Alef Logo
ضفـاف
              

شيطلائكية الجسد

باسم سليمان

خاص ألف

2007-05-30


أن السؤال ماالداعي للجسد؟ هو الوجه الآخر لذات السؤال ماالداعي للشيطان؟
لقد أعطت المثيلوجيات الما قبل توحيدية من سومرية وكنعانية ويونانية ورومية ، ألهتها طبيعة جسدية سواء بتمثل عناصر الطبيعة الأربع أو مشاركتها جميعا في تكوين طبيعة أحد الإلهة، وكان التمثيل الذهني لأفكار الرب أو تصرفاته يأخذ شكل مظهر ما من مظاهر الطبيعة سواء بالصوت كصوت الرعد لبعل السوري أو بالحركة كالماء العذب لأنكي البابلي، وحتى أن تلك الإلهة لم تكن بعيدة عن تصرفات البشر الموجودين من قبلها وبل وحتى الحيوانات بل لها عواطفها وانتقامها ورضاها لذتها.
وقتها لم يطرح الجسد إلا كمعادل للروح ولم يدخل في دائرة التقديس أو التدنيس أو الحلال أو الحرام بهذا التقسيم الذي يودي بكل من الجسد والروح إلى طرفي نقيض؟.

لربما لتأثر تلك الديانات بعدة مستويات بعقيدة الخصب التي كانت سائدة في الزمن الأمومي وبدأت بأخذ مظاهر أخرى في العهد الذي ظهر فيه بشكل سلطوي ومتفرد الإله الذكر لكن بقي الحال بين طرفي المعادلة مقبول بحيث لم تظهر تلك المعارضة أو المعاكسة بين الروح والجسد.
ولكن ما أن ظهرت تباشير الديانات التوحيدية عند بني إسرائيل حتى بدأت عمليات التطهير التي تنال من الجسد وإعلاء شأن الروح فالجسد أصبح عورة والرجل قام بقطع غرلته وقد طال هذا التطهير المرأة أيضا وبدأ تحديد نوع الثياب وكيفية لباسها وما تسمح من إبانته من الجسد أو تمنع ولكون الرجل كان هو مهبط الوحي الإلهي ومتسنم عملية قبوله ونشره بدأ هو يفرض على الشريك الآخر وصايا الحرام والحلال وأنجى نفسه من الكثير من الالتزامات بل أنه بدأ يحمل المرأة سبب الشقاء والغواية وربط بها موضوع الخطيئة ولم تكن الخطيئة لتتم بدون وجود الجسد متعمدا إقصاء الخطأ الذي ارتكبه آدم كونه هو المخاطب من قبل الله وعليه تقع مسؤولية الالتزام والتنفيذ وكونه القائم على الأمر وفق رؤية الديانات التوحيدية الثلاث .
وأمام هذا التعليق الذي ربط الخطيئة بالجسد وخاصة جسد المرأة كونه مكان الغواية حيث أنه الملموس تحت مدارك الحواس التي هي وسائل العقل لاستجلاء الحقيقة من محيطه لأن المحيط الأول السماوي بعيد عن المدارك الحسية وأما العقلية التي تستند إلى نص سماوي لم يفصح كفاية بل ترك الأمر من علم الإله وعلى هذا أخرجت الروح من حيز المقابلة لتأخذ صفت التقديس كونها مرتبطة في خلقها بروح الله ولم يبقَ في حيز التشريع بين التحليل والتحريم غير الجسد الذي مورست عليه كل إشكال الأمر والمنع في محاولة لترويضه ليصبح مطية صالحة للروح تشبعه بقدسيتها وهذا الجسد المتحول في الزمان والقوي والضعيف الموجود والمتواري في التراب أصبح المعبر والأداة لمقاربة الروح عبر قيامة أبدية يبعد فيها الإنسان عن كل مواطن الضعف والخلل والتحلل في هذا الجسد ولكن ذلك لن يتم بدون طرويده وقمع شهواته فكانت النظافة موضوعا مرتبطا بكثير من الواجبات الدينية حتى أنه شدد بها بطريقة تدعو للعسر أحيانا ثم الصيام لمدد متفاوتة والحقيقة أن هذا العمليات لها جوانب كثيرة جيدة ولكن أمام رغبة الرجل في تنظيم مجتمعه بدأ هو ذاته بفرض قيم الحلال والعيب وصبها بشكل أكبر على جسد المرأة كونها تابعة وممتلكة من قبله وهي مدار منافسة بينه وغيره من الرجال فعيرت بالضعف الجسدي دون الاعتراف أن هكذا وضع فرضته الوظيفة الإنجابية وطال أيضا حيضها إذ اعتبر دناسة وعدم طهارة في محاولة تامة للقضاء على العقيدة الخصب التي كانت تقودها عشتار وماتزال لها تأثيراتها في مجتمعات تحتاج لوقت طويل كي تنسى ما قامت عليه أعرافها وهكذا كانت النساء اللواتي أوكلت لهن قضية أو مهمة سماوية عذراوات وطاهرات دائما.
وظهر الحجاب وتعددت أنواعه وأصبح الحديث عن الجسد معادلا للحديث عن الجنس سبب الخطيئة والتي سببها جسد حواء بغوايته وسحره وأسلحته التي تفتك بإرادة الرجل وطهارته فأصبح الجنس أحد أضلاع التحريم التي تقوم عليها سلطة الرجل ووضعت المرأة كموازي يجب التعامل معه بكل هذا التأني والحرج والحرام والعيب.
بعد هذا العرض نعود للطرح الذي أثير في بداية هذا الموضوع الذي أدى إلى الفصام الذي أوجده الإنسان في وجوده وهذا الفصام ضروري كسبب معرفة ووجود فلولا رفض الشيطان السجود لأدم ومن ثم غوايته عن طريق جسد حواء لمَ كان من وجود أبدا بالشكل الذي نعرفه وتحت ضرورة عودة الإنسان إلى وجوده الأول السماوي كان لا بد من وجود شيطان تنسب له كل الشرور بحيث يصبح الإنسان واقعا تحت أمرها أن استسلم لشهوات جسده الذي بدونه لن يكون موجودا ولا عارفا فأخذ الجسد البشري هاتين الصفتين من حيث كون خضوعه لأوامر الروح هو الوسيلة لتحررها منه وبنفس الوقت بدون هذه الروح لن يكون الجسد البشري إلا حفنة من تراب فجمع في تضاعيفه ملائكية الروح وأبلسية الشيطان

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

في بحثكَ عن ظلّ؛ تفوتك ألف شمسٍ

29-كانون الأول-2018

الصارية

02-حزيران-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

17-آذار-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

23-كانون الأول-2014

الخط الأحمر في طور المراهقة الحوارية*

04-آذار-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow