التصوّف المنشأ والمصادر ج 2 أ. إحسان إلهي ظهير
خاص ألف
2013-07-17
الفصل الثاني
أصْلُ التّصَوّفِ وَاشْتقاقهِ
قبل أن بحث في التصوف ونشأته وتاريخه نريد أن نذكر أصل اشتقاقه, من أين اشتق ؟ وكيف كان اشتقاقه ؟ واختلاف الباحثين فيه والصوفية أنفسهم أيضا , ولقد سئل الشبلي : لم سميت بهذا الاسم ؟ .
فقال : ( هذا الاسم الذي أطلق عليهم اختلف في أصله وفي مصدر اشتقاقه ) [1].
ولا زالوا مختلفين فيه حتى اليوم .
فلقد نقل الطوسي أبو نصر السراج [2] في كتابه الذي يعد أقدم مرجع صوفي , عن صوفي أنه قال :
( كان في الأصل صفوي , فاستثقل ذلك , فقيل : صوفي – وبمثل ذلك نقل عن أبي الحسن الكناد : هو مأخوذ من الصفاء ) [3] .
وينقل الكلاباذي أبو بكر محمد الصوفي المشهور [4] عن الصوفية أقوالا عديدة في أصل هذه الكلمة واشتقاقها , فقال :
قالت طائفة : إنما سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها , ونقاء آثارها . وقال بشر بن الحارث : الصوفي من صفت لله معاملته , فصفت له من الله عز وجل كرامته .
وقال قوم : إنما سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم إليه , وإقبالهم عليه , ووقوفهم بسائرهم بين يديه .
وقال قوم : إنما سموا صوفية لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصفة , الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال قوم : إنما سموا صوفية للبسهم الصوف .
وأما من نسبهم إلى الصفة والصوف فإنه عبّر عن ظاهر أحوالهم , وذلك أنهم قوم قد تركوا الدنيا , فخرجوا عن الأوطان , وهجروا الأخدان , وساحوا في البلاد , وأجاعوا الأكباد , وأعروا الأجساد , لم يأخذوا من الدنيا إلا من الدنيا إلا ما لا يجوز تركه , من ستر عورة , وسد جوعة .
فلخروجهم عن الأوطان سموا غرباء . ولكثرة أسفارهم سموا سياحين .
ومن سياحتهم في البراري وإيوائهم إلى الكهوف عند الضرورات سماهم بعض أهل الديار) شكفتية ) والشكفت بلغتهم : الغار والكهف .
وأهل الشام سموهم ( جوعية ) لأنهم إنما ينالون من الطعام قدر ما يقيم الصلب للضرورة , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ) .
وقال السري السقطي , ووصفهم فقال : أكلهم أكل المرضى , ونومهم نوم الغرقى , وكلامهم كلام الخرقى .
ومن تخيلهم عن الأملاك سموا فقراء .
قيل لبعضهم : من الصوفي ؟ قال : الذي لا يَملك و لا يُملك . يعني لا يسترقه الطمع .
وقال آخر : هو الذي لا يملك شيئا , وإن ملكه بذله .
ومن لبسهم وزيّهم سموا صوفية , لأنهم لم يلبسوا لحظوظ النفس ما لان مسه , وحسن منظره , وإنما لبسوا لستر العورة , فتجزَّوا بالخشن من الشعر , والغليظ من الصوف .
ثم هذه كلها أحوال أهل الصفة , الذين كانوا غرباء فقراء مهاجرين , أخرجوا من ديارهم وأموالهم , ووصفهم أبو هريرة و فضالة بن عبيد فقالا : يخرون من الجوع حتى تحسبهم الأعراب مجانين . وكان لباسهم الصوف , حتى إن كان بعضهم يعرق فيه فيوجد منه رائحة الضأن إذا أصابه المطر .
هذا وصف بعضهم لهم , حتى قال عيينة بن حصن للنبي صلى الله عليه وسلم : إنه ليؤذيني هؤلاء أما يؤذيك ريحهم ؟ .
ثم الصوف لباس الأنبياء , وزي الأولياء .
وقال أبو موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنه مرَّ بالصخرة من الروحاء سبعون نبيا حفاة عليهم العباء يؤمون البيت العتيق ) .
وقال الحسن البصري : كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر , ويأكل من الشجرة , ويبيت حيث أمسى .
وقال أبو موسى : كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف , ويركب الحمار , ويأتي مدعاة الضعيف .
وقال الحسن البصري : لقد أدركت سبعين بدرياً ما كان لباسهم إلا الصوف .
فلما كانت هذه الطائفة بصفة أهل الصفة فيما ذكرنا , ولبسهم وزيهم زي أهلها , سموا صُفية وصوفية .
ومن نسبهم إلى إلى الصفة والصف الأول فإنه عبر عن أسرارهم وبواطنهم , وذلك أن من ترك الدنيا وزهد فيها وأعرض عنها , صفَّى الله سره , ونور قلبه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل النور في القلب انشرح وانفسح ) , قيل : وما علامة ذلك يا رسول الله ؟ قال : ( التجافي عن دار الغرور , و الإنابة إلى دار الخلود , والاستعداد للموت قبل نزوله ) .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من تجافى عن الدنيا نور الله قلبه .
وقال حارثة حين سأله النبي صلى الله عليه وسلم : ما حقيقة إيمانك ؟ قال : عزفت بنفسي عن الدنيا , فأظمأت نهاري , وأسهرت ليلي , وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا , وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون , وإلى أهل النار يتعادون .
فأخبر أنه لما عزف عن الدنيا نور الله قلبه , فكان ما غاب عنه بمنزلة ما يشاهده . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن ينظر إلى عبد نور الله قلبه فلينظر إلى حارثة , فأخبر أنه منوّر القلب .
وسميت هذه الطائفة نورية لهذه الأوصاف .
وهذا أيضا من أوصاف أهل الصفة , قال الله تعالى : { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} .
والتطهر بالظواهر عن الأنجاس , وبالبواطن عن الأهجاس .
وقال الله تعالى : { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } . ثم لصفاء أسرارهم تصدق فراستهم .
قال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) .
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ألقى في روعي أن ذا بطن بنت خارجة , فكان كما قال .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الحق لينطق على لسان عمر ) .
وقال أبو أويس القرني لهرم بن حيان حين سلم عليه : وعليك السلام يا هرم بن حيان , ولم يكن رآه قبل ذلك , ثم قال له : عرف روحي روحك .
وقال أبو عبد الله الأنطاكي : إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق فإنهم جواسيس القلوب يدخلون في أسراركم ويخرجون من هممكم .
ثم من كان بهذه الصفة من صفوة سره وطهارة قلبه ونور صدره فهو في الصف الأول , لأن هذه أوصاف السابقين .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ) ثم وصفهم وقال : ( الذين لا يرقون و لا يسترقون , ولا يكوون ولا يكتوون , وعلى ربهم يتوكلون ) .
فلصفاء أسرارهم , وشرح صدورهم , وضياء قلوبهم : صحت معارفهم بالله , فلم يرجعوا إلى الأسباب ثقة بالله عز وجل , وتوكلا عليه , ورضا بقضائه .
فقد إجتمعت هذه الأوصاف كلها , ومعاني هذه الأسماء كلها في أسامي القوم وألقابهم , وصحت هذه العبارات وقربت هذه المآخذ .
وإن كانت هذه الألفاظ متغيرة في الظاهر , فإن المعاني متفقة لأنها إن أخذت من الصفاء والصفوة كانت صوفية.
وإن أضيفت إلى الصف أو الصفة كانت صَفيّة أو صُفيّة , ويجوز أن يكون تقديم الواو على الفاء في لفظ الصفية أو الصُّفية إنما كانت من تداول الألسن .
وإن جعل مأخذه من الصوف : استقام اللفظ , وصحت العبارة من حيث اللغة .
وجميع المعاني كلها من التخلي عن الدنيا وعزوف النفس عنها وترك الأوطان ولزوم الأسفار , ومنع النفوس حظوظها , وصفاء المعاملات , وصفوة الأسرار , وانشراح الصدور وصفة للسباق .
وقال بندار بن الحسين : الصوفي من اختاره الحق لنفسه فصافاه , وعن نفسه برأه , ولم يرده إلى تعمّل وتكلف بدعوى .
وصوفي على زنة عوفي , أي عافاه الله فعوفي وكوفي , أي كافاه الله فكوفي , وجوزي , أي جازاه الله , ففعل الله به ظاهر في اسمه والله المتفرد به ) [5] .
هذا ما تخبط به الكلاباذي من الخلط والغلط قطع النظر عن ضعف أكثر الروايات التي ساقها وسردها .
ويكتب من الصوفية المتقدمين أبو العباس أحمد بن زروق [6] في كتابه قواعد التصوف : وقد كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف , وأمسى ذلك بالحقيقة خمسة .
الأول : قول من قال : من الصوفة , لأنه مع الله كالصوفة المطروحة لا تدبير له .
الثاني : أنه من صوفة القفا , للينها , فالصوفي هيّن ليّن كهي .
الثالث : أنه من الصفة , إذ جعلته اتصاف بالمحاسن وترك الأوصاف المذمومة .
الرابع : أنه من الصفاء , وصحح هذا القول حتى قال أبو الفتح البستي رحمه الله :
تنازع النــــاس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقا من الصــــوف
ولست أمنح هذا الاســـم غيــــر فتــى صافي فصوفي حتى سمى الصوفي
الخامس : أنه منقول من الصفة لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى : { يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } . وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول فيه )[7] .
وقال أبو نعيم الأصبهاني المتوفى 430هـ في حليته :
أبو نعيم الأصبهاني المتوفى 430هـ في حليته :
واشتقاقة من حيث الحقائق التي أوجبت اللغة فإنه تفعل من أحد أربعة أشياء , من الصوفانة , وهي بقلة رعناء قصيرة , أو من صوفة وهي قبيلة كانت في الدهر الأول تجيز الحاج وتخدم الكعبة , أو من صوفة القفاء وهي الشعرات النابتة في متأخره , أو من الصوف المعروف على ظهور الضأن ) [8] .
وقال مرجحا كونه مأخوذا من الصفاء :
( اشتقاقه عند أهل الإشارات والمنبئين عنه بالعبارات من الصفاء والوفاء ) [9] .
وذهب إلى هذا الرأي فريد الدين العطار المتوفى 586 هـ تقريبا نقلا عن بشر الحافي [10] .
وكذلك الصوفي الهندي الملقب بكنج شكر المتوفى 669 هـ [11] .
ولكن السهروردي الذي فصل القول في هذا يرى رأيا آخر , وهو أنه مشتق من الصوف ولبسه , فإليكم ما قاله في كتاب ( عوارف المعارف ) في الباب السادس تحت عنوان : ذكر تسميتهم بهذا الاسم :
( أخبرنا الشيخ أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر , وقال أخبرني والدي , قال أخبرنا أبو علي الشافعي بمكة حرسها الله تعالى , قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم , قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم , قال : أخبرنا أبو عبد الله المخزومي , قال حدثنا سفيان عن مسلم عن أنس بن مالك , قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة العبد ويركب الحمار ويلبس الصوف , فمن هذا الوجه ذهب قوم إلى أنهم سموا صوفية نسبة لهم إلى ظاهر اللبسة , لأنهم اختاروا لبس الصوف لكونه أرفق ولكونه كان لباس الأنبياء عليهم السلام .
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مر بالصخرة من الروحاء سبعون نبيا حفاة عليهم العباء يؤمون البيت الحرام ) .
وقيل : إن عيسى عليه السلام كان يلبس الصوف والشعر , ويأكل من الشجر ويبيت حيث أمسى .
وقال الحسن البصري رضي الله عنه : لقد أدركت سبعين بدريا كان لباسهم الصوف , ووصفهم أبو هريرة وفضالة بن عبيد فقالا : كانوا يخرون من الجوع حتى يحسبهم الأعراب مجانين , وكان لباسهم الصوف حتى إن بعضهم كان يعرق في ثوبه فيوجد منه رائحة الضأن إذا أصابه الغيث . وقال بعضهم : إنه ليؤذيني ريح هؤلاء , أما يؤذيك ريحهم يا رسول الله صلى عليه وسلم بذلك , فكان اختيارهم للبس الصوف لتركهم زينة الدنيا , وقناعتهم بسد الجوعة وستر العورة , واستغراقهم في أمر الآخرة , فلم يتفرغوا لملاذ النفوس وراحاتها , لشدة شغلهم بخدمة مولاهم , وانصراف هممهم إلى أمر الآخرة , وهذا الاختيار يلائم ويناسب من حيث الاشتقاق , لأنه يقال ( تصوف ) إذا لبس الصوف , كما يقال ( تقمص ) إذا لبس القميص .
ولما كان حالهم بين سير وطير لتقلبهم في الأحوال وارتقائهم من عال إلى أعلى منه , لا يفيدهم وصف ولا يحسبهم نعت , وأبواب المزيد علماً وحالاً عليهم مفتوحة , وبواطنهم معدن الحقائق ومجمع العلوم , فلما تعذر تقيدهم لتنوع وجدانهم وتجنس مزيدهم , نسبوا إلى ظاهر اللبسة . وكان ذلك أبين في الأشارة إليهم , وأدعى إلى حصر وصفهم , لأن لبس الصوف كان غالبا على المتقدمين من سلفهم , وأيضا لأن حالهم حال المقربين كما سبق ذكره , ولما كان الإعتزاء إلى القرب وعظم الإشارة إلى قرب الله تعالى أمر صعب يعز كشفه والإشارة إليه .. وقعت الإشارة إلى زيهم سترا لحالهم وغيرة على عزيز مقامهم أن تكثر الإشارة إليه وتتداوله الألسنة , فكان هذا أقرب إلى الأدب , والأدب في الظاهر والباطن والقول والفعل عماد أهل الصوفية .
وفيه معنى آخر : وهو أن نسبتهم إلى اللبسة تنبئ عن تقللهم من الدنيا وزهدهم فيما تدعو النفس إليه بالهوى من الملبوس الناعم , حتى إن المبتدئ المريد الذي يؤثر طريقهم ويحب الدخول في أمرهم يوطن نفسه على التقشف والتقلل , ويعلم أن المأكول أيضا من جنس الملبوس فيدخل في طريقهم على بصيرة , وهذا أمر مفهوم معلوم عند المبتدئ , والإشارة إلى شيء من حالهم في تسميتهم بهذا أنفع وأولى , وأيضا غير هذا المعنى مما يقال إنهم سموا صوفية لذلك يتضمن دعوى وإذا قيل سموا صوفية للبسهم الصوف كان أبعد من الدعوى , وكل ما كان أبعد من الدعوى كان أليق بحالهم , وأيضا لأن لبس الصوف حكم ظاهر على الظاهر من أمرهم , ونسبتهم من أمر آخر من حال أو مقام أمر باطن , والحكم بالظاهر أوفق وأولى , فالقول بأنهم سموا صوفية للبسهم الصوف أليق وأقرب إلى التواضع , ويقرب أن يقال : لما أثاروا الذبول والخمول والتواضع والإنكار والتخفي والتواري , كانوا كالخرقة الملقاة والصوفية المرمية التي لا يرغب فيها ولا يلتفت إليها , فيقال ( صوفي ) نسبة إلى الصوفة , كما يقال ( كوفي ) نسبة إلى الكوفة , وهذا ما ذكره بعض أهل العلم , والمعنى المقصود به قريب ويلائم الإشتقاق , ولم يزل لبس الصوف اختيار الصالحين والزهاد والمنشقين والعباد .
أخبرنا أبو زرعة طاهر عن أبيه , قال أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم , قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد , قال حدثنا أبو علي بن إسماعيل بن محمد , قال حدثنا الحسن بن عرفة , قال حدثنا خلف بن خليفة عن حميد بن الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود رضي الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم كلم الله تعالى موسى عليه السلام كان عليه جبة صوف وسراويل صوف وكمه من صوف ونعلاه من جلد حمار غير مذكى .
وقيل : سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم وإقبالهم على الله تعالى بقلوبهم ووقوفهم بسرائرهم بين يديه . وقيل : كان هذا الاسم في الأصل صفوي , فاستثقل ذلك وجعل صوفيا . وقيل سموا صوفية نسبة إلى الصفة التي كانت لفقراء المهاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذين قال الله تعالى فيهم { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض } الآية , وهذا وإن كان لا يستقيم من حيث الاشتقاق اللغوي ولكنه صحيح من حيث المعنى , لأن الصوفية يشاكل حالهم حال أولئك لكونهم مجتمعين متآلفين متصاحبين لله وفي الله , كأصحاب الصفة , وكانوا نحوا من أربعمائة رجل لم تكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر , جمعوا أنفسهم في المسجد كاجتماع الصوفية قديما وحديثا في الزوايا والربط , وكانوا لا يرجعون إلى زرع ولا ضرع ولا إلى تجارة , كانوا يحتطبون ويرضخون النوى بالنهار , وبالليل يشتغلون بالعبادة وتعلم القرآن ( تلاوته ) وكان رسول الله صلى اله عليه وسلم يواسيهم ويحث الناس على مواساتهم ويجلس معهم ويأكل معهم , وفيهم نزل قوله تعالى : { وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } وقوله تعالى : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ } ونزل في ابن مكتوم قوله تعالى : { عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)أَن جَاءهُ الْأَعْمَى } وكان من أهل الصفة , فعوقب النبي صلى الله عليه وسلم لأجلة , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صافحهم لا ينزع يده من أيدهم , وكان يفرقهم على أهل الجدة والسعة يبعث مع كل واحد ثلاثة ومع الآخر أربعة , وكان سعد بن معاذ يحمل إلى بيته منهم ثمانين يطعمهم .
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : لقد رأيت سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب واحد , منهم من لايبلغ ركبتيه , فإذا ركع أحدهم قبض بيديه مخافة أن تبدو عورته . وقال بعض أهل الصفة : جئنا جماعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلنا يا رسول الله أحرق بطوننا التمر فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر ثم قال : ما بال أقوام يقولون أحرق بطوننا التمر , أما علمتم أن هذا التمر هو طعام أهل المدينة وقد واسونا به وواسيناكم مما واسونا به , والذي نفس محمد بيده إن منذ شهرين لم يرتفع من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخان للخبز , وليس لهم إلا الأسودان الماء والتمر .
أخبرنا الشيخ أبو الفتوح محمد بن عبد الباقي في كتابه , قال : أخبرنا الشيخ أبو بكر بن زكريا الطريثيثي قال أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي , قال حدثنا محمد بن محمد ابن سعيد الأنماطي , قال حدثنا الحسن بن يحى بن سلام , قال حدثنا محمد ابن علي الترمذي , قال حدثني سعيد بن حاتم البلخي , قال حدثنا سهل بن أسلم عن خلاد بن محمد عن أبي عبد الرحمن السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على أهل الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم فقال ( أبشروا يا أصحاب الصفة فمن بقي منكم على النعت الذي أنتم عليه اليوم راضيا بما هو فيه فإنه من رفقائي يوم القيامة ) .
وقيل : كان منهم طائفة بخراسان يأوون إلى الكهوف والمغارات ولا يسكنون القرى والمدى , ويسمونهم في خراسان شكفتية , ( لأن شكفت) اسم الغار , ينسبونهم إلى المأوى والمستقر وأهل الشام يسمونهم جوعية , والله تعالى ذكر في القرآن طوائف الخير والصلاح فسمى قوما أبرارا وآخرين مقربين , ومنهم الصابرون والصادقون , والذاكرون , والمحبون , واسم الصوفي مشتمل على جميع المتفرق في هذه الأسماء المذكورة , وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقيل كان في زمن التابعين .
ونقل عن الحسن البصري رحمة الل عليه أنه قال : رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال معي أربع دوانيق يكفيني ما معي ويشيد هذا ما روى عن سفيان أنه قال لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء . وهذا يدل على أن هذا الاسم كان يعرف قديما وقيل لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية ) [12] .
فهل هناك تعارض وتناقض أكثر من ذلك ؟.
ورجح الرأي الأخير أبو المفاخر يحيى الباخرزي [13] .
ونجم الدين كبرى[14] رجح كون كلمة التصوف مشتقة من الصوف , وأضاف ( بأن أول من لبس الصوف آدم وحواء , لأنهما أول ما نزلا في الدنيا كانا عريانين , فنزل جبريل بالخروف فأخذا منه الصوف , فغزلت حواء ونسجه آدم ولبساه , وكذلك موسى عليه السلام لبس الصوف , وأن يحيى وزكريا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أيضا كانوا يلبسون الصوف .
ونسبة الصوفي إلى الصوف , وإذا ألبس الصوف طلب من نفسه حقه , لأن الصوف مركب من الأحرف الثلاثة : الصاد , والواو , والفاء , فيطلب من الصاد العبر والصلابة والصدق والصلاة , ويطلب من الواو الوفاء والوجد , وبالفاء الفرج والفرح ) [15] .
ومن الطرائف أن نجم الدين كبرى هذا زاد على الآخرين حيث بين ألوان الصوف الذي يلبسه الصوفية على اختلاف أوصافهم وأحوالهم فقال :
( إن الذي قهر نفسه وقتلها بسيف المجاهدة والمكابدة , وجلس في مآتم النفس , عليه أن يلبس الصوف الأسود , وإن كان تائبا عن المخالفات وغسل ملبوس عمره بصابون الإنابة والرياضة . ونقى صحيفة قلبه عن ذكر الغير فعليه الصوف الأبيض , وإن كان من الذين اجتازوا العالم السفلي , ووصل العالم العلوي بهمته فعليه أن يلبس الصوف الأزرق , لأنه لون السماء ) [16] .
ويترشح أيضا من كلام أبي طالب المكي [17] في قوته بأنه أيضا من الذين يرحجون اشتقاقه من الصوف , حيث يورد رواية مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( البسوا الصوف , وشمروا , وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماء ) [18] .
ولكن القشيري أبا القاسم عبد الكريم [19] رد على هذا الرأي وذاك , حيث قال في رسالته :
( فأما قول من قال : إنه من الصوف , ولهذا يقال : تصوّف إذا لبس الصوف كما يقال : تقمص إذا لبس القميص , فذلك وجه . ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف .
ومن قال : أنهم منسوبون إلى صفة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فالنسبة إلى الصفة لا تجيء على نحو الصوفي .
ومن قال : أنه مشتق من الصفاء , فاشتقاق الصوفي من الصفاء بعيد في مقتضى اللغة .
ومن قال : أنه مشتق من الصف , فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم فالمعنى صحيح , ولكن اللغة لا تقتضي هذه النسبة إلى الصف ) [20] .
وأما الصوفي الفارسي عبد الرحمن الجامي المتوفى 898 هـ فلقد ذكر في نفحاته أنه مأخوذ من الأستصفاء , مستدلا بكلام الصوفي المشهور عبد الله بن خفيف أنه قال : الصوفي من استصفاه الحق لنفسه توددا ) [21] .
وقريبا من ذلك قال قبله صوفي فارسي آخر , وهو عبد العزيز بن محمد النسفي : إن التصوف مأخوذ من الصفوة [22] .
ولقد ذكر في أصل التصوف واشتقاقه أقوال أخرى , منها ما ذكرها الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي , والإمام ابن تيمية , عند ذكرهما التصوف والصوفية , واللفظ الأول :
( قد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة . وإنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة على ما ذكرنا من صفة صوفة في الإنقطاع إلى الله عز وجل وملازمة الفقر فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل أهل الصفة . والحديث بإسناد عن الحسن . قال بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم فيقول : السلام عليكم يا أهل الصفة . فيقولون : وعليك السلام يا رسول الله . فيقول كيف أصبحتم . فيقولون بخير يا رسول الله . وبإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقى من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه فنتعشى فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . ناموا في المسجد .
قال المصنف : وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة . وإنما أكلوا الصدقة ضرورة . فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا , ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي , وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة . فنسبوا إليها لاجتزائهم بنبات الصحراء وهذه أيضا غلط لأنه لو نسبوا أليها لقيل صوفاني . وقال آخرون هو منسوب إلى صوفة القفا . وهي الشهرات النابتة في مؤخرة كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرفه عن الخلق ) [23] .
وقيل : أن أصل التصوف منسوب إلى صوفة , فيقول ابن الجوزي :
قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ : قال : سألت وليد بن القاسم : إلى أي شيء ينسب الصوفي .
فقال : كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة , انقطعوا إلى الله عز وجل , وقنطوا الكعبة , فمن تشبه بهم فهم الصوفية , قال عبد الغني : فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بن مر بن أخي تميم بن مر ) [24] .
وبمثل ذلك ذكره أهل اللغة والمعاجم [25] .
وهناك البعض الآخرون من المتقدمين والحديثين أدلوا بدلوهم , وأبدوا رأيهم في هذا , فمن المتقدمين البيروني أبو الريحان المتوفى سنة 440 هـ , الذي نسب التصوف إلى سوفيا اليونانية , معناها الحكمة , فلقد لخص كلامه صادق نشأت نقلا عن كتابه ( ذكر ما للهند من مقولة مقبولة أو مرذولة ) , وهذا نصه :
( إن قدماء اليونان أي الحكماء السبعة مثل سولن الأثيني وطاليس المالطي كانوا يعتقدون قبل تهذيب الفلسفة بعقيدة الهنود , بأن الأشياء إنما هي شيء واحد وكانوا يقولون ليس للأنسان فضل على الجماد والنبات إلا بسبب القرب إلى العلة الأولية في الرتبة , وكان بعضهم يعتقد أن الوجود الحقيقي هو العلة الأولى نفسها لأنها غنية بذاتها وما سواها محتاج في الوجود إلى الغير فوجودها في حكم الخيال والحق هو الواحد الأول فقط , ويقول في أعقاب هذا التفصيل . وهذا رأي السوفية وهم الحكماء , فإن ( سوف ) باليونانية ( الحكمة ) وبها سمي الفيلسوف ( بيلا سوبا ) أي محب الحكمة , ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سموا باسمهم , ولم يعرف بعضهم اللقب فنسبهم للتوكل إلى الصفة وأنهم أصحابها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم , ثم صحف بعد ذلك فصير في صوف التيوس وعدل أبو الفتح البستي عن ذلك أحسن عدول في قوله :
تنازع الناس في الصوفي واختلوا قـدما وظنوه مشتـــقا من الصوفي
ولســـــت أنحل هذا الاسـم غير فتى صافي فصوفي حتى لقب الصوفي
وكذلك ذهبوا إلى أن الموجود شيء واحد وأن العلة الأولى تتراءى فيه بصور مختلفة وتحل قوتها في أبعاضه بأحوال متباينة توجب التغاير مع الاتحاد , فكان فيهم من يقول أن المنصرف بكليته إلى العلة الأولى متشبها بها على غاية إمكانه يتحد بها عند ترك الوسائل وخلع العلائق والعوائق وهذه أراء يذهب إليها الصوفية لتشابه الموضوع وكانوا في ألأنفس والأرواح أنها قائمة بذواتها قبل التجسد بالأبدان معدودة مجندة تتعارف وتتناكر ) [26] .
وبهذا القول قال فون هامر المستشرق الألماني , وعبد العزيز إسلامبولي , ومحمد لطفي جمعه من الحديثين [27] .
بسبب المشابهة الصوتية بين كلمة ( صوفي ) والكلمة اليونانية ( صوفيا ) , وكذلك لوجه الشبه الموجود بين كلمة ( تصوف ) , ( تيوصوفيا ) , وأن كلمتي صوفي وتصوف أخذتا من الكلمتين اليونانيتين ( سوفيا ) و (وتيوسوفيا ) إلا أن نولدكه أثبت خطأ هذا الزعم كما كما أيده في ذلك نيكلسون , وما سينيون , وبالاضافة إلى البراهين القوية الأخرى التي أقامها نولدكه , فإنه يدلل على أن ( س) اليونانية نقلت إلى العربية كما هي سينا , لا صادا كما أنه لا يوجد في اللغة الآرامية كلمة تعد واسطة لانتقال سوفيا إلى الصوفي )[28] .
فهذا هو الاختلاف الواقع في أصل لفظة التصوف واشتقاقها , ولذلك اضطر الصوفي القديم علىّ الهجويري المتوفى سنة 465 هـ إلى أن يقول :
( إن اشتقاق هذا الاسم لا يصح من مقتضى اللغة في أي معنى , لأن هذا الاسم أعظم من أن يكون له جنس ليشتق منه ) [29] .
وبمثل ذلك قال القشيري في رسالته :
( ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق ) [30] .
كما أنه مما لاشك فيه أنه لا يصح ولا يستقيم اشتقاقه من حيث اللغة إلا من الصوف , ولو أنه هو اختيار الكثيرين من الصوفية وغيرهم كالطوسي , وأبي طالب المكي , والسهروردي وأبي المفاخر يحيى باخرزي , وابن تيمية , وابن خلدون من المتقدمين .
والاستاذ مصطفى عبد الرزاق , والدكتور زكي مبارك , والدكتور عبد الحليم محمود , والدكتور قاسم غني , ومن المستشرقين مرجليوس , ونيكلسون , وماسينيون , ونولدكه وغيرهم من المتأخرين , مع انكار ذلك من أعلام الصوفية وأقطابها كما مر سابقا .
ومن الطرائف أن الدكتور زكي مبارك استشهد القشيرية على ردّ من جعل اشتقاق التصوف من الصفاء بالقشيري , واستند إلى قوله قائلا :
( وقد استبعد ذلك القشيري وهو من أقطاب الصوفية ) [31] .
مع أنه هو نفسه يورد بعد أسطر من هذا الإستشهاد والاستناد رأيه في الموضوع بأن التصوف مأخوذ من الصوف , مع أن القشيري ردّ على هذا كما ردّ على ذلك .
وأطرف من ذلك أن السراج الطوسي من متقدمي الصوفية هو الآخر من يرجح نسبة التصوف إلى الصوف كما مر سابقا , ولكنه نفسه يرد كلامه حيث يذكر عن يحيى بن معاذ الرازي أنه كان يلبس الصوف والخلقان في ابتداء أمره , ثم كان في آخر عمره يلبس الخز اللين ... وأن أبا حفص النيسابوري كان يلبس قميصا خزا وثيابا فاخره , ثم ذكر : وآداب الفقراء في اللباس أن يكونوا مع الوقت إذا وجدوا الصوف أو اللبدة أو المرقعة لبسوا , وإذا وجدوا غير ذلك لبسوا ( [32] .
هذا ومثل هذا كثير في كتب الآخرين من الصوفية المتقدمين منهم والمتأخرين . ولا بأس بنقل عبارات مختصرة عن مصطفى عبد الرزاق حيث يقول :
أما أصل هذا التعبير فالأقاويل فيه كثيرة :
فمن مرجح أنه لفظ جامد غير مشتق كالقشيري .
ومن قائل : أنه مشتق من الصفاء أو الصفو .
ومن قائل : أن اللفظ مأخوذ من الصوف لأن لباس الصوف كان يكثر في الزهاد .
وقال قائلون : إن الصوفية نسبة إلى الصفة التي ينسب إليها كثير من الصحابة .... لكن النسبة إلى الصفة لا تجيء على الصوفي , بل على الصفي .
وثم أقوال ضعيفة أخرى , كالقول بأن الصوفي نسبة إلى الصف الأول , لأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث المحاضرة والمناجاة .
وكالقول بأنهم منسوبون إلى صوفة القفا .
أو منسوبون إلى صوفة بن مروان .
وأرجح الأقوال وأقربها إلى العقل مذهب القائلين بأن الصوفي نسبة إلى الصوف , وأن المتصوف مأخوذ منه أيضا , فيقال : تصوف إذا لبس الصوف ) .
وأظن أن هذا الذي أوقع أحد الكتاب في التصوف في بحار الحيرة , وجعله مضطرا إلى أن يردد بعد ملاحظة هذه الاختلافات الكثيرة في أصل كلمة التصوف واشتقاقها , ونقل أقوالهم فيه.
( هذا معناه أن الصوفية يوصدون الباب حتى أمام من يسألهم عن معنى اسمهم .. وهذا دليل على أمر من أمور ثلاثة , وأما أن التصوف سر , وأما أنه أمر خلافي بحت , وأما أنه متعدد الجوانب كالفن الغني , وسوف نترك للقارئ أن يجد الجواب بنفسه ) .
نهاية الجزء الثاني
ــ ألف ــ / خاص ألف /
يتبع ....
[1] ( أبحاث في التصوف ) للدكتور عبد الحليم محمود , المدرجة في مجموعة مؤلفاته ص 55 ط دار الكتاب اللبناني الطبعة الأولى 1979 م . هو أبو بكر محمد الكلاباذي الملقب بتاج الإسلام قيل في شأن كتابه ( التعرف ) : لولا التعرف لما عرف التصوف ( مقدمة كتابه ) .
[2] هو أبو النصر عبد الله بن علي السراج الطوسي الملقب بطاووس الفقراء , توفي في رجب سنة 378 هـ .
[3] انظر ( كتاب اللمع ) ص 46 بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود طه عبد الباقي سرور ط دار الكتب الحديثة بمصر 1960 م .
[4] هو أبو بكر محمد الكلاباذي الملقب بتاج الإسلام قيل في شأن كتابه ( التعرف ) : لولا التعرف لما عرف التصوف ( مقدمة كتابه ) .
[5] ( التعرف لمذهب التصوف ) للكلاباذي ص 28 – 34 تحقيق محمود أمين النواوي الطبعة الثالثة 1400 هـ مكتبة الكليات الأزهرية . القاهرة .
[6] هو أبو العباس أحمد بن محمد بن زروق : علم من أعلام الصوفية , وإمام من أئمة أهل الحقيقة ( أنظر الصفحة الفوقانية لكتاب قواعد التصوف ) .
[7] ( قواعد التصوف ) لابن زروق الطبعة الثانية ص 293 ط 1396 هـ مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة , أيضا ( لطائف المنن ) لابن عطاء الله الأسكندري ط مطبعة حسان مصر , أيضا ( الدر الثمين , والمورد المعين ) لمحمد بن أحمد المالكي ج 2 ص 169 مصطفى البابي الحلبي 1954 م . أيضا ( إيقاظ الهمم في شرح الحكم ) لأحمد بن عجيبة الحسني ط مصطفى البابي الطبعة الثالثة 1982 م .
[8] ( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ) للأصبهاني ج 1 ص 17 ط دار الكتاب العربي ببيروت الطبعة الثالثة 1400 هـ .
[9] نفس المصدر .
[10] ( تذكرة الأولياء) للعطار ص 68 ط باكستان .
[11] أنظر ( أسرار الأولياء ) ص 129 ط باكستان الطبعة الثالثة 1983 م .
[12] ( عوارف المعارف ) للسهروردي عبد القاهر بن عبد الله ص 59 إلى 63 ط دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الثانية 1403 هـ .
[13] انظر لذلك كتاب ( أوراد الأحباب وفصوص الآداب ) لأبي المفاخر يحيى الباخرزي المتوفى 736 هـ ج 2 ص 14 باهتمام أفشار ط ز طهران 1966 م .
[14] هو أبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله خوارزمي المشهور بنجم الدين كبرى الملقب بالطامة الكبرى المتوفى 618 هـ وله مؤلفات كثيرة في اللغة الفارسية واللغة العربية .
[15] ( آداب الصوفية ) لنجم الدين كبرى ( فارسي ) ص 28 ط كتاب فرشي زوار هجري قمري إيران .
[16] نفس المصدر .
[17] هو أبو طالب محمد بن أبي الحسن علي بن عباس المكي , قيل فيه : هو شيخ الصوفية وأهل السنة , المتبحر في التفسير وغيره من أهل العلم وله تفسير كبير , وكتابه ( قوت القلوب ) كتاب جليل ( الصفحة الأولى من كتابه ) توفي سنة 386 هـ ببغداد .
[18] ( قوت القلوب ) لأبي طالب المكي ج 2 ص 167 ط المطبعة الميمنية مصر 1310 هـ .
[19] هو أبو القاسم عبد الكريم القشيري النيسابوري الشافعي قيل فيه : هو الإمام مطلقا , الفقيه , المتكلم , الأصولي , المفسر , الأديب ... لسان عصره , وسر الله في خلقه , مدار الحقيقة , وعين السعادة , وقطب السيادة , من جمع بين الشريعة والحقيقة ( مقدمة كتاب الرسالة القشيرية ص 15 ), وقال عنه أبو الحسن الباخرزي : لو ارتبط إبليس في مجلسه لتاب ( دمية القصر ) , توفي سنة 465 هـ.
[20] الرسالة القشيرية لأبي القاسم عبد الكريم القشيري ج 2 ص 550 ط مطبعة حسان القاهرة 1974 .
[21] نفحات الأنس ( الفارسي ) للجامي ص 12 إيران 1337 هجري شمسي .
[22] كشف الحقائق لعبد العزيز النسفي بتحقيق وتعليق الدكتور أحمد مهدوي ص 120 ط طهران 1359 هجري قمري .
[23] تلبيس ابليس لابن الجوزي المتوفى 597 ص 157 دار القلم بيروت , أيضا الصوفية والفقراء لشيخ الإسلام ابن تيمية ط دار الفتح القاهرة 1984 م , أيضا تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني ترجمة عربية صادق نشأت ص 60 , 61 ط مكتبة النهضة المصرية .
[24] تلبيس ابليس لابن الجوزي الباب العاشر ص 156 .
[25] انظر لسان العرب لابن منظور الأفريقي ج 9 ص 200 ط دار صادر بيروت , والقاموس المحيط للفيروز آبادي ج 3 ص 169 ط مصطفى البابي الحلبي , أيضا أساس البلاغة للزمخشري ص 262 ط احياء المعاجم العربية القاهرة .
[26] الكتاب المذكور ص 16 ط ليبزك نقلا عن تاريخ التصوف في الإسلام ترجمة عربية لصادق نشأت ص 67 , 68 .
[27] انظر التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق لزكي مبارك ج 1 ص 51 ط دار الجيل لبنان , أيضا أبحاث في التصوف للدكتور عبد الحليم محمود ص 153 .
[28] انظر تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني ترجمة عربية ص 67 , 68 .
[29] كشف المحجوب للهجويري ترجمة عربية دكتورة أسعاد عبد الهادي قنديل ص 230 ط دار النهضة العربية بيروت 1980 م .
[30] الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري ج2 ص 550 دار الكتب الحديثة القاهرة .
[31] التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق للدكتور زكي مبارك ج1 ص51 .
[32] انظر اللمع للطوسي ص 249 .
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |