Alef Logo
ابداعات
              

قصة قصيرة / العطـــر

2006-05-11

في الرابعة من العمر، كلف والدي بالعمل في السفارة في دمشق، وبعد عشر سنوات عدت بعد أن عثر عليه ميتا في سيارته بمواقف سيارات تلك السفارة.
بمعونة من جدي اشترت أمي منزلا في حي متوسط بمدينة الرياض، وفي العام الثالث أقنع جدي والدتي بالزواج، فكان أن تركتني وأختي في كنفه، ولما تخرجت من الجامعة تزوجت ابنة عمي، التي طلبت الطلاق في نهاية العام الأول.
نمت في داخلي حاجتي إلى الحرية، أخذت إجازة من العمل، سافرت بالسيارة في رحلة داخلية غادرت فيها الرياض، ولما وصلت إلى مكة المكرمة أديت مناسك العمرة وبقيت ثلاثة أيام، ومن جدة شحنت السيارة إلى الرياض، وركبت الطائرة إلي أوروبا ثم أمريكا.
طالت رحلتي بعد أن تمكنت من الحصول على قبول في الجامعة لأخذ دبلوم في الحاسب ودرجة الماجستير، سبع سنوات استمرت الرحلة كان فيها عمي قد توفي في حادث سير وجدي مقعد في دار رعاية المسنين، أمي طلقت من زوجها واحتفظت بابنها منه.
انشغلت بتأسيس وكالة لتوزيع أجهزة الحاسب ذات مساء تلقيت اتصالا هاتفيا من موظف في جهة حكومية يطلب مقابلتي، كان سؤال الموظف عن قصدي الذي أخفيه في نص إبداعي نشرته مجلة أدبية في القاهرة، وبين حوار الأسئلة تم سجني أشهر، أغلقت فيها الوكالة، وأخذ أحد التجار شركة الحاسب، وخسرت الضمانات المالية، بدعوى الإهمال.
أمي تزوجت برجل يصغرها كثيرا، فهجرت الدار وأقمت في استراحة أعددتها كمستودع لمشروعي، على أرض جاءت كمنحة من الدولة توسط فيها جدي أيام غيابي.
عاودت نشاطي التجاري بمشروع صغير، بعد غروب يوم كان علي مقابلة وكيل شركة الحاسب، اصطدمت بمؤخرة سيارة وقفت فجأة أمامي حتى يترجل من بداخلها، نزل السائق لم تكن هناك تلف أو آثر.
طلب الشرطي الذي انبثق فجأة رخصة القيادة وبطاقة السيارة وطلب مني مراجعة إدارة المرور، لاحظت أنه تجاوزني وأخذ يتابع من يترجل من العربة الأخرى وهو يبادل السائق الحديث.
أخذت رقم العربة ورقم لوحة سيارة شرطي السير، أوقفت عربتي في مكان مناسب حتى أنجز عملي، راجعت إدارة المرور لم أعثر على أوراقي، طلبت من القائد تزويدي بورقة سير مؤقتة حتى لا يعترض طريقي شرطي أخر، تكررت زياراتي لمركز الشرطة، أخذت أبحث عن سيارة الشرطي، وطلبت من صديق معرفة صاحب السيارة الأخرى، عثرت على سيارة الشرطة مع آخر، كانت رخصة القيادة وبطاقة سيارتي في درج السيارة.
بعد أيام أخبرني صديقي أن السيارة التي أبحث عنها تعود لمسئول هام تردد في البوح باسمه، نسيت الأمر لانشغالي بأعمالي طلبت إحدى المدارس الأهلية تجهيزها بالحاسب، أثناء العمل تعرفت على مديرة قسم البنات ومساعدتها، كانت المساعدة عانس أغرتني المديرة بها زوجة.
أخذت زوجتي تنقل عمل المدرسة للدار، بين كشوف الأسماء عثرت على اسم المسئول الهام من خلال وجود ثلاث من بناته في مراحل مختلفة، عرفت أن هناك ابنة رابعة تركت الدراسة وعادت من الخارج تحمل الدكتوراه تعثر زواجها أكثر من مرة.
في السنة الثانية جاء أسامة ومعه كان الطلاق، عدت للاستراحة أبحث عن السكينة من خلال تكثيف البوح والكتابة، كتاباتي في الصحف تطورت إلى مناقشة أمور المجتمع وسلبيات الأداء الحكومي، لم يعد للمكتب نصيب في الأعمال الحكومية وتوقف المبيع على الأفراد.
أمي طلقت زوجها الشاب، تعرض محلي التجاري للسرقة، أقمت مع والدتي بعض الوقت. ذات مساء وأنا أقلب العدد الجديد من المجلة التي تنشر ما أكتب، جاء الموضوع الرئيس دراسة لكتاب أصدرته ابنة المسئول الهام، تطرق الكاتب لأهمية الكتاب وأثره على الساحة الفكرية، وحاجة المكتبة لمثل هذا العمل.
بحثت عن الكتاب في المكتبات فلم أعثر عليه، طلبته من محرر المجلة التي تنشر كتاباتي فوعدني خيرا، جاء الكتاب مع مراسل خاص، كان المراسل السائق الذي اصطدمت بسيارته لم يذكرني دعوته لشرب الشاي، في تلك الدقائق دفعته للحديث عن الدكتورة واهتماماتها الثقافية وسفرها المستمر، أخذت أقلب الكتاب فوجدته مجموعة مقالات انتهى وقتها وأخرى لاتهم الشريحة الكبيرة من القراء قدمت دراسة مناقضة، المجلة رفضت نشرها.
كنت أتأخر في مكتبي لإنجاز بعض الأوراق، ولما لم يكن شيء يلزمني أعود لمسكني قبل غروب الشمس، مع ارتفاع نداء الإقامة لصلاة العشاء رن جرس الباب، كان السائق ومعه رجلين، أستنشق أنفي عطر نسائي، دخلت تتهدل عباءتها على جانبيها، تلبس سروال (جينز) وقميص ملون بمثلثات ومربعات، جلست على أقرب مقعد، سألتني عما كتبت عن كتابها،
تأخرت في الرد، رمت بأوراق أخذتها من السائق أمامي على الأرض، انحنيت أجمعها لفت نظري حذاؤها الرياضي، بعد جمع الأوراق تجاوزت المفاجأة دعوتها لدخول مكتبتي أخذت تطالع رفوف الكتب، أخرجت كتاب يتناول أسرتها بالذم قلبت صفحاته.
لما جلست خلف المكتب خرجت لإحضار مشروب من المطبخ، غادرت الغرفة والكتاب معها على وجهها ابتسامة صغيرة، طلبت إعارتها الكتاب، في المساء صوتها انسل مناقشا ما جاء في مقالي وفي بعض الكتب التي وجدتها في مكتبتي الصغيرة.
في التاسعة من صباح يوم خميس وأنا أجلس في مكتبي بمتجري، شممت عطرها وقد وقف أمامي زائر بثوب رجالي ناصع البياض وغترة حمراء وعقال، ركزت نظري كانت هي جلست على المقعد المقابل،
خرجنا من المكتب، لفتت نظري سيارتها التي تقف في المواقف، غادرنا المدينة إلى الاستراحة، ترجلت من السيارة تجولت على طرف المسبح جلست، نثرت بين يديها المتوفر من الشراب، تخلت عن العقال والغترة انساب شعرها القصير، خلعت الحذاء أنزلت قدميها في الماء تحدثت عن كتاب جديد لها في المطابع، في السادسة ونحن في طريق العودة، طلبت مني مراجعة المطبعة التي تطبع الكتاب حتى آخذ نسخة للمراجعة قبل خروجه للقراء.
أخبرتني أمي أن زوجتي تزوجت وأنها طلبت منها رعاية أسامة، بعد خروج الكتاب كثر النقاش حوله، مقالي عنه سبب في عودتي للسجن أشهر جديدة، لما خرجت اعتزلت في خلوة داخل الاستراحة، جمعت فيها بعض مقالاتي، أرسلتها مع مندوب مبيعات إلى بيروت لتخرج في كتاب.
زوجتي طلقت، وجاء صوت المديرة يدعوني لأمر هام، حدثتني عن حاجة زوجتي لي ناقشتها في عيوب زوجتي الخلقية، بعد ساعة نهضت معلنة انتهاء المقابلة.
كما هي عادتي وأنا أدخل المبنى التجاري الذي فيه محلي، آخذ مجموعة من الصحف أتركها على المكتب حتى أتفقد العمل، جلست على المكتب أخذت أقلب الجريدة الأولى صدم نظري نعي متوفاة يحتل صفحة كاملة، كانت الدكتورة تكرر النعي في الجرائد الأخرى محتلا أغلب الصفحات غادرت المكتب أخذتني عربتي لمنزل والدها المسئول الهام، دقق رجال الأمن في هويتي، وطرحت أسئلة عن سبب حضوري،
سمع جدالنا أحد موظفي القصر، كان السائق سهل دخولي القصر، أخبرني أن الوالد مسافر، دخلت قاعة الاستقبال عرفني على أكبر إخوانها وأبنها الوحيد من زواجها الأول تقبل الجميع العزاء أثناء خروجي من القاعة، لحق بي شقيقها الأكبر أمر أحد الخدم إحضار مظروف من مكتبه، قدمه لي حسب رغبة المرحومة وأنا أدير محرك العربة عرفت أنه فتح.
رن هاتفي الجوال كانت أمي، تصرخ في بأن الحق منزلي الذي يحترق، لما وصلت كانت النار قد التهمت كل شيء، ورجال المطافئ والشرطة يعدون محضر بالحريق اقتربت من المسئول عرفته بنفسي، طلب توقيعي.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow