تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
خاص ألف
2014-05-25
على إثر تحليل الفيلسوف الألماني ماكس هوركهايمر Max Horkheimer لتاريخ الفلسفة البورجوازية، نجد في قراءته لأعمال ميكيافيلي، منعطفا يتناول من خلاله تاريخ الحكم، ليرى (من منطلق ميكيافيلي طبعاً) : "أن شكل الحكومة الأصلي الذي نشأ عن تجميع الناس المتفرقين، هو الملكية Monarchie". على اعتبار أن أشكال الحكم (الحكومات) كظواهر اجتماعية تتعرض لقوانين التبدل والتغير (كحتمية)، مثلها في ذلك مثل الظواهر الطبيعية.
بذلك (حسب نفس المنعطف) : "ما إن يحدد تعيين الأمراء بالوراثة حتى تتحول الملكية إلى حكومة طغيان"، وهو ما تشهد عليه رئاسة حسني مبارك (الطويلة) لحكم مصر، حتى كشفت عن تحولها (نسبيا) لملكية عبر توريث الحكم. غير أنه وبالعودة لهوركهايمر وهو يتناول ميكيافيلي، فإن طريقة (نوعية) الحكم هذه سرعان ما "تكون نتيجتها ثورات وفتناً ومؤامرات"، و(كتوضيح) "في البداية لا يكون الشعب هو المحرِّض على الفوضى"؛ وإذا كانت الإشارة هن إلى (النخب السياسية) أبناء الحكام (الأمراء) بما أنهم "يلجأون إلى السلب والطمع واغتصاب النساء ويستعملون حتى العنف من أجل إشباع نزواتهم. فيتحولون سريعا بحكومة النخبة إلى ملكية تحكمها أقلية"، فإنه بإسقاط السلوكات ـ المحرضة على التمرد الشعبي ـ بالوضع المصري، فإن النخبة السياسية (المحيطة بالرئيس) والمُمارِسة لأنواع السلوكات المحرضة، كانت دافعها لحدوث "الثورة" : كما عقب هوركهايمر على فقرة ميكيافيلي بقوله "فيسقطون وتقام الديموقراطية". ليتابع "غير أن هذه الأخيرة (الديموقراطية) سرعان ما تميل إلي ـ حالة إباحية ـ وتسقط في الفوضوية"، وهي الفوضوية التي أنتجتها "الجماعات الإخوانية" نتيجة استفادتها من ثمار الديموقراطية : عبر صناديق الاقتراح.
من الفوضوية، يُكمِل هوركهايمر "حينئذ لا يمكن أن يُكتب الخلاص للشعب، إلا بواسطة شخص حازم، دكتاتور، ملك" وهو ما ظهر في شخصية "السيسي" كشخص حازم خلص مصر من فوضوية الإخوان.
إن الشذرات المتناولة في الموضوع، تشير إلى تغيرات تطرأ بحكم الإمبراطوريات خلال مسيرة طويلة وعبر أشواط تاريخية متباعدة؛ على عكس ما حدث في مصر : التي شهدت تقلبات سياسية في ظرف زمني قياسي (مقارنة بشهادة ميكيافيلي). الأمر الذي يثير تساؤلات حول السبب الذي يعود (نظريا) : إما على اعتبار مصر من اقدم المجتمعات السياسية منذ العهود الفرعونية لما قبل الأسر الحاكمة، والتي شهدت بذلك مختلف الحكومات و(عايشت) أغلب أنواع الحكم السياسي، فصارت بذلك دورة الحكم سياسي الميكيافيلي، تمر بشكل أسرع بالنسبة لهذا المجتمع الخاثر سياسيا (تاريخيا) ؟ أو نتيجة تطور الوعي السياسي للأفراد (خلال هذه المرحلة التاريخية الراهنة) ما أدى لتسريع دورة الحكم السياسي (كتشريح ـ فرز ـ لأهم أنوع الحكم) الأمر الذي قد يؤدي لتمخض نظام سياسي أفضل ـ صالح للظرفية السياسية والمعرفية والاجتماعية الراهنة ؟
ومهما كانت الإجابات وتعددت التفاسير، فإن قراءة ميكيافيلي تظل صالحة لغاية اللحظة الراهنة، شاهدة بذلك على القوانين السياسية التي لازالت تحكم الإنسان، منذ التجمعات البدائية؛ ونسبية الاختلاف بين ما حدث بالأمس البعيد، وبين ما يحدث اليوم : الإنسان لم يتغير سياسيا (ثقافيا).
بذلك فإن "أكبر تأثير مألوف للثوارت التي تعصف بالامبراطوريات هو ذاك الذي يجعلها تمر من النظام إلى الفوضى، ليعود بها فيما بعد إلى النظام" (ميكيافيلي).
______________________________
هوامش :
ـ ماركس هوركهايمر بدايات فلسفة التاريخ البرجوازية، ترجمة محمد اليوسفي، الفارابي/التنوير ـ ص16.
ـ Machiavel : Oeuvres complètes, Bibliothèque de la Pléiade, Paris. 1964
© 2014 Microsoft Terms Privacy & cookies Developers English (United States)
Your Files Across Devices
Forget about flash drives. Upload your docs to OneDrive from your inbox.
Learn more
AdChoices
08-أيار-2021
02-تشرين الثاني-2019 | |
29-أيلول-2018 | |
09-حزيران-2018 | |
14-نيسان-2018 | |
17-آذار-2018 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |