تم الإعلان في مساء 14 آذار 2011 عن الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية في دورتها الرابعة. و قد حصل عليها بالمناصفة كل من المغربي ( وزير الثقافة السابق ) الأستاذ محمد الأشعري لقاء روايته ( القوس و الفراشة ) ، و السيدة السعودية رجاء العالم عن روايتها ( طوق الحمام ).
و يبدو أن اللجنة المتميزة لهذه الدورة و التي يرأسها المبدع العراقي فاضل العزاوي المعروف بنزاهته و باستقلالية قراره، و بتاريخه النضالي الطويل ضد الطغيان في السياسة و ضد الإسفاف في الأدب ، قد فقدت البوصلة و الاتجاه معا.
فغياب رواية ( اليهودي الحالي ) لليمني علي المقري من النهائيات كان هفوة يمكن للقارئ العربي أن يحاسب اللجنة عليها. كما هو الحال بالنسبة لرواية ( الأخطاء الشائعة ) التي تعتبر إضافة من فاتن المر للرواية السياسية.
و إن عدم منح الجائزة أو حتى التنويه بنجمة أو نسر ذهبي أصفر للعمل الذي قدمه لنا السوداني أمير تاج السر و هو ( صائد اليرقات ) بحد ذاته يضع مصداقية اللجنة و المؤسسة المانحة على المحك.
و ينسحب ذلك في نفس الوقت على شطب رواية ( النبطي ) ليوسف زيدان من القائمة في الدورة السابقة.
إن هذه الرواية بعمق أسلوبها و بموضوعها الشائك تكون قد قفزت بالمجال المغلق لفن الرواية إلى فضاء غير مسبوق ، حيث لا يكون هناك غير قانون التكهن و التخمين ، و الإشارة هنا إلى الطبيعة التجريدية و الغامضة التي كانت تحيط بفجر البعثة النبوية ، و كل الأطياف المناوئة ، المصموت عنها ، التي ألقينا بها في بئر من السهو و الخطأ و الإنكار.
لقد استطاع يوسف زيدان بـ ( النبطي ) أن يعيد الموضوع إلى الإطار الديالكتيكي المناسب، و أن يقترب من اللسان المشتعل و لكن الخلاق و الذي رافق ثورة الطبقة المتوسطة ليحسم فيما بعد لمصلحة فقراء بني هاشم ، و تحت راية التوحيد.
و السؤال الآن : هل يمكن لهذه المؤسسة الشابة التي كنا نعول عليها في عودة ( الروح ) لمستقبل و ذهن الرواية العربية أن تصحح المسار ؟
و هل يمكن لها أن تتخلى ( بالرغم من الضغوط المعروفة ) عن حالة التنبؤ و الكهانة لمصلحة التبشير و حمل الرسالة المنوطة بها ؟...