حَريّقُ سينما عامُودا .. بينَ "الفَاجعة " و "الهُولوكُوسْت" !
خاص ألف
2014-11-23
54 عام مرَّ على حادثة حريق "سينما عامودا" ، حريقٌ ألتهَمَ سينما عامودا والتهم معها أجساد عشرات البراعم من أطفالها ، الضحايا كانوا من جميع مكونات المجتمع ، معظم الضحايا كانوا من المكون الكردي بحكم ان تلك البلدة الصغيرة كانت معظمها من الأخوة الأكراد ، بالإضافة لضحايا من العرب كأبناء عشائر المحلمية و الخواتنة العربية وكذلك ضحايا أحد أعرق بيوتات عشيرة المردلية العربية في المحافظة " آل دباغ" ، وايضاً اثنان من المكون المسيحي أحدهما قضى حرقاً و الآخر اختناقاً .
كانَتْ السينما عبارة عن غُرفة مستطيّلة مبنيَّة من الطين و مسقوفةٌ بالقشِّ و قَدْ جرى كسوة جُدرانِها بأكياس "الخيش" المدهونة و القابلة للاشتعال بُغيةَ إخفاء العيوب واعطاء دار العرض من الداخل منظر جماليّ .
في يوم 13 نوفمبر سنة 1960 م قررَتْ السُلطات المحلية استئجار السينما وتخصيص العرض لطلبة المدارس على أنْ تكون ربع قيمة التذاكر مُخصصة لدعم الثورة الجزائرية ضدَّ الاستعمار الفرنسيّ ، كانَ تلاميذُ المدارس الابتدائيّة يتوافدون على السينما لحضور الأفلام والتي يتم تشغيلها على ماكينة عرض بدائية ، و كانت القدرة التشغيلية لها تستوعب تشغيل فلم واحد و بعدها كان يتوجَّب الانتظار حتى تبرُد الماكينة قبل تشغيل فلم آخر كما يقول السيد (قيا شيخو كوي) وهو أحدُ مُشغِّلي سينما عامودا عام 1960 ومسؤول ماكينة العرض و ما يزالُ حياً يُرزق ، و يضيفُ السيد قيا : أنّ الحريق كان نتيجة ضغط على جهاز التشغيل البدائي الذي تم تشغيل خمس أفلام عليه بشكل متتابع ودون توقف مما ولَّد ماس كهربائي كان سبب إطلاق شرارة الحريق الأولى الذي سرعان ما ألتهم السينما وتسبب في تلك الحادثة المؤسفة.
يقولُ الدكتور علي الحسيني من ابناء عامودا: " بأنَّ السلطة المطلقة في عامودا كانت بيد رئيسي المخفرين (البلدة والريف ) وكانا من الحزب الحاكم يومها " ناصريين " وقد استشهد ولديهما بالحريق ذاته".
تقولُ المحاميّة نادية خلوف في هذا الإطار : "كان من بين المتوفين عربا ومنهم 4 أطفال من آل دباغ، والحادثة تتوصف بالإهمال حسب شهادة زوجي الذي تابع الموضوع عن قرب من أجل أخيه عمر الذي قضى، وكذلك أصحاب السينما يتحملون مسؤولية تشغيل الفيلم، إضافة إلى الإسعاف التي وصلت فارغة، وهي شهادة وجي المحامي جميل دباغ"
مما سبَق يتضحُ أن الحادثة المؤسفة كانت نتيجة الإهمال تتحمل الحكومة آنذاك الجزء الأكبر منه ، والتي قامت بتكليف وفد لزيارة منطقة الحادثة لكن يبدو أنه لم تكن هناك نتائج ملموسة أو دعوني أقل بأنني لا أعرف نتيجة زيارة الوفد ، لكن أصحاب السينما والعاملين فيها تم اعتقالهم لفترة وأخلي سبيلهم .
الضحايا كانوا من جميع المكونات الاجتماعية ( عرب ، اكراد ، مسيحية) كما كان ضمن الضحايا ابناء مسؤولي الشرطة في البلدة ، وبذلك هي لَمْ تَكُن جريمة بمنطق "الهولوكوست" العرقي الذي يصوّره القوميين الأكراد ويجعلون من هذه الحادثة محرقة استهدفت الأكراد من قبل السلطة القومية العروبية ! ولا نعرف لماذا تستهدف السلطة الاطفال في السينما في الوقت الذي توزع فيه الاراضي على الفلاحين الاكراد بغض النظر عن تاريخ قدومهم للمنطقة ، كما تضع ممثلاً لمجلس النواب "الامة" من كردياً من عشيرة الهفيركان "ابن الآغا حاجو" ، ولا ننسى بأن تلك السلطة ذاتها قد خصصت ركن في إذاعة القاهرة باللغة الكردية مما سبب احتجاج من تركيا تقدم به وزير الخارجية التركي يومها لجمال عبد الناصر واتهامات من السلطات العراقية بأن إذاعة القاهرة توردُ أخباراً تدعمُ من خلالها البرزاني ...الخ.
أنا ازعُم بأن كل من يتاجر بضحايا تلك الحادثة المؤسفة ويلعب من خلالها على الوتر القومي يُعتَبر بعيد عن القيم الوطنية ، ويفتقد لجانب كبير من الأمانة العلمية والاخلاقية التي تُحتم عليه ذكر الحادثة بدون عكس الوقائع وتحويرها واخفاء جانب من الحقيقة واستخدامها في أُطُر سياسية قومية.
ويُفتَرض ايضاً بالأحزاب الكُردية والشخصيات الكُردية المستقلة في سورية التي تعمل اليوم في إطار المُعارضة السورية أن تكون سباقة في الحديث عن حقيقة ما جرى ، وليس المساهمة في ترسيخ مبدأ "الهولوكُوست" والتطهيّر العرقيّ الذي يستهدف قومية معينة بحد ذاتها ، فهذا فضلاً عن أنه غير صحيح ، فأنه سيساهمُ في خلقِ شرخ في بنية المجتمع السوري ، وإثارة الضغائن والأحقاد في وقت نحنُ أحوجُ ما نكون إلى التكاتف لتحقيق مستقبل سوري يضمن حقوق جميع السوريين ويضمنُ إنهاء معاناتهم والخلاص من جميع أنواع الاستبداد الذي يتعرضونَ له .
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |