Alef Logo
ابداعات
              

قصتان

ناديا الألوسي

خاص ألف

2017-12-23

ذكرى قبلة
يوم الخميس .. يوم صاخب في البيت , أذ تعج صالة الضيوف والحديقة , في مرات , بالاقارب الزائرين الذين بأتون في وقت مبكر ويغادرون وهي نائمة . كان والداها يصران على ان تسلم عليهم كما تفعل بنت مهذبة لتبدأ طقوس الضيوف التي حفظتها . تقبيل , ربت على الخدين .. قرص احيانا , وهذه حصتها , ثم ابتسامات واسعة وعبارات لا تتغير مهما تغيرت وجوه الضيوف , ماشاء الله , صارت عروس , وهذه لوالديها . دقائق كان يزعجها أن تضيع في غير اللهو بدميتها او مع اخويها الصغيرين لكنها مع الوقت اعتادت الضيوف وطقوسهم . الا هو .
ليس من ضيوف الخميس , وانما كان يزورهم دائما برفقة عمها لأنه صديقه , وهو ايضا من الاقارب . ثمة شعور غريب ينتابها في وجوده , رهبة لم تخفف منها زياراته المتكررة .. بل زادتها . كان عليها كما اي بنت مهذبة ان تسلم عليه , فكان يحتضن رأسها بين كفيه ويحدق قليلا في عينيها ثم يهوي باشواك ذقنه على خدها الطري ليخطف قبلة وبعدها يفلتها وجسدها الرقيق تملؤه رجفة . لحظات رهيبة لم تجرؤ على وصفها لوالديها ودون جدوى كانت محولات الافلات منها , فمهما حاولت كانت " تعالي سلمي على عمك " بالمرصاد لتصبح الرعب الذي تترقبه ولامفر منه . كان هو يشعر بما تحس به لأنه مرة قال لها .. اقتربي .. لاتخافي من عمو . اختبأت منه تحت الاريكة .. المكان الذي خطر ببالها فور سماعها صوته .. لم يخطر ببال احد انها هناك وقد جمدت عن الحركة وحبست انفاسها وكادت تختنق وحبات العرق دخلت في عينيها .. وصمدت في انتظار لحظة التوديع لولا جندب صغير . انهالت عليها كلمات التوبيخ من والديها وعمها , وتركت الغرفة باكية , وكانت هذه المرة الوحيدة التي افلتت فيها من اقترابه الرهيب , والمرة الاخيرة التي زارهم فيها .
يوم الخميس .. يوم الافراح وزفاف العرائس .. وقد صارت فتاة جميلة تاخذ العين والقلب , اثارت غيرة الفتيات في الحفلة وتحدثت النسوة عنها وقالوا فيما بعد ان احدهم خطبها , رجل ذو غنى ومركز مهم . لم تفهم فيم كان تردد والديها بين القبول والرفض حتى قالوا لها انه هو .
سرى في جسدها ذات الشعور القديم بالرهبة كأن لم يمض عليه عمر , وكأنها مازالت تلك الطفلة ومازال هو " عمو " . كان غريبا ومثيرا ان تعرف بوجوده في مكان ما , ربما يراقبها او يسال عنها أو .. مازالت في ذاكرته . لم تفكر ورفضت خطبته وقدمت اسبابا كثيرة .. لكن سببا واحدا احتفظت به لنفسها . غابت من جديد اخباره عنهم حتى سمع والدها بخبر وفاته . قالوا لهم انه كان مريضا بقلبه .
****

دوزنة
كلما حمله بين يديه واحتضنه الى قلبه , شكرالله كثيرا , فلولا هذا العزيز ما كان ليجد وسيلة تعزله عن واقع يعيشه بصبر ويحتمله بمشقة . شغل نفسه بما يظن انه تعلمه من طريقة دوزنة اوتار العود وقد اعد في ذاكرته اغنية يحبها ويحب ان يجمع صغاره حوله ويغنيها .
- طير يافؤادي وغني .. ثم احك عني .. طن طن طن ..
وراح الصغار يتقافزون بمرح ويصفقون ويرددون ثم احكي عني .. ثم احكي عني ..
ملعقة الشاي ذات الطرف الذهبي ...
التقطتها اذناه رغما عنه . صمت وانكمش في مكانه محتضنا عوده . دخلت غرفة المعيشة بعاصفة غضبها واخذت تفتش في كل مكان وتقلب , بعثرت الوسائد التي على الأرائك ثم مدت يدها باحثة في الشق الذي هو محل التقاء مقعد الاريكة بمسندها . لم يخب ظنها في المكان , فقد عثرت على ملعقة صغيرة , من نوع آخر , وقلم رصاص وورقة نقدية مجعدة واشياء صغيرة كثيرة .
اقتربت منه وهي تهمهم ساخطة لاعنة نصيبها كعادتها , واستفزها كثيرا هدوءه وعدم الأهتمام الذي بدا منه لمشكلتها الكبيرة . فملاعقها ذات الطرف الذهبي هذه كانت من النوع القديم الذي تحتفظ به النساء لتتباهى به امام اخريات , وكانت قد حدثت جارتها عنها وتريد ان تثبت لها بالدليل , لكن طقمها تنقصه واحدة . مدت يدها داخل شق الاريكة على يمينه ثم على يساره وهو جامد في محله , فما كان منها الا ان انتزعت عوده من بين يديه بقوة :
- هل هذا وقت الطنطنة ؟؟
سمعت صوت خشخشة داخل العود .. صوت عرفته فورا . هزت العود ثم ضربته بالارض لينكسر وتخرج من بطنه ملعقتها الأثيرة وملاعق اخرى وكسر خشبية رقيقة .. والريشة التي يضرب بها على اوتار العود .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

قصتان

29-كانون الأول-2017

قصتان

23-كانون الأول-2017

لك أيها النبيل

25-تشرين الثاني-2017

قصتان قصيرتان

09-نيسان-2016

قصتان

07-حزيران-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow