Alef Logo
كشاف الوراقين
              

ما الموقف من الاستبداد للمفكر العربي عصمت سيف الدولة

ألف

خاص ألف

2011-08-26

ما الموقف من الاستبداد ؟.. يفرق جون لوك بين استبداد الملوك و استبداد البرلمان. فيسأل عن استبداد الملوك : " ماذا يحدث إذا كانت السلطة التنفيذية و هي تملك قوة المجتمع تستعمل هذه القوة للحيلولة دون اجتماع الهيئة التشريعية و منعها من العمل ؟. نلاحظ أن السؤال متعلق باستبداد الملك بالتشريع دون الهيئة التشريعية.
فيأتي الجواب ملتويا : " و أجيب على ذلك بأن استعمال القوة ضد الشعب دون سند من السلطة و بما يناقض الثقة التي أودعها السلطة التنفيذية إنما هو بمثابة إعلان حرب على الشعب الذي يصبح له في هذه الحالة إقامة هيئته التشريعية من جديد لممارسة سلطتها ، لأن الشعب و قد أقام مشرعا بقصد أن يمارس سلطة سن القوانين يكون له حق استعمال القوة في إزالة العقبة التي تحول دون قيام المشرع بما هو ضرورة للمجتمع ( الفصل الثالث عشر فقرة 155 ).
عظيم. و ماذا لو استبدت الهيئة التشريعية بالشعب ؟ قال جون لوك فيلسوف الاستبداد البورجوازي : " لا يمكن أن يكون هناك حكم بين السلطة التشريعية و الشعب. إذا حاولت أي من السلطتين التنفيذية أو التشريعية ، بعد أن تستولي على السلطة في يدها ، أن تعمل على استعباد الشعب أو دماره ، فليس أمام االشعب من علاج في هذه الحالة ، كما في الحالات التي لا يجد فيها قاضيا يلجأ إليه في الأرض ، سوى الاتجاه إلى السماء ( الفصل الرابع عشر – فقرة 168 ).
هذا هو جوهر الاستبداد البورجوازي. مقاومة الاستبداد الفردي باسم الشعب و حقه في اتخاذ " القرار " ثم الاستبداد " بالقرار " دون الشعب بحجة أن الشعب ممثل في نوابه. فلنتأمل أي شعب ذلك الذي كان البرلمان يتكلم باسمه و يستبد في الوقت ذاته.
في البداية كان التمثيل " النيابي " يأخذ شكل الوكالة الإلزامية المعروفة – الآن – في القانون المدني. فكانت كل مدينة أو مقاطعة تزود مندوبها بتعليمات محددة عند ذهابهم إلى مجلس العموم. و لأن المندوب " بورجوازي " أصيل لا بد له من أن يربح من كل صفقة ، فقد كان النواب أو المندوبون يفرضون على سكان المدن التي اختارتهم أن يتحملوا نفقات ذهابهم و عودتهم و إقامتهم في لندن. فلما طالت مدد انعقاد البرلمان ضاق الممولون بتكاليف مندوبيهم فانقطعوا عن إمدادهم بنفقاتهم. فكان الرد البورجوازي احتفاظ المندوبين بحق حضور البرلمان و لكن لا بصفتهم وكلاء ، بل بصفتهم " نوابا ". و الفرق بين التعبيرين في تاريخ النظم أن الوكالة كانت تفرض على المندوبين تقديم حساب عن مهماتهم في البرلمان إلى من بعثوا بهم إليه ، أما النواب فتنقطع صلتهم بمن اختاروهم بمجرد اختيارهم و لا يقدمون إليهم حسابا. و لكن صلتهم بمدنهم ذات الحق في أن ترسل مندوبين عنها إلى مجلس العموم لم تنقطع. فأتاح ذلك لغريزة الاستغلال من أجل الربح الكامنة في أعماق كل بورجوازي فرصة " المتاجرة " في مقاعد مجلس العموم.
فقد أدى الاحتفاظ التاريخي لبعض المدن بحق التمثيل بالرغم من زوال أهميتها أو انقراضها إلى أن مقاعد البرلمان الإنجليزي كانت تباع علنا و لها سوق. في عام 1768 عرض لورد شسترفيلد شراء مقعد لابنه بألفي جنيه من أحد ملاك الأراضي المقرر لهم حق التمثيل فأجابه بأنه تلقى عرضا أفضل. و كان ثمة دائرة انتخابية اسمها " أولدسارم " لها الحق في ممثلين و لا يقيم فيها إلا ناخب واحد فكان المقعدان معروضين للبيع دائما. و عندما أراد وليم بت الشهير دخول مجلس العموم عام 1780 لجأ إلى لورد لاندستاد في شمال إنجلترا الذي كان يسيطر على تسع مدن لكل منها حق التمثيل. و قد حدث أن طغى البحر على إحدى المدن يوم الانتخابات فتوجه الناخب الوحيد فيها إلى مقر الاقتراع في قارب ليختار وحده نائبا في مجلس العموم أو بيع المقعد.
هذا على مستوى النواب ، أما على مستوى الناخبين ، فقد كان عدد الذين يحق لهم الانتخاب في إنجلترا في أواخر القرن الثامن عشر 400000 ناخب من مجموع الشعب الذي كان يبلغ عشرة ملايين تقريبا. ذلك لأن حق الانتخاب لم يكن عاما.
كان في المقاطعات مقصورا على من يملك أو يحوز حيازة دائمة أرضا تدر عليه دخلا سنويا لا يقل عن أربعين شلنا. أما في المدن فقد كان حق الانتخاب يتنوع تبعا للعرف و الامتيازات الممنوحة لكل مدينة. و في كل الحالات كان مقصورا على " المواطنين النشطين " أو أرباب العائلات. و كانت الملكية و دفع الضرائب هما المقياس لنشاط المواطنين. و على هذا الوجه كانت كل مدينة أو مقاطعة تختار مندوبين إثنين منها يمثلانها في مجلس العموم ( ريد سلوب – النظام البرلماني – 1924 ).
من كتاب الاستبداد الديمقراطي – دار الكلمة – 1981 .

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow