ولكن لماذا الحسين الآن؟
خاص ألف
2013-07-28
قد يبدو السؤال ساذجا, ولكنه ليس بالساذج. لماذا الحسين, ولماذا تنسكب الأرطال من دماء اللاطمين من الشيعة أسفا على التفريط به في كربلاء, ولماذا يذبح الآلاف من "الخصوم" السنة "أحفاد الأمويين"تكفيرا عن قتلهم الحسين؟, ولماذا هذا العداء غير المفهوم للشاميين لأنهم من قتل الحسين؟
اليهود قالوا لهيرود عند الحكم على المسيح بالصلب: دمه على رؤوسنا ورؤوس أبنائنا حتى يوم الدين, وهكذا رأينا كيف اعترف جيل الآباء من الفريسيين والصدوقيين بمسؤوليتهم عن صلب المسيح حسب النظريتين المسيحية واليهودية, ومع ذلك, فقد أطلقت المسيحية بكبرى طوائفها, وأعني الكاثوليكية ممثلة بالفاتيكان والبابا نداءها الشهير بتبرئة اليهود المعاصرين من دم اليهود!!وفي هذه التبرئة في رأيي الكثير من الشجاعة والعدل, فما ذنب الأبناء فيما ارتكب الآباء, وأنا أعرف أن كثيرامن المسيّسين العرب والمسلمين لم تعجبهم هذه التبرئة لأسباب سياسية محضة نظرا للاشتباك الحربي والسياسي مع دولة اليهود الغربيين" الأشكناز" في فلسطين رغم أن النظرية الإسلامية حول هذه القضية بالتحديد لاتدين اليهود بجريمة صلب المسيح, فالمسلمون لايعتقدون بأنه صلب, بل شبه لمعاصريه أنه صلب, أما المسيح عيسى بن مريم, فقد رفعه الله إلى السماء.
على الجانب الآخر من التاريخ أعني على الجانب الإسلامي, هناك رجل طالب بأحقيته بالعرش الإسلامي, وقد وافقه على هذا الطلب مجموعة, ولنقل كبيرة, من أهل العراق, فتحرك في جمع من أهل المدينة والحجاز إلى العراق العربي للقاء أنصاره الذين وعدوه بمناصرته حتى استعادة عرش أبيه!
الرجال الذين رافقوه من الحجاز إلى العراق يقال إن عددهم لم يتجاوز الثمانين رجلا, أما العراقيون الذين دعوه لنصرته, فكانوا بالآلاف, ولكنهم تخلوا عنه, وتركوه لقدره يتوقعون عودته إلى الحجاز, وانتظار فرصة أخرى يقومون فيها بالثورة بعد ابتعاد الجيوش الأموية عن العراق, وكان هذا هو الأمر المنطقي, ولكنه لو فعل هذا لما ذكره التاريخ, ولما تسبب مقتله بالانشقاق الكبير الذي سببه للإسلام بين الفصيلين الأكبر بين المسلمين, ولما تحولت دمشق والشام ككل إلى العدو الأكبر للشيعة ينامون ويفيقون على لعنها, والتوعد بالانتقام منها لما ارتكب الأمويون في حق سبط الرسول "الحسين" عليه السلام.
ولكن دعونا لانخضع للبروباغنده التاريخية التي مورست على الإسلام والمسلمين لأربعة عشر قرنا, ولنقرأ ماجرى بمنطقية تقرأ التاريخ قراءة غير متأثرة بالبروباغانده, التي ربما تحولت إلى فعل, وفعل مشؤوم سيستهلك الآلاف من الضحايا, وربما عشرات الآلاف من الفقراء والبسطاء الذين لم يفكروا يوما بقتل ذبابة, وربما تحولت هذه البروباغنده إلى مجزرة, ربما للمرة العاشرة تنتقم من قاتلي الحسين, ومن هم هؤلاءالمسمون بالقتلة, والذين سيكونون ضحايا للانتقام ؟ إنهم البسطاء من الباعة والسائقين وصغار الكسبة المولودين على غير اختيار منهم في دمشق .
"قراءة الحدث واقعيا"
في العام 1939كانت سوريا خاضعة للاحتلال الفرنسي, ولكنها بعد بضعة شهور فقط من ابتداء الحرب ستقع هي نفسها, أي فرنسة, ضحية للاحتلال الألماني, وستقوم فيها حكومة موالية للاحتلال بقيادة مارشال فرنسة "بيتان", وسينشق عن هذه الحكومة, وعن القيادة الفرنسية الموالية لبيتان ضابط فرنسي كان أكثر ما يميزه طوله المبالغ فيه هو "شارل ديغول", وهكذا انشق الجيش الفرنسي إلى جيشين, والشعب الفرنسي إلى شعبين, وفرنسة كلها إلى فرنستين, فرنسة فيشي التابعة لبيتان, وفرنسة الحرة بقيادة ديغول في المنفى.
فرنسة المأزومة بالاحتلال, وبهروب الجيش البريطاني منها متخليا عن معظم سلاحه الثقيل, تاركا فرنسة لقدرها, مصمما على الدفاع عن الجزر البريطانية, الحصن الأوربي الذي لم يخضع للنازية, هذا التخلي الأوربي عن فرنسة جعل الكثيرين من الفرنسيين يلتفون حول رمز المقاومة في المنفى, الأمر الذي شق الفرنسيين في سورية إلى حزبين متعاديين.
والآن ...لنفترض أن الجنرال ديغول أثناء وجوده في سورية, وأثناء قيامه بجولة في سورية, في الرقة مثلا, لنفترض أن متحمسا من جماعة بيتان قد علم بجولة ديغول, فخرج من قطعته العسكرية في دمشق, ومضى إلى الرقة سرا, وهناك ...استطاع اغتيال ديغول, وهذا أمر غير مقبول, ولكن لنفترض أنه حدث .
ولنراجع السيناريو الأسود الآن ...القاتل خرج من دمشق, فهل ندمر دمشق, ونحاسب بسطاءها على جريمة قتل الأيقونة ديغول.
الثورة الفرنسية على النازية فشلت بمقتل ديغول في الرقة على يد جندي فرنسي خرج من دمشق لارتكاب فعلته, فهل يجب على الفرنسيين, وهل يجوز لهم أن يعاقبوا دمشق جيلا بعد جيل على ارتكاب هذه الجريمة, وهل يحق لأنصار ديغول في سوريا أن يستجدوا من كل غاز لسورية الإنتقام من أهل الشام قتلة الحسين عفواأعني ديغول؟
من المعروف أن سورية كانت لدى الغزوة الصليبية لسورية.يغلب التدين بالمسيحية على سكانها والذين ربما تجاوزت نسبتهم الخمسين بالمئة من السكان, فلم يكن الأمويون مبشرين, ولاقاسرين للمسيحيين على الإسلام, فحين وصل عمر بن عبد العزيز إلى الحكم وجد أن من سبقه من الخلفاء لم يقسروا المسيحيين على الإسلام, فلما تساءل عن السبب اكتشف أن الخلفاء الأمويين كانوا يفضلون لهم أن يظلوا مسيحيين, ويدفعوا الجزية على أن يسلموا ويمتنعوا عن دفع الجزية, فأبطل القانون الذي لايرفع الجزية عمّن يسلم من مسيحيي الشام, وقال كلمته الشهيرة: إنما بعث محمد هاديا, لاجابيا. ولما كان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لم يفرض الجزية على المسيحيين من القبائل العربية قائلا : هؤلاء أبناء عمنا من العرب,وسيسلمون يوما, فقد ظلت الكثرة الكاثرة من مسيحيي الشام على مسيحيتهم, وربما كان الأمر سيستمرعلى ذلك لولم يهاجم الصليبيون الشام في القرن الحادي عشرالميلادي, فيكتشف الحكام من التركمان المسلمين أن المسيحية لم تعد دينا يدين به" أبناء العم"بل ربما أصبح دين" الأعداء من الغزاة الصليبيين", وهكذا بد ات رحلة أسلمة المسيحيين من السوريين لنرى نسبتهم على ما هي عليه الآنعلى أية حال, ففي العام680مبلادية أي سنة استشهاد الحسين عليه السلام كان سكان سورية ودمشق تحديدا يدينون بالمسيحية بنسبة تصل إلى ما يقارب التسعين بالمئة حسب المؤرخ الكبير فيليب حتي, وكان العامة من الشعب يتكلمون بالآرامية, أما الأرستقراطية والبيروقراطية المالية والإدارية , فكانوا يتحدثون باليونانية .
وكما يحدث في كل البلاد المشابهة للحالة الشامية, فقد خالط الأمويون من الحكام, وتحالفوا, مع سكان الأرياف والبداة من المسيحيين العرب, أما سكان المدن ممن اعتادوا تغير الدول, فهم قد تعايشوا خلال الأعوام من 614م وحتى العام 636م سنة الفتح العربي للشام ثلاثة فاتحين, بدءا من الفرس 614م, ثم عودا للروم بعد طرد الفرس العام 625م, ووصولاإلى العرب المسلمين في العام 636, واعتادوا بالتالي على جعل العلاقة مع المحتل محايدة دون عواطف من حب أو كراهية, وربما كان واحدا من الأسباب التي جعلت الدمشقيين يكرهون الروم البيزنطيين ويفضلون العرب الحجازيين عليهم, ويتعاونون مع العرب على التخلص من الروم أن القائد البيزنطي المنتصر على الفرس طلب من سرجون بن منصور"وهو رجل يقارب منصبه في أيامنا وزير المالية أوحاكم دمشق"أن يدفع له خراج العام الفائت, ولما كان سرجون قد دفع الخراج للقائد الفارسي قبل رحيله, وقبل وصول الروم منتصرين, فقد اعتذر للرومي وأراه الإيصالات الفارسية, ولكن البيزنطي رفض الاعتراف بالإيصالات الفارسية, وأصر على الدفع, فاضطر الوزير سرجون إلى جمع المبلغ ثانية من الدمشقيين الأمر الذي جعلهم يلعنون بيزنطة والبيزنطيين, ويلعنون الحظ العاثر الذي وضع بلادهم بين وحشين لايشبعان, ولما وصل الفاتحون العرب إلى دمشق فاتحين, ثم وصل الجيش البيزنطي إلى حمص في جيش كبيرلطردهم, فانسحب الفاتح العربي من مدينة دمشق في انتظار المدد لما رأى أن عدد جيشه لايكفي للنصر, فبعدد جيشه ذاك لايستطيع الصمود للرومي, فأعاد لسرجون الجزية التي استلمها منه, وانسحب إلى اليرموك في انتظار المدد من المدينة المنورة, ولما وصل البيزنطي إلى دمشق طالب سرجون بخراج العام القادم لدفع نفقات الجيش, فذكر سرجون فعلة الحجازي وفعلة البيزنطي, فكان في هذه المقارنة حسم الموقف عند الدمشقيين....
مايعنينا من هذا الأمر كله أمر واحد وهو أن سكان دمشق عند استشهاد الحسين عليه السلام كانوا كسكان دمشق عند اغتيال ديغول المفترض, بمعنى أن النسبة الأكبر من السكان لم يكونوا قد سمعوا بديغول الغريب عنهم, فديغول مهم للفرنسيين مؤملي النصر والتحرير على يديه, أما بالنسبة للدمشقيين المنهكين بالبحث عن إدام لخبزهم إن وجدوا الخبز زمن الحرب, والدائخين في البحث عن كأس من السكر الأحمر, فالأبيض كان خارج الحلم, فهل يكترث أناس على هذا الضياع والجوع برجل من الفرنسيين المحتلين قتله واحد من أتباع الفرنسي بيتان المحتل, ثم ما لهم وللأمر كله, فرنسي قتل فرنسيا, فمالنا ولهذاكله. دعنا نسعى وراء رزق عيالنا.
شيعي أوعلوي فقير يقتل سنيا أكثر فقرا منه, وماذا بعد؟, سني يقتل شيعيا أو علويا غارقا بالفقر, ومانهاية هذه الطاحون التي لاتتغذى إلا على لحوم الفقراء, وهل سمعنا يوما أن غنيا, أو واحدا من أبناء الأكابر مات أو قتل من أجل ذكرى ديغول, أوالحسين عليه السلام...إنهم الفقراء والبسطاء فقط من يموتون..فلنحاول تشغيل العقل , وإيقاف هذه المأساة....................................
محمد الاشرم
2013-08-02
مقال كبير من فكر كبيرلكن لاحياة لمن تنادييا ليت الشام ببلادها كلها بقيت مسيحية كان من الممكن لنا تجاوز هذه المأساة والحرب
سمر
2013-08-02
مذهل
08-أيار-2021
06-شباط-2021 | |
28-تشرين الثاني-2020 | |
22-آب-2020 | |
15-آب-2020 | |
09-أيار-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |