كتاب : مجالس ثعلب أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب
خاص ألف
2014-06-28
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
أخبرنا الشيخ الثقة أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد بن صدقة بن كليب الحراني قراءة عليه: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب قراءة عليه، وأنا أسمع، حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، قراءة عليه وأنا أسمع فأقر به، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم المقرىء في منزله بحضرة الشرقية بدرب النحاسين، يوم الجمعة صلاة الغداة، سلخ جنادى الآخرة من سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، حدثنا أبو العباس أحمد ابن يحيى النحوي، حدثنا ابن شبة قال: أخبرني الطائي قال: قال القاسم ابن معن: كانت أم سعيد بنت سعيد بن عثمان بن عفان عند هشام بن عبد الملك، ثم طلقها فندم على طلاقها، فتزوجها العباس بن الوليد بن عبد الملك، ثم طلقها فندم على طلاقها، فتزوجها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فدس إليها العباس أشعب بأبيات قالها، وقال له: إن أنشدتها إياها فلك ألف دينار. قال: فأتاها فأنشدها، فقالت له: دسك العباس وجعل لك ألف دينار؛ فأخبره عني ولك ألف دينار. ثم قالت: وما قال؟ فقال: قال:
أسعدة هل إليك لنا سبيل ... ولا حتى القيامة من تلاق
قالت: إن شاء الله. فقال:
بلى ولعل دارك أن تواتي ... بموت من حليلك أو فراق
قالت: بفيك الحجر. قال:
فأرجع شامتاً وتقر عيني ... ويجمع شملنا بعد إنشقاق
قالت: بل نشمت بك إن شاء الله.
ويقال: إنه يستودف الخبر ويستقطره، والمرأة تستودف ماء الرجل إذا نكحت، فإذا أرادت أن يجتمع الماء في رحمها لم تنبسط.
أخبرنا محمد، حدثنا أبو العباس بن يحيى النحوي ثعلب، حدثنا ابن شبة، حدثنا خلاد بن يزيد الأرقط الباهلي، قال: سمعت أهل مكة يقولون: كان القس بمكة يقدم على عطاء في النسك، فمر يوماً بسلامة وهي تغنى، فأصغى إلى غنائها، وفعل ذلك غير مرة حتى رآه مولاها، فقال له: ألا أدخلك عليها فتقعد مقعدا لا تراك منه، وتسمع؟ فأبى عليه، فلم يزل به المولى حتى أجاب، وحتى قعد معها، فوقعت في نفسه، ووقع في نفسها، فخلت به ذات يوم، فقالت: والله إني أحبك. قال: وأنا والله أحبك. قالت: وأشتهى أن أضع فمي على فمك. قال: وأنا والله أشتهي ذاك. قالت: وصدري على صدرك، وبطني على بطنك. قال: وأنا والله أحب ذاك. قالت: فما يمنعك؟ فو الله ما معنا أحد. قال: ويحك، إني سمعت الله تعالى يقول: " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " . فأنا أكره أن تكون خلة بيني وبينك في الدنيا عداوة يوم القيامة.
قال: وقال فيها:
أهابك أن أقول بذات نفسي ... ولو أني أطيع القلب قالا
حياء منك حتى سل جسمي ... وشق علي كتماني وطالا
وقال:
قد كنت أعذل في الصبابه أهلها ... فاعجب لما تأتى به الأيامكتاب : مبلغ الأرب في فخر العرب
فاليوم أعذرهم وأعلم أنما ... سبل الضلالة والهدى أقسام
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: العنقر: ضرب من النبت. وفي قوله عز وجل: أمشاج نبتليه قال: أخلاط. وقال: الورق، والورق، والورق: الدراهم. قال: والورق: ورق الشباب والورق: حدائق الدم. والورق: الغنم.
وأنشد للعجاج: واغفر خطاياي وثمر ورقي وأنشد:
إنا إذا سنة حتت لنا ورقاً ... نكايد العيش حتى ينبت الورق
وقال أبو العباس، أحمد بن يحيى: قولهم: ألظوا بياذا الجلال والإكرام أي: ألحوا.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال: قال ابن الأعرابي: سألت العرب أي شيء معنى شيطان ليطان؟ قالوا: شيء نتد به كلامنا: نشده.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا أبو العالية قال: مر قوم من بني سليم برجل من مزينة يقال له نضلة في إبل له، فاستسقوه لبناً فسقاهم، فلما رأوا أنه ليس في الإبل غيره ازدروه، فأرادوا أن يستاقوها، فجالدهم حتى قتل منهم رجلاً، وأجلى الباقين عن الإبل. فقال في ذلك رجل من بني سليم:
ألم تسأل فوارس من سليم ... بنضلة وهو موتور مشيح
رأوه فازدروه وهو خرق ... وينفع أهله الرجل القبيح
فشد عليهم بالسيف صلتا ... كما عض الشبا الفرس الجموح
وأطلق غل صاحبه وأردى ... قتيلاً منهم ونجا جريح
ولم يخشوا مصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبن الصريح
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس أحمد بن يحيى إملاء، وثنا ابن شبة، ثنا محمد بن سلام، قال: زعم يونس بن حبيب قال: صنع رجل لأعرابي ثريدة يأكلها، ثم قال: لا تصقعها، ولا تشرمها، ولا تقعرها. قال: فمن أين آكل لا أبالك؟! قوله: لا تصقعها: لا تأكل من أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها تأكل من أسفلها.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " إذا اكتالوا على الناس يستوفون " : يزيدون ما على الناس، ومن الناس.
وقال أبو العباس، قال أبو نصر، قال الأصمعي: أشد الناس الأعجر الضخم؛ وأخبث الأفاعي أفاعي الجدب؛ وأخبث الحيات حيات الرمث، وأشد المواطىء الحصى والصفا، وأخبث الذئاب ذئب الغضى. وإنما صار كذا لأنه لا يباشر الناس إلا إذا أراد أن يغير.
وأنشد:
أنا أبو شرفاء مناع الخفر ... حية قف لاجىء إلى حجر
إذا تعذرت فلم تقبل عذر ... ثم أملت الرأس من غير صعر
ثم خزرت العين من غير عور ... وجدتني ألوي بعيد المستمر
مناع ما أعطيت من خير وشر
في أخرى:
أبذي إذا بوذيت من كلب ذكر
قوله: مناع الخفر: يعني مناع أصحاب الخفر، يعني النساء.
قال: وهو مصدر.
وقوله:
حية قف لاجىء إلى حجر.
قال: حيات الصخر أخبث من غيرها.
وقوله:
إذا تعذرت فلم تقبل عذر
أي: إذا لم تقبل عذري، كنت كذا؛ يريد: إذا لم أعط ما أريد. خزرت العين، أي تكبرت على الناس ونظرت إليهم بمؤخر عيني.
وقال أبو العباس: سلام على إلياسين، مثل إدريسين. آل ياسين: أهل ياسين. ما أنا بمصرخكم، قال: بمعينكم.
وقال: العرعرة: رأس الجبل.
ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: أجملوا في الطلب، فلو أن رزق أحدكم في عرعرة جبل، أو حضيض أرض، لأتاه قبل أن يموت.
وقال أبو العباس: لا يزنى المؤمن حين يزنى وهو مؤمن، قال: ليس هذا من أخلاق المؤمنين. وقال: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع، ما آمن بي: تشديد، أي ينبغي له أن يواسيه.
قال أبو العباس: نصه، أي: أظهره؛ وكل مظهر فهو منصوص، وأصله من نصه، إذا أقعده على المنصة. وأنشد:
ونص الحديث إلى أهله ... فإن الوثيقة في نصه
وكل تبيين وإظهار فهو نص.
أعبد الله ثوباً كسوته قال: إن كانت الهاء لعبد الله، فالرفع والنصب، وإن كانت للثوب، فالنصب لا غير؛ لأن النصب قد تقدم في عبد الله.
قال: وقال إياس بن معاوية: كنت في مكتب في الشام، وكنت صبياً، فاجتمع النصارى يضحكون من المسلمين، وقالوا: إنهم يزعمون أنه لا يكون ثفل للطعام في الجنة. قال: قلت: يا معلم، أليس تزعم أن أكثر الطعام يذهب في البدن؟ فقال: بلى. قال: فقلت فما تنكر أن يكون الباقي يذهبه الله في البدن كله. فقال أنت شيطان! وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " فصل لربك وانحر " : يقال: استقبل القبلة بنحرك. وييقال: اذبح.
ويقال: غلام نشنش، وشعشع، وبلبل، وبزبز، إذا كان خفيفاً في السفر.
يقال: سويداء قلبه، وحبة قلبه، وسواد قلبه، وسوادة قلبه، وجلجلان قلبه، وأسود قلبه، وسوداء قلبه، بمعنى.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا أفصح العرب، تربيت في أخوالي بني سعد، بيد أنى من قريش.
قال: بيد، وميد، وغير؛ بمعنى.
" فانبذ إليهم على سواء " أي: أدفع إليهم عهودهم، وأعلمهم أنا على الحرب.
" فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " ، قال: لمن اتقى قتل الصيد.
" يوم يكشف عن ساق " ، قال: ساق القيامة، وساق الدنيا.
ويقال: ملح ذرآنى وذرآنى.
الصرف: التصرف في الدية. والعدل: المثل.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال، وحدثني ابن قادم قال: كتب فلان إلى المأمون كتاباً فيه: وهذا المال مالاً من حاله كذا. فكتب إليه: أتكاتبني بكاتب يلحن في كلامه؟ فقال: ما لحنت، وما هو إلا صواب. قال ابن قادم: فدعاني المأمون، فلما أردت الدخول عليه قال لي: ما تقول لأمير المؤمنين إذا سألك؟ قال: قلت: أقول له: الوجه ما قال أمير المؤمنين، وهذا جائز.
قال: فلما دخلت قال لي: ما تقول في هذا الحرف؟ قال: فقلت: الرفع أوجه، والنصب جائز. قال: فقال لي: مر، كل شيء عندكم جائز! ثم التفت إلى ذلك فقال: لا تكتين إلى كتاباً حتى تعرضه.
وقال: جمع ثلة: ثلل بالكسر وهي القطعة من الغنم.
وقال: بدرة وبدر، وضيعة وضيع. شاذ.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " فإنكم وما تعبدون. ما أنتم عليه بفاتنين " : أي لا تقدرون أن تفتنوا إلا من قدرت له النار.
سئل أبو العباس ثعلب: أنت طالق شهراً إلا هذا اليوم؟ وقال: اليوم لا تطلق، وبعده تطلق. فلو قال في موضع إلا، غير، لكان المعنى واحداً.
الكهف والرقيم قال: الرقيم: اللوح المكتوب فيه أنسابه وأنساب أبيه. " وحناناً من لدناً " أي: رحمة.
وقال أبو العباس في قوله عز وجل: " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " : قال: الفراء يقول: لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا المظلوم. قال: وردوه عليه.
والقول فيه أن: إلا من استثناء، مثل: " فإنهم عدو لي إلا رب العالمين " ، قال: أي فإنه ليس عدواً لي.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا الأثرم، قال: قال ابن إدريس: سمعت حمزة بن عبد لله بن عتبة وهو واقف على محمد بن قيس الأسدي ينشد:
كفاك بشير إذ رآك بحاجة ... كليل اللسان ما تمر وما تحلى
تلاوذ بالأبواب منى مخافة ال ... ملامة والإحتار شر من البخل
فلولا اتقاء الله قلت مقالة ... تسير بها الركبان أبردها يغلى
بها تنفض الأحلاس في كل منزل ... وينفى الكرى عنه بها صاحب الرحل
أبن لي، فكن مني أو أبتغ صاحباً ... كمثلك إني مبتغ صاحباً مثلي
ولا يلبث الأصحاب أن يتفرقوا ... إذا لم يزوج روح شكل إلى شكل
ولا داخلاً ذو الظن بيتي فيبتغي ... لدى ولا تمشي إلى بيته رجلي
قليل إخائي لا ينال مودتي ... من الناس إلا مسلم كامل العقل
أخبرنا محمد قال ثنا أبو العباس، ثنا الأثرم قال: حدثني ابن إدريس حدثنا ابن أبي الزناد، والقاسم بن معن قالا: قال عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة في رجلين يعاتبهما مرا به، وهو أعمى، فلم يسلما عليه:
ألا أبلغا عنى عراك بن مالك ... ولا تدعا أن تثنيا بأبي بكر
لقد جعلت تبدو شواكل منكما ... كأنكما بي موقران من الصخر
وطاوعتما بي داعكاً ذا معاكة ... لعمري لقد أزرى وما مثله يزرى
فلولا اتقاء الله بقياى فيكما ... للمتكما لوماً أحر من الجمر
فمسا تراب الأرض منها خلقتما ... وفيها المعاد والمصير إلى الحشر
ولا تأنفا أن تسألا وتسلما ... فما حشى الإنسان شراً من الكبر
ولو شئت أدلى فيكما غير واحد ... علانية أو قال عندي في السر
فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... تضاحكت حتى يستلج ويستشرى
ويروي:
ضحكت له حتى يلج ويستشرى
أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، ثنا الزبير، قال: حدثني خالي إبراهيم بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ويحيى ابن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قالا: ثنا عثمان بن عمر بن موسى المعمرى، عن الزهري قال: دخل عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عتبة بن مسعود، على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ أمير المدينة، فجرى بينهم الحديث، حتى قال عروة في شيء جرى من ذكرى عائشة وابن الزبير: سمعت عائشة رضوان الله عليها تقول: ما أحببت أحداً حبي عبد الله بن الزبير، لا أعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبوى. فقال لي عمر: إنكم لتنتحلون عائشة لابن الزبير انتحال من لا يرى لأحد معه فيها نصيباً. قال عروة: لقد كان عبد الله منها بحيث وضعته الرحم والمودة التي لا يشرك أحداً منهما عند صاحبه فيها أحد. فقال له عمر: كذبت. فقال له عروة: هذا - يعني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة - يعلم أنى غير كاذب، وإن أكذب الكاذبين، لمن كذب الصادقين. فسكت عبيد الله ولم يدخل بينهما بشىء. فغضب عمر بن عبد العزيز، فأفف بهما وقال: اخرجا عني. ثم لم يلبث أن بعث إلى عبيد الله بن عبد الله رسولاً يدعوه لبعض ما كان يأتيه له، فكتب إليه عبيد الله:
لعمر ابن ليلى وابن مروان إنه ... لمروان أداه أب غير زمل
لو أنهم عما وجداً ووالداً ... تأسوا فسنوا سنة المتعطل
عذرت أبا حفص بأن كان واحداً ... من القوم يهدى هديهم ليس يأتلى
ولكنهم فاتوا وجئت مصلياً ... تقرب إثر السابق المتمهل
زعمت فإن تلحق فضن مبرز ... جواد، وإن تسبق فنفسك أعول
فما لك بالسلطان أن تحمل القذى ... جفون عيون بالقذى لم تكحل
وما الحق أن تهوى فتشعف بالذي ... هويت إذا ما كان ليس بأجمل
أبى الله والإسلام أن ترأم الخنا ... نفوس رجال بالخنا لم تذلل
قال أبو العباس: وفي الحديث: أن شيعة الدجال جواربهم طوال، وخفافهم مقرطمة، أي لها مناقير.
وأنشد:
يا أم عمرو بينى: لا، أو نعم ... أو اصرمى، فراحة ممن صرم
قلت لها: بيني، فقالت: لا جرم ... إن الفراق اليوم، واليوم ظلم
قال أبو العباس: الغدن، الاسترخاء.
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس. ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني ابن عائشة، قال: سمعت أبي يذكر قال: كان عمران بن موسى بن طلحة يجالس أباه، وكان يحبه، فأودعه رجل وديعة. قال: ثم غاب فقدم وقد ترك عمران مجالسة أبيه، فقال لموسى: إني أودعت ابنك وديعة، وهو لازمك ثم تركك ولزم الصيد، وقد خفت على وديعتي. قال: ألقيته؟ قال: لا. قال: فالقه. فلقيه، فقال: أتعرفنى؟ قال: نعم، ألست صاحب المال الذي أودعتنا؟ قال: بلى. قال: فهو لك فخذه. وأعلم أباه فنحله القطقطانة، من سواد الكوفة. فابتاعها منه موسى بن عيسى بتسعين ألف دينار. قال أبي: فأخبرنا القاسم بن محمد من ولد زكرياء بن طلحة قال: قال لي أبو جعفر: ما أرى صاحبكم إلا وقد غبن صاحبنا. قلت: كلا يا أمير المؤمنين.
أخبرنا محمد، قال، وأنبأنا أبو العباس قال، وحدثني عمر بن شبة، عن ابن عائشة قال: وعاتب جناحاً يزيد بن طلحة بن عبد الله بن خلف، في دين عليه فقال له:
فإن يك يا جناح على دين ... فعمران بن موسى يستدين
ولم يعدمك إما كنت فينا ... نبيذ التمر واللحم السمين
قال ابن عائشة: قال لي الأصمعي، ونحن بالرقة: من عثمان بن موسى الذي يقال له: فعثمان بن موسى يستدين؟ قال: قلت له: عمران. وأخطأ الأصمعي في هذا.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال وحدثني ابن عائشة سمعت أبي قال: لما أنشد ابن الرقيات عبد الملك:
يعتقد التاج فوق مفرقه ... على جبين كأنه الذهب
وقال: أما ابن الزبير فيقول - يعني له:
إنما مصعب شهاب من ... الله تجلت عن وجهه الظلماء
ويقول لي: على جبين كأنه الذهب
أخبرنا محمد ثنا أبو العباس، قال سمعت عمر بن شبة، عن ابن عائشة، قال: سمعت بعض القرشيين يقول: نظر عبد الرحمن بن الضحاك إلى بعض بني مروان يجر ثيابه فقال: أما والله لو رأيت أباك رأيته مشمراً. قال: فما يمنعك من التشمير؟ قال: لا شيء، إلا بيت قاله الشاعر، نسجه لأبيك:
قصير الثياب فاحش عند بيته ... وشر قريش في قريش مركبا
أخبرنا محمد، حدثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة قال: وثنا ابن عائشة، قال سمعت أبي يذكر قال: كان عبد الملك فاسد الفم، فعض تفاحة فألقاها إلى امرأة من نسائه، فأخذت سكيناً فاجتلفت ما عاب منها. فقال: ما تصنعين؟ قالت: أمطت الأذى عنها.
أخبرنا محمد قال، وأخبرنا أبو العباس قال، وأنبأنا ابن عائشة قال: كان لداود عليه السلام صوت يطرب المحموم، ويسلى الثكلى، وتصغى له الوحش، حتى يؤخذ بأعناقها وما تشعر.
أخبرنا محمد قال، وأنبأنا أبو العباس ثنا ابن عائشة، ثنا سعيد بن عامر، قال: وشم داود عليه السلام خطيئته في كفه، فما رفع فيها طعاماً حتى يشوبه بدموعه.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس، ثنا ابن عائشة قال: حدثني العجلى قال: قال رجل لعبد الله بن عثمان بن عمر التيمي أخي عمر بن عثمان: ما فعل مالكم بموضع كذا وكذا؟ قال: ولم؟ قال: أما سمعت قول الشاعر:
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ... كرائم من رب بهن ضنين
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا ابن عائشة قال، حدثني سلمة بن شعيب قال: أتى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه بمال، فقام إليه عبد الرحمن ابن عوف رضوان الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين، لو حبست هذا المال في بيت المال، لنائبة تكون، أو أمر يحدث؟ فقال: كلمة ما غره بها إلا شيطان، لقاني الله حجتها، ووقاني فتنتها. أعصى الله العام وفي قابل أعد لهم تقوى الله عز وجل!! قال الله تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب " ، ولتكونن فتنة على من يكون بعدى.
قال أبو العباس، يقال: أخذت مشوا، ومشياً، يريد: دواء يمشي. الدرياقة: اسم للخمر.
معنى: لا حول ولا قوة إلا بالله، أي: لا تحول من معصية الله إلى طاعته إلا به وبقوته. قال: ومنه أخذ أبو نواس ذلك الشيطان.
وأنشد لأبي نواس:
كأنما رجلها قفا يدها ... رجل غلام تهوى بدبوق
ثم قال لي: أي لا تخذل رجلاها يديها، تتبعها في السير.
وأنشد له:
وأوقة للطير في أرجائها
قال: الأوقة: الموضع الذي يقع فيه الطير.
قال أبو العباس: ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقوم الساعة حتى تختم الأيدي قال: أي حتى تمتنع من العطية.
الكهناء، كانوا في الجاهلية يقولون: إن الشياطين كانت تأتيهم. والعراف: الذي يزجر الطير.
المهطع: الذي يرفع رأسه في ذل.
وقال أبو العباس: ما بعد إنما استئناف. إنما زيد قائم. وما بعد أن استئناف، مثل: ظننت أن زيد قائم.
" إن كتاب الأبرار لفي عليين. وما أدراك ما عليون " قال: كل جمع لا عدد له يجمع بالواو والنون - يعني مجهول الواحد.
" ما لكم لا ترجون لله وقاراً " أي: لا تخشون لله عظمة.
ويقال: حصر لسانه، إذا لم يبين الكلام؛ وحسر بصره، إذا لم يبصر، وكذلك سائر الأشياء.
قوله عز وجل: " فذلك يومئذ يوم عسير " قال: فيومئذ مرافع فذلك " ويوم عسير " ترجمة يومئذ.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: حدثني عمر بن شبة، قال أخبرني أبو سلمة قال أخبرني ابن زبنج راوية ابن هرمة، قال: أصابت ابن هرمة أزمة، فقال لي في يوم حار: اذهب فتكار لي حمارين إلى ستة أميال. ولم يسم موضعاً، فركب واحداً وركبت واحداً، ثم سرنا حتى انتهينا إلى قصور حسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر، فدخلنا مسجده، فلما زالت الشمس خرج علينا مشتملاً على قميصه، فقال لمولى له: أذن. ثم لم يكلمنا كلمة، ثم قال له: أقم. فأقام، فصلى بنا ثم أقبل على ابن هرمة فقال: مرحباً بك أبا سحاق، حاجتك. قال: نعم، بأبي أنت وأمي! أبيات قلتها - وقد كان عبد الله بن حسن، وحسن، وإبراهيم، بنو حسن بن حسن، وعدوه شيئاً فأخلفوه - فقال: هاتها. فأنشد:
أما بنو هاشم حولى فقد قرعوا ... نبلى الصياب التي جمعت في قرنى
فما بيثرب منهم من أعاتبه ... إلا عوائد أرجوهن من حسن
الله أعطاك فضلاً من عطيته ... على هن، وهن فيما مضى وهن
قال: حاجتك! قال: لابن أبي مضرس على خمسون ومائة دينار. قال: فقال لمولى له: أيا هيثم، اركب هذه البغلة فائتنى بابن أبي مضرس وذكر حقه. قال: فما صلينا العصر حتى جاء به. فقال: مرحباً بك يا ابن أبي مضرس، أمعك ذكر حق على ابن هرمة؟ فقال: نعم. قال: فامحه. قال: فمحاه. ثم قال: يا هيثم، بع ابن أبي مضرس من تمر الخانقين بمائة وخمسين ديناراً، وزده في كل دينار ربع دينار، وكل لابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمراً، وكل لابن زبنج بثلاثين ديناراً تمراً. قال: فانصرفنا من عنده، فلقيه محمد بن عبد الله بن حسن بالسيالة وقد بلغه الشعر، فغضب لأبيه وعمومته. فقال: يا ماص فعل أمه، أنت القائل: على هن وهن فيما مضى وهن قال: لا والله بأبي، ولكن الذي أقول لك:
لا والذي أنت منه نعمة سلفت ... نرجو عواقبها في آخر الزمن
لقد أبنت بأمر ما عمدت له ... ولا تعمده قولى ولا سننى
فكيف أمشى مع الأقوام معتدلاً ... وقد رميت برىء العود بالأبن
ما غيرت وجهه أم مهجنة ... إذا القتام تغشى أوجه الهجن
قال: وأم الحسن أم ولد.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، قال حدثني عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سلمة، قال أخبرني محمد بن معن الغفاري، قال: أخبرني خالد القسرى، قال: لما خرج محمد بن عبد الله بالمدينة وأنا في حبس ابن حيان، أطلقني، فلما سمعت دعوته التي دعا إليها على المنبر قلت: هذه دعوة حق، والله لأبلين الله فيها. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك قد خرجت بهذا البلد، والله لو قد وقفت على نقب من أنقابه مات أهله جوعاً وعطشاً، فانهض معي؛ فإنما هي عشر ليال حتى أضربه بمائة ألف سيف. فأبى على. قال: فإنى لعنده يوماً إذ قال: ما وجدنا من حر المتاع شيئاً أجود من شيء وجدنا عند عمران بن أبي فروة ختن أبي الخصيب - وكان انتهبه - قال: قلت: ألا أراك قد أبصرت حر المتاع، قال: فكتبت إلى جعفر فأخبرته بقلة من معه. قال: فعطف على فحبسني، حتى أطلقني عيسى بن موسى بعد قتله محمداً، ودخوله المدينة.
قال: وأنشد ابن الأعرابي، أبو السمح:
ثلاثة أبيات فبيت أحبه، ... وبيتان ليسا من هواى ولا شكلى
ألا أيها البيت الذي حيل دونه ... بنا أنت من بيت، وأهلك من أهل
بنا أنت من بيت دخولك طيب ... ومثواك لو يسطاع بالبارد السهل
قال أبو العباس: فأنشدني ابن الأعرابي:
ثلاثة أحباب: فحب علاقة ... وحب تملاق، وحب هو القتل
قال، فقلت: فزدني ثانياً. قال: هو يتيم.
وأنشد:
وكتيبة لبستها بكتيبة ... كالثائر الحيران أشرق للندى
قال: أراد الجراد. وقوله: أشرق للندى من أجل الندى. ويقال للندى.
مجلس
أخبرنا محمد بن الحسن، قال وثنا أبو العباس، ثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو سعيد الثعلبي ثنا عبيد بن الوسيم، عن أبي رافع، قال: كنت ألاعب الحسن أو الحسين، عليهما السلام، بالمداحى فإذا أصابت مدحاتي قال: أترضى أن تركب بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأدعه، فإذا أصابت مدحاته، قلت: لا أحملك كما لم تحملني. فيقول: أما ترضى أن تحمل بضعة من رسول الله؟! فأحمله.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، حدثني عمر بن شبة قال: وحدثني سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز، والبريد الذي جاءه من قسطنطينية يحدثه، قال: بينا أنا أسير على بغلتي في مدينة القسطنطينية إذ سمعت غناء لم أسمع غناء قط أحسن منه، فو الله ما أدري أكذاك هو أم لغربة العربية في تلك البلاد؟ فإذا رجل في غرفة، درجة تلك الغرفة في الطريق، فنزلت عن بغلتي فأوثقتها، ثم صعدت الدرجة فقمت على باب الغرفة، فإذا رجل مستلق على قفاه، واضع إحدى رجليه على الأخرى، وإذا هو يغنى ببيتين من الشعر لا يزيد عليهما فإذا فرغ بكى، فيبكى ما شاء الله، ثم يعيد ذينك البيتين، ثم يعود إلى البكاء، ففعل ذلك غير مرة، وأنا قائم على باب الغرفة، وهو لا يراني ولا يشعر بي. والبيتان:
وكائن بالبلاط إلى المصلى ... إلى أحد إلى ما حاز ريم
إلى الجماء من خد أسيل ... نقى اللون ليس به كلوم
قال: البيت الثاني لم ينشدنيه سعيد بن عامر؛ قال قلت: السلام عليك. فأتيته فقلت: أبشر، فقد فك الله عز وجل أسرك، أنا بريد أمير المؤمنين عمر إلى الطاغية في فداء الأسارى. فإذا هو رجل من قريش، وكان أسر فسألوه فعرفوا منزلته، فدعوه إلى النصرانية فتنصر وزوجوه امرأة منهم، قال البريد: فقال لي: ويحك! فكيف بعبادة الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير؟ فقلت: سبحان الله! ما تقرأ القرآن: " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " . فأعاد علي: فكيف بعبادة الصليب، وأعاد كلامه الأول إعادة غير مرة. قال: فرفع الرجل يديه وقال: اللهم اجنبني هذا واكفني شره. قال: فما زلت راجياً لدعوة عمر. قال جويرية: وقد رأيت أخاه بالمدينة.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس قال: وحدثني محمد بن سلام قال: زعم يونس بن حبيب قال: صنع رجل لأعرابي ثريدة ثم قال له: لا تصقعها ولا تشرمها، ولا تقعرها. قال: من أين آكل لا أبا لك!؟ نصقعها: تأكل من أعلاها. وتشرمها: تخرقها. وتقعرها: تأكل من أسفلها.
قال أبو العباس: وفي غير هذا الحديث: فمن أين آكل؟ قال: كل من حواجبها. أي من نواحيها.
أخبرنا محمد، ثنا أبو العباس، ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا يحيى بن إبراهيم قال وثنا الزبير، عن أخيه هارون بن أبي بكر، قال وقال عبد الله ابن شبيب: ولقيت هارون فحدثني به عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة عن أبيه عن عمه عبد الله بن عروة قال: أقحمت السنة نابغة بني جعدة، فدخل على ابن الزبير في المسجد الحرام ثم أنشده:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان، والفاروق، فارتاح معدم
وسويت بين الناس في الحق فاستوى ... فعاد صباحاً، حالك اللون أسحم
أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لتجبر منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فإن الشعر أهون مسائلك عندنا. أما صفوة أموالنا فلال الزبير، وأما عفوته فإن بني أسد تشغلها عنك، ولكن لك في مال الله حقان، حق برؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق لشركتك آل الإسلام في فيئهم. ثم أدخله بيت النعم فأعطاه قلائص تسعاً، وجملاً رحيلاً، وأوقر له الركاب براً وتمراً وثياباً، فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفا، قال ابن الزبير: ويح أبى ليلى لقد بلغ به الجهد. فقال النابغة: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت خيراً فأنجزت، فأنا والنبيون فراط لقاصفين.
وقال أبو العباس في قول الله عز وجل: " فإن أحصرتم " قال: يكون من علة ويكون من عدو، ويكون من حبس. وأنشد:
وما هجر ليلى أن تكون تباعدت ... عليك، ولا أن أحصرتك شغول
ولا أن تكون النفس عنها نحيحة ... بشىء ولا أن ترتضى ببديل
قال: نحيحة، وشحيحة واحد. أراد: شحيحة ببديل. قال: والاختيار أن يقول: شحيح نحيح، فجاء بغير الإتباع. ولا يكون بغير الإتباع إلا قليلا. ويقول: لم أتركها إلا لجفائها.
وأنشد:
أجش هزيم في الخبار إذا انتحى ... هوادى عطفيه العنان مقرب
قال أبو بكر بن مقسم: الخبار: أرض رخوة. أجش: في صوته جشة. العنان: السباق، أي: هو يسبق في الخبار. يقول: في موضع لا يجرى فيه غيره.
وأنشد للراعى مثله - مثل: وما هجر ليلى:
وما هجرتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس، قال: قال أبو حية العكلي: كان رجل يحب بنت عم له، فسافر مع أخيها سفراً له، فلما قدما استقبلهما بعض الحي فقال: زوجت ليلى. فغشي عليه فرفعه ابن عمه، ورش عليه ماء. فأفاق وهو يقول:
تموت على ليلى خفاتاً وما رأت ... لك العين إسواراً لليلى ولا حجلا
ولكن نظرات بعين مريضة ... أولاك اللواتي قد مثلن بنا مثلا
أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال: ركب خالد بن صفوان يوماً في أصحاب له، فأخذتهم السماء وهو على حمار فقال: أما علمتم أن قطوف الدابة أمير القوم، فساروا معه، فلما كان الغد كان الغد ركب برذوناً هملاجاً وأخذتهم السماء، فرمع برذونه فقالوا: أبا صفوان، ما كان أصدق كلامك بالأمس! قال: فلم غالينا بالهماليج.
أخبرنا محمد قال أخبرنا أبو العباس، قال: قال عبد الواحد بن زيد...... جالسوا أهل الدين فإن الفجور لا يقربهم، وجالسوا الأشراف، فإن الفحش لا يجرى في مجالسهم.
قال، وقيل لرجل: من الخطيب؟ قال: من دام نظره، وبعد صوته، وابتل لسانه.
وقيل لقيس بن عاصم: بم نلت السؤدد؟ قال: بكف الأذى، ونصرة المولى وتعجيل القرى.
أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال ثنا الأصمعي قال: لما أدخل الشعبي على الحجاج: قال هيه يا شعبي. قال: فقال: أحزن بنا المنزل، وأجدب بنا الجناب، واستحلسنا الخوف، واكتحلنا السهر، وأصابتنا خزية لم نكن فيها فجرة أقوياء، ولا بررة أتقياء. قال: لله درك يا شعبي! أخبرنا محمد، قال وثنا أبو العباس، قال قال ابن سلام: لما أمعر أبو طالب، قالت بنو هاشم: دعنا فليأخذ كل رجل منا رجلاً من ولدك. قال: اصنعوا ما أحببتم إذا خليتم لي عقيلاً. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم علياً، فكان أول من أسلم ممن تلتف عليه خبطاته من الرجال، ثم أسامة بن زيد، فكان أبو طالب يدان لسقاية الحاج حتى أعوزه ذلك، فقال لأخيه، العباس بن عبد المطلب - وكان أكثر بني هاشم مالاً في الجاهلية - : يا أخي، قد رأيت ما دخل علي، وقد حضر الموسم، ولا بد لهذه السقاية من أن تقام للحاج، فأسلفني عشرة آلاف درهم. فأسلفه العباس إياها، فأقام أبو طالب تلك السنة بها وبما احتال، فلما كانت السنة الثانية، وأفد الموسم، قال لأخيه العباس: أسلفني أربعة عشر ألف درهم. فقال: إني قد أسلفتك عام أول عشرة آلاف درهم، ورجوت ألا يأتى عليك هذا الموسم حتى تؤديها، فعجزت عنها، وأنت تطلب العام أكثر منها، وترجو - زعمت - ألا يأتى عليك الموسم حتى تؤديها، فأنت عنها أعجز اليوم. ها هنا أمر لك فيه فرج: أدفع إليك هذه الأربعة عشر الألف، فإذا جاء موسم قابل ولم توفني حقي الأول فولاية السقاية إلى، فأقوم بها فأكفيك هذه المؤونة... عمن تتولاه. قال: فأنعم له أبو طالب بذلك، فقال: ليحضر هذا الأمر بنو....... بني هاشم ففعل أبو طالب، وأعاره العباس الأربعة العشر الألف بمحضر منهم ورضاً. فلما كان الموسم العام المقبل لم يكن بد من إقامته السقاية، فقال العباس لأبي طالب: قد أفد الحج، وليس لدفع حقي إلى وجه، وأنت لا تقدر أن تقيم السقاية، فدعني وولايتها أكفلها وأبرئك من حقي. ففعل، فكان العباس ابن عبد المطلب يليها وأبو طالب حي، ثم تم لهم ذلك إلى اليوم.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس قال: قال ابن سلام: حدثني أبان بن عثمان، قال: أراد رجل بالمدينة أن يسوء عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ويضاره، فجعل يأتى وجوه أهل المدينة فيقول: قال لكم عبد الله بن العباس تغدوا عندي. فجاء الناس حتى ملؤا عليه الدار، وعبيد الله غافل، فقال: ما شأن الناس؟ قال: جاءهم رسولك أن يتغدوا عندك، فعلم ما أريد به، فأمر بالباب فأغلق، وأرسل إلى السوق في أنواع الفاكهة وذكر الأترج والعنب والموز - فشغلهم، وأمر بالأطعمة فطبخت وشويت، فلم يفرغوا من الفاكهة حتى أتوا بالطعام حتى صدروا عنه، فقال عبيد الله: أموجود هذا كلما شئت؟ فقالوا: نعم. فقال: ما أبالي من أتاني.
أخبرنا محمد قال: وثنا أبو العباس؛ ثنا عمر بن شبة قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: حدثني أبو صالح الفزاري قال: ذكر ذو الرمة في مجلس فيه عدة من الأعراب، فقال عصمة بن مالك - شيخ منهم من بني جاشىء بن فزارة، وكان قد بلغ عشرين ومائة سنة - : إياى فاسألوا عنه، كان من أظرف الناس، كان آدم خفيف العارضين، حسن المضحك، حلو المنطق، وكان إذا أنشد بربر وجش صوته، فإذا راجعك لم تسأم حديثه وكلامه، وكان له إخوة يقولون الشعر، منهم مسعود، وجرفاس - وهو أوفى - وهشام. فكانوا يقولون القصيدة فيرد فيها الأبيات فيغلب عليها ويجعلها له، فجمعني وإياهم مربع، فأتاني يوماً فقال لي: يا عصمة إن مية منقرية، وبنو منقر أخبث حي وأقوفه لأثر، وأثبته في نظر، وأعلمه بشر، فهل عندك من ناقة نزدار عليها مية؟ قلت: إي والله، الجوذر، بنت يمانية الجدلى. قال: علي بها. فركبناها جميعاً وخرجنا حتى نشرف على بيوت الحي فإذا هم خلوف، وإذا بيت مي خلو، فعرف النساء ذا الرمة حين طلعنا عليهن، فتقوض النساء إلى بيت مي، وجئنا حتى أنخنا ثم دنونا فسلمنا وقعدنا نتحدث، وإذا مي جارية أملود واردة الشعر، صفراء فيها عسن، وإذا عليها سب أصفر، وطاق أخضر. فتحدثن ملياً ثم قلن له: أنشدنا يا ذا الرمة. قال: أنشدهن يا عصمة. فأنشدتهن قوله:
نظرت إلى أظعان مي كأنها ... ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه
فأوشلت العينان والصدر كاتم ... بمغرورق نمت عليه سواكبه
بكا وامق جاء الفراق ولم تجل ... جوائلها أسراره ومعاتبه
فقالت ظريفة ممن حضر: لكن الآن فلتجل. فنظرت إليها مي؛ ثم مضيت في القصيدة حتى انتهيت إلى قوله:
إذا سرحت من حب مي سوارح ... عن القلب آبته جميعاً عوازبه
فقالت الظريفة منهن: قتلته قتلك الله. فقالت مي: ما أصحه وهنيئاً له. فتنفس ذو الرمة تنفسة كاد حرها يطير شعر وجهه، ومضيت حتى انتهيت إلى قوله:
وقد حلفت بالله مية ما الذي ... أقول لها إلا الذي أنا كاذبه
إذن فرماني الله من حيث لا أرى ... ولا زال في أرضى عدو أحاربه
فقالت الظريفة: قتلته قتلك الله! فالتفتت إليه مي فقالت: خف عواقب الله يا غيلان. ثم مضيت فيها حتى انتهيت إلى قوله:
إذا راجعتك القول مية أو بدا ... لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه
فيالك من خد أسيل ومنطق ... رخيم ومن خلق تعلل جادبه
فقالت الظريفة: ها هي ذه قد راجعتك القول وبدا لك وجهها فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه. فالتفتت إليها مي فقالت؛ قاتلك الله ما أنكر ما تأتين به! قال عصمة للنساء: إن لهذين شأنا فقمن بنا. فقمن وقمت معهن فجلست في بيت أراهما منه فسمعتها قالت له: كذبت والله. والله ما أدري ما قال لها وما أكذبته فيه. فلبث قليلاً ثم جاءني ومعه قارورة فيها دهن، وقلائد. فقال لي: هذا دهن طيب أتحفتنا به مي، وهذه قلائد لجوذر، ولا والله لا أقلدهن بعيراً أبداً. وشدهن بذؤابة سيفه ثم انصرفنا، فكان يختلف إليها حتى تقضى الربيع ودعا الناس المصيف، فأتاني فقال: يا عصمة، قد رحلت مي، ولم تبق إلا الآثار، والنظر في الديار، فاذهب بنا ننظر في ديارها، ونقفو آثارها. فخرجنا حتى أتينا منزلها، فوقف ينظر ثم قال:
ألا يا اسلمى يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلاً بجرعائك القطر
قال عصمة: فما ملك عينيه، فقلت: مه. فانتبه وقال: إنى لجلد وإن كان مني ما ترى. قال: فما رأيت أحداً كان أشد منه يومئذ صبابة ولا أحسن عزاء وصبراً، ثم انصرفنا وتفرقنا، وكان آخر العهد به.
أخبر نا محمد بن الحسن ثنا أبو العباس: في قوله عز وجل: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه " قال أبو العباس: أصل الحرث حرث الأرض، وهو ها هنا العمل.
وأنشدنا أبو العباس:
فجال علينا بإبريقه ... مخضب كف بفرصادها
يقول: كفه مخضوبة بمثل التوت.
فباتت ركاب بأكوارها ... وخيل لدينا بألبادها
لقوم فكانوا هم المنفدين ... شرابهم قبل إنفادها
أراد: قبل إنفاد عقولهم.
وقال أبو العباس: أصل المكر الخديعة وأخذ الشىء من غير جهته. وقال: ذو الظفر ما لم يصد، وما اصطاد فهو ذو المخلب. والريش والرياش: اللباس الحسن.
يقال أعطى النابغة النعمان إبلاً وريشها، أي بما يصلحها من الآلة والثياب.
وقال: إذا قيل غزا غزاة فهو بمعنى عمل سنة، وإذا قال غزوة، أراد مرة.
وأنشد:
إذا أراد أمرؤ مكراً خبا عللا ... وظل يضرب أخماساً لأسداس
وقال: وأنشد ابن الأعرابي:
وذلك ضرب أخماس أراه ... لأسداس عسى ألا تكونا
وقال: هؤلاء قوم كانوا في إبل لأبيهم عزاباً، فكانوا يقولون للربع من الإبل الخمس وللخمس السدس، فقال أبوهم: إنما تقولون هذا لترجعوا إلى أهلكم. فصارت مثلاً في كل مكر.
ويقال: جلس الأربعا والأربعاوى، إذا قعد متربعاً.
ويقال: من أخذ من النهاوش والمهاوش ألقى في النهابر. قال: النهاوش والمهاوش، أخذ من نهش الحية. والمعنى يأخذه من النهب وينفقه في غير حله. والنهابر: مواضع من الرمل إذا وقعت فيها رجل البعير لا تكاد تخرج.
وأنشدنا أبو العباس:
عام لا يغررك يوم من غد ... عام إن الدهر يغفى ويهب
صاد ذا الضغن إلى غرته ... وإذا درت لبون فاحتلب
ليس بالصافي وإن صافيته ... عيش من يصبح نصباً للريب
ويقال: ما قيل لقوم قط: طوبى لهم، إلا رصد لهم الدهر بيوم سوء.
أخبرنا أبو محمد قال: وثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: قال ابن سلام: كانت امرأة من العرب ومات عنها زوجها ولها منه أربعة بنين، فأقامت عليهم حتى زوجتهم، ثم تزوجت. فغابت عنهم زماناً ثم أتتهم، فقالت: للأكبر: كيف وجدت أهلك؟ فقال: حسن رائع، وبيت ضائع، وضيف جائع. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك؟ فقال: غل وثاق، وسوء أخلاق، قد منعتني فراقها، وحرمتني طلاقها. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك؟ فقال: ظل أثلة، ولين رملة، وجنى نحلة، وكأني كل يوم آيب. وقالت للآخر: كيف وجدت أهلك؟ فقال: دل لا يقلى، وعجب لا يفنى، ولذة لا تقضى، وكأني مضل أصاب ضالته. فقالت: ألا تسألوني كيف وجدت زوجي بعد أبيكم؟ قالوا: بلى فأخبرينا. قالت: ليث عرينة، وجمل ظعينة، وظل صخر، وجوار بحر وقال: قال الأصمعي: يقال للقوم المجلس، وأنشد: واستب بعدك يا كليب المجلس وقال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: .............. ويعينه على رزقه.
قال: وكانت لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابة، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا فلان ما فعلت دابتك؟ قال بعتها من فلان. قال: ما جعله أحق بجمالها منك.
ويقال: لزم ثكم الطريق، وكثمه، ومرتكمه، أي معظمه.
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: أنت مولانا، فحجل، أي قفز من الفرح.
العجر في البطن، والبجر في الظهر.
قولهم: لا يدري الحو من اللو أي لا يعرف الكلام الذي يفهم من الذي لا يفهم. ولا يعرف قبيله من دبيره أي لا يدري فتل إلى فوق أو إلى أسفل.
قال: ويقال كان أبو بكر عليه السلام أسيفاً. والأسيف: الحزين.
وأنشد:
إلى رجل منهم أسيف كأنما ... يضم إلى كمحيه كفا مخضبا
أي كأنه قد قطعت يده فهو يحزن عليها.
وأنشد:
كأن العين خالطها قذاها ... بعوار فلم تقضى كراها
قال: اكتفى بتسكين الياء في تقضى مكان الجزم.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قوله عز وجل: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " ، قال: هذا نهى. وتأويله: الجزاء والعذاب إذا نزل عم. فقال: الذين ظلموا منكم خاصة.
قولهم: أراك بشراً ما أحار مشفر قال: معناه أراك حسن البشرة ما رد المشفر في جوفك ما أكلت. ومثله ما غاب سعى عن بدن، أي يبين على البدن ما سعى الرجل. وقال: هذا قريب من ذاك.
وأنشد:
تظل معقلات السوق خوصاً ... تنازع أنفها ريح الجنوب
ويقال أقبرته: جعلت له قبراً؛ وقبرته: دفنته.
أخبرنا أبو محمد قال: وثنا أبو العباس قال: دخل بعضهم على المأمون فسأله فقال: يا أمير المؤمنين، إنه بعد أطلاع إيناس. وأنشد:
ليس بما ليس به بأس باس ... ولا يضر البر ما قال الناس
وإنه بعد اطلاع إيناس قال: بعد الإشراف بكون الأنس:
وقال أبو العباس: فاعلت وفعللت وأفعلت، كله يجىء بالضم في الاستقبال، فيقولون أفعل ويفعل فيحذفون الهمز استثقالاً، وربما جاءوا بالأصل كقول الشاعر: وصاليات ككما يؤثفين ويقال فئون وفئين. وكل ما نقص اللام منه جمع بالواو والنون..
ويقال لهده الحمل، إذا فسخ سنامه.
أخبرنا محمد، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
جاءوا مخلين فلاقوا حمضا ... وطلبوا النقض فلاقوا نقضا
وإن علوا من بعد أرض أرضا ... حسبتهم زادوا عليها عرضا
أي من كثرتهم تظنهم أكثر من سعة الأرض.
" يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه " قال: عن قتال فيه، كما تقول ضربت الرجل رأسه.
البدنة من الإبل، وقد قال بعضهم: من الإبل والبقر.
وأنشد للفرزدق:
يا أيها المشتكى عكلا وما جرمت ... إلى القبائل من قتل وإبآس
إنا كذاك إذا كانت همرجة ... نسبى ونقتل حتى يسلم الناس
قال: بمت: لم قلت من قتل وإباس. فقال: ويحك فكيف أصنع وقد قلت: حتى يسلم الناس؟ قال: قلت: فبم رفعته؟ قال: بما يسوءك وينوءك.
قال أبو العباس: وإنما رفعه لأن الفعل لم يظهر بعده، كما تقول ضربت زيداً وعمرو، لم يظهر الفعل فرفعت: وكما تقول: ضربت زيداً وعمرو مضروب.
وأنشد: ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا قال: تمدون أيديكم إلينا بالسيوف ونمد أيدينا.
وأنشد لإبراهيم بن الأسود النخعي:
وقلت لعبد الله إنك واحد ... ومثلك في هذا الأنام كثير
قطعت إخائي ظالماً وهجرتني ... وليس أخي من في الإخاء يجور
أزور وتجفوني ولست بنازح ... وإن الفتى تجفوه ثم يزور
... كبير العقل... والذي ... ... في الكرام صغير
فلا تحسبن منحى لك الود خالصاً ... لضر ولا أنى إليك فقير
فكم من أخ لي ماجد وابن ماجد ... أغر كضوء الشمس حين تنير
إذا لم أزره لم يغب زيارتي ... وأعرف منه الود حين أزور
عليك سلام سوف دون لقائكم ... تمر سنون بعدهن شهور
وأكرم نفسي عنكم وأصونها ... إذا كدت من شوق إليك أطير
فهيهات هيهات الزمان الذي مضى ... وقد حدثت بعد الأمور أمور
فدونك حظى منك لست أريده ... طوال الليالي ما أقام ثبير
وما إن أبالي زرتني أم جفوتني ... وما منهما إلا على يسير
ولو أن بعضي رابني لقطعته ... وإني بقطع الرائبي لجدير
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: يقال يأيها الرجل، ويأيها القوم، ويأيها المرأة، ويأيتها المرأة؛ يذكر ويونث مع المؤنث، ولا يوجه يأيها إلا في الواحدة فإنها تذكر وتؤنث. قال: وقال سيبويه والخليل وأصحابهما: يا تنبيه، وها تنبيه، وأي المنادى، والرجل وما جاء بعد يأيها وصف لازم. قال: وهذا لا يصح. قال الفراء: الدليل على أنه ليس كما قالوا أنه يقال يأيهذا أقبل، فيسقط، الثاني الذي زعم أنه وصف لازم. ولكن قال الفراء: يأيهذا اكتفوا بالرجل من ذا، وبذا من الرجل، ويجمعون بينهما فيقولون: يا أيهذا الرجل. وأنشد:
أيهذان كلا زادكما ... وذراني واغلاً فيمن يغل
فجاء بهذا وأسقط الرجل. وتأويله يا أي ثم لم يعرف ما بعده فقال هو: هذا الرجل، فاستأنف به، فلذلك قالوا: يا أيهذا الرجل ذو المال، فردوا ذا المال على الرجل.
وأمل في هذا. قال: هذا تكون مثالاً، وتكون قريباً، فإذا كانت مثالاً قلت هذا زيد، هذا الشخص شخص زيد، وإن شئت قلت هذا الشخص كزيد. وإذا قل
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |