نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
حمودة إسماعيلي
خاص ألف
2014-06-09
مي غصوب ـ رجاء بن سلامة ـ جمانة حداد ـ نوال السعداوي ـ فاطمة المرنيسي ـ ابتهال الخطيب ـ رندا قسيس ـ نادين البدير ـ فاطمة ناعوت ـ وفاء البوعيسي ـ سناء العاجي ـ سعاد الصباح ـ سيمون دي بوفوار
تكتب باستمرار كخرطوم طويل يدهن الهواء،
وتجادل باستمرار..
¤ شارلز بوكوفسكي
إنهن كاتبات انصدمن بنمط (ثقافة) الرجل، وبدل البحث عن الاحتماء، فضلن المواجهة والانفتاح والمعالجة والتحري، فتبيّن لهن الرجل الأسطوري مجرد وهم غذّاه الرجل نفسه كاتب الأساطير الذكورية، وأن المنقذ ليس أكثر من "حلمٍ زائل". بذلك عبّرن عن موقفهن برفض عبادة الرجل، حتى ذهب الأمر ببعضهن لحد تصوير الرجل الأسطوري بشكل كاريكاتيري ساخر. كدلالة إلى أنهن لم يعدن يتلقين الاندهاش من صانع الوهم والأساطير. وأن الإنسان ـ بالنسبة لهن ـ هو المؤدي، وليس الرجل الذي فرض على المرأة وضعية التلقي والاستلقاء.
وهذا لا يعني ولا يشير بأي طريقة من الطرق إلى رفضهن للرجل، بل على العكس : فهن أمهات وعاشقات وحبيبات وصديقات للرجل. ما أشير له هو رفضهن لتقديسه واعتباره كائنا ساميا ومختلفا بناءً على معطيات ثقافية استمدت قوتها وتأكيدها عبر الزمن والأقدمية، فعمرها التاريخي وتداولها الواسع لا ينفي أسطوريتها ـ ووهم الاختلاف الظاهر لا يعود لمسببات خارجية ميتافيزيقية ـ كما سعت بذلك الكاتبات لتوضيحه ـ بل جاء نتيجة تأثير المعطى الاقتصادي والاجتماعي ـ المتمثل في التقسيم السياسي للأدوار بين الجنسين ـ هذا المعطى الذي لعب دوره عبر السنين، ليُحدث تغييرات ظلت طفيفة ونسبية وسريعة الزوال ـ كما تطرقت بذلك الكاتبات لتأكيده وبرهنته : انطلاقا من تجاربهن أو عبر بسط الآليات الممارَسة عبر هذا التاريخ وفضح طريقة عمل هذه الممارسة التي تتّخد عدة أوجه مزيَّفة ومُقنَّعة وليست مُقنِعة، وعدة طرق ملتوية.
كذلك، فإن اتخاذهن لهذا الموقف، لا يعني بالضرورة أنهن تخليّن عن أنوثتهن لحساب الرجولة : عبر التشبه بالرجل لمواجهته ـ كما يمكن أن يفهم البعض ـ أو كشفن عن الجانب الخشن من شخصيتهن. إنما أظهرن جانبهن الرجولي من شخصياتهن مع الاحتفاظ بكامل أنوثتهن ـ فأنوثتهن جانب من إنسانيتهن ـ والجانب الرجولي تجلّي فكري وليس بالضرورة تمظهر جسدي ـ كالشنب أو شعر الصدر ! . لم يفقدن فتنتهن ورقتهن، حتى أن من بينهن من تجد صوتها ـ عند سماعه ـ أكثر نعومة من باقي النساء، وترى شكلها أكثر أنوثة من الإناث الأخريات. فنقد المرأة للرجل ورفضها الخضوع لأساطيره، لا يعني بأنها تتحوّل على إثر ذلك ل"مِسخ". فنقدها قد يكون حتى بطريقة شاعرية، وهنا حتى في نقدها ـ لأسطورة ـ الرجل تظل شاعرة وجميلة، وهو ما نراه مع الشاعرة "سعاد صباح" إذ تقول :
"يقولون :
أن الكلام امتياز الرجال
فلا تنطقي !!
وأن التغزل فن الرجال
فلا تعشقي !!
وأن الكتابة بحر عميق المياه
فلا تغرقي !!
وها أنذا قد عشقت كثيرا
وها أنذا قد سبحت كثيرا
وقاومت كلّ البحار ولم أغرق
.. من كتاب : "نساء رفضن عبادة الرجل" (لم يصدر بعد عن أي جهة).