الاغتراب 1 / 5
محمد علاء الدين
خاص ألف
2014-01-28
لماذا يقتل البشر بعضهم البعض, ربما لا يريدون أن يروا الحقيقة, يريدون فقط أن يعيشوا في مستنقعٍ من السراب الدامس .
-1-
الإنسان = الحرية
والحرية تعني أن تطير بجناحي
الحق والخير
وأن يسكنك الجمال
-2-
لكي ترى الحقيقة عليك أن تغمض عينيك وأن تترك قلبك وعقلك يبصران النور القادم من جوف الجحيم, نعم الجحيم, هذا الذي فتحت أبوابه بنفسك لتكبلها في غرفة مليئة بالإيهام والأغاليط غرفة مظلمة لا ترى منها سوى ما تريد أن تراه أو ما أراد سالب حريتك أن تراه حتى وأن أيقنتما
أن الحياة لايمكن أن يوجد بها مثل هذه الغرفة من الأساس.
الوعي إذن هو نقطة الصفر, فلا يمكنني أن أدرك ما لا أعيه, هو إذن نقطة البداية إلى نهايات متعددة, تلك التي تحمل معان مختلفة عن الذات والمعرفة والوجود, عن العلم والجمال والفن, عن الزمان والمكان, هو نقطة إنطلاق الذات لمعرفة تلك العوالم المتعددة والمتشابكة الداخلية
والخارجية, لبناء نسق معرفي عن ما هو كائن وما يجب أن يكون .
ما هو الوعي, أعني كيف ينبثق هذا النور في جوف المادة, أعتقد أن الوعي مرتبط في الأساس بالروح, وقد يتسائل البعض كيف تستطيع أن تثبت هذا, أقول لهم عليكم أن تنظروا إلى أجسادكم تلك الماكينات المتحركة يميناً ويساراً, وأن تنظروا إلى أجساد الموتى, تلك الماكينات الساكنة , لا فرق بين هذه وتلك سوى في الروح, حتى وإن قال علماء البيولوجيا أن لخلايا الجسد عمر محدد , هنا علي أن أسألهم, كيف يموت شاب في مقتبل العمر, كيف يموت ولازالت لخلاياه عمر مديد , ولا يوجد سبب بيئي أو عضوي لوفاته, لا فرق بين هذه وتلك إذن سوى في الروح, تلك التي لا أستطيع أن أعرف ماهيتها, لكنني لا أستطيع أن أنفي وجودها, وبنفس الأثبات السابق تصبح هي
كنقيضها الموت, حقيقة ثابته وسر الكون العظيم .
يستطيع إذن علماء البيولوجي والبيولوجيا التطورية والنفس والإدراك والهندسة الوراثية , أن يروا أن عقولنا لدنة وصفحة بيضاء , يشكلها الواقع كيف يشاء , أو أنها أسيرة الإنتخاب الطبيعي للجينوم , أننا أصبحنا سيبورجات طبيعية أو لا , أو أن سلوكنا مرتبط بالوراثة والبيئة في آن , يستطيع العلم أن يتطور أكثر فأكثر , أن يبهرنا أكثر فأكثر , لكنه يقف عند الطبيعة الإجرائية للوعي , سواء كانت فيزيولوجية أو سيكولوجية , كما تقف الفلسفة , ولكن في ساحة الفكر والمنطق , أو حتى الحدس الذي لا يمكن تجزئته إجرائياً , لكنه يظل عملية تالية على الوعي , فلا يمكن أن أمارس الحدس على شيء لا أعيه في الأساس , الوعي إذن مرتبط بالروح ,
والروح كائن خفي, وستظل هكذا , لا يعرف سرها إلا الله .
فإذا نظرنا إلى عملية الإدراك على المستوى الفسيوسيكولوجي سوف نجدها تسير وفق المعادلات الأتية : وعي حسي للشيء ( بالحواس ) + وعي عصبي للتمييز أو التبويب ( داخل الدماغ ) + خبرات معارف سابقة بالدماغ = الإدراك , أو سيالات عصبية حسية ( بالحواس ) + سيالات عصبية دماغية آنية ( للتمييز والتصنيف ) + سيالات عصبية متوافقة سابقة ( بالذاكرة الطويلة ) = الإدراك , أو نظام الإستقبال ( بالحواس ) + نظام المعالجة العصبية ( بالدماغ ) = الإدراك , وإذا نظرنا إلى المعادلات السابقة سوف نجدها تسير وفق عمليات إجرائية بحتة , فالخلايا السائدة في الدماغ تتكون من نوعين الأولى رئيسية هرمية الشكل تقريباً ومهمتها إستقبال وإرسال النبضات العصبية وتعرف بالخلايا المثارة ويمكن تسميتها بالعاملات الشغالة للرسائل العصبية وبالتبعية الإدراك والوعي الإنساني بصفة عامة, والنوع الثاني من الخلايا يسمى الخلايا المانعة وهي أصغر حجماً من قرينتها ووظيفتها حجب الرسائل العصبية عن الخلايا المثارة التي لا يعنيها الأمر وتقوم الخلايا العصبية المثارة بثلاث وظائف رئيسية , الأولى استقبال الرسائل العصبية من الخلايا الأخرى بواسطة منطقة الاستقبال أو الادخال بالشعيرات الهيولية الدقيقة , والثانية دمج ومعالجة الرسائل العصبية المختلفة الواردة إليها من الخلايا أو المناطق الدماغية الأخرى للحصول على رسالة موحدة صالحة للسلوك الإنساني, بواسطة منطقة المعالجة الخلوية داخل جسم الخلية نفسها, والثالثة توجيه الرسائل العصبية المعالجة إلى الخلايا والمناطق الدماغية المعنية الأخرى بواسطة منطقتي الضخ والإخراج الإكسونية, وإذا نظرنا إلى الذاكرة فسوف نجدها تتكون من نوعين القصيرة والطويلة, الأولى تتم بتشكيل سيالة عصبية مستمرة عبر الخلايا الدماغية المعنية طالما يخبر الفرد مُنبهاً خارجياً وتسمى هذه العملية عملية تشكيل وحدوث السيالة العصبية المؤقتة الحالية بمجال أو دائرة التردد العصبي, حيث تميل استجابة الفرد بالذاكرة القصيرة إلى الحرفية لما شاهد أو سمع, أما في الذاكرة الطويلة فأن الاستجابة السلوكية الملاحظة تكون دائماً معدلة لما شاهده أو سمعه أو خبره الفرد, وذلك لكونها لا تنحصر فقط بالمنبه المباشر الذي أثار سيالة عصبية مؤقتة في الخلايا المعنية, بل بما يمتلكه الفرد أيضاً من سيالة دائمة ( معلومات مخزونة في الذاكرة الطويلة ) بخصوص موضوع المنبه بوجه عام (محمد زياد حمدان 1986 ). ما أريد أن أقوله أن هذه العملية الإجرائية مرتبطة بالحواس والخلايا العصبية المختلفة, ولكن كيف تنشط هذه الحواس والخلايا العصبية وتقوم بعملها, وما الفرق بين وجودها في إنسانٍ ميت وآخر حي , لا فرق بين هذه وتلك إذاً سوى في الروح.
أما إذا نظرنا إلى الوعي على المستوى الفلسفي فسوف نجده يسير وفق آلياتٍ إجرائيةٍ منطقية أو إلى الذات, فديكارت على سبيل المثال عندما أراد أن يثبت وجوده, أصدر الكوجيتو الشهير أنا أشك إذن أنا أفكر أنا أفكر إذن أنا موجود, فلا يمكن أن لا يكون موجوداً ما دام يفكر, ولا يمكن أن لا يكون يفكر ما دام يشك, فلابد إذاً من وجود ذاتٍ مفكرةٍ وراء هذا الشك, لكنه لم يسأل كيف تنشط هذه الذات المفكرة في الأساس, هو بدأ إذن من حيث أنه يعي حتى وأن لم يرد ذلك, وجل ما فعله هو أنه استطاع أن يثبت وجود هذه الذات من خلال عمليات استنباطية مختلفة .
ولنضرب مثلاً آخر بـ" كانط" فإذا تأملنا جيداً في مشكلة الوجود وعلاقته بالمعرفة عنده سوف نجدها تسير في مستويات عدة , أولها أن ما نراه هو مجرد إنطباعات حسية غير منظمة, تصبح مدركة حينما تنطبق عليها صورتا الحساسية الأولى وهما الزمان والمكان, ثم بعد ذلك تطبق على هذه المدركات الحسية مقولات قوة الفهم المختلفة مثل الكم والكيف وغيرهما, وإذا ما انتقلنا إلى قوة النطق فسوف نجدها عبارة عن معان مثل ( الله والنفس والعالم ) وهي المعاني التي لا يمكن إخضاعها للتجربة, لذا سماها كانط المعاني المتعالية أو السامية أو الميتافيزيقا, كانط إذاً ربط الوجود بالمعرفة وذلك من خلال شرطين، الأول هو التأثيرات الحسية، والثاني هو الصور الذاتية التي تنطبق عليها, كما أنه بدأ من حيث بدأ ديكارت أي من حيث أنه يعي , هذا بالإضافة إلى ربطه ما هو فسيولوجي بما هو منطقي وفقاً لآليات المنطق المختلفة , هو لم يسأل إذن كما لم
يسأل ديكارت كيف تنشط هذه الذات المفكرة في الأساس .
والصورة هي هي بالنسبة للتجريبيين والواقعيين والبراجماتيين والوجوديين أو حتى بالنسبة لهيجل وبرجسون وغيرهما من الفلاسفة, وإن اختلفت نظرتهم إلى الوعي وبالتبعية المعرفة والوجود, فمنهم من يربط الوعي بعمليات فسيولوجية أو فسيوسيكولوجية وبالتبعية المعرفة والوجود بما هو كائن أومادي وملموس, ومنهم من يجعل الموضوع المُدرك منفصلاً تماماً عن الذات, ومنهم من يربط المعرفة والوجود بالأفكار أوبنسق فكري يسير وفق أليات محددة لديالكتيك محكم, أويربطهما بالذات والتجربة الشعورية أو الذاتية, لكنهم جميعاً يبدأون من حيث أن هناك وعياً في الأساس, لينطلقوا من خلاله إلى بناء تصورات مختلفة عن والذات والمعرفة
والوجود .
الجسد مرآة الوعي, والوعي مرآة الروح, والروح هبة الله, هي إذاً انبثاق النور في جوف المادة, وبدونها لا تبصر المرايا ولا تتحرك, هي الخط الفاصل بين الحياة والموت, بين الوجود والعدم , بين عالمٍ مدرك وعالمٍ لا محسوس, أو لنقل بين ذات قادرة على التمييز بين الحقيقة والوهم،
وذات لا ترى سوى الأخير في حياة نصنعها بنفسها لنموت فيها .
-3-
هنا
حيث الوعي واللاوعي يسيران في خطٍ مستقيمٍ سوياً
ألتقط التفاحة التي تصعد إلى أعلى
في ملحمة الهبوط
-4-
سيقف ـ دارون ـ عند الطبيعة الأجرائية للوعي , كما يقف أفلاطون
هو إذاً
خطٌ أحمر
-5-
يخطأ العلماء في اعتقادي عندما ينظرون إلينا بنظرة داروينية بحته, عندما يعتقدون أننا مجرد تطور طبيعي لسلالة القردة العليا, صحيح نحن نتشابه مع القردة في الطبيعة الفزيولوجية, كما يتشابه النمر مع القطة, لكننا نظل أجناساً مختلفة عن بعضها البعض , وإلا فلما لم تتطور عقول القردة , لما لم تبنِ حضارة ويكون لها تاريخ , حتى وإن كانت قريبة من الإنسان , كما أن الصدفة نسبية ومقترنة بالإنسان في كل الأحوال، حيث أنها تتفاعل مع النسبيات الأخرى داخل النسق العام الذي يحتويها جميعاً. فنيوتن على سبيل المثال عندما سقطت عليه التفاحة كانت صدفة, إلا أن سقوط التفاحة يعد طبيعياً ونسبياً في آن في إطار النسق العام للطبيعة التي يؤدي كل شيء فيها دوره الوظيفي بانتظام ودقة, هذا بالاضافة إلى أن وجود نيوتن في تلك اللحظة بالذات كانت صدفة بالنسبة لنيوتن لأنه كائن واعي وقادر على الاختيار وبالتبعية السير في هذا الطريق أو ذاك، لكنها ليست صدفة بالنسبة للطبيعة والقدرالذي كُتب فيه أن تتفاعل نسبية سقوط التفاحة مع نسبية وجود نيوتن لكي يكتشف لنا قانون الجاذبية, كما أن الداروينية لازالت افتراضاً
نظرياً, ولا يمكن اعتبارها حقيقة علمية بأي حال من الأحوال .
يخطئ الفلاسفة نفس الخطأ تقريباً, فهاهم الحسّيون لا يؤمنون بكل ما لا يرونه ولا يلمسونه ولا يسمعونه, وهاهم البراجماتيون يريدون أن يطبقوا نظريتهم على كل شيء وليس على الحياة العملية والواقعية فقط , وأيضاً الحداثة تضع الفرد في مقابل المجتمع, الدين في مقابل العلم, الأخلاق الوضعية في مقابل الأخلاق السماوية, وها هي ما بعد الحداثة تجعلنا مجرد سلع تُستهلك لتستهلك, تجعل لكل منا أفكاره ومعتقداته وعاداته وتقاليده , ولتذهب القضايا الكبرى إلى الجحيم , وكأن هناك تعارض مابين العلم والدين , الفرد والمجتمع , وكأننا نصر أن نسير على قدمٍ واحدةٍ وأن نبتر الأخرى .
-6-
في كف الفيزيقا مفتاحٌ لما ورائها
-7-
نعم , العقل مرآة رمزية للعالم, مرآة جامعة لشتات الضوء تتشكل بناها المنطقية من حروف وأرقام , لكي تستطيع أن ترتب هذا الكون الذي يظهر لأول وهلة وكأنه مشتت , فوضوي , غير قابل للفهم أو الاختراق, هي إذن مرآة رياضية النسق, بمعنى أنها منطقية , ولا يمكن أن تكون غير ذلك , فالمنطق في النهاية شبيه بالرياضيات, بمعنى أنه تحصيل حاصل, أياً كان نوعه , كما أنه لا يُخطئ إذا وضع في مكانه السليم , وهو مخلوق على هذه الصورة لكي يستطيع الإنسان الوصول إلى حقائق يقينية في المجالات المختلفة , والعقل يخطئ في حالتين , الأولى غير قصدية وهي على سبيل المثال وليس الحصر كالخطأ في إجراء عملية حسابية, وهنا يكون الخروج عن المنطق السليم بالخروج عن التسلسل المنطقي لحل المسألة , والثانية قصدية وهي
عندما يوضع المنطق غير السليم في المكان غير السليم .
ما هي الفكرة إذاً, أعتقد أن الأفكار ليست دوجمائية بأي حال من الأحوال , بل هي كائن دينامي , يتغير بتغير الزمان والمكان , فلا يوجد شخص يفكر في الفراغ لا بد إذن من وجود عائق ما في درب ما وهناك وسيلة ما لإزالته ومواصلة السير , فالفكرة كالحياة لها قلب واحد ووجوه عدة , فهي تبحث دائماً عن الحقيقة , لكني لا أستطيع أن أعرف ماهيتها أو أن أعرف صدقها من كذبها ما لم أعرف في أي درب تسير. فإذا كانت المشكلة علمية علي أن أتبع المنطق الاستقرائي لـ"فرانسيس بيكون", أو غيره من أنواع المنطق المرتبطة بالعلوم المختلفة , لكني لا أستطيع أن أطبقها على كل ما هو ميتافيزيقي , لأنها غير صالحة إلا لكل ما يُرى ويُلمس ويُسمع , وليس معنى هذا أن كل ما لا يُرى غير موجود , ولكن هناك سبيل آخر للوصول إليه ومعرفته , ولأضرب مثلاً بالألوان الطبيعية...فالقدرة على التكيّف الآني توجب بأن ترى الذبابة الألوان الطبيعية , أما نحن فلا نستطيع , إذن ليس كل ما لا يرى غير موجود , وإذا كانت المشكلة مرتبطة بالحياة العملية والواقعية , علي أن أتبع المنطق البرجماتي بقاعدتيه المرتبطتين بالمعنى والصدق , بمعنى أنه لا بد أن يكون لهذه الفكرة معنى مفهوم قائم على الخبرات الحسية للفرد , وأن تصدق بعد ذلك في تطبيقها على أرض الواقع , لكني لا أستطيع أطبقها على كل ما هو ميتافيزيقي , لنفس السبب السابق , وإذا كانت المشكلة فلسفية أو ميتافيزيقية أو شرعية , علي أن أعتمد على المعادلة التالية : المعطيات الأولى للمشكلة وأسس حلها من أرض الواقع + الأستنباط والقياس = ميتافيزيقا , فالدين السليم على سبيل المثال هو الذي اتلقى كتابه وأفكاره، ثم أخضع ما قرأتُ وما عرفت للقياس والاستنباط , لكي أعرف أن كان هذا الدين يتوافق مع العقل والمنطق السليم أم لا , وأنا هنا أتحدث عن العقيدة لا المعجزات أو الشريعة , التي هي تالية على الإيمان ويكون الاستنباط والقياس من مصادرها لاستخراج الأحكام الشرعية , وسوف أتحدث عن هذه القضية بشيء من التفصيل في موضعٍ آخر, وإذا كانت المشكلة مرتبطة بالجمال والفن , علي أن أثبت أولاً إن كان هذا الشيء جميلاً أو إن كان هذا العمل فناً ام لا , وذلك بالرجوع للقواعد العامة للجمال والفن , والقواعد العامة الخاصة بكل فن على حدة , ثم تحليل هذا العمل الفني أو الأدبي , وهنا يأتي دور النقاد على اختلاف تخصصاتهم , وفي حقيقة الأمر يستطيع العقل البشري أن يفكر بطريقة تلقائية وبطرق مختلفة على حسب الموضوع الذي يفكر فيه؛ المشكلة الحقيقية إذاً
مقصلة Anther word المشكلة الحقيقية، إذن عندما يفرض الفلاسفة منطق معين على كل شيء
العقل الفطري .
مغالطة كبرى
العلاقة بين الفكر والمادة علاقة ديناميكية
" متساوية التأثير والتأثر "
حقيقة
العلاقة بين الفكر والمادة علاقة ديناميكية , ولكن يظل الفكر سابق على المادة , ففي البدء كانت إرادة الله , ثم قال للكون كن فكان , وكان الإنسان والطبيعة , وأصبحت العلاقة بينهما قائمة على إثارة المشكلات وفرض واقع بيئي وطبيعي معين، ومحاولة إيجاد حلول لها أو التكيف معها , إما إذا كنا نتحدث عن علاقة الإنسان بالإنسان , فتظل الفكرة سابقة على المادة , لأنها سابقة على الفعل البشري بما يثيره من مشكلات , حتى مع الطبيعة ذاتها , فمن ابتكر النظريات وطبّقها... من بنى المجتمعات وجعلها أكثر بؤساً وفقراً وتهميشاً, من انتهك حرمة الوصايا العشر , وحفر
المقابر الجماعية
من.....؟!
" عليك أن تعترف بالحقيقة أنت وحدك، من هدم العالم ليرقص على حطامه "
-8-
س ) مشكلة ميتافيزيقية ؟
ج ) المعطيات الأولى للمشكلة وأسس حلها من أرض الواقع + الاستنباط والقياس = ميتافيزيقا
-9-
السبيل الثاني لمعرفة الحقيقة هو الحدس, والحدس نوعان, حدسٌ عقلي وحدسٌ نفسي.
الأول وهو العيان العقلي المباشر لا يمكن أن يحدث إلا في ذهنٍ صاف وغير مشوش وذات تريد أن ترى الحقيقة بصدق , وإلا تاهت عنه الحقيقة في دروبٍ من الضبابية والتشتت وإيهام الذات , والنفس البشرية تستطيع الوصول إلى الحقيقة عن طريق الحدس المباشر , لكنها أي النفس , تستطيع أن تزين الأمور لكي تتناسب مع ما تهوى وما تشاء , وهنا تكمن الخطورة , فإذا كانت النفس سوية , وتريد أن ترى الحقيقة بصدق , تستطيع أن تصل إليها بسهولةٍ ويسر , أما إذا كانت النفس غير سوية , فإنها لن تؤمن بما يجب أن تؤمن به , بل لن تؤمن سوى بالمصلحة , ولن تخرج سوى هذا الجزء الحيواني في الإنسان , النهم دائماً للفتك والسيطرة والسرقة والإبادة
والإغتصاب .
قد يتشكك البعض في الحدس , وقدرته على أن يصل إلى الحقيقة , وهنا أقول لهم أن لكل شيء دليله العقلي ودليله الحدسي ( العقلي النفسي ) خاصةً فيما يتعلق بالمبادئ والقيم , فجميعنا يعرف أن السرقة شيء سيئ لأنها تمثل اعتداءاً على حقوق الغير , وتفتح باباً للصراع بين الأفراد , ولكن هذا المنطق الكانطي في الواجب الأخلاقي ليس وحده القادر على الوصول إلى الحقيقة, والتمييز بين الصواب والخطأ , فالحدس أيضاً يستطيع , إن كان العقل صافياً وغير مشوش وإن كانت الذات تريد أن ترى الحقيقة بصدق , إن كانت النفس سوية , وتريد أن تراها بصدق , وإلا فلما لا يختلف اثنان إن أستفتيا قلبيهما وعقليهما على أنها شيء سيئ , أياً كانت تربيتهما أوبيئتهما الثقافية , حتى وإن تربيا في وسط جماعة من اللصوص , لما لا يختلف اثنان
على أنها شيء سيئ , هنا أو في أي بلدٍ آخر , أو في أي زمان ومكان .
ليس المتصوفة وحدهم القادرون على أن يروا نور الحقيقة , فالحقيقة كالشمس إذ توهمنا أنها غربت عكس نورها القمر .
-10-
" مفتتح "
" بحيرةٌ تنبت
في قلب صحراء ٍ أخرى
في أرض سماءٍ
أخرى "
-1-
أتحلل
في " وش القهوة " المنسي
وتسقط ذبابة
على جمجمة آخر إنسان
والأرض صريعة
موت قادم
-2-
تنقسم السماء
وينهمر المطر
تسقط شمسٌ على طاولتي المهملة
وأسقط
من جوف المرآة
-3-
يختبئ اثنان في جوفي
وأختبئ
في جوف ثالث
سوانا هو
وأنا
سواهم أموت
-4-
تخرج ذاكرتي
وتسير في ذاكرة الجدران
أضاءة ٌ خافتة
وفحيح أفعى
وسقوط
-5-
تثور خلاياي
وتثور الأشياء من حولي
وهواءٌ ساكن
يحمل ثورتي الغجرية
في وجه الريح
-6-
تلين المرآة
وتميل
تتعمد الغرفة أن تذوب
والأرض
تبعث إشارات لا سلكية
إلى مخ ٍ معطل
في جسدٍ ميت
-11-
للماهية وجهان صفات وراثية " الدنا " , وصفات مكتسبة " الحياة " , وللوجود وجهان , الأول يتمثل في الوجود الفزيولوجي , والثاني يتمثل في الوجود الفعلي للماهية ( تحقيق الذات ) ولكي يتحقق الوجود الفعلي يجب اختيار إحدى الممكنات أو جميعها إن أمكن , تلك التي تتناسب مع الماهية " الصفات الوراثية الصفات المكتسبة " , من يسبق من إذن الماهية أم الوجود .
العدم والسقوط , مصطلحان مثيران للقلق والريبة , صحيح يمكن أن نصاب بالعدم نتيجة لقلقنا على عدم اختيار إحدى الممكنات المتناسبة مع الماهية , ولكن لا بدّ لنا من الخروج , الخروج عن الذات , وليس السقوط كما يقول هيدجر , فالجحيم ليس الآخرون , لأننا كائنات اجتماعية بطبعها , كائناتٌ لا يمكن أن تحيا بدون حب وصداقة وعطف وحنان واتصال مع الآخرين , بدون أسرة وعائلة وجماعات ومجتمعات وأمم , بدون انتماء للآخرين ومع الآخرين , ذلك الانتماء الذي يبدأ بالأسرة وينتهي بالانتماء للإنسانية , وخلقنا على هذه الصورة لكي نسطيع أن نكون أسراً ومجتمعات وثقافة وحضارة قادرة على إعمار الأرض , عن طريق التربية القائمة على الاتصال المباشر بين أفراد جنسنا، خلقنا على هذه الصورة لكي يكمل بعضنا نقص بعض قدر الإمكان , لكي نتعارف ونتعلم من بعضنا البعض , لا لكي نتصارع أو يسلب بعضنا حق
الآخرين .
ليست المشكلة في الموت , المشكلة الحقيقية في أني أموت , هكذا قال الوجوديون , لكني أعتقد أن المشكلة تكمن في الموت وأني أموت وكيف أموت , المشكلة في أني أموت لأن الموت يعد مصيبة يجب على المؤمن تقبلها , وهو مصيبة لأنه لا يمثل فقدان تام للوجود , أي لا يساوي العدم , بل هو محنة لابد منها , لأن هناك حياة أخرى في مكان أخر وهي الحياة الآخرة؛ المشكلة في الموت لأنه يمثل فقدان لمن أحب , لمن تربطني به جميع المشاعر الإنسانية التي يمكن أن تقال أو لا تقال , بل المشكلة في موت أي إنسان عندما أعلم أن هناك من يشاركني هذا الشعور لأنه فقد من أحب , ولانتمائي له على المستوى الإنساني , المشكلة في كيف أموت ويموت من أحب بل ويموت أي إنسان , ليس فقط لأننا حيوانات ميتافيزيقة بطبعها كما يقول شوبينهاور , وذلك لأننا دائمي التفكير في العلة الأولى ومصيرنا بعد الموت , ولكن لأننا نعرف بقلبنا وعقلنا وجود الإله حتى وإن اغتربنا عن ذلك , لذا نخشى من العقاب , الموت إذن هو نبع القلق الدائم الذي لا ينضب إلا بالإيمان بقضاء الله وقدره ورحمته وغفرانه .
-12-
"... قد افتقدت هنا من أحبهم من العرب , لما لا وهم أهلها ... وكان من بني قيدار من هم حضر يسكنون الشقق والديار "
"نشيد الإنشاد " ( 2 )
" مفتتح "
"ف البدء كان ... أول حجر
ف مركزالأرض اللي فاتحه
بابها لجنون البشر
بإدين آديم الأرض قبلة
للنجاة "
والناس نيام
تفارق الأجساد ف لحظة
أشباح الضلام
تحتل كل الأمكنة
تحبس ف بلورة السراب
روح البشر
أسماءنا تصرخ
والأربعين جنّي نهبوا الأضرحة
من غير كلام
بعصاية سحرية طلاسم مبهمة
تنكتب بإدين مريبة
جوه الجسد
فيرس بياكل الذاكرة
ينتشر جوه الحيطان
تلفزيوناتنا
والكمبيوتر
والنت ... إشاراة الردار
نبضات سلوكنا
واللاسلكي
سفن الفضا
وكمان محطاتها اللي خايفه
م الهبوط
تنطفي الأنوار بسرعة
والكل يتفتت خراب
"مدينة اسمها بيت نينورتا تابعة لبلاد أورسليم , مدينة تابعة للملك انفصلت وصارت إلى جانب رجال مدينة قِلت , ليت الملك يهتم بأمر عبدي خبا خادمك , "(3)
ف بورترية
لملكي صادق
ف قلب نن العين يخبوا
d n aبصمة للـ
أسماء ف قلب الشفرة محفورة بثبات
" كنعان
عموري
يبوس
بنو هاشم
وقيس
أدوني صادق
خالد
زبيدة
ابن زي البأس
وقيدار "
والبورترية
خبوه ف قلب تابوت قديم
أخشابه من نسج الخيال
يوهمونا ... أن جواه الكتاب
وأن رب الأرض صلى لجل شعبه
ف أرضها ... وكمان حبيبته
" مملكة الأرض
العتيقة "
أن سٌكنى الرب فيها
يا أغبيا
الرب مالوش بيوت ف أرض
لكنه مالك للبيوت
هنا اتولد نور النبوة والنبي
أترفع من بابها لابواب السما
أتباعه نسيوا
معنى الحقيقة
والسلام
لصوص بأسم الرب تسرق
الكحل من عين الخريطة
لكنهم ... عادوا لابواب الحقيقة
شايلين على أكتافهم
محال
هنا أتحفر قدم النبوة والنبي
عدى من بابها لأبواب السما
ويّا الملاك
والأبجدية
هيه هيه
حافره بحروفها العتيقة
جوه بلورة السراب :
" بعد الميلاد
ميلاد صلاة الإنس ع الأرض البريئة
بأربعين
شال أبن آديم الأرض
أحجار الأساس
وضعها وارتفع البنا
أو ملايكة شايلة قطعة م السما
أحجار زهور ... عدت سنين
وعلا من تاني الحكيم
ف البنا
فوق الأساس
مع قبة من خشب السنط العتيق
على صخرة الأرض العتيقة
تدخل الأشباح وتنفي أرواح البشر
جوه الخريطة
يعلا البنا
تدخل الأشباح وتنفي أرواح البشر
تتحول الأرواح لأشباح مبهمة
ينزل ملاك شايل رسالة م السما
يعلا من تاني البنا
يترفع أول آدان
يعلن ميلاد الحلم فوق
أرض السلام "
" قال غلام لسيده تعال نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها , فقال له سيده : لا نميل إلى مدينة غريبة حيث ليس أحد من بني إسرائيل هنا " ( 4 )
ولسه برضه
جدات بتحكي للعيال
معنى المكان
والإغتراب
ف رقابها مفاتيح البيوت
وف إيدها عكاز الحنين
Yanniمزيكا
تُستباح
للرصاص
- تفكيك لأنغامها البريئة -
تسقط ف لوحة
للخريف
ياكل ف نفسه
يروي بدم الأضرحة
الأرض الإزاز
يصيبها سرطان الإبادة
تبات ... رماد
بصمات عيونا
يسرقها جواسيس الشيطان
تفتح معاملنا العتيقة
ف الفضا
حرب النجوم ... توهم عقولنا بإنفجار
خط الزمن
هد القمر
تفرش خيوط العنكبوت
على كل شبابيك البيوت
ندخل ملاجيء شمسنا
ونغيب معاها سنين طويلة
ف الضلام
ومافيش خطوط للهدنة أو
حتى قوات للسلام
تفتح براح للأسئلة
والكل يتفتت خراب
ويعود لأرضه من تاني النبي
ويصلي ويّا عبد صالح
والمؤمنين
يقتل بسيفه ... قائد جيوش الضلمة وخرافة العبيد
ويعم أهل الأرض خير
وينطوي كتاب الحياة
ينزل ملاك بأمر من عند الإله
ينفخ ف قلب الصور نعود
من جديد
من ظاهر الباب العتيق
صخرة الأرض العتيقة
والبيت ف فردوس
الحياة
من باطن الباب العتيق
وادي جهنم
والصراخ
والأبجدية
هيه هيه
محفوظة في متن الكتاب :
" ينزل ملاك شايل رسالة م السما
يعلا من تاني البنا
يترفع أول آدان
يعلن ميلاد الحلم فوق
أرض السلام " .
( 1 ) أورسالم : مدينة السلام او مدينة سالم أبن يبوس أبن كنعان والكنعانيون هم العرب الذين هاجروا من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين .
( 2 ) نشيد الإنشاد المنسوب إلى سليمان عليه السلام
( 3 ) رسائل تل العمارنة 290 قطعة رقم (15 ) الرقيم محفوظ في متحف برلين بالرقم1646 , وأستنساخة منشور في wa,106;vs 11,166 ويبلغ طول النص 30سطرا ً .
الرسالة من عبدي خبا حاكم أورسليم إلى أمنوفس الرابع " أخناتون " 1352 - 1336 ق م ) .
( 4 ) سفر قضاة الأصحاح التاسع عشر العهد القديم .
-13-
الكون قطار , ينشأ فتنشأ الحركة , تنشأ فينشأ الزمن , ويسير من المهد إلى اللحد , ولكل منا محطة ركوب , محطة نزول .
للكون إذن زمن واحد , لكنه يحتوي على مجموعة من الأزمنة النسبية , فلكل مجموعة شمسية زمنها , ولكل كوكب , ولكل منا زمن وجوده الخاص , الذي من خلاله يستطيع أن يعي وجود الزمن العام , ( الأول ) إذن جزء من ( الثاني ) , لكن ( الثاني ) وفي نفس الوقت منفصل عن ( الأول ) , ويستمر في التقدم حتى بعد نهايته .
تيك تاك
تيك تاك
تيك تاك
تيك تاك
"the end "
-14-
قررت أن تكتب قصة قصيرة جداً , عن التسعين عاماً الماضية من عمرها , لكنها أكتفت بكلمة واحدة , لم تكتبها , وظلت تنظر إلى الباب .
يتبع..