Alef Logo
كشاف الوراقين
              

ضمن مئة متر مربع / رواية ـ الفصل الأول

ناديا خلوف

خاص ألف

2010-12-08

الإهداء
إلى أولادي : سيناء . وصال . زهران .
***
المقدمة :
قالَ لي يوماً : انتظرتُكِ حبيبتي منذُ ألفِ عامٍ . لكنّني اليومَ انتظرتُك أكثر . لماذا تأخّرتِ على موعدِنا ؟
حبيبتي
لماذا انتظاري يطولُ
تعالي إليّ
ففي قلبي حنينٌ
وشوقٌ
يذوبُ
فلنلتقِ اليومَ
وتخفقُ منّا القلوبُ
حفظتُكِ عن ظهرِ قلبٍ
تعالي
لا تضيعي في الدروب
- حبيبي .
نعيشُ في عالميِن
تنتظرُ الحبَّ
أنتظرُ الأمانَ
أنتَ رجلٌ يملكُ نفسَه
وأنا امرأةٌ من الزمنِ الغابرِ
تحكمُها عاداتُ القبيلةِ
أخافُ أن تتركَني في
منتصفِ الطريقِ
وحيدةً ...
أقولُ لكَ ما أشعرُ بهِ . عليكَ أن تزيلَ مخاوفي . بإمكانكَ أن تفعلَ هذا . أصدقْني الكلامَ . عانيتُ من فراغكَ في حياتي كثيراً . منذُ ألفِ عامٍ ، وأنتَ حاضرٌ غائبٌ في حياتي . أريدُك قربي . لا أحبُّ الانتظارَ ، العمرُ قصيرٌ . منذُ ذلك الزمن وُلدنا والعمرُ يزحفُ بنا. من يدري؟ هل سينصفُنا الزمنُ ؟ إنّني ساذجةٌ أكثر مما تتوقعُ . يمكنُكَ الوقوفَ على ما أشعرُ بهِ .
أتدري ...؟ أعاني من فراغٍٍ في روحي قد يمتلئُ بوجودِك معي . أخشى أن يبقى فراغاً أبدياً إن لم تكنْ موجوداً عندما آتي إليك. بعضُ الرجالُِِ يهربونَ عندما تحبُّهم امرأةٌ ظنّاً منهم أنّّها طفيليةٌ لا تستحقُّ . ليسَ فيها من صفاتٍ تجذبُهم . لا تكنْ مثلهم . تريثْ قليلاً لأحسمَ أمري .
حبيبي إنّي أراكَ كلَّ الفصولِ
تضيعُ حياتي بكَ ، وتسرقُ عمري
يسكنُ الخوفُ قدري، فيزهرُ شوكٌ
أراهُ عبيراً فأجري
إليكَ أجري
دونَ أن أعرفَ شيئاً
أفكّّرُ فيكَ بحبٍّ
قلبيَّ مهزومٌ
روحي تائهةٌ في دروبكَ
ضاعتْ مني
أراها تحومُ هناكَ
وأنتَ لا تدري
أخشى أن ترحلَ في غمضةٍ عينٍ
كما رحلتَ منذُ قرونٍ
من ثنايا عمري
يعذّبني رحيلُ الأحبةِ
حبُّكَ أوجعَني
زرعَ في ظلمةِ الموتِ
كلماتِ النهارِ على القبرِ
سيطرتَ على ذهني . لا أستطيعُ أن أميّزَ بينكَ وبينَ القدرِ !. بل إنّني في بعضِ الأحيانِ أهتفُ باسمكَ دونَ أن أعرفَ ؟!. أسخرُ منهم .
- حبيبي مختلفٌ لن ينساني أبداً . أتصورُ في داخلِكَ كلمة تعني الفضيلةَ التي يمتلئُ بها البشرُ الأقوياء . ليضيئوا العالمَ بنورِهم . يعجبُني أن تكونَ حُلمي ، فطالما أحببتُ الواقعيةَ في الأحلامِ .
أخافُ حبيبي الرحيلَ
أخافُ . نعم
من الوحدةِ والّليل
منكَ .. من حكاياتِ المستحيل
أخافُ أن آتي إليك، فأصبحُ بينَ يومٍ وليلة وحيدةً .
متردّدةٌ في القدومِ
خائفةٌ منكَ على الدوامِ
لا تقتربْ منّي
إن لم تعشْ أحلامي
دعني أراكَ من بعيد
أحبُّكَ
أخشى أن أكونَ واهمة ً
حولكَ
أرغبُ بكَ
بينما تساورني الشكوكُ
عن صدقِك
قد آتي إليكَ
فليسَ في حياتي غيرك
. . .
تعالَ حبيبي نجوبُ معاً
كلَّ البحارِ
نزورُ الشواطئ َ
الموانئَ
نضيعُ في الأسفارِ
أمسكُ يدكَ
أقيِّدُكَ بسلاسلَ
أسحبكَ بها كي لا تضيعَ
مني عن سابقِ عمدٍ وإصرار
تضيعُ حروفكَ في قصيدتي التي حدّثتُكَ عنها
عنِِ الأيامِ و الرحيلِِ ..
رحيلُكَ يعني لي انتحارا
يزيلُ كلَّ المعاني التي سطّرتُها
في معبدٍ من جليد
لنبقَ معاً إذن ...
حروفاً ناطقة ً في متنِ أبياتٍ سعيدةٍ
أسطورةَ حبٍّ أزليةٍ
نعيدُ
. . .
تقولُ : افعليها إذن .
تعالي إليَّ نعيشُ الحياةَ
من سيمنعُنا ؟
بل من الذي سيعرفُ بحبّنا ؟
أسمعُ نداءَكَ
قد أكونُ واهمة ً
لكنّني أستعدُّ للمجيءِ
بينما ترتجفُ روحي
تقفُ ،
يدورُ حولها تهديدُ
أخافَ حبيبي الوصولَ إليكَ
أخافُ غيابك عنّي
في لحظةٍ
ويبقى وصولي
رهن انتظار !
وتصبحُ روحي عليلة ً
من لقاءٍ
بطعمِ الفراقِ
. . .
ترغبُ الآنَ
أن آتي دونَ شروطٍ
أو قيودٍ ؟
سأعبرُ الطريقَ
أزيلُ منهُ
بقايا الأفكار العتيقةِ
من أجلِِ ذلكَ الرفيق
ليسَ أمامي إلا أن آتي ..
وصلتُ منتصفَ الطريق ،
أما حبّنا
فليكنْ واضحاً يتحدثُ به الناسُ .
عميقاً . مزهراً .
هل يمكنُ أن يكونَ حبُّنا مزهراً؟
سآتي إليكَ حبيبي
في الحالِِ .
ابقَ مكانكَ
لا تتحركْ
أخشى أن لا ألقاكَ أبداً
إذا اختبأتَ في زاويةِ الزمن
. . .
أتيتُ وأتيتَ
لا أعرفُ مَن أخطأ منّا
هي حماقاتٌ
تصدرُ عنّا
لن نناقشَها
دعْها ترحلُ
الحياةُ جميلةٌ
ستكونُ بنا أجملَ .
العمرُ لحظةٌ تمرُّ
تعالَ إذن لا تسألْ ...
أصدقْني القولَ
فنفسي تتوقُ
لسماعِ الحقيقةِ
عليَّ بها لا تبخلْ
فقطْ معَ الحقيقةِ يهدأُ قلبي
لا تخفْ مني
تعالَ إلى حياتي
حبيباً حاضراً
مشاعري ترحلُ إليكَ ،
راغبةٌ
أن أعيشَ الحياةَ معك
دون أن أشعرَ بالوحشةِ
لا تغتربْ
وتتركُني أحضنُ نفسي
أبتعدُ عن الدنيا ، ويضيعُ
كلُّ ما أتمناهُ
في حيرةٍ تمتدُّ إلى الأزلِ
في كلِّ يومٍ أشبُك يديَّ
فوق طاولةِ العمرِ
فيهما أدفنُ رأسي
أنتقمُ
فقط من نفسي
وأضيعُ في أيامٍ
تضجُّ باسمكَ
وفيها أصبحُ وأمسي . .
. . .
حبيبي : قلتُ وقلتَ
هي بعضُ حماقاتٍ
تحضُرُنا
نقولُها دونَ درايةٍ
كي نرتحلْ دونَ رحيل
ونملأ الدنيا صراخاً
وضجيجاً
لنعيشَ مزيداً من جنون
أنتَ حياتي كلّها
أيمكنُ أن تكونَ ؟
كما أردتُكَ
أو أكونَ كما أنا ؟!
الحبُّ كلُّ عالمي
وأنتَ ضمنَ عالمي المجنون .


الفصل الأول
***
صوتُ داخليٌّ أسمعُهُ : "كلُّ شيءٍ من أجلِ الحبِّ " إنّهُ صوتي . للحبِّ أوجهٌ مختلفةٌ . طالما يقتحمُنا في غفلةٍ منّا . يلهبُ مشاعرَنا ، ويكونُ لنا عذابٌ في حبِّ شخصٍ أو مكانٍ ، أو هدفٍ ما . هل هناكَ أجملُ من صورةِ أمٍّ تهدهدُ لوليدها بكلماتِ الحبِّ ، أومن ليلٍ يجمعُ عاشقينِ ، أو أملٍ يجعلُنا نندفعُ لتحقيقِهِ . إنّهُ الحبُّ فقطْ هو الذي يغيّرُنا . يضيئُنا . يجعلُنا نحيا بهِ في كلِّ مرةٍ من جديد .
ما أصعبَ أمر الحبِّ ! يجعلُ أرواحَنا مضطربة ً. يستنزفُ عواطفَنا . عندما نستسلمُ لهُ . نصبحُ جاهزين للعناقِ مع الحياةِ . يبدأ معه الألمُ ورحلة الحنينِ والأشواقِ التي لا تنتهي . أيّها الحبُّ ضمني إليكَ . في نهارٍ مشرقٍ أو في ليلٍ تتلألأ فيهِ النجومُ تغمزُ لي . سأعانقُ الأملَ الآنَ وأكونُ عاشقةً أو معشوقةً لا فرقَ في ذلكَ . فكلُّ شيءٍ في الحياةِ يلمعُ أمامَ العاشقِ والمعشوقِ .
- كتبتْ عليا كلماتها هذهِ في " مذكراتِ امرأةٍ بعد منتصفِ الليلِ " ثمّ أضافتْ : سمحتُ لنفسي بالخروجِ من منزلي بعد منتصفِ الليلِ بقليلٍ . . أردتُ أن أعانقَ الهواءَ الرقيقَ خارج الأماكنِ المغلقةِ . رأيتُه محبَّاً – أعني الّليل - يحتضنُ المدينةَ . يلفُّها بالسكونِ. تهتُ في الشوارعِ المتشابهةِ والتي خلتْ من الطيرِ والبشر . رأيتُ رجلاً واحداً يجلسُ على مقعدٍ خشبي قربَ البحيرةِ . ابتعدتُ عنهُ . أردتُ أن أكونَ مع الليّلِِ وحيدة . نظرتُ إلى الماءِِ الساكنِ في البحيرةِ . سمعتُ أنفاسَها وهي تغطُّ في نومٍ عميقٍ . تذكرتُ أحبّتي كلَّهم . كان لي حديثٌ معم جميعاً . أمسكتُ بهاتفي . أردتُ أن أكسرَ سكون الّليل . غنّيتُ لهُ أغنيةً عن حبِّ الحياةِ . رقصتُ قربَ الأشجارِ . تنهدتِ الأشجارُ بعمقٍ ، ثم عادتْ إلى النومِ ثانيةً .
في لحظةٍ عرفتُ فيها أنني أعيشُ حالةَ حبٍّ . ربما يكونُ اسمها " العطاء " أصبحتِ الساعةُ السادسةَ صباحاً . سأجلسُ كي أرى النوارسَ ، والغربان وبعدها أعودُ . قد أكونُ من الماضي . عندما كنتُ شابةًً أبحثُ عن الزواج والحبِّ . رأيتُ نفسي هناكَ في زمنٍ لم يكنْ جميلاً كما يقولونَ . لكنّ التفاصيلَ تحضرُني . ربما كانَ الزمنُ جميلاً لم أشعرْ بجمالِه إلا بعدَ أن فارقني :
أقفُ في شارعِ المحبةِ في مدينةٍ حالمةٍ اسمُها السراب . أرى النساءَ والرجالَ يتأبطون أذرعَ بعضهم البعض . البسماتُ تغمرُ وجوهَهم . ملونين كالورودِ الجميلة في حديقةٍ . بأعمارٍ مختلفةٍ . جلستُ على رصيفٍ أراقبُهم وقلبي يستعدُّ للقفزِ من مكانه .
- متى سأعثرُ على رجلٍ يحبُّني ؟ أوّلُ شيءٍ سأقومُ بفعلِه - إن عثرتُ عليهِ - أتأبّطُ ذراعَه ونمشي معاً هنا في شارعِ المحبةِ . كم أتوقُ لهذهِ اللحظةِ . بلغتُ من العمر السابعة والعشرين . أشعرُ أنني أصبحتُ عبئاً على عائلتي فهي تخجلُ بي لأنّني لم أتزوجْ حتى الآن . أخلو بنفسي أحياناً وأسألُ عن السببِ . كنتُ في وقتٍ من الأوقاتِ مصابةً بسباتٍ استمرَ يلاحقُني في سنواتي الخمس الماضيةِ . لا . لم يكنْ سباتاً كانَ يشبهُ الانتظارَ لتحدٍ ما يجعلُني أبادرُ بشيءٍ يسعدُني . لم يأتِ التحدي . لم أعرفْ ما أرغبُ بهِ . عشتُ هذهِ الحالة. دائماً أنتظرُ شيئاً ما لا أعرفُ ما هوَ . قد يكونُ الحبُّ . لا . ليسَ هوَ . ربما يكونُ شيئاً آخرَ سأعرفُهُ في المستقبلِ .
يبدو أنّ الرجالَ ليسوا مثلَ النساءِ في تفكيرهم . اكتشفوا حالتي ، وبما أنّني على قسطٍ من الجمالِ . كانوا يقتربون منّي. يقولونَ : أنّهم يرغبون في الزواج ، يبتعدون بسرعةٍ ، وأكتشفُ أنّهم لم يكونوا ليقتربوا منّي بالأساسِ من أجلِ الزواج بل لأسبابٍ أخرى !
ماذا يريدُ الرجلُ كي يقتنعَ بأنّني أصلحُ للزواجِ ؟ كنتُ لا أتحدّثُ بالحقيقةِ عندما كتبتُ هذهِ المذكراتِ . لم يقتربْ مني رجلٌ واحدٌ ليس من أجلِ الزواجِ ولا من أجلِ غيرِهِ . كأنّ أمراً ما ينقصُني ليرغبَ الرجالُ بالاقتراب منّي . أمي تعتقدُ أنّ النقصَ فيَّ . أقلعتُ عن التفكيرِ لفترة، معتقدةً أنّني لن أتزوجَ أبداً، فهذا ما أوحتْ لي بهِ أمّي .لاشكَّ أنّها تعرفُ كلَّ الأشياءِ . هي أمي طبعاً!
سمعتُ النساءَ يتهامسنَ : الرجالُ تعجبُهم المرأة التي تخدعُهم . لا أعرفُ ماذا يعني هذا ، فلم أعرفْ من الرجالِ سوى أبي وإخوتي الذكور . لا أرتاحُ بوجودهم. أتمنى أن يبقوا خارجَ المنزل . هم يفعلون ذلك ، ولا يعودون إلا عندما تنفدُ نقودُهم . يعودون ليتحكموا بنا أيضاً . مع هذا نفسي تتوقُ للقاءِ رجلٍ أحبُّه . رفيقتي خُطبتْ لشابٍّ منذ أيامٍ . كدّتُ أموتُ من الغيرة . لم أجرّبْ هذا الشعور . شعورُ الحبِّ والإعجابِ من قبلِ أحدِهم . عليَّ دائماً أن أكونَ يقظةً من خديعةِ الرجال.هذهِ هيَ التوصياتُ .
- يتحدثون عن الرغبةِ وعندما يشبعونَ رغباتهم يتركون الفتاةَ للريحِ . ماذا يعني هذا الكلام ؟
صديقتي سخرتْ منّي عندما أخبرتُها. شرحتْ لي أشياء أرعبتني . إنّها تعرفُ كلَّ شيء .
- سألتني مستغربةً:هل هناك فتاةٌ لا تعرفُ هذا ؟
- نعم . لا أعرفُ ماذا يعني هذا الكلامِ . لماذا لا أعرفُ ما تعرفُهُ الفتياتُ ؟ ربما لأنهنَّ لا يعرفنَ معنى العيبِ مثلي . أخجلُ من أكثرِ الأمورِ حتى عندما أنادي ابنَ جيرانِنا باسِمهِ أخجلُ . لذا أقولُ له : هيْ أنتَ . يعتقدُ أنّني فظة في التعاملِ معهُ . لا يعرفُ أنّني لا أتجرأُ على لفظِ اسمه . والدتي أيضاً لا تلفظُ اسمَ أبي .
- تتحدثُ عنه للنساء بفخرٍ : هوَ عملَ هذا . هوَ ذهبَ . . .
سألتُ صديقتي : هل للنساءِ رغباتٌ ؟
- ابتسمتْ ولم تجبْني . فقط علّقتْ على تعبيرِ الرغبةِ : كلفظٍ ملتبسٍ لشيءٍ ما يتمُّ بينَ الرجلِ والمرأة . لم أفهمْ شيئاً. ابتسمتُ بدوري مدّعيّةً الفهم .
عندما كنتُ أجلسُ على الرصيفِ أذكرُ جيداً أنّ امرأةً عجوزاً جلستْ بجانبي . كانتْ تلبسُ ملاءةً سوداءَ . معها طفلٌ صغيرٌ . رأيتُها تمدُّ يدَها تطلبُ الصدقةَ : من مالِ الله يا محسنين.
ارتحتُ لحضورها فهي على الأقلِّ تنقذُني من تلك الوحدةِ التي أشعرُ بها . كانَ المارّةُ يرمون لها ببعضِ النقودِ فترفعُ الملاءةَ عن وجهِها . تعدُّ النقودَ ثمّ تعيدُها ثانيةً . بدؤوا يرمونَ لي أكثرَ منها . اعتقدوا أنّني ابنتها . - رمى لي أحدُهم مبلغاً لا بأسَ بهِ
- سأوصلُكِ بسيارتي إلى منزلكِ .
- قمتُ على الفور . من أينَ أرسلَ الله لي هذا الشخص ؟
- فتحتُ بابَ السيارة أريدُ أن أركبَ من الخلفِ .
- استمهلَني . فتح لي البابَ الأماميّ ، وأغلقََه خلفي وهو يردّدُ : هذه ليستْ سيارة أجرة !
لم أرَ شيئاً من ملامحه . فقط ساعة يده الكبيرة المستديرة ، وزنده المفتول المكسو بشعرٍ طويلٍ أسود .
- إنّه فعلاً مختلفٌ عني . رأيتُ الآنَ رجلاً . كان لطيفاً . أوصلني إلى منزلي . طلبَ مني أن نلتقيَ دائماً لأنّه أحبّني .
- ليس هو فقط من يشعرُ بذلكَ بل إنّني أنتظرُ همسةً منه ليضمُّني . كم أحتاجُ لرجلٍ يضمُّني ! يقبّلني . يقولُ : أحبُّك. نسيتُ كلامَ أمّي . لاشكَ أنّني على موعدٍ مع القدرِ الليلة . جلستُ على الرصيفِ مع متسولةٍ . أتاني المالُ والحبُّ بنفسِ الوقت . الآنَ فقطْ فهمتُ معنى: " لا ندري من أينَ يأتينا الحبُّ ! " بتُّ أفكّرُ في الرجل . عرّفني باسمه ، وعمله . نسيتُ . قد يكونُ اسمه سعيد . لم أعرّفْهُ بنفسي . يا للخجل! فتاةٌ جامعية ولا أعرفُ كيفَ أقدّمُ نفسي للآخرين .
تأخرتُ عن المنزلِ كنتُ ذاهبةً بالأساسِ من أجلِ أن أقدّمَ أوراقي إلى وظيفة . ينقصني شهادةُ حسنِ سلوكِ من مختارِ الحيِّ . الكثيرُ من الفتياتِ تقدّمن إلى نفسِ الوظيفةِ . كنّ متأكداتٍ من القبولِ . لم أرَ العرقَ يتصبّبُ منهنّ مثلي . يبدو أنهنّ متأكدات الفوزِ في الوظيفةِ . ما أجملَ الثقةَ بالنفسِ ! لماذا أنا متردّدةٌ خجولة ؟ بصراحة : أحسدُ هؤلاءِ الفتياتِ . سأطلبُ من أمي أن تبدّلَ الصابونَ الذي نستعملُهُ بآخر له رائحةٌ لطيفةٌ.اعتقدتُ أنّ رائحةَ الفتياتِ هي رائحةُ الصابونِ الذي يستعملنهُ . قبل أن أتحدثُ لها عن ذلك .
- استجوبتني عن سببِ تأخري عن المنزلِ .
- أزمةُ مواصلات !
من الذي سيقنعُها بمعنى المواصلاتِ ؟ هي لم تركبْ حتى الآن في سيارةٍ إلا عندما ذهبتْ ذات مرةٍ إلى البحرِ . عادتْ معصوبةَ الرأس من آلامِ السفرِ معَ أنّ البحرَ يبعدُ ساعةً واحدةً عن منزلنا .
فتحتْ حقيبتي وجدتْ فيها المالَ .
- من أين لك هذا أيتها الساقطة ؟
- ارتجفتُ من الخوف : إنَّ المالَ لصديقتي .
- أصرَّت أن تعرفَ اسم صديقتي
- قلتُ لها الحقيقةَ ، وبدلاً من أن ترشدَني أخذتني إلى الطبيبِ لتتأكد من عذريتي . كانت هذه مأساتي على مدى عمري . تأكدتْ يومها أنّني عذراء . أخذتْ النقود مني وهي مسرورةٌ بنجاحي في الامتحانِ . لكنّني من يومها وأنا أنظرُ لنفسي كساقطةٍ . اعتقدتُ أنّها تحدّثتْ لي بالحقيقة . ولمَ لا ؟ أليستْ هيَ أمّي؟
رأيتُه ينتظرُني في مكانٍ ما . بناء على موعدٍ اتفقنا عليهِ . نزلَ من سيارته .
- هل تأتين معي إلى المنزلِ ؟
- نعم . لمَ لا آتي مادمتُ ساقطةً ؟ لابدَّ أن أنتقمَ لما جرى معي . سأنتقمُ من نفسي أيضاً . لماذا ؟ لا أدري !
- بعدَ أن لاطفني في منزلِه عرفتُ معنى الحبِّ لأولِّ مرةٍ .
- أتيتِ إليَّ بكامل إرادتك . لم أورّطْك .إنكِ ناضجةٌ بما فيهِ الكفايةِ لتعرفي نتائجَ أيِّ فعلٍ تقومينَ بهِ .
- نعم . نعم . لكنْ ما معنى ناضجة ؟ هل ستتزوجُني ؟ هزَّ رأسَه أن نعم . فكان يوماً جميلاً في ذاكرتي . مادامَ سيتزوجُني لا بأسَ أن أكونَ ناضجةً .
بعدَ الزواجِ :
- إنّكِ فتاةٌ بريئةٌ . قرأتُ ما فيكِ على الفورِ . قرّرتُ الزواجَ بكِ لأنّكِ كنتِ طاهرةً في كلِّ أمرٍ أردتُ أن أسألَ عنهُ فيكِ . لكن احذري . أغلبُ النساءِ لسن عليا ! اخترتُك كي أتزوجكِ .عليك أن تقبليني كما أنا . أنتِ على الأغلبِ لستِ ناضجةً كما كنتُ أتوقعُ .
- هل تشتمُني ؟ مرة تقولُ أنّني ناضجةٌ ، وأخرى تقولُ ليس كثيراً . هل أنا طبخة لأنضجَ ؟
- ضحكَ كثيراً . قالَ لي تبدينَ في سنِّ الثالثة عشر . أحببتُ براءتكِ . سأقبلكِ كما أنتِ . هل ستقبلينني أيضاً ؟
- كلامُك واضحٌُ يا عزيزي . أنتَ لم تخدعْني ، وسأقبلُك كما أنتَ .
لغةٌ جديدة أسمعُها من رجلٍ يهزُ كياني عندما ألقاهُ . تبدو لي اللغةُ التي يتحدُُّ ث بها راقية.أحبُّ أن أتمثّلها . أشعرُ تجاههُ بالولاءِ الكاملِ ، والامتنانِِ . فقد اختارني لهُ زوجةً معَ أنّني لا أستحقُّ هذا الحبّ
- التفتُّ إليهِ : عليك أن تطلبَني من أهلي . فلا يمكنُ أن أتزوجَك دون موافقتهم .
- لكنكِ أتيتِ معي دون موافقتهم . مع هذا سأطلبُك منهم . في المستقبل لا أحبُّ أن ألتزمَ بطقوسٍ يضعونها لي . لا أرغبُ بإقامةِ علاقاتٍ اجتماعية عائليةٍ . عليكِ أن تعي ذلكَ منذُ الآنَ .
- لم يعلقْ في ذهني من الكلام إلا ما رغبتُ أن يعلقَ به . اعتبرتُ أنّ معاييرَهُ عصرية عالية المقاييس . أتى إلى منزلنا . جلبَ بعض الهدايا .
- طلبتْ أمي منه أن يأتي بعائلتِه .
- ليسَ لديَّ عائلة.
- تمهّلْ إذن . اجلبْ ابن عمّكْ . ابنَ خالكْ . شخصاً من الشارعْ . لا تأتِ بنفسِكَ
- ما رأيكِ يا عليا ؟
- سأفتحُ حواراً مع أمي كي أنهي الموضوع .
أردتُ أن تتعاطفَ معي . وكانت قبل ذلك عندما حاول أحد إخوتي الاعتداءَ عليَّ بالضربِ ، وتخلصتُ منه - قد أخبرتها - فوصفتني بالكاذبة . اعتبرتْ أنّني أخطأتُ بحقِّ أخي ، وليسَ هوَ من أخطأَ . اقتنعتُ برأيها ، فأخي لا يمكنُ أن يخطئَ . ربما أجبرتُهُ على ضربي لأنّني لم أطعْ أوامرهُ . استفزّيتُ مشاعرَهُ فرمى بالشاي الذي كانَ يشربه عليَّ فأحرقَ رأسي قليلاً . نعم لقد أغضبتُه ، معَ أنّهُ لا تحضرُني أيُّ كلمةٍ تلفظتُ بها . ليسَ مهماً ما جرى . أمي قالتْ أنّني كنتُ السببَ . هل يمكنُ أن لا أصدّقَ أمي ؟
أخيراً هناك شخصٌ ما يبادلُني الحبَّ . سأتزوجُه . هو الخيارُ الوحيدُ أمامي . خيارٌ ينقذُني من عائلتي . من كلامِ الناسِ . من العنوسةِ . من الخوفِ . أخافُ عندما أكونُ وحيدةً في المنزل من أصدقاءِ إخوتي . أراهم ينظرونَ إليَّ نظراتٍ غريبةً. أخافُ من كلِّ شيءٍ . أرغبُ أن أشعرَ بالأمانِ .
- أمي ! امنعيهم من جلبِ أصدقائهم إلى منزلِنا . أرى نظراتَهم غيرَ مناسبةٍ
- اجلسي في المطبخِ ريثما يذهبونَ ، فالفتاةُ ضيفةٌ في بيتِ أهلِها .
- حسناً . سأتدبّرُ أمري .
- اتّفقتُ مع سعيد أن يأخذَني إلى منزلهِ يومِ الخميس. أتى في الوقتِ المحدّد .
- أحلامي تكبرُ بكَ يا سعيد . عشتُ دون حضورٍ حقيقي للأبِ في حياتي ، اعتقدتُ أنّه لو كان لدي أبٌ قادرٌ على الفصلِ في الأمورِ لأدّبَ إخوتي الذين يتجاوزون علي .
لا أعرفُ لماذا أبوحُ بهذهِ الأسرارِ لسعيد . ربما هو نوعٌ من السذاجةِ
ما أحلى الحرية ! الآن أعتبرُ نفسي أنّني سيدةُ أمري . هذا البيتُ لي . أستطيعُ أن آكلَ بحريتي وسأستحمُّ ، وهذا كلُّ طموحي إضافة إلى أنّني سأبحثُ عن وظيفةٍ ما .
نسيتُ أمر أمي وإخوتي . يبدو أنّهم نسوني أيضاً .أو مازالوا يبحثونَ عنّي من أجلِ شرفهم . سيقتلونني لو رأوني . هم لا يعرفونَ أينَ أنا . أرغبُ أن أمسحَ حياتي الماضية . أذلتني أمّي . أخي . أشعرُ أنّني ساقطة لا أرغبُ أن أزورَهم وأنا بتلكَ المشاعر السيئةِ . أخي لا يسألُ إلا عن المال فهو لا يحبُّ أن يعملَ . يبقى في المنزل على الدوام . هو أخي الأكبر . أمي لا تتجرأ على مناقشته ،وأخوالي يحرّضون أمي عليَّ . يعتقدون أنّني منافسةٌ لبناتهم .
أحياناً تكونُ مشاعري مختلفةً . تتصارعُ في داخلي . أحبّهم وأرفضُهم بنفسِ الوقتِ . ربما هو الجنونُ الذي تصفُني بهِ عائلتي على الدوام .
يبدو سعيد هادئاً . يعرفُ ما يريدُ . كلامُه لطيفٌ معي . أحبُّه من أعماقي . سأعطيهِ عمري وحياتي . يومَ التقيتُ به لم أكن أعرفُ أنّنا سنكون زوجين ، اليوم يناديني باسمي عليا ، وأنا أناديه سعيد . عندما يجلسُ قربي أشعر أنّ العالمَ مختلفٌ . ولدتُ لأعيشَ الحياة . تعلمتُ منهُ أن أقتني العطورَ فعرفتُ سرَّ تلكَ الرائحة الجميلةِ التي شممتُها من أولئك الفتيات . ليتَ الحياة تستمرُّ هكذا . ضحكتْ لي اليوم . ما أسعدني ! ها قد أتى سعيدٌ . سأتحدث معه عن العمل .
- حبيبي . أرغبُ أن أجدَ عملاً فقد تعلّمتُ من أجلِِ هذا ، وإلا ما نفعُ شهادتي التي حصلتُ عليها ؟
- ضحكَ : أحببتُ امرأةً قبلَ عدةِ سنواتٍ عندما كنتُ في الجامعةِ . اشترطتْ عليَّ أن لا تعملَ . غريبٌ أمرُ النساء ! هل أنت مصرّةٌ على العملِ ؟
- نعم . يا سعيد .
- حسناً . لكِ ما تريدين . بالنسبة لي لا أحتاجُ إلى عملك . لن أمنعَك أيضاً .
- سأقبّلكَ . فلتزغردْ لي الدنيا . سعيد زوجي حبيبي . يحدّثني بلغةِ جميلةٍ . اللغةُ الوحيدة التي تروقُ لي . لم أكنْ أحلمُ أن يحدّثَني رجلٌ بمثلِ هذا .
السعادةُ تطرقُ بابي . فقط ْ فراقُ أمي بدأ يسبّبُ لي الألم . كم تتألمُ اليوم من أجلي ؟ عليَّ أن أسامحَها ، أو أسامحَهم . أحبُّهم . لم أرتكبْ خطأ . فقط تزوجتُ . كيف سأصالحُهم ؟ سأقدّمُ لهم مبلغاً من المالِِ . من أين آتي بالمال ؟ سأسألُ سعيد . إن أعطاني المال سأذهبْ غداً للقاءِ أمي . فقد مضى على فراقنا أكثرُ من عام . سأجلبُ لهم الطعام . أعطيها ما يكفي . أحبّها مهما فعلت بي . أحبُّ إخوتي أيضاً ، وأشعرُ أنهم لا يبادلونني المشاعر .
- أرى أمي في أحلامي تبكي : تعذّبتُ لأجلك . ارحميني .
- كم أنا قاسيةٌ ! لم أكنْ أعرفُ أنّني أحبُّها إلى هذه الدرجة . أخطأتُ بحقِّك يا أمي . لكنّه حقِّي أيضاً أن أكونَ امرأةً كما كنتِ أنت .
ماذا قلتُ ؟ أكون امرأةً كما أمّي ! يا للمصيبةِ ! هل ستكونُ حياتي عذاباً وقهراً كحياتها .
ماذا ألمَّ بي ؟ أشعرُ تجاهَ الجميعِ بمشاعر الأمومةِ حتى إخوتي . أشعر أنّهُ ليس لهم في هذا العالم غيري . لماذا لم تراودْني تلكَ المشاعر من قبل ؟
يبدو أن ذكرياتِ الماضي مازالتْ تلاحقُني . نسيتُ نفسي مع الذكرى . متى سأخلصُ من هذا الألم . عليَّ أن أنسى .فكلُّ ما أتحدّثُ عنهُ من الماضي . بل من الماضي السحيقِ .
يلاحقُني
يتّهمُني
يخطفُ مني أشيائي الجميلةِ
ارحلْ أيّها الماضي .
سأنسى .
سأعيشُ لحظاتي الآنَ
بلا ماضٍ
سأذهبُ إلى المنزلِ في الحال . سأكفُّ عن تذكّرِ تلكَ العذاباتِ .
الذكرياتُ تجلبُ لي الألمَ . أتيتُ اليومَ كي لا أشعرُ بالوحدةِ والألم . أصبحتُ في حالٍ أفضل ، لكنّه طبعي الذي يجرّني إلى الاكتئابِ .
البحيرةُ كانتْ جميلةً . كلُّ الأشياءِ تملأُ النفسَ بالأملِ ، وتدفعُها باتجاهِ الحياةِ ، فلماذا اجترارُ الذكرياتِ ؟ هاهيَ العصافيرُ بدأتْ تضجُّ في تلكَ المحميةِ التي تقعُ مواجهة البحيرةِ . سأذهبُ إلى البيتِ معَ أولِ سربٍ يذهبُ .
بعضُ الغربانِ طارتْ بسرعةٍ تجاوزتني . سأركضُ خلفَها . ما زلتُ أشعرُ أنّني طفلةٌ في العاشرةِ من عمرِها . عصفورٌ صغيرٌ يستوقفُني . عرفتهُ من عينيهِ . كلما آتي إلى هنا يحدّثني . ربما أرسلَهُ أحدهم خلفي .
يا للهولِ! يبدو أنني أهذي . أتحدثُ عن العصفورِ كأنّهُ إنسانٌ يفهمُ ، لكنّهُ مازالَ يتتبعُ حركاتي . يحدثُني بلغتِه . أشعرُ أنّني أفهم ما يقولُ .
- من أنتَ ؟ لماذا تعترضُ طريقي في كلِّ يومٍ ؟
- أمّي أرسلتكَ !
- أمّي ماتتْ منذ سنواتٍ طويلةٍ .
- أتيتَ من الجهةِ الأخرى !
- كيف حالُها ؟
- تعيشُ بسلام!
شكراً لكَ . اعذرني . سأذهبُ إلى المنزلِ . تأخرتُ . عليَّ أن أتناولَ دوائي ، وطعامَ إفطاري .
وصلتُ إلى المنزلِ . المفتاحُ لا يفتحُ . سمعتُ كأنّ أحدهم فتحَ ليَ البابِ . خفتُ . تريثتُ في الدخولِ .
- أمسكَ يدي: هل تخافين منّي ؟
- طبعاً . أخافُ . من أنتَ يا هذا ؟
- أنا حارسُكِ منذُ اليوم .
- لا أراكَ جيداً . تبدو كظلٍّ .
- وماذا يعنيكِ الأمرُ طالما سأحرسكِ ؟
- ما اسمكَ ؟
- سرحان . اسمي سرحان . كنتُ أسرحُ في البراري . أطلقوا عليَّ هذا اللقبَ . فما أحبّبتُ سوى التشرد والهروب.
- انتظرْ قليلاً سأعدُّ طعامَ الإفطارِ . هل تأكلُ معي ؟
- بالطبعِ . اجلبي لي كأساً فارغاً سأسكبُ لنفسي الشاي .
- غداً سنذهبُ معاً في وقتٍ مبكرٍ إلى البحيرةِ . أشعرُ بشعورٍ أفضل ، وأنتَ معي . شجعتَني لتحضيرِ الطعامِ. لو كنتُ وحدي . لأحضرتُ شيئاً واحداً للأكلِ . أهلاً بكَ . إنّني سعيدةٌ بوجودك . آه يا سرحان . كم أخافُ الوحدة . لم أنمْ ليلةَ أمسِ . ضمّني إلى صدركَ لأغفوَ . هل تعرفُ أخبار ابني ؟
- نعم . غداً صباحاً سنتحدثُ . الآن تعالي إلي . نامي على صدري . إنكِ بحاجةٍ إلى الراحةِ يا سيدتي . أتيتُ خصيصاً لأسهرَ على راحتك .
- أسمعكَ تردّدُ جملةً هي لي " كلُّ شيءٍ من أجلِ الحبِّ " من علّمكَ إياها ؟
- جلبتُ جملتي هذه معي . كي أعيشَها حباًّ حقيقياً معكِ في ليلٍ قاسٍ عليكِ . نتشاركُ معاً متعَ الحياةِ . أعرفُ أنكِ تتوقينَ لليّلٍ فيهِ عاشقٌ أضناهُ الصبرُ يحلمُ بكِ . إنّني لستُ مثلهم . هم يريدونَ امرأةَ تحبّهم . لتردّدُ على مسامعهم كلماتٍ ترضيهم . ينتظرونَ أن تصفهم بالعظمةِ . هم مغرورون يا عزيزتي . يسوّقونَ أنفسهم كمعشوقين . تعشقهم كلُّ النساء وما أنتِ سوى واحدةٍ ضحكَ الحظُ لها عندما اختاروكِ لمحبّتهم ، من عشقتِ عظمته اختاركِ له عاشقةً . أما أنا فعاشقٌ ، وأنتِ المعشوقة التي ستملأ قلبي بالحياةِ . ليسَ ضرورياً أن تكيلي لي المديحَ وكلماتِ التبجيلِ . أنتِ اليوم حبيبتي التي وضعتُها في محرابي كآلهةٍ من الزمنِ البعيدِ .
- لا أرى ملامحَكَ . إنكَ تشبهُ الأشباحَ . إنّني أخافُ الأشباحَ يا هذا . فليّلي أحياناً تطاردُه أشباحٌ وظلالٌ . هل أنتَ شبحٌ شرّيرٌ ، أم شبحٌ طيبٌ ؟.
إن كنتَ طيباً . قلْ لي أشياءَ رقيقة . اهمسْ في أذني . أو تعالَ نتعانقُ ونرقصُ . نحتفلُ بوجودكَ في حياتي .
- حتى لو كنتُ شبحاً ؟
- حتى لو كنتَ شبحاً ما دمتَ تشعرُني بالأمانِ والسعادةِ ، فطالما بحثتُ عن الأمانِ. سنرقصُ إلى ما بعدَ منصفِ الليلِ على موسيقى هادئةٍ تنسابُ كالنسمةِ . تعشّشُ فينا . سيكونُ صوتُ الموسيقى منخفضاً كي لا يفتضحُ أمرُنا . فالناسُ يصادرونَ حبّي على الدوام .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow