Alef Logo
أدب عالمي وعربي
              

انعكاسات الخيال قصة : راي روسيل ترجمة :

صالح الرزوق

خاص ألف

2010-12-12

هذه المدينة التي أنهكها الزمن هي مكان لعدد من المتاجر. و غالبا ما كنت أقول عنها إنها صفارات إنذار تعمل ، و تخدعنا بالثياب الجذابة التي تراها من خلف الزجاج البراق للنوافذ. و بمقدور أي شخص أن يقف هناك – كما فعلت بالأمس – أمام دكان حلويات أليكوس ، ثم يراقب الفطائر و التورتات الشهية و في نفس الوقت خيال وجهه ، و يمص شفته بسبب تلك المعروضات. و في ساعات معينة ، حينما تكون الإضاءة جيدة ، إن نوافذ تلك المتاجر تكون مناسبة مثل أي مرآة. و بها يمكن لي أن أرتب قبعتي و أعدل من وضعها ، أو أن أمسد على شاربي ، قبل أن أواصل المسير لملاقاة حبيبتي في موعد متفق عليه.
بالأمس انتظرتها أمام دكان الحلويات. كان مغلقا – و يعم في الداخل الظلام ، و كل نافذة عبارة عن مرآة داكنة مثالية. كان بمقدوري أن أرى صورتي ، و كان ينيرها إشعاع متعدد المصادر من مصابيح زاوية الشارع و ضوء القمر معا : و قد انعكست معها ملامحي ، أنا ، الطبيب المحترم ، المضيف الكريم ، و عمود المجتمع. كل هذه الصفات الحميدة كان على ما يبدو أنها مرسومة هناك. و رغبت لو أراها بشكل أوضح.
و لكن هل سوف ينجح هذا الموعد ؟.
لقد خشيت أن لا تحضر. و انتابني الخوف أن يتأكد هذا الشعور المقلق و البغيض. كنت أرتجف ، و لكن ليس من البرد فقط. قريبا سوف أعلم بالحقيقة. لقد نصبت لها فخا ، و طلبت منها أن تقابلني ، في منتصف الليل ، هنا أمام هذا الدكان.
في مكان ما ، في الظلام البارد ، شرع جرس بعيد يدق في تلك الساعة . و في نفس الوقت ، سمعت صوت دقات كعب الحذاء الخفيف و هو يقترب. استدرت بعيدا عن الصوت لأقابل نوافذ الدكان. و اقترب صوت دقات الحذاء. ثم رأيت خيالها المطبوع و الرشيق في الزجاج. و غمرني دفء شيق مع طمأنينة عميقة. قالت بذلك الصوت العذب : " عمت مساء يا إيوان ".
و استدرت إليها لأقول " عزيزتي .. ". أو بدأت بهذه العبارة ، و لكن صوتي ارتجف.
سألتني : " هل هناك خطب ما . يبدو أنك مريض ".
قلت لأرد : " كم أنا أحمق و مغفل . لقد أخطأت بحكمي عليك. هلا سامحتيني. لقد صدف و فكرت أنك ..".
قالت : " مصاصة دماء " ، و افترت شفتاها عن ابتسامة عريضة ، و كشفت عن أنياب مخيفة.
قلت مباشرة في نوع من الشك و الرعب : " كلا.. ". جاء صوتي مرتفعا و أنا أواصل قائلا : " مستحيل. انظري لخيالك ..".
و أشرت بيدي نحو النافذة.
قالت و هي تثني على شكلها المطبوع فوق النافذة : " آه ، نعم ".
أشرت بيدي و قلت : " لا يمكن لمصاص الدماء أن يعكس خياله. كل الناس يعلمون ذلك ".
" و لكنك شخصية معروفة و تستطيع أن تشفي المرضى ، يا إيوان ، و ربما نسيت أن تتعلم كم هم أبناء جنسي ماكرون ".
قلت بإصرار : " بلى لقد درست ذلك ".
ردت بنبرة ساخرة : " لو فعلت ذلك حقا ، لعلمت أن أشكالنا ، يمكن أن تنعكس بأدوات مختلفة .. بالماء ، بالنوافذ ، في الخزف الرقيق .." و اقتربت مني و هي تضيف : " و لكن ليس في الفضة أو بالمرايا المغطاة بالفضة ".
قلت بصوت متلعثم : " أنا أعرف موضوع الرصاصات الفضية القاتلة ، و لكن ..".
قالت بصوت مرتفع و هي تزحف نحوي ببطء : " الفضة هي النقود التي استلمها يهوذا لخيانة السيد. و الأسطورة القديمة تؤكد أن روح هذا المعدن بسبب عقدة الذنب أصبحت له إلى الأبد قوى تطرد الشر. هذا سلوك تعويضي . و إن مخلوقا من نوعي لو وقف أمام مرآة من الفضة ، سيرفض الزجاج خياله. و لكن زجاج دكان ، من غير فضة وراءه ..."
قلت لها : " أفهم ذلك ".
فقالت : " ها أنت تفهم الأمور في وقت متأخر ، أيها المسكين إيوان ".
و كشفت عن أنيابها مجددا ، و اقتربت مني بسرعة. و من تحت معطفي سحبت السيرينج. كان مليئا بسائل يلمع.
ضحكت تقول : " هل هذا سم ؟ لن ينفعك بشيء ".
قلت لها بأسف : " ليس سما. إنه دواء . نحن نعالج به من يعاني من الصرع ".
قالت : " و لكن لا أعاني من هذا الداء ". و ضحكت مجددا.
فقلت : " كلا يا عزيزتي. مرضك أشد خطرا. و هذا سيشفيك منه ".
ضحكت مني مثل نمرة. و لكني حقنتها بالسيرينج في بلعومها الأبيض الناعم و ضغطت على الأنبوبة بقوة. و همست لها : " هذا أرغينتي أوكسيدوم " ، و هنا سقطت ميتة عند موطء قدمي.
و سنحت لي الفرصة لأقول موضحا : " هذا أوكسيد الفضة . وداعا يا محبوبتي. أخيرا لترقدي بسلام ".
و هنا عكست نافذة الدكان وجهي العابس و الدموع التي انحدرت عليه.
راي روسيل : كاتب أمريكي من مواليد عام 1924. توفي عام 1999. من أهم أعماله القلاع المسكونة ، محاكمة الشيطان ، المستعمرة ، و غيرها. يركز في أعماله على صراع الحب و الموت في المجتمع الأمريكي الحديث.
المصدر :
Reflections , story by : Ray Russell . . in : Darker Masques. Edit. J.N. Williamson. PINNACLE BOOKS Kensington Publishing Corp. 2002. P.p. 26 – 28 .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة :

17-نيسان-2021

قصائد مختارة لمارلين مونرو

03-تشرين الأول-2020

قصة / كانون الأول / كريستال أربوغاست

12-أيلول-2020

مدينة من الغرب اقصة : تميم أنصاري ترجمة

22-آب-2020

قصائد لهنري راسوف ترجمة :

20-حزيران-2020

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow