قصة / ساحل المنارة، وأصابع شمالية
2006-05-07
خاص ألف
متى سألتَ عليها أتتك، وأنت لا تسألُ لأنك بكل بساطة لا تدري أنها هنا.. واقفةً ببراءة طفلٍ يدخل المدرسة لليوم الأول باحثا عن طفلة تشبه بنتَ جيرانه..أو عصفورةَ الشبابيك الزرقاء..
عيناه كانتا هناك..اسمه زيادٌ..هذا ما قرأته قبل أن تراه..كان أول من رأت في ذلك المسرح الكبير. زياد:
"اقفلوا أجهزة الخليوي"
"هل عليّ أن أطفئ حواسي، غرائزي، أو صدري المغروز في مقعدك..إلى شمالي وشرقي؟؟"
نساء من البقاع، من حنين لبنان واتساع ابتسامتها..أجساد من الفستق و النارنج، أفخاذ نحتت لتحرق (الأخضر واليابس).. وزياد كان واقفًا على (طريق غياب) ..أدار أنفاسه على النهار، وأخذ بيدها، سألها أن ترقص.
"هل أنت متدينة؟"
"ربما"
"إذن لماذا تحجبين ليلك الغامض؟"
" وماذا يزعجك في هذا؟"
"أريد أن أراكِ كما أنتِ!"
"أغمض عينيكَ إذن"
ابتلعت ريقها القلق، واستدارت إليه، كانت حنا إلى جانبه، حنا صدفةٌ بيروتيةُ، أغنيةٌ على وجه الخليج، حبيبةُ الصيادين وبائعي الخبز اللبناني ومصوري ساحل المنارة بامتداده الدافئ. لكنه سألها ما اسمها، لتجيبه بسذاجة الأطفال كلهم "نور"
تعلم أن اسمها ليس نور، ليس سلوى أو إيمان أو مجدلية..
لكنها أضاءت- أو هذا ما شَعرَت- عندما نظر إليها...أضاء قمر خامد في دمها، ومشت إليها حقول الشمس لتلفها على كتفيه شالاً من البوح و الرحيل.. رقصا لخمس دقائق دون أن تلمس يديه أو دون أن يلمس يديها، لم تلبِ أمنيته لأنها رغم كل ما رمته بعيدا إلى البحر، ورغم كل ما غطى تفاصيلها الشمالية من رملٍ وفضةٍ لم تنزع غطاء قصيدتها..
حوريات ستٍ وهي امرأته لليلة واحدة. كان هذا ما تمنته هي، هو كان رجل الحنين والألوان الممتدة إلى الجنوب.. هو الصفدي الأصابع الذي أهداها حياتها وأعلنها صديقةً لشعرهِ الحزين وجبينهِ المقامر..
"أتنامينَ اليوم في بيروت؟؟"
"انظر إلى يدي، ترى إجابتك.."
"ماذا؟؟ أستموتين في بيروت؟؟!!"
" أقرأت يدي؟ قلت لك أصابعي سيدي، أصابعي"
ينظر من جديد، و بعد أن يقبل أصابعها يسألها :"أتناولت طعاما مالحا اليوم؟"
"ربما، فقد قبلت خدود البحر"
" ماذا تعتقدين أنني فاعلٌ بكِ الليلةَ؟"
"ربما ستأخذني إلى كهفٍ بعيد، تحكي لي حكايات الصبايا الذين يرقصن طوال الليل قبل أن يأخذهم الموج إلى سيد القوارب الشتوية، حيث تخضَرُّ الأرض، وينبت النعناع ويسافر السيد إلى وطنٍ أكثر دفئاً"
"قلتِ النعناع؟؟ وما علاقة النعناع بالقوارب؟؟"
"علاقتي بهذا الوشم الأخضر على عنقك.."
"أتجرئين؟؟"
"كيف ولن تبقى؟!"
"وما أدراكِ؟"
"إنه قدرك يا صديقي، قدر عينيك.. "
"تمني يا حلوتي، قبل أن تسافري، سأمنحك حباً من الليل والحلم والخلود"
"أريد أن أذوب، فأصبح ماءاً، تغسل بي وجهك قبل أن تنامَ، فأغطيك بأطراف أصابع رطوبتي وأشم عينيك لأفتحهما على ما تحب.."
"لكِ ما شئتِ إذن."
"بابيروس اللي إجى من الليل، حامل غموض الهرم ولون النيل، وصل عغفلة متل الفرح وعطانا الأمل"كتبت له رسالتها الأولى:
"اسمي أنا بيسان،
كنت لك من زمان، بيارةً جميلة، ومعطفاً قديماً،
خذني إليك، أنا ضيعةُ الشتاءِ..
خذني، أنا ظهيرتك، أنا الغفوة عند سريرك، اعانقُ صمتك..
أَتذكرْ أفيائي الخجولة، شبابيكي، أبوابي، ومعبدكَ؟؟
أخذتك ذات ليل مع الحساسين، إلى الظلالِ التي تبكي..
خذني إليك.."
كتب لها:
"أنت الحب، أيامك هدوء انتظار شجي الغنى،
الظهيرات في ظلكِ هي عبيرْ الفضاء وصفوَ الهنا..
سترجعين؟؟
ستَرًجِعِين..."
لكنه ما كتبُ لها..
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |