جرعة زائدة من الحياة
خاص ألف
2013-06-13
أستيقظ على صوت القصف فألمسُ أطرافي للتأكد من وجودها.
.............
وفي كل صباح أكون بانتظار قدوم الميغ على الرغم من أنني أعلم أنه " مع قدومها يُصيبني هوس (برصد الاحتمالات الكثيرة )
"فقط لأسمع سيمفونية الدوشكا ومضادات الطيران مختلفة الأوزان والإيقاع ,
وكأنني أضع بين يدي علبة من الشعلة وقد أدمنت على رائحتها يومياً وبعد كل رشقة من المضاد أقول (ليتني أستطيع ردّ الجميل )...
والجملة التي اعتدت على سماعها صباح كل يوم من ذلك "الختيار" جاري الذي نزح من تحت القصف ورفض الخروج من البلد، دائماً يقول:
"كل لما تجي لتنزل دمعتي بتذكر إني زلمة و كل ما بتذكر إني زلمة دغري بتنزل دمعتي "!!.
ريثما بذهب صوت ذلك الختيار ليأتي صوت الطفل النازح من القصف أيضاً ليصرخ في وجه والدته بجملته المعتادة:
"هل سأمكث طويلاً في هذا المكان ... هل سأبقى أرتدي جذاء والدي..أريد مدرستي وألعابي ..أريد بيتنا".
..............
......................
لتذهب الى الشارع السوري الموالي للنظام حين يقول " الله محي الجيش ...الله محي الجيش!!
وبعد فترة تسأله:
_كيفك معلم شو أخبارك؟؟
ـ تمام
ـ شو وين أراضيك هالأيام؟
ـ والله صرت بدبي
ـ لك ليش؟
ـ انطلبت للعسكرية والله ....
وأيضاً من المفارقات بالثورة إنو في ناس قبرت الفقر وناس الفقر قبرها وناس قبرت ولادها!!
وأيضاً من المفارقات بالثورة أن رغم كل ما يحدث من (هاون وتفجير و قنص و خطف و تقطيع وكيماوي و غاز و مازوت و خبز و زحمة و غلاء)
أصبح لدى المواطن السوري مناعة من كل شي وكأنه."جامبو الجبار"
يعني بالعربي الفصيح "جناب متل الطناب." لا تراجع عن الثورة؛
وأكثر ما يزعج السوريين، تلك الفئة من الناس، الذين يقولون الله يرحم أيام الشام القديمة وقعدات باب توما والأراكيل
وكأن الشام تُختصر بالقعدات والأراكيل ...وكأن لا يوجد ناس قد خسرت بيوتها وأولادها، وهناك من يتحدث عن خسارة لأركيلة بالشام!!!
...............
وعند المساء يزداد القصف ليصرخ والدي الرجل الكبير في العمر ليقول "اقصفوا من في الأرض بيقصف عمركم من في السماء "
...............
وبعد نهار طويل من الذهاب والعمل والقصف وتحمل كل الظروف السيئة يبقى السوري يراهن على الأمل والحياة ليضع كأسه ويشرب بصحة وطنه وصحة أصدقائه الشهداء والمعتقلين وجميع من غاب عنهم. لأن في سوريا حين تبدأ سكرة الخمر يصعب أن تعد الأقداح
وعندما تبدأ سكرة الموت يصعب أن تعد الأموات!!.
ومع الاقتراب من منتصف الليل...
ويحدث أنك على أمل أن تقترب الرائحة الكريهة (الكيماوي)كما يقول السوريين البسطاء للتخفيف من حجم الكارثة, .لتموت بجرعة كيماوي، وتقول في مخيلتك إني قوي لم أمت في ذلك البرميل أو تلك السكين ...
أنا أموت في جرعة زائدة من الهيروين للتخفيف من حدة الحزن.
..........
وفي لحظة من هدوء القصف المتواصل، أسمع نهاية مكالمة لجاري مع خطيبته، أو لربما حبيبته وهو يقول لها:
ثلاثة أشياء لا تنتهي
سوريا...وأنوثتك....وكأس الخمر......ليبقى العشق في سوريا أحد أسرار الجنة.
وفي نهاية كل شيء من هذا اليوم المليء بالظروف الصعبة، يضع السوري رأسه على المخدة ويقول قبل النوم "بدّك تسقط وبدّنا نكيّف "
وكأنه استبدلها بجملة " اتكلنا على الله " التي تعودنا منذ الصغر على قولها قبل النوم.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |