الدرس السوري في مكافحة الإرهاب! / فايز سارة
2014-03-12
تتشدد بعض الدول اليوم في اتخاذ اجراءات هدفها مكافحة الارهاب عبر خطوات منها حظر الجماعات المتطرفة وخاصة جماعات التشدد الديني، وفرض عقوبات على من ينخرط في عضوية ونشاط تلك الجماعات، وتجريم من يدعمها في أي مستوى من الدعم الفكري والسياسي والمادي والترويج لها باي صورة كانت.
ومما لاشك فيه، ان هذه الاجراءات مهمة في سياق مكافحة الارهاب ومنظماته، لأنها ترفع الغطاء السياسي عن جماعات التطرف التي تشكل بيئة حاضنة ومباشرة للإرهاب وممارساته بكل اشكالها بما فيها العنف المسلح، كما ان هذه الاجراءات تساهم مباشرة في تجفيف مصادر دعم الارهاب بشرياً وسياسياً ومادياً من خلال حظر الجماعات السياسية المتطرفة وتجريم الاعضاء المشاركين في نشاطاتها ومنع حصولها على أي من اشكال الدعم المادي والمعنوي.
غير ان الاجراءات المشار اليها، وقد تم القيام بمثلها في العديد من الدول، ليست هي الحل، وهذا ما تؤكده تجربة اكثر من عشر سنوات من الحرب على الارهاب في العالم، وبدل ان يتراجع الارهاب، فانه ازداد قوة وانتشاراً، وصارت نتائجه اكثر كارثية من أي وقت مضى، وهذا يتطلب التدقيق فيما ينبغي القيام به في المرحلة الحالية وفي المستقبل في اطار مكافحة الارهاب.
لقد قامت فكرة مكافحة الارهاب على ان القائمين به افراد وجماعات متشددة متطرفة، وجرى في كل الاحوال تجاوز ما يمكن ان تقوم به الدول في تعزيز ظاهرة الارهاب ودعمه وصولاً الى ممارسته، وكلها بين الحقائق الثابتة والمعروفة في عالم اليوم، كما كانت موجودة في السابق، غير ان ظروفاً سياسية، منعت ابرز الدول المنادية بالحرب على الارهاب ولاسيما الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوربي من التوقف عند فكرة دور الدولة في «ارهاب الدولة المنظم» الذي كانت اسرائيل ابرز تعبيراته، وان لم تكن الوحيدة، وهو امر معروف ايضاً، مما فرض على الدول المنادية بالحرب على الارهاب اختراع تعبير «الدول الداعمة للارهاب» في العقد الماضي، وتم تصنيف خمس دول في هذا السياق بينها سوريا وايران، التي لا يمكن اليوم تصنيفها الا باعتبارها دول ارهابية، لا يقتصر ارهابها على ممارسة «ارهاب الدولة المنظم» فقط، بل في قيامها بدور كبير في دعم الارهاب على نحو ما تفعل روسيا اليوم.
وفي الواقع، فان تطورات القضية السورية، اكدت ترابط ارهاب الافراد والجماعات مع ارهاب الدولة المنظم، بحيث صار من الصعب فصل نشاط الجماعات الارهابية عن سياسات ونشاطات دول تدعمها على نحو ما يظهر مثلا في نشاط دولة العراق والشام «داعش» وروابطها المؤكدة مع نظام الاسد واجهزته الامنية، وفي تكامل دورهما في قتل السوريين وتهجيرهم وفي تدمير بلدهم وقدراتهم المادية، وهو ذات الدور الذي يقوم به حزب الله بمشاركة وتعاون مباشر من جانب الحكومة الايرانية، وما تقوم به المليشيات الشيعية العراقية بدعم ومساندة الحكومة العراقية، فيما تتابع الحكومة الروسية القيام بدور معلن وفعال في تقديم دعم سياسي وعسكري، تساند فيه ارهاب نظام الاسد ضد الشعب السوري.
ان وقائع القضية السورية فيما يتصل بالإرهاب ومكافحته، باتت تفرض فهماً وتعاملاً مختلفاً مع ظاهرة الارهاب من حيث تأكيد ان ممارسة الارهاب ليست محصورة بالافراد والجماعات على نحو ما كان شائعاً في توصيف الظاهرة، بل ان ثمة دولاً منخرطة في ممارسة الارهاب، وهي تخلق جماعاته وتدعمها باشكال مختلفة بصورة مباشرة وغير مباشرة، وبدون ماتقوم به هذه الدول في سياق دعم ارهاب الافراد والجماعات، لا يمكن لهؤلاء ان يستمروا بارهابهم، ولان الوضع على هذا النحو في وقائعه ونتائجه، فان التوجه الى محاربة ارهاب الدول، ومحاربة سياسة دعم الارهاب التي يقوم بها بعض الدول، يمثلان البوابة الحقيقية في مكافحة الارهاب في اللحظة الراهنة، من دون ان يقلل ذلك من اهمية ما تقوم به دول من اجراءات في سياق محاربة الارهاب من خلال حظر الجماعات المتطرفة وتجريم اعضائها المشاركين في نشاطاتها، ومنع حصولها على أي من اشكال الدعم المادي والمعنوي لتجفيف مصادر دعم الارهاب سياسياً ومادياً.
عن جريدة المستقبل.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |