كتاب : سحر البلاغة وسر البراعة
خاص ألف
2014-04-02
أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي
1 / 2
والطلى ، وجفونها القلوب والكلى . قد أخذت السيوف نفوسهم ، وأثمرت القنا رؤوسهم .
حسن الغناء في الحرب والإيقاع بالأعداء وشدة النكاية فيهم
قابلوا الجلاد بالجلد ، ونابوا عن أنياب الأسد ، وأعطوا الجهاد ، أوفى حظوظ الاجتهاد . أجملوا البلاء ، واحسنوا الغناء . بلغوا في اقتناص الأعداء أقصى المبالغ ، ووطئوهم وطء القامع الدامغ . أبلوا بلاء الأبطال ، وابطلوا كيد الأعداء . إن الأبطال زحموا الأعداء من جوانبهم ، وتمكنوا من فض مواكبهم ، وطئوهم بسنابك الخيول ، وتركوهم كجفاء السيول . صبوا عليهم سوط عذاب ، وأسلموهم لعوادي تبار وتباب . وقائع هدت قواعد بنيانهم ، واشابت نواصي ولدانهم . طحنوهم طحن الحب ، وجعلوهم داريا الطعن والضرب . وثبوا عليهم وثوب الأسود ، وتركوهم كالزرع المحصود . نكوا فيهم نكاية القضاء والقدر ، وأثروا فيهم تأثير النار في يبيس الشجر . شربوهم شرب الهيم ، وحطموهم حطم الهشيم ، وتركوهم كالرميم . تجردوا لهم فحطوهم وحطموهم ، وهزوهم وهزموهم ، تركوهم موطيء الحوافر ، ومورد الكواسر ، ومغدى الضباع ، ومراح السباع . قصدوهم فأقصدوهم بأيدي الغير ، وحصدوهم حصد الشوك والشجر . طفقوا ينقضون عليهم كالأجادل ، ويقذفونهم بالجنادل . أقدموا عليهم إقدام السيل ، ونسخوهم نسخ النهار لليل .
هبوب ريح النصر
حتى إذا ضاق المجال ، وتحكمت الآجال . أهب الله لمولانا ريح النصر ، وحكم لحزبه باللعلو والقهر ، ولما بلغ كتاب المهل آخره ، أجرى الله للواء المنصور طائره . برقت لامعة النصر ، وحانت ساعة القهر . ما انتصف النهار
إلا وقد انتصف الله للحق من الباطل ، وكنفنا بالأيد القاهر ، والنصر الشامل . هبت ريح النصر فأنجز الله لمولانا وعده ، وأظفر جنده ، وحفظ عاداته عنده . لاحت غرة الفتح ، ووضحت وضوح الصبح ، واشرقت صفحة الظفر ، إشراق الشمس والقمر ، ولما هبت لأشياع الدولة ريح النصرة ، علت بهم يد القدرة فأتبعوا أدبار المارقين ، وآووهم دار الفاسقين . جاء نصر الله والفتح ، ونزل الظفر والنجح .
انجلاء المعركة عن القتلى والجرحى والأسرى والهزمى
انجلت غبرة المعركة ، وقد أحاطت بالشقي يد المهلكة . اقتسم شيع الطغيان بين اجتياح سريع ، وقتل ذريع ، واسر موثق ، وحصر موبق ، ولم ينج إلا شرذمة لاذت بذمة الهرب ، ولن تفوت يد الطلب . بين قتيل قد عجل الله بروحه إلى دار جزائه . واسير قد أوثقه ما ارتكبه بسوء رأيه ، ومنهزم أطار الرعب قلبه ، وسلب الخوف لبه . بين قتيل استأثر به الحمام ، وأتى عليه الاصطلام ، وجريح قد عاين طروق المنية ، دون بلوغ الأمنية ، ومنهزم لا يستبقيه الهرب ، إلا بمقدار ما يناله الطلب . قسمهم أولياء الله بين قتيل تبوأ من النار محبسه ، ومول جعل ثوب العار ملبسه ، واسير حبس على حكم الشريعة ، ومستأمن ألحق بأهل الصنيعة بن قتيل موسد ، واسير مصفد ، وهارب مطرد ، ومستأمن مقيد ، بين قتيل متشحط بدمائه ، وجريح متقلب بذمائه ، بين قتيل مرمل ، وجريح مجدل ، واسير مكبل . لم ير من أشياع المخذول إلا أسير موثق ، وجريح مرهق ، وقتيل مطرح ، وشريد مطوح . إلا أسير وحسير ، وقتيل وعقير وجريح وقريح ، ومرمل ومزمل ، ومقبور ومثبور . تقرقوا بين أسر أحاطت بالرقاب جوامعه ، وجرح تحكمت في الأجساد لواذعه ، وقتل دنت من الأشقياء مشارعه . قيل لأولئك الأغماز ، القصار الأعمار : شاهت الوجوه
وهبت لهم الدبور بين هشيم ورميم ، وقتيل وأميم ، وجريح ورهين ، وأسير مع قرين .
ذكر القتل والقتلى
انكشف الهبوة عن فلان وقد سبقت الصفاح ، فيه موضع الاستفتاح . قضت منهم الرماح أوطارها ، وبردت السيوف أوارها . سكنت النفوس بقتله كما سكنت نفس الإسلام ، بقتل أبي جهل بن هشام . مقتلة نقعت ظمأ الأرض ، وأزالت سغب السباع والطير ، صلي قبل حر النار بحر المناصل ، وسقى الأرض من دمه بطل ووابل . استبدل من أمله ، حضور أجله ، واستعاض من شهامته ، تسليم هامته . قد غضت يقتلاهم حلوق الأرض ، واحمرت من دمائهم متون الترب ، بطون الأرض اعمر بهم من ظهورها ، وحواصل الطير والسباع أحصن قبورها . عدم برد الحياة ، وذاق حر المرهفات . جرت من دمائهم أنهار ، ولم يطلع عليهم نهار . اريق من دمائهم ما احمرت منه الأرض وجرت به الأودية ، ودارت عليه الارحية .
سوء أحوال المنكوبين والمحاط بهم
أوحى الله إلى أرضه أن تنخسف ، وإلى فرسه أن يقف . قص جناحه ، وأنهر جراحه . ألقاه الله في الشبكة ، ورماه بالهلكة . رماه الله بالقارعة المبيدة لجمعه ، البليغة في قمعه . قلعت شأفته ، وقطعت آفته . لم يبق له مفحص قطاة ، ولا مغرز قناة . أنزلهم الله من آمال ، إلى آجال ، وأوردهم من مطالع ، إلى مصارع عليهم الدبرة ، وعلى وجوههم الغبرة . مكبوب على مناخره ، مطعون في مناحره ، قد طال حصاره ، وغاب أنصاره ، وسقطت دعامته ، وقامت قيامته . قد بلغت روحه التراقي ، ووعدته منيته التلاقي . ضرب عليه الإدبار سرادق الدمار ، ومد عليه الخذلان رواق سوء الاختبار هو جزر
السيوف القواضب ولقى بين أنياب النوائب .
الأسر والاسرى وتشهيدهم
لم ينج من ودائع الأغماد ، إلا من حصل في جوامع الأصفاد . حصلوا في قبضة الإسار ، وكفة الخسار . نشب في حبالة الانتقام ، وشرك الاصطلام . يا حسنه في زوال النعمة ، وركوب النقمة ، بوجه قد علس ، ورأي قد برنس كذا قد أركبوا الفوالج ، وتركوا بالتشهير عبرة الناظر ، ولعنة الماقت . أوردوا مقرنين في الاصفاد ، وتركوا عبرة للساعين في الأرض بالفساد .
هلاك الأعداء وفناؤهم
صاروا كرميم وهشيم ، طاح في ريح عقيم . اصبحوا كالزرع المحصود ، وصاروا حديثاً مثل عاد وثمود . صاروا جزر السباع والطيور ، ورهن الدمار والثبور . لمم يبق لهم جثة واقفة ، ولا عين طارفة ، ولا روح تسري في جسد ، ولا شخص خلق على كبد . حصدوا حصدا ، وخبطوا بالسيوف خبطا . فلم يبق منهم صافر ، ولا نجا منهم أول ولا آخر . أخذتهم الصاعقة ، وحلت بهم البائقة ، فلم يبق منهم نافخ نار ، ولا رافع منار .
فيمن نجا برأسه وقد كاد يوخذ
استنقذ الأجل ذماءه من ظبى السيوف وقد شارفته ، وشبا الحتوف وقد شافهته . عرض على الموت عرض المحتضر ، ثم أخر لأجل منتظر . نكص على عقبيه وقد كادت صروف الايام تفترسه ، وانياب الحمام تنتهسه . نجا برأسه وقد فغرت المنايا أفواهها إليه ، وكادت أظفارها تنشب فيه . فأخر لأجل مضروب ، وانسئ لأمد مكتوب . استنقذه تاخر أجله من أنياب القواضب ، ومخالب النوائب ، ونجا بحشاشته وذماؤه على تلف ، وشفافته على شرف .
نجا بروحه التي هي رهينة غيها ، وصريعة بغيها . لم يبق منه إلا شفافة أخطأت براثن الأسد ، وبقية هي هامة اليوم أو غد .
ذكر المنهزمين ووصف أحوالهم
طاروا بأجنحة الرعب لا ينثني آباؤهم على أبنائهم ، ولا يلوي سراعهم على بطائهم . طاروا بأجنحة الوجل ، وتصوروا حاضر الأجل . نكصوا على الأعقاب ، وطاروا بخوافي العقاب . اجفلوا إجفال النعام ، واقشعوا إقشاع الغمام . سبقوا الطلب باقدام الفرار ، وتوقوا مواقع السيوف بملابس من العار . تمزقوا في البلاد كما يمزق الريح رجل الجراد . عاينوا هول المطلع فولوا الادبار ، وتجللوا الإدبار ، وطاروا كل مطار . تتقلب بهم المزال والمداحض ، وتساقطت بهم قواهم النواهض . لم يشعر به حتى صار جنيناً قد واراه بطن الليل ، طار كهباء الريح وغثاء السيلز نفض يده بالخميس ، وأعرب ببرد الهرب عن حر الوطيس . تشتتوا أيدي سبا ، وتفرقوا جنوباً وصبا . فلت شباتهم ، وجمع على الذل شتاتهم ، وحاق البلاء بهم ، وحقت كلمة العذاب عليهم ، ونكصوا خائبين ، وانهزموا خائفين . تفرقوا في جهات المهارب ، واعتصموا بالأنهار والمسارب . نفتهم الأرض من مناكبها ، وضاقت عليهم من جوانبها . جعلوا يتسللون من أثناء الأنهار ، وكل ينهار في جرف هار . طار بين سمع الأرض وبصرها . لا يدري ما يطا من حجرها ومدرها . هام على وجهه لا يدري أفي الأرض يطلب مدخلا ، أو في السماء يلتمس معقلاً وكلاً كذا فإن تخومك الأرض تسلمه ، ونجوم السماء ترجمه . تطاير حشدهم الفجرة ، كأنهم حمر مستنفرة ، فرت من قسورة . طاحوا كل مطاح ، وطاروا بأجنحة الرياح . لا يجدون في الخضراء مصعدا ، ولا على الغبراء مقعدا . لم تلقهم أرض ، ولم يسعهم طول ولا عرض . لفظتهم البلاد ، ومجتهم البقاع ، إلى حيث لا استواء قدم ، ولا اهتداء بعلم ، ولا سماء تظلهم أو تجنهم ، ولا
أرض تقلهم أو تكنهم . طاروا بقوادم وجل ، وطاحوا بين سقوط أمل ، ودنو أجل . استبدوا بمسكة العزائم ، هتكة الهزائم . نكصوا على الأعقاب يرون الأشخاص كتائب تختطفهم ، والأشباح مقانب تنتسفهم . لما ترامت بهم البلاد تآمروا بينهم يتعاذلون ، وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون . هزيمة قوض الله بها عروشه ، وفض جيوشه ، وضلل وساوسه ، وأبطل هواجسه . هزيمة فرق الله بها جمعه ، وبدد شمله ، وعجل قمعه . غاض في بعض الغياض مخفياً لشخصه ، مشفقاً على نفسه . صفراء لم يصحبه صافر ، ولم ينج معه طارف ولا باصر . كلما هبت عليه هابة ريح حسبها خيلاً تكر عليهم ، أو رجلاً تبتدر إليهم ، وكلما عنت عليه عانة أرض ظنها براً ينخسف به ، أو بحراً يحيط به . لو وجد في الأرض نفقاً لأولجه فيه شدة روعه ، أو في السماء مرتقى لأعرجه إليه نخب روعه . الحمد لله الذي ردهم في أكفان من المذلة ، وقبرهم في لحود من الخوف والوحشة .
ذكر ركوب الأولياء أكتاف المنهزمين وقرب متناولهم على الهلاك
ركب الأولياء أكتافهم يشلونهم شل النعم ، ويفرونهم فري الأدم ، ويذكونهم كهدايا الحرم . لم يزل الطالب راكباً أكتافه ، وقابضاً أطرافه ، حتى زخ به الحذار في يوم وليلة ، إلى موضع كذا بعد أن انتظمت الطرق إليه بجيف أصحابه ورذايا خيله وركابه ، ركب الأولياء أكتافهم وعيون المنايا ترصدهم ، وأيدي الحتوف تحصدهم . أمر فلان بأن يبعد في آثارهم فلا ينهههم ، ويجد في طلبهم فلا يرفههم . لتعجلهم صدمته عن التوصل إلى الاستراشة ، والتمكن من الاستجاشة . هاموا على وجوههم يرجون الخلاص ولا خلاص ، وياملون النجاة ولات حين مناص . فإن الطلب من ورائهم على أحشاد ، وما أعد الله لأمثالهم بمرصاد . طار فلان بجناح الفرار ، متلفعاً بالذل متقنعاً بالعار ، والخيل مغذة في طلبه ، وموعودة الظفر به . فإن قضاء الله
كالليل الذي هو مدركه ، ومفاجئه فمهلكه . ركب الأولياء أكتافهم ، وتحيفوا أوساطهم وأطرافهم ، وغنموا أثاثهم وأسبابهم ، وظهورهم ودوابهم . ما هو إلا دريئة الهرب ، وفريسة الطلب . أنى له المقام ورماح الطلب نحوه مشرعة ، وخيوله إليه مسرعة .
ذكر الغنائم
غنموا أموالهم التي لم يؤدوا فيها حقاً معلوما ، ولم يغنوا بها سائلاً محروما . غنموا أموالهم التي احتجنوها فاختزنوها . استولى الأولياء وغنموا ، وكلموا وما كلموا . غنموا ذلك الحطام ، المجموع من الحرام ، المثمر من الآثام ، المقتطع من فيء الإسلام . غنموا أموالاً إن ذكر قدرها ، استشرف أمرها ، وكيف بذلك والذهب حتى الآن يكال بين الأولياء كيلا ، ويهال بين الغانمين هيلا . غنم الأولياء ما بقت لهم الحوادث ، وأسأرت عندهم النوائب من أمهات الذخائر والعقد النفائس . قد صارت أموال الأعداء غنائم لهم لا تحصى كثرة ، وعادت على الفاسقين مظالم وحسرة .
ذكر موت العدو
أفضى به سوء العاقبة إلى العذاب الأليم ، والمال الذميم ، وسكنى الجحيم ، وسقيا الحميم . قضى نحبه ، ولقي بأسود صحيفة ربه . جراحة أتت على نفسه ، ووسدته في رمسه . آل أمره إلى وبال ، وانحلال واضمحلال ، قبض إلى أخراه على النفاق ، كما عاش في دنياه على الشقاق . مضى لسبيله يقدمه الخزي ، ويتبعه اللعن ، ولا تبكي عليه السماء ولا الأرض . قبضت . نفسه الخبيثة على ضلال وخبال ، وسوء حال ومال . تقطعت وسائل بقائه ، واتصلت حبائل فنائه .
سلامة الأولياء على الحرب
عادوا منصورين موفورين لم تمسسهم جراح ، ولا عضهم سلاح . لم يمسسهم قرح ، ولم ينلهم جرح . لم يصبهم ثلم ، ولا مسهم كلم . لم يمسسهم سوء ، ولم يشمت بهم عدو .
جلالة شأن الفتح وعظم موقعه وحسن آثاره
كتابي والزمان ضاحك السن ، متظاهر البشر ، والدنيا مشرقة الجو ، مضيئة الأفق ، للفتح الذي تفتحت له أبواب الشرف والمجد ، وتفتقت أنوار الملك والعدل . كتبت والأرض ريا ضاحكة ، والدنيا خضراء ناضرة ، وفجر الإسلام عال ساطع ، وسيف الإيمان ماض قاطع ، والبلدان ملأى تهانيء وبشارات ، والأولياء شورى بين أفراح ومسرات ، لما بشر به كتاب مولانا من الفتح الذي نطقت به ألسنة الشكر ، وارتاحت له أندية الفضل . قد جل هذا الفتح عن تطلب نعوته بتصريف الأقوال ، وتفخيم شؤونه بضرب الأمثال ، وصار التمويل على ما قد تمكن في القلوب من حاله ، واستقر في النفوس من جلاله . لأن آثاره تنظم حاشيتي الشرق والغرب . الفتح الذي أصبح الإسلام به متسع النطاق ، والعدل ممدود الرواق ، والسلطان ساطع الإشراق . محروساً من عدوه المراق ، ونزغة الشقاق . الفتح الذي تفتحت له عيون الزمان ، وأشرق بأنواره الخافقان . الفتح الواضح قدمه على ناصية الشمس ، الماحق بضيائه أنوار البدر ، الضارب برواقه من فوق النجم ، الجاثم بجلاله على رقاب الدهر ، الماد يديه إلى الشرق ، ينظمه إلى أقاصي الغرب . الفتح المبسوط بين المشرقين شعاعه ، الممدود على الخافقين شراعه . أجل بشرى أسفرت عنها الأيام والليالي ، وسفرت فيها البيض والعوالي .
?
إشاعة خبر الفتح
أشيع خبر إشاعة اهتزت لها أعواد المنابر ، وعرفها البادي معرفة الحاضر
كتبت في إشاعته بما يملأ المسامع ، ويشحن المجامع ، ويعمر المحاضر ، فيملك المنابر . قد أشعناه حتى لو عرفه الخاص من أخص المحاضر ، وسمعه العام من صدور المنابر . شهر خبره في الخاص والعام ، بين ألسنة المنابر وأسنة الأقلام . اهتزت له المجامع ، وأصغت إليه المسامع ، ووعاه الحاضر ، وتزوده المسافر . طالعته بنبإ هذا الفتح الذي ينشر في المواسم ، ويؤرخ في الملاحم ، ويؤثر بين الغائب والحاضر ، ويذاع على ألسنة المنابر .
?
حسن حال البلدة المفتوحة والتخفيف عن رعيتها
طهرها من شوائب الفساد ، وأطلع فيها كواكب السداد ، وأرخى من خناق الرعية ، واستنقذها من أنياب الأذية . ابتسمت بلاد كذا عن ثغور الأمنة ، وطالت فيها أنواع النصفة ، وامحت دونها سمات الخونة ، وجمع الله أهلها على مسالمة كشفت المحن ، وعفت الإحن . استبدلت الرعية بشدة الوجل ، قوة الأمل ، وبانبساط الأبواع والأيدي عليها ، انقباض الأطماع والعوادي عنها . سكنت الرعية ، وانحسمت الأذية ، ورتب العمال ، وهذبت الأعمال . أطلع فيها كوكب العدل وكان خافيا ، وأوضح لهم منهاج الأمن وكان عافيا . كأنما بدلوا من ظلمات نورا ، وأعقبوا من موت نشورا . وصل إليهم برد الأمن وقد صلوا بحر الذعر . فرش النصفة وأفاضها ، وبسط الرعية وأزال انقباضها ، ووهب سقيمها لبريها ، وظنينها لنقيها . أراح تلك البلاد من جامعة الضر والبوس ، وظلمات الظلم العبوس . علمت الرعية أن العدل قد امتدت أبواعه ، والجور قد نفدت أنواعه . فأيقنت بالخير الموفور ، والانتقال من الظلمات إلى النور .
الأدعية السلطانية عند الفتوح والبشائر وغيرها
سألت الله أن يطيل بقاء مولانا موصول السلطان بالدوام ، مكنوف الراية بالنصر
والانتقام ، مظفر الألوية والأعلام . ممدود الظلال على الخاص والعام . أدام الله أيامه مصرفاً أزمة الأرض ، مالكاً أعنة البسط والقبض . أدام الله سلطانه مستولياً على الإيراد والإصدار ، مخدوماً بأيدي الأقضية والأقدار . لا ينهد عزمه لأمر ، إلا أسفر عن عز ونصر ، ولا ينهض همه لأرب ، إلا تجلى عن استظهار وغلب . لا زال يتناول أقاصي المراد ، بقريب السعي والارتياد ، ويبلغ مرامي المرام ، بداني العزيمة والاهتمام ، والله يديم له الفتوح يميناً ويسارا ، ويزيد أعداءه ذلا وخسارا . لا زالت البشائر وفود سمعه يطرق بابه ، وبرفع لها حجابه . أطال الله بقاءه مستولياً على ما تخطبه عزمته ، وتقتضيه نعمته . أبقاه الله نافذ المكائد والعزائم ، ماضي الآراء والصوارم . عالي اليد والراية ، شامل الملك والولاية . حتى تجتمع له الأرض براً وبحراً في عقدة ملكه وتنتظم الخلق شرقاً وغرباً في صفقة ملكه ، والله يبقيه لتذليل الخطوب إذا صعرت خدودها وأمالت أجيادها ، وكثرت أعوانها ووفرت أعدادها ، حتى يملك ما طلعت الشمس عليه ، وانتهى هبوب الريح إليه . هنأه الله علو صيته في تدبير المقانب ، وتحصيل المناقب . لا زال النصر يقدمه ، والدهر يخدمه ، والفتوح تصافحه ، والمناجح تغاديه وتراوحه . أدام الله أيامه لحسم المعار عن الدنيا بأسرها ، وقطع المضار عن الأرض وأهلها . منبسط الظل على النهار حتى لا تشب نوائبه ، وعلى الليل فلا تدب عقاربه . أبقاه الله للدنيا والدين ، وأخذ راية المجد باليمين ، ولا زالت الأرض تحت تصريفه وتدبيره ، والناس بين تقديمه وتأخيره . أدام الله له النجم صاعدا ، والزمان مسعداً ومساعدا ، مالكاً رقاب الخافقين ، ومذللا صعاب المشرقين ، ومصرفاً أزمة الملوين ، ومستغرقاً جديد النصر على كر الجديدين ، ليعم الأقاليم السبعة بسلطانه وإحسانه فيغمرها ، ويملكها بأعوانه وأوليائه فيعمرها .
الدعاء على أعداء الدولة
سألت الله أن يصرف وجوه الرزايا ، ويعكس رقاب المنايا ، إلى أضداد دولته ،
وكفار نعمته ، فلا يخلو أحد منهم من فجيعة وجيعة ، وملمة أليمة ، تشغلانه بنفسه ، وتكلانه إلى خذلانه ونحسه ، وتغنيان مولانا عن أن ينزع سهماً من كنانته ، أو يشهر سيفاً من أسياف نقمته . لا زال مولانا واطئاً بسنابك خيله قمم منابذيه . مغمداً سيوفه في رقاب مخالفيه ، زاد الله أعداءه سقوط مواقع ، وهبوط مواضع ، ونحوس طوالع ، وحتم على كل مشاق لكلمته ، محاد لدعوته ، أن يكون الموت في رق الذل أهنأ مشارعه ، وأقرب موارده ، والله يجعل أعداء دولته ، صرعى صولته ، ومشاقي كلمته ، جزر نقمته . لا زال أعداؤه تلفظهم ظهور الأرض ، وتقبلهم بطون الترب . لا زال منابذوه حصائد سيوفه ، ورهائن خطوب الدهر وصروفه .
استقرار الدار بالسلطان وما يتصل بذكر ذلك من الأدعية
أقبل مولانا فأقبلت به الدنيا المولية ، وامجلت الظلمة المستولية . كأن حلوله بمركز عزه ومقر ملكه . حلول الديمة الوطفاء ، غب السنة الشهباء ، والنور المنتشر ، بعد الظلام المعتكر . انحسرت الغمة بلألاء جبينه ، ودرت النعم من أخلاف يمينه . عاد إلى سرير ملكه ، ومقر عزه ، على الطائر الأسعد ، والجد الأصعد . فتوجهت الرغبات إلى الله في أن تقرن بذلك من الحبرة بأخضرها ، ومن السعادة بأنضرها . هنأ الله مولانا أوبته إلى منشإ عزه ، ومستقر ملكه . على أفضل ما وعدت به الطوالع السعيدة عند نهضته ، ودلت عليه البشائر الحميدة في سفرته . أتت البشائر بعود مولانا إلى دار سلطانه المعمورة بنضارة أيامه . قد أعطته المطالب قيادها ، ووطأت له المناجح مهادها عاد مولانا إلى السرير مستقراً على غاربه ، حامياً لجوانبه ، قد دانت له الطوائف ، وأمن به الخائف ، وضم النشر ، ولم الشعث وأشرقت الأرض وتباشر البشر .
آخر كتاب السلطانيات وما يقع في أبوابها ، ولله الحمد .
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الشوارد والفوارد وما يشبهها
هبوب ريح الأقبال
قد ركب من الإقبال مطية لم تقف به إلا على الغاية ، وسلك من السعادة طريقاً لن يؤديه إلا إلى الزيادة . قد امتطى ظهر الإقبال ، وشافه درك الآمال . هب عليه نسيم الثروة ، وتمهد له فراش النعمة . زفت إليه الأيام أبكار النعم ، وأتحفته ببواكير المنح . اقترن النجح بمطلبه ، واقترب من مقصده . امتد عليه ظل النعمى ، وجناح الغنى . ظهرت على أموره أمارات الإقبال ، ورفرفت حوله طير حسن الحال . أفاق من سقم الفاقة ، واتسع بعد الإضافة .
تباشير النجح والغنى
شارف نيل الإرادة ، وشافه لسان السعادة ، وابتسم له ثغر الأمل ، وآذن بالنجاح في أقرب أمد . قد لاح النجاح وانتشر نوره ، ولمعت تباشيره . إن ما يبدو من تباشير النجاح ، يضاهي فلق الإصباح ، الذي يتلوه طلوع الشمس وإشراقها ، واستضاءة العيون والنفوس بها وارتفاقها ، أو الغيث رش ثم قطر ، ومبادي الشجر ورق ثم زهر . هل يرتجى الغيث إلا بمخائله ، ويستدل على أواخر الأمر إلا بأوائله .
حسن الجال ووفور المال
سالمه الدهر وساعدة الجد ، وحالفه السعد . قد نال ما لم يحتسبة إلا وهما ، ولم يؤلمه إلا حدسا ، فاز برغائب النعم ، وغرائب القسم . خاض بحر الغنى ، وركض في ميدان المنى . رأى من الإنعام ، ما لم يره في المنان ، فكيف من الأيام . قد أدر الله له أخلاف الرزق ، ومهد له أكناف العيش ، وآتاه أصناف الفضل ، وأركبه أكتاف العز . اتسقت أحوال معيشته ، وبسقت أغصان دولته . اتسعت مودا ماله ، وتفرعت شعب حاله ، تناول النعم فيضا ، لا قبضاً ، وورد منهلاً ، عللاً لا نهلا . لا يمتد له طرف إلا إلى نعمى ، ولا يصغي سمع إلا إلى نغمة بشرى . لا يلتوي عليه مطلوب ، ولا ينزوي عنه محبوب . قد سخر له المقدار ، وساعده الفلك المدار . نادى الآمال فإجابته مكثبة ، ودعا الأماني فعاجلته مصحبة . رأت عيناه ، ما لم تبلغه مناه ، واتسعت نعمته ، بحيث لم تنله همته . امتلأ ناديه من ثاغيه صباح ، وراغيه رواح . تلاحقت حاشيته ، وتلاحقت ماشيته .
ذكر المال الصامت
ورمت أكياسه فضة وتبرا . عنده من العين ما تقر به العين . العين للعين قره ، وللقلب قوة . من ملك الصفر أبيض وجهه ، واخضر عيشه . كم عنده من عدو في برده صديق . من نجاز الصفر ، يدعو إلى الكفر ، ويرقص على الظفر . كدارة العين ، يحط ثقل الدين ، وينافق بوجهين . فلان مستظهر بخبايا الحقائب ، وسرائر الأخراج ، وضمائر الصناديق . أموال اغتص بحسباناتها الديوان ، وناء بثقلها الخزان .
تراجع الأمور وركود ريح النعمة
رفت حاشية حاله ، ومالت دعامة ماله . قد أفل نجمه ، وسقط سهمه ،
وكثرت فتوقه ، واتسعت خروقه . أخمدت ناره ، ووضع مناره ، خبا قبسه ، وكبا فرسه . قد قعدت به نواهضه ، وتساقطت خوافيه وقوادمه .
انحاء الخطوب والنوائب
حصل بين أنياب الزمان ومخالبه ، وصلي بنار حوادثه ونوائبه . تصرفت به خطوب تتلو خطوبا ، وشوائب تدع الولدان شيبا . حوادث أجحفت ، وكوارث الحفت . عصفت به عواصف الثبور ، وقواصف الدهور . بين محنة قاصدة ، ونكبة راصدة . قد عاين شدة متعبة ، وعانى أموراً مستصعبة . مر به ما لو مر بالحديد لذاب ، أو بالوليد لشاب . نشب في أعظم خطة ، وأصعب ورطة . قد عضه ناب النائبة العظمى ، ورمي بسهم الدامية الجلي ، وحصل في أسر الطامة الكبرى . حرمسه الضر ، وانحى عليه الزمن المر ، ونشزت عليه البيض وشمست منه الصفر ، وأكلته السود وحطمته الحمر . قد حلي بفم الدهر فما يشبع من أكله نهساً ونهشا ، وخضماً وقضما .
سوء الحال واستحكام الحرقة
فلان يرتضع من الدهر ثدي عقيم ، ويركب من الفقر ظهر بهيم . عاثر لا يستقل ، سليم لا يبل ، كسير لا ينجبر ، مضيم لا ينتصر . قد زالت عنه الآلآء ، وانثالت عليه اللأواء . لو بلغ الروق فاه ، لولا قفاه . لا يأوي إلى ظل الدنيا إلا تقاربت أكنافها ، ولا يمتري درها إلا أخلفت أخلافها .
سوء أثر الفقر والضر
جاء بوجه قد غبر فيه الفقر ، وانتزف ماءه الدهر ، وأمال قناته السقم ، وقلم أظفاره العدم . وجه أكسف من باله ، وزي أوحش من حاله . جاءنا ببدن ناحل ، ووجه حائل ، ورجل وحلة ، ويد قحلة ، وأنياب قد افتر عنها الضر ، والعيش
المر . طريح ضعف ومتربة ، وطليح ذل ومسكنه . جاءنا بوجه قد نضب ماؤه ، وطال سقاؤه . لا يملك غير الجلدة بردة ، ولا يلتقي بحياه رعدة . جاءنا فلان يضيق بالبرد ويسعه ، ويأخذه القر ويدعه .
وصف ثياب الفقر
جاء في قميص قد أكل عليه الدهر وشرب . أطمار لعبت بها أيدي البلى . جبة تقرأ ( إذا السماء انشقت ) سواء لابسها والعريان . جبة لا تساوي تصحيفها . أطمار كالهواء الرقيق ، وكالشراب الرقراق . رداء دب فيه الردى . أطمار كنسج العناكب ، ونار الحباحب . رأيت فلاناً في ثياب أخلاق ، لم يبق فيها من عمل الحائك باق . أطمار أرق من أكباد المحبين ، إذا هب عليها النسيم امتزجت بالهواء ، وانتظمت في سلك الهباء .
وصف المتناهي في الفقر
قد أحلت له الضرورة ما حرم الله عليه ، قد حصل على أشد إضافة ، وتكشفت عن أقبح فاقة ، قد تناهت حاله في الانتشار والرزاحة إلى التكشف عن دار بلقع ، وفقر مدقع . انتقل من سلخ جلد إلى تعرق لحم ، ومن رض عظم إلى انتقاء مخ . فلان حي كميت ، وفي بيت بلا بيت . ليس معه عقد ، على نقد . يخرج خروج الحية من جحره ، والطائر من وكره . حاله حال السليم مله عواده ، والغريق أسلمته أعواده . هو بين أنياب الدهر تحطمه بصريفها ، وتعتوره بصروفها ، ويده صفر ، ومنزله قفر ، وغداؤه الخوى ، وعشاؤه الطوى ، ورطاؤه الغبراء ، وغطاؤه الخضراء ، وإدامه التشهي ، وطعامه التمني ، وفراشه المدر ، ووساده الحجر . ثوبه جلده ، ومركوبه رجله . خصيب العين . جديب البطن ، واسع المنى . ضيق الغنى ، أفرغ بيتاً من فؤاد أم موسى .
ذكر اليسر والعسر والإنتعاش من صرعة الدهر
تجلت عنه غمة الخطوب ، ودارت له العواقب بالمحبوب . انقشعت ضبابة محنته ، وتجلت غمرة كربته ، وطلعت نجوم سعادته ، وهطلت سحائب إرادته . صلح له الدهر الطالح ، وملكه عنانه البخت الجامع ، طلع سعده بعد الأفول ، وبعد صيته بعد الخمول ، صار كمن أحيي وهو رميم ، وأنبت وهو هشيم . أنعم الله بإعادته ، إلى أحسن عادته . أقبلت عقد أموره تتحلل ، ومطالبه تتسهل ، ووجوه مناجحه تتهلل . أخرجه من الضيق إلى السعة ، ومن الانزعاج إلى الدعة . تماسكت حاله التي تخللها الخلل ، وثبتت قدمه التي ملكها الزلل . صلحت حاله واستقلت ، وثبتت قدمه واستقرت .
وصف عيش الناعم المغبوط
فلان في عيشة ندي ظلها ، وسح وابلها وطلها . هو عيش رقيق الحواشي ، مثمر النواحي . هو في نعمة صافية ، ومنحة ضافية ، وعيشة راضية . قد لاحظ العيش مخضر العود ، ولابس الدهر متصل السعود . هو صائب سهم الأمل ، وافر جناح الجذل . يفترع أبكار اللذات ، ويجتني ثمار المسرات ، يغازل الغزلان ، ويقامر الأقمار ، ويعاقر العقار . يهصر أغصان القدود ، ويقطف ورد الخدود ، ويجني رمان النهود . قد صحبته الأيام أحسن صحبة ، وعاشرت الزمان أهنأ عشرة . غراب البين عن ربعه مطار ، وغيم اللهو فيه مطير . هو في جانب منيع ، وجناب مريع . ثمل في غناه ، مستقل في كراه قد هنأه الله كل يوم إحساناً أغر ، وملأه عيشاً أغن . قد خفض الزمان له جناحاً ، وآلان مهاده . فهو يأخذ ما يشاء ويدع ، ويلعب ويرتع لذلة العيش وطاب ، وولى رقيب الغم عنه وغاب . هو بين جاه عريض ، وعيش غريض . هو بين نعمة سنية ، وبلهنية هنية . تذل له الأيام أخادعها ، وتدني إليه
المطالب مشارعها . عيش أخضر العود ناضره ، مائل الغضن مائره . هو بين أنواء خير وخصب ، وأنوار رياض وعشب .
في ضد ذلك
نجمة منكدر ، وعيشة كدر ، ولباسه خشن ، وطعامه خشب . يقاسي من فقد رياشه ، وضيق معاشه ، قذارة عينه ، وغصة صدره . حال تريه النهار أسود ، والعيش أنكد . إذا أصبح ركب ظهر الشيهم ، وإذا أمسى توسد ذراع الهم . يكابد من مرارة عيشه ناب الأرقم ، ويتجرع كأس العقم . منغض شرعة العيش ، مقصوص جناح الأنس . حاله حال السليم في كربته ، والغريق في لجته ، والمحترق بحرته . هو بين غمائم لا تمطر إلا صواعق ، وسمائم لا تهب إلا بوائق . قد تلقها بوجه الثامت ، ويد المصالت . عيشة رنق ، ومورده طرق ، وجانبه حزن ، وحاله حزن . طريح كربة لا يعرف مداها ، وجريح غمة لا تكل مداها . ما يأكل إلا على نغص ، ولا يشرب إلا على غصص . قد انقبضت مسافة طرفه ، وأظلم أفق عيشه ، وغربت نجوم سعده .
? السرور والإهتزاز
أخذتني هزة ، وانتشرت في جوانحي مسرة . وجدت أعضائي كلها تتباشر ، ووجوه رجائي تتهلل ، وأعطاف مسرتي تهتز ، وسحائب غبطتي تنهل . حالي حال من حكم في مناه ، وأعطي كتابه بيمناه . كدت أهيم فرحاً ، وأطير بجناح السرور مرحا . ملكتني المسرة حتى استفزتني ، واشتملت علي حتى هزتني . علتني بشاشة النجاح ، ودبت في نشوة الارتياح . أصبحت لا تقلني كواهل أرضي مرحا ، ولا أعواد سرجي فرحا . اتسع لي مسرح السرور ، وهطلت علي سحابة الحبور . اهتز عطفه ، وارتفع طرفه ، وانشرح صدره ، وترجم عنه بشره . هزة تهدي المسرة إلى سواد القلب ، وتؤدي الغبطة إلى سواء النفس .
ابتهاج حل حبوة وقاره ، ولاح أثره في أثناء وجهه وأسراره . اهتز اهتزاز الرامي قرطس سهمه ، والضارب نفذ حده ، والشجاع ظهرت فروسيته ، والحازر صدقت فراسته . سرت المسرة في أعضائي ، وطبقت الغبطة أحشائي ، وتهللت وجوه من الأنس كانت قبل عابسة ، وأرقت غصون من الفرح وعهدي بها يابسة . أقبلت بقلب مرتاح ، وصدر ملآن من انشارح . جاء بأقوى يد وأبسطها ، وأسر نفس وأنشطها . قد شق الضحك شدقه ، وأمال الطرب عنقه . مسرة تركتني كالغصن غازلته الصبا فترنح ، ومرت به الشمال فترجح . قرت عيناه ، وانبسطت يمناه ، وصافح مناه . المسرة آتية ، والبهجة مواتية ، والوحشة مولية . لم أضبط نفسي ارتياحاً وهزة . كادا يورثاني بغية وعزة . أنا في ثوب المسرة رافل ونجم الوحشة عني آفل . دواعي المسرة مكتنفة ، وعوادي الوحشة منكشمة .
في ضد ذلك
في نفسه بلابل تدور ، ومراجل تفور . يده دعامة لذقنه ، وجسمه خشبة لحزنه . قد صافح أكف الحزن ، واستسلم لأيدي الزمن ، ما يستقر به مضجع ، ولا يجف له مدمع . باله كاسف ، وقلبه راجف . هم قد نكأ القلب وأبكى العين . لا أقول عمه ، ولكن أعماه وأصمه . يرى ضياء الدنيا ظلاماً ، ويتصور نور الشمس قتاما . منطوي الجوانح على أذى ، مغضوض الجفون على قذى ، قد طبق الحزن بسيطة صدره ، وأنفق الغم ذخيرة صبره . غمه جذع فتي ، وقلقه غض طري . نهاره للفكر ، وليله للسهر . طرق الأمس دونه مبهمة ، وآفاق السرور عليه مظلمة .
ذكر الأمن
فلام لا يلتفت وراءه مخافة ، ولا يخشى أمامه آفة . قد أبدله الله بحر
الخوف برد الأمن فأمن سربه ، وعذب شربه . أمن لا يذعر معه السرح ، ولا يتغشى لباسه الذعر . قد سكن روعه والتحف عليه جناح السكينة ، وحصل في ظل الطمأنينة . قد سكن جاشه ، وزال استيحاشه .
في ضد ذلك
إذا نام هاله طيف ، وإذا انتبه راعه سيف . طار قلبه بجناح الوجل ، وطاش لبه في قبضة الوهل . الأرض عليه كفة حابل أو أشد تقاربا ، وحلقة خاتم أو أتم تداخلا . قد ملكه خوف لا يريم ، وذعر لا ينام ولا ينيم . قد طاح روعه فرقا ، وطار قلبه فرقاً ، كادت نفسه تطيح ، وروحه تسري بها الريح .
ذكر الطاعة بعد الإمتناع واللين بعد القسوة
دان بعد طماحه ، ولان بعد جماحه . سمح ، بعد أن جمح ، وتطوع ، بعد أن تمنع . استأسر ، بعد أن استأسد ، وتذلل ، بعد ما تدلل ، وتأتى ، بعد ما تأبى ، وعنا ، وبعد ما عتا ، دان مقاده ، ولانت شداده . ذلت أخادعه ، وتسهلت مراتعه .
الضياع وما يجري من الألفاظ في ذكرها ووصف أحوالها
لفلان ضويعة يرتفق بها ، ويرتزق منها . ضيعة أنفق عليها أيام عمره ، وأراق فيها ماء شبيبته . ضيعة اقتناها يوطء الجمر ، واستعمرها بانتعال العدم . ضيعة يحشد في عمارتها ، ويحتمل في تثمير ارتفاعها ، ويبيع ما يلوح له الحظ في بيعه من غلاتها . تلك الضياع على اتساع بقاعها ، وعظم ارتفاعها ، قد استغرقت غلاتها . نوائب السلطان ، وتحيفت ثمراتها جوائح الزمان ، فلا فضل فيها للإفضال على الإخوان . وقفت على ما عرض في تلك الضيعة من الضيعة ، وفي تلك الغلة من الخلة . أربابها أرباب خلة وقلة ، وأحوال
مضمحلة . إن الجراد العام قد جرد وأفسد . نوائب أناخت على صبابة معيشته لم تبق ولم تذر ، وتركت نباتها كهشيم المحتظر ، وذلك أن برداً أتيح لها كبيض النعام كبراً فأقعد قائمها ، وغيب ناجمها ، وتركها عافية تندب كما نذب الشعراء الأطلال ، ثم تنشد أن الوقوف على المحيل محال . هو في تلك الضياع بين نصح يؤثره ، وجميل يؤثره . قد حفر ، وحرث وبذر ، وقوم المائد ، وأصلح الفاسد ، وعمر الغامر ، وتألف الناقر . كان من أثره الحميد توصله بيسير النفقة إلى عمارة القني حتى تفجرت عيونها ، وغزرت مياهها . هاذ مع غيض الماء في عامة الأطراف ، ويكثر الزروع على الجفاف . قد صار دخلها على الضعف ، بعد عودة إلى النصف . قد أكد أساسها ، وثمر غراسها ، وأضحك رياضها ، وملأ حياضها . جاهد أمورها حتى تيسر أكثرها ، وتركها لا يتخللها خلل ، ولا يميل بها ميل . قدم فيها ما هو أصلح وأنجح ، وأوفق وأرفق . تلافي أمرها أعظم التلافي ، وتفرد تفرد الكافي الوافي .
ذكر الفرس والبغلة والحمار
فرس يتعب سائسه ، ويحمل فارسه . فرس رائع الخلق ، تنطق عنه شواهد العتق . سفينة برية ، وريح مجسمة . كأنه منتقب بالنجم ، منتعل بالحجارة الصم . يباري طلق البزاة ، ويفني أنفاس الفهود ، كأنه طود موثق ، أو سيل متدفق ، كالكوكب المنقض ، والبارق المنفض . كالجاحم المشبوب ، والهاطل المصبوب . ولا يعين عليه سوط ، كأنما أنعل بالرياح ، وبرقع بالصباح . كأنه شيطان ، في أشطان ، وكأنما لطم الصباح جبينه . كالبحر إذا ماج ، والسيل إذا هاج . بغلة تجمع بين حسن الشية ، وطيب المشية . أما ذلك الحمار فالريح أسير يده ، وشعل النار في أعضاء جسمه ، وحسد الأفراس مقصور على حسنه ، وكمد البغال لما فاتها من فضله .
وصف الأبام المشهودة والمشهورة
يوم هو عيد العمر ، وموسم الدهر . وميسم الفجر . يوم من أعياد دهري ، وأعيان عمري . يوم من أيام الدنيا ضاحك السن . طلق الوجه ، شريف الصيت . رخيص الدرهم والدينار . كثير الفرح والاستبشار . يوم أبرزت فيه الدنيا زينتها ، وجلت على النواظر في معرض الجمال صورتها . يوم هو يوم القيامة إلا أنه لا حشر ، وعيد الدنيا إلا أنه لا فطر ولا نحر . يوم خرجت فيه العذراء من الخدر ، والصبي من المهد ، وسلب الرجل رداءه في غمار الزحمة ، والمرأة سوارها فلم يسمع صراخها من الضجة . يوم تهافت فيه الناس حتى ضلت النعل ، وسقط الرداء ، ووطيء الشيخ ، وديس الصبي ، يوم تكاثرت فيه النظارة حتى حمل فيهم الصبي ، ودلف الشيخ ، ودبت العجوز ، وخرجت العروس ، وخلت الدور .
التأبيد
ما طلعت الثريا وغربت ، وشرقت الشمس وغربت . ما لاح كوكب ، وأقام يذبل وكبكب ، ما حال حول ، وعاد عيد ، واخضر عود . ما طلعت شمس ، وتكرر أمس ، ما تردد نفس ، وتكرر غلس . ما بل ريق فما ، ومداد قلما . ما انتهى ظلام إلى فلق ، وتأدى غروب إلى غسق . ما أخر المهل ، وضرب المثل . ما بقي إنسان ، ونطق لسان . ما طرد الليل النهار ، واطرد النجم وسار . ما تعاقب الضياء والظلام ، وتناسخت الشهور والأعوام .
آخر كتاب الشوارد والفوارد وما يشبهها ، ولله الحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأمثال والحكم وما يحذو حذوها
قال مؤلف في هذا الكتاب
قد اعتمدت بهاذ الكتاب الأخير أن يكون غرره كلها مستقلة بأنفسها ، منسوبة إلى أربابها الذين هم أفراد الدهر ، وأعيان العصر ، في أنواع النثر ، وجعلت لكل منهم باباً مفرداً ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
ما أخرج من كلام الأمير شمس المعالي أدام الله تأييده
الكريم إذا وعد لم يخلف ، وإذا نهض بفضيلة لم يقف . الرجاء كنور في كمام ، والوفاء كنور في ظلام ، ولا بد للنور أن يتفتح ، وللنور أن يتوضح . العفو عن المجرم من مواجب الكرم ، وقبول المعذرة من محاسن الشيم . بزند الشفيع توري نار النجاح والإقداح ، ومن كف المفيض ينتظر فور القداح . الوسائل أقدام ذوي الحاجات ، والشفاعات مفاتيح الطلبات . من أقعدته نكاية الأيام ، أقامته إغاثة الكرام . ومن ألبسه الليل ثوب ظلمائه ، نزعه عنه النهار بضيائه . قوة الجناح بالقوادم والخوافي ، وعمل الرماح بالأسنة والعوالي . اقتناء المناقب ، باحتمال المتاعب ، وإحراز الذكر الجميل ، بالسعي في الخطب الجليل . الدار دار تغرير وخداع ، وملتقى ساعة لوداع ، وأهلها متصرفون لورد وصدر ، وصائرون خبراً بعد أثر . غاية كل متحرك
سكون ، ونهاية كل متكون أن لا يكون ، وآخر الأحياء فناء ، والجزع على الأموات عناء ، وإذا كان كذلك ، فلم التهالك على هالك . حشو هذا الدهر الخؤون أحزان وهموم ، وصفوه من غير كدر معدوم . إذا سمح الدهر بالحباء ، بأبشر بوشك الانقضاء ، وإذا أعار ، فاحسبه قد أغار ، وإذا حالف ، فاحسبه قد خالف . الدهر طعمان حلو ومر ، والأيام صرفان عسر ويسر ، والخلق معروض على طورية ، مقسوم الأحوال على دوريه . لكل شيء غاية ومنتهى ، وانقطاع وإن بعد المدى . ترك الجواب ، داعية الارتياب ، والحاجة إلى اقتضاء ، كسوف في وجه الرجاء . النجيب إذا جرى لم يشق غباره ، والشهاب إذا سرى لم تلحق آثاره . من أين للضباب ، صوب السحاب ، وللغراب هوي العقاب ، وهيهات أن تكسب الأرض لطافة الهواء ، ويصير البدر كالشمس في الضياء . قد يستعذب الشريب من منبع الزعاق ، ويستطاب النحيب من النهاق . كل غم إلى انحسار ، وكل عال إلى انحدار . هم المنتظر للجواب ثقيل ، والمدى فيه وإن كان قصيراً طويل .
ما أخرج من كلام أبي القاسم علي بن محمد الإسكافي
الزمان صروف تجول ، وأمور تحول . الأخلاق تنميها الأعراق ، والثمار تنبي عنها الأشجار . الشكر به زكاء النعمى ، والوفاء معه صلاح العقبى . السعيد من تحلى بزينة الطاعة ، واقتدح بزند الجماعة . العامة لا تفقه حقائق المذاهب ، ولا تعرف عواقب التألب والتجارب . المخذول يرفع رأساً ناكسا ، ويبل فماً يابساً . لا يشوقنك غرارة الصبي ، ولا يروقنك زخرف المنى . استعذ بالله من نزغات الشيطان ، ونزقات الشبان . من خلا له الجو باض وصفر ومن استرخى به اللبب نزا وطفر .
ما أخرج من كلام أبي الفضل بن العميد
متى خلصت حال من اعتوار إذى ، وصفا فيه شرب من اعتراض قذى . قد
تتماسك الأمور حتى تبلغ إلى غاية ، ثم تتباين وتتهافت وتستمر حتى تنتهي إلى نهاية ، ثم تتخاذل وتتفاوت . لن يفيض الإناء وإن تدارك القطر عليه حتى يمتلي ، ولا يتساقط الثوب وإن دب فيه البلى حتى ينتهي . قد تتسمح الأيام بما تمنع ، وتتساهل ثم تقطع ، وتصل الغبطة ، بالرزية ، والمحنة بالمحنة ، ولها غرات تبتدر ، وغفلات تنتهز . قبل أن تفطن فيخشن مسها ، ويمتنع جانبها ، ويتأبى طائعها ، ويتصعب سهلها . قد يعزب العقل ثم يؤوب ، ويغرب اللب ثم يثوب ، ويذهب الحزم ثم يعود ، ويفسد العزم ثم يصلح ، ويضاع الرأي ثم يستدرك ، ويسكر المرء ثم يصحو ، ويكدر الماء ثم يصفو ، وكل شدة فإلى رخاء ، وكل غمرة فإلى انجلاء . قد تنفجر الضخرة بالماء الزلال ، ويلين القاصي فيعود إلى الوصال . العاقل من افتتح في كل أمر خاتمته ، وعلم من بدء كل شيء عاقبته ، وطالع بظنه من كل غرس ما يجنى منه ، ومن كل زرع ما يحصد عنه . خير القول ما أغناك جده ، وألهاك هزله . من أسر داءه وستر ظماءه ، بعد عليه أن يبل من علله ، ويبل من غلله ، الرتب لا تبلغ إلا بتدرج وتدرب ، ولا تدرك إلا بتجشم كلفة ونصب . الصحيح يصيح ويفصح ، والحق يلوح ويلمح . الوداد غرس إن لم يوافق ثرى ثريا وماء رويا ، لم يرج إيراقه ، ولم يؤمل ثماره وأوراقه . القلوب أوعية يشرحها الرفق ، ويبسطها اللطف ، ويفسحها التمرين ، وإذا تجوز بها هذه الخلال ، إلى الأستكراه والإملال ، خرجت عن احتواء علم ، وضاقت عن ضبط فهم ، وفاضت بما تستودع . رأس المال خير من الربح ، والأصل أولى بالعناية من الفرع . المرء أشبه شيء بزمانه ، وصفة كل زمان منتسخة من سجايا سلطانه . قد يبذل المرء ما له في صلاح أعدائه ، فكيف يذهل العاقل عن حفظ أوليائه ، للأمور أوائل دالة على أواخرها ، ومقدمات شاهدة لعواقبها ، هل السيد إلا من تهابه إذا حضر ، وتغتابه إذا أدبر . الإبقاء على خدم السلطان عدل الإبقاء على ماله ، والإشفاق على حاشيته وحشمه ، مثل الإشفاق على ديناره ودرهمه . قدم من خيرك ما لا ينفعك تأخيره ، واحصد
الشر قبل استفحاله ، وقوم الميل ما دام الغصن غضاً يقبل التقويم ، ورطباً يطيع التثقيف ، ولا تنتظر به العسور والامتناع ، وداو فتقاً تنهره الأيام خرقاً إن ترتكته ، ارأب شعباً يزيده الدهر وهياً إن أغفلته . المزح والهزل بابان إذا فتحا لم يغلقا إلا بعد العسر ، وفحلان إذا ألقحا لم ينتجا غير الشر .
ما أخرج من كلام أبي محمد الحسن بن محمد المهلبي الوزير
من تعرض للمصاعب ، تثبت للمصائب . من ضاف الأسد قراه أظفاره ، ومن حرك الدهر أراه اقتداره . من حنث في أيمانه ، وأخل بأمانته ، فإنما ينكث على نفسه . القلب لا يملك بالمخاتلة ، ولا يدرك بالمجادلة . التصرف أسنى وأعلى ، والتعطل أعفى وأصفى . أكفف عن لحم يكسبك بشما ، وفعل يعقبك ندما . مكن موضع رجلك ، قبل مشيك ، وتأمل عاقبة فعلك ، قبل سعيك . لا تبد وجه المطابق الموافق ، وتخفي نظر المسارق المنافق . لا تعدل عن النص ، إلى الخرص ، وعن الحس ، إلى الهجس . ربما وفي ظنين ، وهفا أمين . قتل الإنسان ظلم ، وقتل قاتله حكم ، لو لم يكن في تهجين الرأي مفرد ، وتبين عجز التدبير الأوحد . إلا أن الأستلقاح وهو أصل كل شيء لا يكون إلا بين اثنين ، وأكثر الطيبات أقسام تجمع ، وأصناف تؤلف ، لكفى بذلك ناهياً عن الأستبداد ، وأمراً بالاستمداد .
ما أخرج من كلام الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد
من استجار به فقد وطيء النجم بقدمه ، وسبق القدم بتقدمه . من اسمتاح البحر العذب ، استخرج اللؤلؤ الرطب . من غرته أيام السلامة ، حدثته السنة الندامة . من لم يهزه يسير الإشارة ، لم ينفعه كثير العبارة . رب لطائف أقوال ، تنزب عن وظائف أموال . الكلام إذا تكرر في السمع ، تقرر في القلب . من طلب الري من الفرات لم يخش الظمأ في ورده . ومن قصد الكريم برجائه
لم يحاذر الخيبة في قصده . من طالت يده بالمواهب ، امتدت إليه ألسنة المطالب . من غمط النعمة ، استنزل النقمة . من نبت لحمه على الحرام ، لم يحصده غير حد الحسام . من يكن الحذاء أباه ، تجد نعلاه . من لم يتحرر من المكايد قبل هجومها ، لم يغنه الأسف عند وقوعها . من عرف المفاخر ، عرف المعاير ، ومن حفظ المساعي كذا . الناس بالذم أعلق ، وروائحه بالحفظ أعبق . الاعتدال أعدل ، والطريق الأوسط أمثل . الرأي أقومه ، أحكمه ، وأسده ، أشده . رب اجتهاد ، أبلغ من جهاد ، ومكايد دقيقة المسارب ، أنكى من حداد صقيلة المضارب ، ولطائف أقوال ، تنوب عن وظائف الأموال . وثبات عقول وعقود ، أوقع منثبات جيوش وجنود . غش الكافي أحمد من نصح الناقص . الثناء الجميل لسان المساعي ، والبشر الحسن عنوان المعالي . الصدر يطفح بما جمعه ، وكل إناء مؤد ما أودعه . اللبيب تكفيه اللمحة ، وتغنيه عن اللفظة اللحظة ، الإحجام في مواطنه ، كالإقدام في مواقعه ، والترك في أماكنه ، كالأخذ في مواضعه . الراحة حيث تعب الكرام أودع ، لكنها أوضع ، والعقود حيث قام الأحرار أسهل ، لكنه أسفل . الشمس قد تغيب ثم تشرق ، والروض قد يذبل ثم يورق ، والبدر يأفل ثم يطلع ، والسيف ينبو ثم يقطع . اللبيب من الإيماء يكفيه ، والإيحاء يغنيه ، واللفظة تجزيه ، واللمحة تؤثر فيه . الكأس تكره أول ما تؤخذ ، ثم تنفع بعد ما تنفذ . السيذ لا يروع القطيع بأرضه ، والأسد لا يعدو على الفريسة في غيله . الوقوف في مدارج التهم ذنب عظيم ، والدخول في شبهات الظنن داء عقيم . العلم بالتذاكر ، والجهل بالتناكر . الطاعة سعيدة المطلع ، حميدة المرجع . العصيان ذميم الفاتحة ، وخيم العاقبة . الثعالب لا تجس
صالح الرزوق
2014-04-04
من القراءة الأولية للثعالبي و الجرجاني و الإمام الشهرستاني تستطيع ان تؤكد ان حكمة الغرب ( في البنيوية ) خرجت من معطف الفكر اليوناني القديم الذي كما ارى استند له هذا الثلاثي في تفنيد معنى الصورة الادبية و تراكيب و نحو الجمل في النص المكتوب و في الشعر ابشفاهي الذي تم تدوينه لاحقا.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |