Alef Logo
ابداعات
              

تحليق في الأرض

ثناء سالم

2009-06-30


سأمثّل .....وصفقتُ الباب في وجه أمّي الطيّبة وتركتها تذرف دموعاً لم أرها يوماً بهذا الهطول وتلعن أبا السّاعة التي دخلتُ فيها الجامعة ثمّ تشهقُ قائلةً :ممثّلة يا ويلنا من ألسنة النّاس وكلامهم الذي سيأكل وجوهنا و يا ويلنا من غضب أبيك .
سأمثّل ....فلطالما وقفتُ أمام مرآتي وجرّبتُ البكاء ..الفرح ..الغناء.. الجنون.. وكثيراً ما صفّقوا لي في طفولتي أمام أدواري البسيطة.
سأمثّل .....لأنّ الفرصة أتت إليّ وقلّما تتكرّر الفرص لذا سأتشبّثُ بها بأسناني و لو كلّفتني حياتي.

* * *
حبستُ دموعي كثيراً لكنّي لمّا وصلتُ مكان التصوير أجهشتُ في البكاء طويلاً , تخيّلتُ وجه أمّي لمّا تركتُها وحجم الألم الذي سبّبته لها وتذكّرتُ أبي هذا الرّجل الملتزم الذي منحني من الحرّيّة قدراً لا يُستهان ُ به
أبي الذي يرى في التّمثيل أمراً محرّماً ويرى فيّ نموذج الفتاة الواعية المهذّبة كيف سأطيش وأصبح بلا تهذيب وأمثّل ؟؟
المنطق يقول يجب ألاّ أخون ثقتهم وأن أتنازل عن حلمي ,لا المنطق يقول ير ذلك: إنّني حرّة في خياراتي لقد تجاوزتُ سنّ الرّشد وصار بإمكاني أن أقرّر ماذا سأفعل. فكيف سأتنازلُ عن حلمي, أنا الّتي أعيش لأجله وكيف أقيّد ُنفسي بسلاسل لا تعنيني بل لا أؤمن بها ,
ثم هذا الدّور فرصتي في الغناء مادام غير مسموح لي بالغناء ولو حتّى في الحمّام فالغناء أيضاً لا يليق بفتاة حسنة الأخلاق والتربية .
* * *
مسحتُ القهر عن ملامحي بابتسامة تحدٍّ وقرّرتُ أن أفعل مرّةً ما أريد دون أن يكون مشروطاً بتناسبه مع أفكارهم عن العيب والحرام,
اقتربتُ من المخرج معلنةً تأهّبي فشدّ وجنتي بتحبّبٍ قائلاً:الحزن يمنحك سحراً ,جفلتُ من لمسته وحملقتُ فيه مكلّمة نفسي:( يلعن أبو الحاجة
للحلم )إن لم يكن للمرء ظهراً يصدّ عنه ويحميه.
لم أكن مستعدّة لأفكّر في سلوك المخرج الذي لن يناسبني كنتُ بحاجة لأرى موهبتي.
إنّه المشهد الثّالث شعرتُ بفرحٍ غامض ينعش روحي وأنا أمثّل وكأنّي طائر جناحاه ملء السماء, كنتُ بارعة في التّحليق زرتُ أماكن رائعة أماكن جدّاً رائعة لكن جدّاً بعيدة , كنتُ بحاجة لتجميل عالمي فتخيّلتُ أنّي ممثّلة ناجحة وأحصد الجوائز.
* * *
في طريق عودتي إلى البيت كنتُ أغنّي ملء حرماني وأقول:سيعينني هذا الدّور على تخطّي أزماتي المادّيّة قليلاً, سأشتري بنطالا لأخي,سيّارة كبيرة لابن أختي فلقد طال انتظاره , حذاءً لأمّي وجاكيتا لأبي فالجاكيت الذي يرتديه اهترأ منذ زمن وما زال يرتديه ,
عندما خطر ببالي أبي استيقظ الخوف الذي أرغمته على النّوم في داخلي وأتاني على شكل رجفة, ارتعدت أطرافي وتذكّرتُ وجود الساعة في يدي إنّها الثالثة ظهراً وهو في البيت ينتظر تشريفي أكيد أخبرته أمّي , ركضتُ بسرعة باتجاه الباص وبعدما وصلت ُ حارتنا البائسة خانتني سرعتي وشلّ قدماي الهلع كنت أمشي خطوة إلى الأمام وأتراجع عشرة ,حاولتُ أن أستجمع قواي وقلتُ :سأواجه الأمر فهذا حقّي عليّ أن أدافع عمّا أؤمن به وليحصل ما يحصل .
فتحتُ الباب بهدوء كان وجه أبي بلا ملامح صرخ قائلاً: أهلاً بالجامعيّة المثقّفة الفهيمة أهلاً حضرة الممثّلة .قلتُ بوجلٍ:ما به التّمثيل ؟ مهنة أعشقها ناقشني ما المشكلة به؟ .
سأناقشك .. صرخ بصوتٍ كاد يفقدني سمعي ممثّلة ترتمي بأحضان فلان وتمسك بيد الآخر. .ممثّلة. .يا خسارة التعليم بك.يا خسارة التربية ......

* * *
لا أذكرُ شيئاً لا أريدُ أن أذكر بل أذكر حجم العصا التي انهالت عليّ
جسدي يئنّ وصوتي يصرخُ وجعاً ويلعن كذبة اسمها حرّيّة .
فتحتُ عينيّ وأقنعتُ نفسي بأنّي سأمثّل ولكن دور الهبلى والغبيّة
دور الساذجة والمتحرّرة, سأتقن الدور حتّى يلبسني وألبسه فلا نخلع بعضنا أبداً ,
وسأمثّل ُ أنّي أعيش بل سأعيش الدّورلأعيش...........................لأعيش وحسب.


تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow