Alef Logo
كشاف الوراقين
              

القوقعة ج2 إعداد

ألف

خاص ألف

2012-07-07

21 نيسان
فتحت عيني ببطء، أكاد اختنق من نتانة الروائح المحيطة بي، حولي غابة من الأقدام والأرجل، ملقى على الأرض بين هذه الأقدام المكتظة، رائحة الأقدام القذرة، رائحة الدم، رائحة الجروح المتقيحة، رائحة الأرض التي لم تنظف منذ زمن طويل ... الأنفاس الثقيلة لأناس يقفون متلاصقين "علمت بعد قليل من خلال عملية التفقد والعد، أننا كنا ستة وثمانين رجلاً، عاينت سقف الغرفة وقدرت أن مساحتها لا تزيد عن خمسة وعشرين متراً مربعا.!!".
الحديث بين الناس يجري همساً، الأمر الذي يولد أزيزاً متواصلا يخيم فوق الجميع. أردت الوقوف لاستنشاق بعض الهواء.آلام فظيعة في كامل الجسد، تحاملت، تجلدت، وعندما حاولت أن أقف على قدمي صرخت ألماً.
انتبه الناس من حولي، عدة أياد امتدت، أمسكت بي من تحت إبطي وأنهضتني، وقفت مستندا إلى الأيادي، قال شاب يقف إلى جانبي:
- اصبر يا أخي.. اصبر، إنها شدة وتزول !!
قال آخر:
- من يكن مع الله فإن الله سيكون معه..لا تيأس يا أخي.
مع الحركة خفت الآلام قليلاً، نظرت حولي، رجال.. شباب.. ويوجد أطفال في الثانية عشر والثالثة عشر ..كهول.. شيوخ!!
التفتّ إلى الرجل الذي حاول أن يشد من عزيمتي قبل قليل، سألته :
- مين هدول الناس؟ .. ليش نحن هون؟ ليش الناس واقفين؟!
نظر الرجل إليّ بحيرة تقرب من البلاهة وكأنه يقول: كيف يمكن شرح ما هو بديهي؟!! ورد بسؤال:
- أنت ..ما بتعرف شو صاير بالبلد ؟!
"كنت، وأنا في فرنسا، قد سمعت أنباءً عن اضطرابات سياسية تحصل هنا، وأن هناك حزباً يدعى الإخوان المسلمين يقوم ببعض حوادث العنف هنا وهناك. ولكني لم أعر هذه الأنباء أية أهمية، وبقيت مبهمة، فلم أعرف التفاصيل، ولم أكن يوما من هواة نشرات الأخبار، أو العمل السياسي المنظم، رغم أنني كنت في المرحلة الثانوية وما تلاها قريباً من بعض الماركسيين ومتأثراً بأفكارهم، خاصة أفكار خالي الذي كان على ما يبدو يحتل مركزاً قيادياً مهماً في الحزب الشيوعي".
أجبته:
- لا والله .. ما بعرف! .. ليش شو صاير؟
- ليش مانك عايش بالبلد؟!
و أردت أن اقطع كل دابر أسئلته، فأجبته دفعة واحدة عن كل ما يمكن أن يسأله:
- لأ .. كنت عايش بفرنسا.. واليوم أنا جيت، يعني من.. "نظرت الى ساعتي" أربع عشرة ساعة بس.
- العمى معك ساعة ؟!! ..خبيها يا أخي خبيها، شايف كل الناس هون، هدول كلهم من خيرة المؤمنين والمدافعين عن الإسلام بها البلد، امتحان يا أخي امتحان، امتحان من الله عز وجل.
قاطعته وقد بلغ بي الإحساس بغرابة وضعي وبالغبن والضيق حداً كبيراً، قلت محتدّاً:
- طيب .. العمى أنا شو دخلني؟! أنا مسيحي ماني مسلم، وأنا ملحد ماني مؤمن!!
" هذه هي المرة الثانية التي أعلن فيها أنني ملحد - وكانت فذلكة أيضا -. في المرة الأولى كلفتني وجبة من خيزرانة أيوب، بأمر من أبو رمزت الذي ذبح المسلمين لأننا نعيش في دولة إسلامية !!! أما في المرة الثانية فإنها ستكلفني سنوات طويلة من العزلة المطلقة، ومعاملة كمعاملة الحشرات، لا بل أسوأ منها".
رأيت محدثي وكأنه قفز إلى الخلف. ولكوننا محشورين، لم يتحرك منه إلا جزؤه العلوي فقط، وبشكل عفوي قال:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. - ثم بصوت أعلى - .. يا شباب في واحد نصراني كافر !.. في عندنا واحد جاسوس.
صُوّبت نحوي مجموعة من العيون، في نفس الوقت الذي سمعت فيه صوتاً آتياً من خلفي، صوتاً آمراً:
ـ مين هذا يللي عم يرفع صوته ؟ .. سكوت ..سكوت ! يا لله .. صار وقت التبديل.
لم استطع استيعاب الأمر !! في الجزء الأبعد من الغرفة كانت هناك مجموعة من الناس المستلقين على الأرض، وقد اصطفوا بطريقة غريبة ولكن منتظمة. "كما لو كانوا مجموعة من لفائف التبغ قد اصطفت في علبة". وبين المستلقين وبيننا نحن الواقفين، توجد المجموعة الثالثة، مجموعة المقرفصين على الأرض.
بعد كلام الرجل الضخم ـ علمت أنه رئيس المهجع ـ تحركت المجموعات الثلاث. خلال لحظات كان النيام جميعاً قد وقفوا واحتلوا الركن الذي كنا فيه تدريجياً. نحن قرفصنا. المجموعة الثالثة اتجهت الى مكان النوم
ـ يا لله سيّف.. سيّف، كل النايمين يسيّفو.
"وتبين أن التسييف هو النوم على الجنب".
الأول استلقى لصق الحائط على جنبه، ظهره إلى الحائط، الثاني استلقى أمامه واضعاً البطن على البطن، رأس كل واحد منهما عند أقدام الآخر.
الثالث سيّف ووضع ظهره لصق الظهر الثاني، الرابع بطنه على بطن الثالث، ودائماً الرؤوس عند الأقدام.
تتابع المستلقون إلى أن وصل الصف إلى الحائط الثاني من الغرفة ولازال هناك ستة أو سبعة أشخاص لم يبق لهم مكان. هنا صاح رئيس المهجع:
ـ يا لله ..يا كبّيس .. أجا شغلك!
قام الرجل الضخم الثاني بهدوء ـ يبدو مصارعاً ـ . ذهب إلى أول رجل مستلقٍ عند الحائط ، وبهدوء وضع قدميه بين الحائط وبين الرجل المستلقي، استند بظهره إلى الحائط، ثم أخذ يدفع المستلقي بباطن قدميه، دفع أكثر، أنضغط المستلقون قليلا، أصبح هناك مسافة تتسع لرجل آخر، نادى على واحد من المتبقين: يا لله .. إنزل هون.
نزل الرجل مستلقياً على جنبه بين أقدام الكبّيس والرجل الأول، ثم بدأ الكبّيس بالضغط على الرجل الجديد، ومرة أخرى حقق مسافة تتسع إلى آخر.. يا لله .. إنزل هون، ثم الضغط من جديد ورجل جديد، في النهاية تم استيعاب جميع الذين لم يبق لهم مكان سابقا، عاد الكبيس إلى مكانه بنفس الهدوء، وهو ينفض يديه!.
راقبت المستلقين، بعضهم استغرق في النوم فوراً!!.
ثلاثة أيام قضيتها في تلك الغرفة. "سمعت أن بعضهم سابقاً ولاحقاً، قضى فيها شهوراً عديدة، وفي بعض الحالات كان العدد يزيد على عددنا". خلال هذه الأيام تعرفت على الغرفة جيداً.
بعد قليل من جلوسنا القرفصاء، أحسست أنني أريد قضاء حاجة، التفت إلى جاري وسألته:
ـ أين يقضي الإنسان حاجته ؟
أشاح بوجهه عني ولم يجب، سألت الجار الآخر، أيضاً لم يجب. تذكرت أنني نصراني، كافر، جاسوس، وستظل تلاحقني هذه التهم.
موقعي قريب من رئيس المهجع، سألته فدلني على المرحاض. "إذن في الغرفة مرحاض!". اضررت للانتظار أكثر من ساعة. مرحاض واحد، حنفية ماء واحدة، وستة وثمانون شخصاً.
عدت إلى موقعي. حركة ما فوق، نظرت. أنبوب الصرف الصحي، ويبدو أنه للبناء كله، يقطع الغرفة من أولها إلى آخرها. بين الأنبوب وبين سقف الغرفة حوالي النصف متر. فوق هذا الأنبوب ينام اثنان من الفتية عمر كل منهما حوالي خمسة عشر عاماً، احتضن الواحد منهما الأنبوب بيديه وصدره وتدلت الأرجل إلى الأسفل، بينما الرأس مرتاح على صوت خرير الماء داخل الأنبوب.
ـ بحياتي ما نمت أحلى من هـ النومة !!
قال أحدهما في اليوم الثاني.
22 نيسان
استيقظتُ بعد ثماني ساعات من القرفصة جاء دورنا في الاستلقاء. بعض المقرفصين ممن لهم خبرة نبهوا بعضهم إلى ضرورة الذهاب إلى المرحاض قبل الاستلقاء، لأنك إذا استلقيت وانتهى الكبيس من عمله، ومهما كان السبب الذي قمت من الاستلقاء من أجله فإن مكانك سيذهب.
استلقيت مضغوطاً بظهر رجُل على ظهري، وبطن رجل آخر على بطني، "تذكرت صديقتي التي تحب الوضعية الفرنسية !!". خلف رأسي قدمان، وأمامه قدمان. كيف يمكن للإنسان أن ينام وهو يشم هذه الرائحة ؟!! . ورغم ذلك نمت نوماً عميقاً .. والآن استيقظت.. صحوت تماما .. كل شيء في جسدي مضغوط ..لكن الضغط على أسفل بطني شديد ويكاد يكون مؤلما. "يبدو أن لصيقي الأمامي قد امتلأت مثانته، فتحجر عضوه، وطبيعي أن ينغرز في بطني أنا". وفي ظل هكذا ظروف من المعيب أن تفكر باحتمال آخر!!
حاولت زحزحته فلم أفلح، فمع كل حركة ينغرز أكثر، سمعت شخيره، فكرت أن أمد يدي على صعوبة ذلك، ولكن خشيت أن يستيقظ لحظتها. "ماذا سيقول إذا استيقظ وعضوه في يدي ؟!!".
انسللت من وضعية الاستلقاء بصعوبة، وذهبت إلى المرحاض.
ثلاث ليال.. وثلاث مرات يفتح الباب في اليوم ويغلق، وفي كل مرة يفتح الباب.. يدخل الطعام في أوانٍ يسمونها قصعات. صباحاً لكل واحد رغيف مرقد مع قطعة حلاوة، هذان الصنفان يوزعهما رئيس المهجع، وخمس قصعات من سائل أسود "تبين انه شاي". وفي المساء كذلك. تدور القصعة من شخص لآخر .. يرفعها، يرشف منها، يناولها لمن بجانبه. أما الظهر، فتكون القصعات مليئةً بالبرغل، مع قصعة رب البندورة تحتوي بعض الخضار.
" لن أنسى أبدا الطريقة التي تخاطف بها الناس قطع اللحم في المرة الوحيدة التي جلبوا فيها لحماً. فكرت، حتى الوجبتين الصباحية والمسائية، لولا رئيس المهجع لتحول المهجع إلى غابة".
خلال هذه الساعات التي بدت لي بطول دهر، كنت كمن يطفو في الزمان والمكان. رغبة بدت لي كاعتقاد راسخ بأن كل هذا ما هو إلا خطأ سخيف سينتهي بعد قليل.
حسي المهني والفني قابع في زاوية بعيدة يراقب ولا يتدخل، هذا الحس الذي يبقى خارج حيز الألم والقلق، يبقى متيقظاً ومحايداً مهما كانت درجة آلامي النفسية أو الجسدية، هو يراقب ويسجل. أتذكر قولاً لأحد أساتذتي المرموقين: إن الحدث مهما كان صغيراً، فإن المخرج الجيد يستطيع أن يصنع منه فيلماً جيداً، الحدث هو الهيكل العظمي وعلى المخرج إكساؤه باللحم والثياب. هذا الحس التقط مشهد تخاطف قطع اللحم، وأحس المفارقة الصارخة بين مجموعة من الأشياء المحيطة التي تدعو للإقياء_ أو على الأقل_ العزوف عن كل شيء، وبين الفعل المادي الممارس من قبل خاطفي قطع اللحم. ما الذي يفقد هؤلاء الناس الحس باللياقة والذوق؟! وبالتالي بالكرامة والعزة البشرية، هل هو الصراع من أجل البقاء؟.. قد يكون.
ثلاثة أيام بلياليها، أكلت نصف رغيف مع قطعة حلاوة.
23 نيسان
استيقظت!. كان الاستلقاء الثاني " النوم على البلاط " أفضل قليلاً، استيقظت قبل انتهاء مدة الثماني ساعات، لم أشعر برغبة في النهوض. حلمت أني قد شبعت نوماً ولكني أتابع استرخاءً وترفاً.
"تمنيت لو أني أستطيع المطمطة قليلاً!. تمنيت فنجان قهوة وسيجارة".
مكاني قريب من رئيس المهجع. أسمع حديثه والكبّيس، فتح السجان طلاّقة الباب وهي النافذة الصغيرة في أعلى الباب. قفز رئيس المهجع، تبادل حديثاً مطولاً مع السجان الذي فتح الطلاّقة. عاد رئس المهجع . قال للكبّيس همسا:
جاي دفعات كبيرة من المحافظات .. وجماعتنا هدول .. اليوم أو بكرة راح يترحلوا عـ السجن الصحراوي.
ردّ الكبّيس متسائلاً باستغراب:
العمى.. شو راح يحطوا الناس كلها بالسجن !؟ ... إي .. ما ضل حدا برات السجن !!.
ولك سكوت .. أوعا حدا يسمعك ... ما دخلنا نحن يا عمّي!!.
"رئيس المهجع والكبّيس مسجونان بجرم التهريب".
عند المساء، وعندما انتقلت مجموعتنا من الوقوف إلى القرفصة، تعمدت أن أقرفص قرب رئيس المهجع. انتظرت حتى قبيل وجبة الطعام الثالثة، وبوجه حاولت أن يكون بشوشاً، قلت له:
يا أستاذ .. عفواً .. ممكن احكي معك شغلة ؟.
أستاذ ؟! .. من وين لوين ساويتني أستاذ ؟ .. نعم شو بدك ؟! .
يا سيد .. أكيد في غلط!.
وين الغلط ؟.. يا أستاذ.
يا أخي أنا ماني مسلم .. حتى أكون إخوان مسلمين.. أنا مسيحي وليش حطوني هون، ليش جابوني أصلاً، ما بعرف!! .
لك يا أخي الطاسة ضايعة .. ما في حدا لحدا .! .؟
طيب ممكن تقول لرئيس السجن .. لشي حدا مسؤول هالحكي ؟
وين أنا بدي شوف مدير السجن ؟.. خلص .. خلص.. هلق بيجي السجان وراح أنقل له هـ الحكي.
سمعت طقطقة القفل، وقف رئيس المهجع، أمسكت يده:
أرجو ألا تنسى أن تقول له.
هز رأسه، فُتح الباب، "يا لله دخّلوا الأكل". دخل الأكل. خاطب رئيس المهجع السجان:
يا سيدي ... في عنا واحد هون .. عم يقول ..
قاطعه السجان مسرعاً:
- عم يقول ما عم يقول ! أنا ما بعرف شي ... هلق ببعتلك رئيس النوبة .
بعدما يقرب من نصف الساعة، طقطقة الباب مجددا، ظهر شخص وسيم، وبلهجة جبلية ثقيلة:
- شو في عندك يا رئيس المهجع؟
جذبني رئيس المهجع من كتفي، وقفت. قال:
- احكي له... احكي له، لسيدنا أبو رامي!
متلعثماً.. متأتئاً .. شرحت له الأمر، وبنفس اللهجة الجبلية ردّ علي :
- طيب أنا شو بدي ساوي لك ؟ ... مسيحي ؟ .. إيه وإذا مسيحي !... بلكي عاونت الأخوان المسلمين مثلاً ... يعني بلكي بعتهم سلاح مثلا ... إي هيك بتكون أضرط منهم مثلا ...
ثم التفت إلى السجان، أمره :
- سكّر ... ولا سكّر الباب .
وقبل أن يغلق السجان الباب، التفت أبو رامي إلى الناس في المهجع، وبصوت عال قال :
- ولا .. عرصات ... ولا انتو مانكن إخوان مسلمين ... انتو إخوان شياطين ... فرجونا شطارتكم لشوف .... هاي عندكم واحد مسيحي ... انشطوا معه .... اهدوه للدين الحنيف ... بس شاطرين تقتلوا وتخربوا بـ هالبلد !!
أغلق الباب الحديدي بيده بقوة، وما لبث أن فتحه فوراً وعلى وجهه ابتسامة عريضة، تعلقت كل الأنظار به، فتابع يقول :
- ولا كلاب ... عرصات ... إذا حسنتوا تساووه مسلم، لا تنسوا تنظموه بالإخوان المسلمين، مشان تصير حبسته محرزة.
وأغلق الباب بقوة.
الاستلقاء الثالث :
لصيقي الخلفي كان ذا مؤخرة عريضة وكبيرة، ضايقني وأراحني، إنه أفضل من ذوي العظام الناتئة التي تنغرز في جسدك بلا رحمة عند الكبس. لصيقي الأمامي شاب في العشرينات لا تبدو عليه علائم التدين.
عاصاني النوم بعد حديث أبو رامي. كان هناك أمل كبير يعيش داخلي بأن أحداً ما سيكتشف الخطأ، وفوراً يُصار الى تصحيح هذا الخطأ، ولكن بعد هذا الحديث ... والطاسة ضايعة ... والترحيل إلى السجن الصحراوي !!... خالطني اليأس والخوف من المصير المجهول.
ساعتان أو ثلاث... لست أدري ... وأخيرا بدأت أهوم ، التعب ، الإرهاق ، النوم ... ثم ... أصحو تدريجياً. إحساس بالضيق. أقترب من الصحو أكثر، أشعر أن قدميّ مكبلتان، كانت قدماي قد تورمتا من خيزرانة أيوب، أصحو أكثر ... شعور بالدفء والرطوبة يصعد من قدمي، قليل من الألم أيضاً... حركة ما... أنتفض... أصحو تماماً... أرفع رأسي وأنظر إلى قدمي العلوية:
لصيقي الأمامي، الشاب، يقبض على قدمي العلوية بكلتا يديه، وقد وضع أصبع قدمي الكبير في فمه وأخذ يمصه !! لكزته ... ثم لكزته، تراخت يداه ، سحب رأسه! تابعت اللكز، استيقظ الشاب تماماً، نظر إلي بغضب واستنكار!!. وبحدة قال :
- ليش فيقتني؟ !
- شو ليش فيقتك ؟ مانك شايف شو عم تساوي ؟
- يلعن سماك!! قطعت علي أحلى منام !!
- شو كنت شايف منام ؟
- نعم .... كنا أنا وميسون ... وباللحظة يلي مسكتها ومسكتني ... وبلشنا ... بـ " " حضرتك فيقتني !!
- ومين هي ميسون .... دخلك ؟
- ميسون؟ .... ميسون خطيبتي.
- عفواً لا تواخذني ... ارجع نام .. لكن لا تخربط بين إصبع رجلي وشفايف ميسون .
لم أستطع النوم بعدها ... أسئلة وأسئلة، أي عالم هذا الذي حشرت فيه؟! هل هذه هي البداية؟ ولكن إلى أين؟. هل بإمكان أي كاتب أو سينارست أو مخرج تخيل هكذا عوالم؟! أسئلة تطارد أسئلة !! ...
طوال ثلاثة عشر عاماً ، لم أسمع مرة قرقعة المفتاح في الباب الحديدي إلا وأحسست أن قلبي يكاد ينخلع!! لم أستطع الاعتياد عليها
قرقع المفتاح في غير وقته، قفز رئيس المهجع في اللحظة التي انفتح فيها الباب، أبو رامي والى جانبه شخص طويل في الخمسينات يضع نظارات طبية بيضاء، خلفهما حوالي العشرين عنصرا، قال ذو النظارات:
- وين رئيس المهجع ؟
- حاضر سيدي !
- بهدوء ونظام، طالعلي هدول كلهن لبره، اتنين اتنين، ما يبقى هون إلا أنت والمهرب الثاني ...وين المهرب التاني؟
- حاضر سيدي.
- خليك هون أنت كمان... يا لله .
وخرجنا ... اثنين ... اثنين ... وكان فجر 24 نيسان .


نهاية الجزء الثاني .
يتبع ... خاص ألف

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow