Alef Logo
يوميات
              

يوميات / ما قبل بعد الحقيبة

باسم سليمان

2008-05-06

الحياة, مجاز بين حقيبتين, حقيبة الرحم ذات السحاب ,وحقيبة اللحد, مفتاحها الرفش والمعول كخزنة فشلت معها جميع الأرقام السرية.
الحياة حقيبة اللحظة ,جلدها من ورق ,قاموس الكينونة .
تبدأ بفتح باب الحاء مع تسلسل حروف السيرورة والصيرورة, تجردها من حروف الزيادة والتضعيف تعيدها لجذرها الثلاثي فتجدها في حقبة: مدة من الزمن؛ تقسم الحياة ,إلى العيش في حقائب الآخرين و عيشتك مع حقيبتك التي أثقلت ظهرك وأنت صغير لما همست أمك في إذنك أصبحتَ كبيرا . الأمانة التي وضعت على ظهرك تفاجأت بها أيضا على ظهور من صاروا أصدقاء, أعداء .
لأول مرة وحدك كآدم لحظة هبوطه ولا كلمات للمغفرة تحمي بها ملكك الجديد ولكن معاناة
الأطفال الآخرين مع حقائبهم جعلتك أكثر هدوءا؛ لست وحدك المطرود من جنة حقائب البيت . تستشعر قوة ياء الملكية التي أكدتْ ملكيتك للأشياء التي تحتويها حقيبتك. تتعرف معنى التبادل والمساومة على أقلام والعاب وفواكه؛ فأنت لم تعد سيدا كما كنت في أقطاعية حقيبة البيت ولا مدللا كما في حقيبة حضن أمك ولا صدر أبيك, لم يعد ينفع أن تفتح حقيبة عينيك وتستخرج منها دموعا تفك بها أحراز اللاءات التي يسمعك إياها الأهل , فحقائب الآخرين ليست مباحة لك, فالآخر حقيبة لها قفلها ورمزها السري . ولكنك أصبحت آخرا أيضا له أقفاله وأرقامه السرية.
تكر حقائب السنين وتكبر حقائبك : حقيبة أمك قطوفها دانية من ثدييها لحبة الشوكولا, حقيبة المعلمة و رميك القلم كثيرا تحت الطاولة وغرقك في حقائب أحلام اليقظة والعادات السرية , حقيبة المراهقة, حقيبة الممنوعات والتنويم المغناطيسي لتوحي لفتاة أن التقبيل ما هو إلا وضع أحمر الشفاه ومطاردة اللون الأحمر في حقائب الجسد الساخن بكمادات يديك الباردتين من تصبب العرق .
تستفيق من كابوس الحقائب على واقع حقيبة النضوج تصغر الحقيبة لتضعها في الجيب الخلفي ,ويتسع أفق حقائب آخر .
حقيبة الجامعة وكهفها السري وما تحويه من علب دخان وصور لحقائب جسد المرأة وكتب لسبب ما لم تحولك لمناضل أممي بل علقت حقيبة لِ غيفارا على الحائط ونفثت حقائب الدخان في جيب الغرفة وقرأت طالع جزادين النساء. فحقيبة عسكرية بثياب نظيفة بالذهاب ووسخة من كثرة الشوق والحنين للعودة
ذهب زمن حقائب التبادل وأصبحت مطالبا بحقيبة للسكن لو كان ينفع تلك الحقائب التي يستخدمها البدو- لها نوستالوجيا الحقائب المدرسية- لكن حقائب هذه الأيام هي من حجر وحديد وتمشي على دواليب ولا تفتح لك حقائب النساء ما لم تخشخش لها بالمفاتيح .
تستأجر حقيبة وترهن عمرك لحقيبة المصرف العقاري بعد أن لكتَ الماء لتحصل على حقيبة العمل . ترى حقائب سوداء يخرج منها جني علاء الدين بشكل أخضر مستطيل ويعطي أكثر من ثلاث أمنيات, تسمع عن حقائب الوزراء وفيها الأمل الموعود للمواطن بعيشه كريمة , تتعجب من دبلوماسية الحقائب وفعلها السحري في المواقف المبدئية,تهمهم, فأنت لم تندهش وأنت تشتري حقيبة صغيرة وتردد في إذن صغيرك أصبحت كبيرا.
فعمرك الذي يقفز أمامك ما هو إلا حقيبة ضمن حقيبة, حقيبة البيت, حقيبة المدينة, الكرة الأرضية, حقيبة في المجموعة الشمسية التي تدور بحقيبة أكبر, درب التبانة التي في حقيبة الكون, حقيبة الخالق .
باسم سليمان
[email protected]
خاص الف تودي

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

في بحثكَ عن ظلّ؛ تفوتك ألف شمسٍ

29-كانون الأول-2018

الصارية

02-حزيران-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

17-آذار-2018

باح يا باح يا ورق التفاح

23-كانون الأول-2014

الخط الأحمر في طور المراهقة الحوارية*

04-آذار-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow