قصة / على الفرشة القديمة
2006-04-09
مبتعدا عن حدوده، آملاً في المجهول المشوق، في منأىً عن وجوهه المعتادة، باحثا عن وجوه يرسمها في ذهنه المتعب، لا تشبه وجه أبو حسام البقال، تاركا بنت الجيران حالما بكلوديا شفر و لاتشيا كاستا، رافضاً رغيفاً إضافياً من صفائح التنور في محاولة للحصول على صفائح المخبز الحديث في طرف المدينة التي لازالت تلد كل يوم بيتا من الرخام والأمل وأشياء أخرى، ثم ماذا ؟!
جواز سفر إلى مطرح جديد "يسمح له بالسفر إلى جميع الدول العربية والعراق، والقارة الأفريقية، ودول آسيا وأوروبا وتركيا، ودول أمريكا وكوبا" ثم ماذا ؟!
في وطننا يلقى سائلو الطريق (الشحاذون) أجوبة متنوعة، تتراوح بين الله يبعتلك، حل عني، روح من هون، ... أحيانا لا إجابة....
على أرصفة السفارات الغربية، يصطف رجالات أوطاننا شحاذين، وبصبر وفخر ينتظرون الأجوبة المتعددة، والتي استمتعوا باستعمالها ذات وقوف على إشارة ضوئية في مناسبات ماضية، ولاحقة.
بترقب ينتظرون، ولعل مستغانمي ذكرت أن الترقب حالة عبودية، أو أن الحرية أن لا تنتظر شيئا، ولو فرضنا أن في ادعاءاتها شيئا من الصحة، إذا !!! عبودية حتى انتهاء أوقات دوامات السفارات، ثم ماذا؟!
ثم عندما يجيء موعد النوم، استلقاء على الظهر فوق "فرشة الأحلام القديمة" على الأضواء القادمة من النافذة، من مدينة يعود رجالها إلى منازلهم متعبين، يحترفون تناول الطعام ومداعبة الأطفال، ثم، عندما تدق الساعة اثنتا عشرة ساعة جنائزية. يحترفون الرجوع إلى الفراش برفقة الزوجة، كنت أقول استلقاء، ثم تبدأ الأفكار الوردية أحيانا بالتتالي، عندها فقط تبدأ القدم بالاهتزاز، ويا لاهتزازها، إن لجسم الإنسان حالاته الانفعالية التي تعلن ضلوعه في كل الغرائز والأفكار التي تنتابنا، اهتزاز القدم يعلن حالة من التوتر والتفكير في أشياء أو أشباه أشياء نتمناها بالضرورة، نخشى حدوثها أحيانا، ثم ماذا ؟!
ماذا لو خرجت خارج الوطن؟ هل سأعود، للعودة مذاق مر، وان كانت بعيدة، إلا أن شيئا لا يدركه المرء، يعد للعودة ويعد بها، الوصول إلى الازدهار يمهد طريق العودة، ذاك إن الازدراء كان مفتاح الخروج.. يوما،
فيقول: ليس للراحة المادية مذاق طيب هنا في أرض بعيدة عن الوطن، لم أبتع سيارة حديثة هنا، أليست السيارة الحديثة معدة ليراها الأقرباء والأصدقاء، أو ليست النقود شهادة عالية يقر بها كل أهالي الحي، ويرفع البرجوازيون قبعاتهم لك من أجلها. خطأ، طبعا خطأ، ثم ماذا؟!
ثم هدوء، وتطير الأفكار كلها من فتحة النافذة المطلة على مدينة الرجال، أولائك الذين يحترفون.. على الفرشة القديمة، نقود البورجوازيون، والشحاذين، تركيا ..... تبدأ القدم بالتهادي، ثم تسكن، تسقط.
في الصباح، على طرق العودة من طرف المدينة، محملا بالكثير من صفائح الخبز، نظرة غاضبة إلى وجه أبو حسام كأنه المسئول عن كل هذا، كأنه مزق الجواز، واحتل العراق... أبو حسام اختطف كلوديا شيفر!!
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |