كان خطيب العرب قاطبة
وكذلك ليس لأحد في ذلك مثل الذي لبني تميم لأن رسول الله لما سأل عمرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر قال مانع لحوزته مطاع في أذينه فقال الزبرقان أما إنه قد علم أكثر مما قال لكنه حسدني شرفي فقال عمرو أما لئن قال ما قال فوالله ما علمته إلا ضيق الصدر زمر المروءة لئيم الخال حديث الغنى فلما رأى انه خالف قوله الاخر قوله الاول ورأى الانكار في عين رسول الله قال يا رسول الله رضيت فقلت أحسن ما علمت وغضبت فقلت أقبح ما علمت وما كذبت في الاولى ولقد صدقت في الاخرة فقال النبي عند ذلك إن من البيان لسحرا
فهاتان الخصلتان خصت بهما إياد وتميم دون سائر القبائل
ودخل الأحنف بن قيس على معاوية بن أبى سفيان فأشار له الى الوساد فقال له اجلس فجلس على الارض فقال معاوية ما منعك يا احنف من الجلوس على الوساد فقال يا أمير المؤمنين إن فيما أوصى به قيس بن عاصم المنقري ولده أن قال لا تغش السلطان حتى يملك ولا تقطعه حتى ينساك ولا تجلس له على فراش ولا وساد واجعل بينك وبينه مجلس رجل او رجلين فانه عسى ان يأتي من هو أولى بذلك المجلس منك فتقام له فيكون قيامك زيادة له ونقصا عليك حسبي بهذا المجلس يا أمير المؤمنين لعله ان يأتي من هو أولى بذلك المجلس مني فقال معاوية لقد أوتيت تميم الحكمة مع رقة حواشي الكلام وأنشأ يقول
( ياأيها السائل عما مضى ... وعلم هذا الزمن العائب )
( ان كنت تبغي العلم أو أهله ... أو شاهدا يخبر عن غائب )
( فاعتبر الارض بسكانها ... واعتبر الصاحب بالصاحب )
وذهب الشاعر في مرثية أبي دؤاو في قوله
( وأصبر من عود وأهدى اذا سرى ... من النجم في داج من الليل غيهب )
هذا شبيه بقول جبار بن سليمان بن مالك بن حعفر بن كلاب حين وقف على قبر عامر بن الطفيل فقال كان والله لا يضل حتى يضل النجم ولا يعطش حتى يعطش البعير ولا يهاب حتى يهاب السيل وكان والله خير ما يكون حين لا تظن نفس بنفس خيرا
وكان زيد بن جندب أشغى أقلح ولولا ذلك لكان أخطب العرب قاطبة وقال عبيدة بن هلال اليشكري في هجائه له
( أشغى عفنباة وناب ذوعصل ... وقلح باد وسن قد نصل )
وقال عبيدة أيضا فيه
( ولفوك أشنع حين تنطق فاغرا ... من في قريح قد أصاب بريرا )
وقال الكميت
( تشبه بالهمام اثارها ... مشافر قرحا أكلن البريرا )
وقال أخو النمر بن تولب في شنعة أشداق الجمل
( كم ضربة لك تحكي فاقراسية ... من المصاعب في أشداقه شنع )
وفي الخطباء من كان أشغى ومن كان أروق ومن كان أشدق ومن كان أضجم ومن كان أفقم
القراسية بعير أضجم والضجم اعوجاج في الفم والفقم مثله والروق ركوب السن الشفة وفي كل ذلك روينا الشاهد والمثل
وروى الهيثم بن عدي عن أبي يعقوب الثقفي عن عبد الملك بن عمير قال قدم علينا الاحنف الكوفة مع مصعب بن الزبير فما رأيت خصلة تذم في رجل إلا وقد رأيتها فيه كان أصلع الرأس أحجن الانف أغضف الاذن متراكب الاسنان أشدق مائل الذقن ناتىء الوجنة باخق العين خفيف العارضين أحنف الرجلين ولكنه اذا تكلم جلى عن نفسه
ولو استطاع الهيثم ان يمنعه البيان أيضا لمنعه ولولا انه لم يجد بدا من ان يجعل له شيئا على حال لما أقر بأنه اذا تكلم جلى عن نفسه
وقولنا في كلمته هذه كقول هند بنت عتبة حين أتاها نعي يزيد بن أبي سفيان وقال لها بعض المعزين إنا لنرجو ان يكون في معاوية خلف من يزيد فقالت هند ومثل معاوية لا يكون خلفا من أحد فوالله لو جمعت العرب من
أقطارها ثم رمى به فيها لخرج من أي أعراضها شاء ولكنا نقول المثل الاحنف يقال إلا انه اذا تكلم جلى عن نفسه
ثم رجع بنا القول الى الكلام الاول فيما يعتري اللسان من ضروب الآفات
قال ابن الاعرابي طلق أبو رمادة امرأته حين وجدها لثغاء وخاف ان تجيئه بولد ألثغ فقال
( لثغاء تأتي بحيفس ألثغ ... تميس في الموشي والمصبغ )
وأنشد ابن الاعرابي كلمة جامعة لكثير من هذه المعاني وهو قول الشاعر
( أسكت ولا تنطق فأنت حبحاب ... كلك ذو عيب وأنت عياب )
( إن صدق القوم فأنت كذاب ... أو نطق القوم فأنت هياب )
( أو سكت القوم فأنت قبقاب ... أو أقدموا يوما فأنت وجاب )
وأنشدني
( ولست يزميجة في الفراش ... وجابة يحتمي أن يجيبا )
( ولا ذي قلازم عند الحياض ... اذا ما الشريب اراب الشريبا )
وأنشدني
( رب غريب ناصح الجيب ... وابن أب متهم الغيب )
( ورب عياب له منظر ... مشتمل الثوب على العيب )
وأنشد
( وأجرا من رأيت بظهر غيب ... على عيب الرجال ذوو العيوب )
وقال سهل بن هرون لو عرف الزنجي فرط حاجته الى ثناياه في اقامة الحروف وتكميل جميل البيان لما نزع ثناياه
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سهيل بن عمرو الخطيب يا رسول الله إنزع ثنيتيه السفليين حتى يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا وانما قال ذلك لأن سهيلا كان أعلم من شفته السفلى
وقال خلاد بن يزيد الارقط خطب الجمحي خطبة نكاح أصاب فيها معانى الكلام وكان في كلامه صفير يخرج من موضع ثناياه المنزوعة فأجابه زيد بن على بن الحسين بكلام في جودة كلامه الا انه فضله بحسن المخرج والسلامة من الصفير فذكر عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر سلامة لفظ زيد بسلامة
أسنانه فقال في كلمة له
( قلت قوادحها وتم عديدها ... فله بذاك مزية لا تنكر )
ويروى
( صحت مخارجها وتم حروفها ... )
وزعم يحيى بن نجيم بن معاوية بن زمعة احد رواة أهل البصرة قال قال يونس بن حبيب في تأويل قول الاحنف بن قيس
( أنا ابن الزافرية أرضعتني ... بثدي لا أجد ولا وخيم )
( أتمتني فلم تنقص عظامي ... ولا صوني اذا اصطك الخصوم )
قال انما عنى بقوله عظامي أسنانه التي في فمه وهي التي اذا تمت تمت الحروف وقال يونس وكيف يقول مثله أتمتني فلم تنقص عظامي وهو يريد بالعظام عظام اليدين والرجلين وهو أحنف من رجليه جميعا مع قول الحتات له والله لانك ضئيل وان أمك لورهاء وكان أعرف بمواقع العيوب وأبصر بدقيقها وجليلها وكيف يقول ذلك وهو نصب عيون الاعداء والشعراء والاكفاء وهو أنف مضر الذي تعطس عنه وأبين العرب والعجم قاطبة
قالوا ولم يتكلم معاوية على منبر جماعة مذ سقطت ثناياه في الطست
قال أبو الحسن وغيره لما شق على معاوية سقوط مقادم فمه قال له يزيد بن معن السلمي واية ما بلغ أحد سنك الا أبغض بعضه بعضا ففوك أهون علينا من سمعك وبصرك فطابت نفسه
وقال أبو الحسن المدايني لما شد عبد الملك اسنانه بالذهب قال لولا المنابر والنساء ما باليت متى سقطت
قال وسألت مباركا الزنجي الفاشكار ولا أعلم زنجيا بلغ في الفشكرة مبلغه فقلت له لم ينزع الزنجي ثناياه ولم يحدد ناس منهم أسنانهم فقال أما أصحاب التحديد فللقتال والنهش ولانهم يأكلون لحوم الناس ومتى حارب ملك ملكا فأخذه قتيلا أو اسيرا أكله وكذلك اذا حارب بعضهم بعضا أكل الغالب منهم المغلوب
وأما أصحاب القلع فانهم قالوا نظرنا الى مقادم أفواه الغنم فكر هنا ان تشبه مقادم أفواهنا مقادم أفواه الغنم فكم تظنهم حفظك الله فقدوا من المنافع العظام بفقد تلك الثنايا
وفي هذا كلام يقع في كتاب الحيوان وقال أبوالهندى في اللثغ
( سقيت أبا المطرح إذا تأنى ... وذو الرعثات منتصب يصيح )
( شرابا يهرب الذبان عنه ... ويلثغ حين يشربه الفصيح )
وقال محمد بن الرومي مولى أمير المؤمنين قد صحت التجربة وقامت العبرة على ان سقوط جميع الاسنان أصلح في الابانة عن الحروف منه اذا سقط اكثرها وخالف احد شطريها الشطر الاخر
وقد رأينا تصديق ذلك في أفواه قوم شاهدهم الناس بعد ان سقط جميع اسنانهم وبعد ان بقي منها الثلث او الربع فممن سقط جميع اسنانه وكان معنى كلامه مفهوما الوليد بن هشام القحذمي صاحب الاخبار ومنهم ابو سفيان والعلاء بن لبيد التغلبي وكان ذا بيان ولسن وكان عبيد الله بن ابي غسان ظريفا يصرف لسانه كيف أحب وكان الالحاح على القيس قد برد اسنانه حتى كان لايرى احد منها شيئا الا ان تطلع في لحم اللثة وفي أصول منابت الاسنان وكان سفيان بن الابرد الكلي كثيرا ما يجمع بين القار والحار فتساقطت اسنانه جميعا وكان مع ذلك خطيبا بينا
وقال اهل التجربة اذا كان في اللحم الذي فيه مغارز الاسنان تشمير وقصر سمك ذهبت الحروف وفسد البيان واذا وجد اللسان من جميع جهاته شيئا يقرعه ويصكه ولم يمر في هواء واسع المجال وكان لسانه يملأ جوبة فمه لم يضره سقوط اسنانه الا بالمقدار المغتفر والجزء المحتمل ويؤكد ذلك قول صاحب المنطق فانه زعم في كتاب الحيوان أن الطائر والسبع والبهيمة كلما كان لسانه الواحد منها اعرض كان أفصح وأبين وأحكى لم يلفن ولما يسمع كنحو الببغاء والغداف وغراب البين وما أشبه ذلك وكالذي يتهيأ من أفواه السنانير اذا تجاوبت من الحروف المقطعة المشاركة لمخارج حروف الناس فاما الغنم فليس يمكنها ان تقول الا ماء والميم والباء أول ما يتهيأ في افواه الاطفال كقولهم ماما وبابا لانهما خارجان من عمل اللسان وانهما يظهران بالتقاء الشفتين وليس شيء من الحروف أدخل في باب النقص والعجز من فم الاهتم من الفاء والسين اذا كانا في وسط الكلمة فاما الصاد فليس تخرج الا من الشدق الايمن الا ان يكون المتكلم أعسر يسرا مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان
يخرج الضاد من اي شدقيه شاء فأما الايمن والاعسر والاضبط فليس يمكنهم ذلك الا بالاستكراه الشديد وكذلك الانفاس مقسومة المنخرين فحالا يكون الاسترواح ودفع البخار من الجوف من الشق الايمن وحالا يكون من الشق الايسر ولا يجتمعان على ذلك في وقت الا ان يستكره ذلك مستكره او يتكلفه متكلف فاما اذا ترك أنفاسه على سجيتها لم يكن الا كما قالوا
وقالوا الدليل على ان من سقط جميع أسنانه ان عظم اللسان نافع له قول كعب بن جعيل ليزيد بن معاوية حين أمره بهجاء الانصار فقال أر ادي انت الى الكفر بعد الايمان لا أهجو قوما نصروا رسول الله وآووه ولكني سأدلك على غلام في الحي كافر كان لسانه لسان ثور يعني الاخطل وجاء في الحديث ( أن الله تبارك وتعالى يبغض الرجل يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة الخلى بلسانها ) قالوا ويدل على ذلك قول حسان بن ثابت حين قال له النبي ( مابقي من لسانك ) فاخرج لسانه حتى قرع بطرفه طرف أرنبته ثم قال والله إني لو وضعته على صخر لفلقه او على شعر لحلقه وما يسرني به مقول من معد وأبوالسمط مروان بن أبي الجنوب بن مروان بن ابي حفصة وأبوه وابنه في نسق واحد يقرعون باطراف ألسنتهم اطراف انفهم
وتقول الهند لولا ان الفيل مقلوب اللسان لكان أنطق من كل طائر يتهيأ في لسانه كثير من الحروف المقطعة المعروفة
وقد ضرب الذين يزعمون أن ذهاب جميع الاسنان أصلح في الابانة عن الحروف من ذهاب الشطر او الثلثين في ذلك مثلا فقالوا الحمام المقصوص جناحاه جميعا اجدر ان يطير من الذي يكون احدهما وافرا والاخر مقصوصا قالوا وعلة ذلك التعديل والاستواء واذا لم يكن كذلك ارتفع احد شقيه وانخفض الاخر فلم يجذف ولم يطر والقطا من الطير قد يتهيأ من أفواهها ان تقول قطا قطا وبذلك سميت ويتهيأ من أفواه الكلاب العينات والفا ات والواوات كنحو قولها وو وو وكنحو قولها عف عف قال الهيثم بن عدي قيل لصبي من أبوك قال وو وو لان أباه كان يسمى كلبا
ولكل لغة حروف تدور في أكثر كلامها كنحو استعمال الروم للسين
واستعمال الجرامقة للعين قال الاصمعي ليس للروم ضاد ولا للفرس ثاء ولا للسريان دال
ومن ألفاظ العرب ألفاظ تنافر وإن كانت مجموعة في بيت شعر لم يستطع المنشد إنشادها الا ببعض استكراه فمن ذلك قول الشاعر
( وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر )
ولما رأى من لا علم له أن أحدا لا يستطيع ان ينشد هذين البيتين ثلاث مرات في نسق واحد فلا يتتعتع ولا يتلجلج وقيل لهم ان ذلك انما اعتراه اذ كان من أشعار الجن صدقوا بذلك
ومن ذلك قول ابن بشير في أحمد بن يوسف حين أستبطأه
( هل معين على البكا والعويل ... أم معز على المصاب الجليل )
( ميت مات وهو في ورق العيش ... مقيم به وظل ظليل )
( في عداد الموتى وفي غامر الدنيا ... أبو جعفر أخي وخليلي )
( لم يمت ميتة الوفاة ولكن ... مات من كل صالح وجميل )
( لا أذيل الآمال بعدك إني ... بعدها الآمال حق بخيل )
( كم لها موقفا بباب صديق ... رجعت من نداه بالتعطيل )
ثم قال
( لم يضرها والحمد لله شيء ... وانثنت نحو عرف نفس زهول )
فتفقد النصف الاخير من هذا البيت فانك ستجد بعض ألفاظه يتبرأ من بعض وأنشدني أبو العاصي قال أنشدني خلف الاحمر في هذا المعنى
( وبعض قريض القوم أولاد علة ... يكد لسان الناطق المتحفظ )
وقال ابو العاصي أنشدني في ذلك ابو البيداء الرياحي
( وشعر كبعر الكبش فرق بينه ... لسان دعي في القريض دخيل )
أما قول خلف وبعض قريض القوم أولاد علة فانه يقول اذ كان الشعر مستكرها وكانت الفاظ البيت من الشعر لا يقع بعضها مماثلا لبعض كان بينها من التنافر ما بين أولاد العلات واذا كانت الكلمة ليس موقعها الى جنب أختها مرضيا موافقا كان اللسان عند إنشاء ذلك الشعر مؤونة واجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء سهل المخارج فيعلم بذلك أنه أفرغ إفراغا جيدا وسبك
سبكا واحدا فهو يجري على اللسان كما يحري على الدهان
وأما قوله كبعر الكبش فانما ذهب إلى ان بعر الكبش يقع متفرقا غير مؤتلف ولا متجاور وكذلك حروف الكلام وأجزاء الشعر من البيت تراها متفقة لمسا ولينة المعاطف سهلة وتراها مختلفة متباينة ومتنافرة مستكرهة تشق على اللسان وتكده والاخرى تراها سهلة لينة ورطبة مؤاتية سلسة النظام خفيفة على اللسان حتى كأن البيت بأسره كلمة واحدة وحتى كأن الكلمة بأسرها حرف واحد
قال سحيم بن حفص قالت بنت الحطيئة للحطيئة تركت قوما كراما ونزلت في بني كليب بعر الكبش فعابتهم بتفرق بيوتهم فقيل لهم فأنشدونا بعض ما لا تتنافر أجزاؤه ولا تتباين ألفاظه فقالوا قال الثقفي
( من كان ذا عضد يدرك ظلامته ... إن الذليل الذي ليست له عضد )
( تنبو يداه اذا ما قل ناصره ... ويأنف الضيم إن أثرى له عدد )
وأنشدوا
( رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشية أرام الكناس رميم )
( رميم التي قالت لجارات بيتها ... ضمنت لكم أن لا يزال يهيم )
( ألا رب يوم لو رمتني رميتها ... ولكن عهدي بالنضال قديم )
وأنشدوا
( ولست بزميجة في الفراش ... وجابة يحتمي ان يجيبا )
( ولا ذي قلازم عند الحياض ... اذا ما الشريب أراب الشريبا )
قال نوفل بن سالم لرؤبة بن العجاج يا أبا الجحاف مت متى شئت قال وكيف ذلك قال رأيت عقبة بن رؤبة ينشد رجزا أعجبني قال إنه يقول لو كان لقوله قران وقال الشاعر
( مهاربة مناجبة قران ... منادبة كأنهم الأسود )
وأنشد ابن الاعرابي
( وبات يدرس شعرا لا قران له ... قد كان ثقفه حولا فما زادا )
وقال بشار
( فهذا بديه لا كتحبير قائل ... اذا ما أراد القول زوره شهرا )
فهذا في افتراق الالفاظ فاما افتراق الحروف فان الجيم لا تقارن الظاء ولا القاف ولا الطاء ولا الغين بتقديم ولا تأخير والزاي لا تقارن الظاء ولا السين ولا الضاد ولا الذال بتقديم ولا تأخير
وهذا باب كثير وقد يكتفى بذكر القليل حتى يستدل به على الغاية التي اليها يجري
وقد يتكلم المغلاق الذي نشأ في سواد الكوفة بالعربية المعروفة ويكون لفظه متخيرا فاخرا ومعناه شريفا كريما ويعلم مع ذلك السامع لكلامه ومخارج حروفه أنه نبطي وكذلك اذا تكلم الخراساني على هذه الصفة فانك تعرف مع اعرابه وتخير ألفاظه في مخرج كلامه أنه خراساني وكذلك إن كان من كتاب الأهواز ومع هذا إنا نجد الحاكية من الناس يحكي ألفاظ سكان اليمن مع مخارج كلامهم لا يغادر من ذلك شيئا وكذلك تكون حكايته للخراساني والاهوازي والزنجي والسندي والحبشي وغير ذلك نعم حتى نجده كأنه اطبع منهم فأما اذا حكى كلام الفأفاء فكأنما قد جمعت كل اطرافه في كل فأفاء في الارض في لسان واحد كما أنك تجده يحكي الأعمى بصور ينشئها لوجهه وعينه وأعضائه لا تكاد تجد من ألف اعمى واحدا يجمع ذلك كله فكأنه قد جمع جميع طرف حركات العميان في أعمى واحد
ولقد كان أبو دبوبة الزنجي مولى آل زياد يقف بباب الكوخ بحضرة المكارين فينهق فلا يبقى حمار مريض ولا هرم حسير ولا متعب بهير إلا نهق وقبل ذلك تسمع نهيق الحمار على الحقيقة فلا تنبعث لذلك ولا يتحرك منها متحرك حتى كان ابو دبوبة يحركه وكأنه قد جمع جميع الصور التي تجمع نهيق الحمار فجعلها في نهيق واحد وكذلك في نباح الكلاب ولذلك زعمت الاوائل ان الانسان انما قيل له العالم الصغير سليل العالم الكبير لانه يصور بيده كل صورة ويحكي بفمه كل حكاية ولانه يأكل النبات كما تأكل البهائم ويأكل الحيوان كما تأكل السباع وان فيه من أخلاق جميع اجناس الحيوان أشكالا وانما تهيأ وأمكن الحاكية بجميع مخارج الامم لما أعطى الله الانسان من الاستطاعة والتمكن وحين فضله على جميع الحيوان بالمنطق والعقل والاستطاعة فبطول استعمال التكلف ذلت لذلك جوارحه ومتى ترك شمائله
ولسانه على سجيتها كان مقصورا بعادة المنشأ على الشكل الذي لم يزل فيه
وهذه القضية مقصورة على هذه الجملة من مخارج الالفاظ وصور الحركات والسكون فاما حروف الكلام فان حكمها اذا تمكنت في الالسنة خلاف هذا الحكم ألا ترى ان السندي اذا جلب كبيرا فانه لا يستطيع الا أن يجعل الجيم زايا ولو أقام في عليا تميم وسفلى قيس وبين عجز هوازن خمسين عاما وكذلك النبطي القح خلاف المغلاق الذي نشأ في بلاد النبط لان النبطي القح يجعل الزاي سينا فاذا أراد ان يقول زورق قال سورق ويجعل العين همزة فاذا أراد ان يقول مشمعل قال مشمئل والنخاس يمتحن لسان الجارية اذا ظن أنها رومية وأهلها يزعمون أنها مولدة بان تقول ناعمة وتقول شمس ثلاث مرات متواليات
والذي يعتري اللسان مما يمنع من البيان أمور منها اللثغة التي تعتري الصبيان الى ان ينشأوا وهو خلاف ما يعتري الشيخ الهرم الماج المسترخي الحنك المرتفع اللثة وخلاف ما يعتري أصحاب اللكن من العجم ومن نشأ من العرف مع العجم
فمن اللكن ممن كان خطيبا أو شاعرا أو كاتبا داهيا زياد بن سلمى ابو امامة وهو زياد الاعجم قال ابو عبيدة كان ينشد قوله
( فتى زاده السلطان في الود رفعة ... إذا غير السلطان كل خليل )
قال كان يجعل السين شينا والطاء تاء فيقول
( فتى زاده الشلتان في الود رفعة ... )
ومنهم سحيم عبد بني الحسحاس قال له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وانشده قصيدته التي أولها
( عميرة ودع إن تجهزت غاديا ... كفى الشيب والاسلام للمرء ناهيا )
لو كان شعرك كله مثل هذا لأجزتك
قال ما سعرت يريد ما شعرت فجعل الشين المعجمة سينا غير معجمة
ومنهم عبيد الله بن زياد والي العراق قال لهانيء بن قبيصة أهروري سائر اليوم يريد أحروري
ومنهم صهيب بن سنان النمري صاحب رسول الله كان يقول إنك لهائن يريد انك لخائن وصهيب بن سنان يرتضخ لكنه رومية وعبيد الله ابن زياد يرتضخ لكنة فارسية وقد اجتمعا على جعل الحاء هاء وازدا نقاذار لكنته نبطية وكان مثلهما في جعل الحاء هاء وبعضهم يروي أنه أملي على كاتب له فقال اكتب الهاصل ألف كر فكتبها الكاتب بالهاء كما لفظ بها فأعاد عليه كلام فأعاد عليه الكاتب فلما فطن لاجتماعهما على الجهل قال أنت لا تهسن ان تكتب وأنا لا أهسن ان أملى فاكتب الجاصل الف كر فكتبها بالجيم معجمة
ومنهم ابو مسلم صاحب الدعوة كان جيد الالفاظ جيد المعاني وكان اذا أراد ان يقول قلت له قال كلت له فشارك في تحويل القاف كافا عبيد الله بن زياد كذلك خبرنا ابو عبيدة وانما اتى عبيد الله بن زياد في ذلك انه نشأ في الأساورة عند شيرويه الاسواري زوج أمه مرجانة وقد كان في ال زياد غير واحد يسمى شيرويه قال وفي دار شيرويه عاد على بن ابي طالب كرم الله وجهه زيادا في علة كانت به
فهذا ما حضرنا من لكنة البلغاء والشعراء والرؤساء فاما لكنة العامة ومن لم يكن له حظ في المنطق فمثل قيل مولى زياد فانه مرة قال لزياد أهدوا الينا همار وهش يريد حمار وحش قال زياد وأي شيء تقول ويلك قال أهدو الينا أيرا يريد عيرا فقال زياد الاول أهون وقالت أم ولد لجرير بن الخطفى لبعض ولدها وقع الجردان في عجان أمكم أبدلت الذال دالا من الجرذان وضمت الجيم وجعلت العجين عجانا قال بعض الشعراء في أم ولد له يذكر لكنتها
( أكثر ما أسمع منها في السحر ... تذكيرها الانثى وتأنيث الذكر )
( والسوأة السواء في ذكر القمر ... )
لانها كانت اذا أرادت ان تقول القمر قالت الكمر وقال ابن عباد ركبت عجوز سندية جملا فلما مشى تحتها متخلعا كهيئة حركة الجماع فقالت
هذا الذمل يذكرنا بالسر تريد أنه يذكرها بالوطء فجعلت الشين سينا والجيم ذالا وهذا كثير
وباب اخر من اللكنة كما قيل للنبطي لم ابتعت هذه الأتان قال أركبها وتلد لي فقد جاء بالمعنى بعينه ولم يبدل الحروف بغيرها ولا زاد فيها ولا نقص ولكنه فتح المكسور حين قال تلد لي ولم يقل تلد لي والصقلي يجعل الذال المعجمة دالا في الحروف.

نهاية الجزء الثاني
ألف / خاص ألف
يتبع ..

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow