سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي ـ ابن الفارض ج1
2008-04-08
سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي | وكأسي محيَّا منْ عنِ الحسن جلَّتِ |
فأوهمْتُ صَحبي أنّ شُرْبَ شَرَابهِم، | بهِ سرَّ سرِّي في انتشائي بنظرة ِ |
وبالحدقِ استغنيتُ عنْ قدحي ومنْ | شمائلها لا منْ شموليَ نشوتي |
ففي حانِ سكري، حانَ شُكري لفتية ٍ، | بهمْ تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي |
ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها | ولمْ يغْشَني، في بسْطِها، قبضُ خَشيتي |
وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري | رقيبٌ لها حاظٍ بخلوة ِ جلوتي |
وقُلْتُ، وحالي بالصّبابَة ِ شاهدٌ، | ووجدي بها ماحيَّ والفقدُ مثبتي |
هَبي، قبلَ يُفني الحُبُّ مِنّي بقِيّة ً | أراكَ بها، لي نظرَة َ المتَلَفّتِ |
ومِنّي على سَمعي بلَنْ، إن منَعتِ أن | أراكِ فمنْ قبلي لغيريَ لذَّتِ |
فعندي لسكري فاقة ُ لإفاقة ٍ | لها كبدي لولا الهوى لمْ تفتّتِ |
ولوْ أنَّ ما بي بالجبال وكانَ طو | رُسينا بها قبلَ التَّجلِّي لدكَّتِ |
هوى عبرة ٌ نمَّتْ بهِ وجوى ً نمتْ | به حرقٌ أدواؤها بي أودتِ |
فطوفانُ نوحٍ، عندَ نَوْحي، كأدْمَعي؛ | وإيقادُ نيرانِ الخليلِ كلوعتي |
ولولا زفيري أغرقتني أدمعي | ولولا دموعي أحرقتني زفرتي |
وحزني ما يعقوبُ بثَّ أقلَّهُ | وكُلُّ بِلى أيوبَ بعْضُ بَلِيّتي |
وآخرُ مالاقى الألى عشقوا إلي الرَّ | ـرّدى ، بعْضُ ما لاقيتُ، أوّلَ محْنَتي |
وفي ساعة ٍ، أو دونَ ذلكَ، مَن تلا | لآلامِ أسقامٍ، بجِسمي، أضرّتِ |
لأَذكَرَهُ كَرْبي أَذى عيشِ أزْمَة ٍ | بمُنْقَطِعي ركْبٍ، إذا العيسُ زُمّتِ |
وقدْ برَّحَ التَّبريحُ بي وأبادني | ومَدْحُ صِفاتي بي يُوَفّقُ مادِحي |
فنادمتُ في سكري النحولَ مراقبي | بجملة ِ أسراري وتفصيلِ سيرتي |
ظهرتُ لهُ وصفاً وذاتي بحيثُ لا | يراها لبلوى منْ جوى الحبِّ أبلتِ |
فأبدتْ ولمْ ينطقْ لساني لسمعهِ | هواجِسُ نفسي سِرَّ ما عنهُ أخْفَتِ |
وظَلّتْ لِفِكْري، أُذْنُهُ خَلَداً بها | يَدُورُ بهِ، عن رُؤْيَة ِ العينِ أغنَتِ |
أحَبّنيَ اللاّحي، وغارَ، فلامَني، | مُجيباًإلَيها، عن إنابَة ِ مُخْبِتِ |
كأنَّ الكرامَ الكاتبينَ تنزَّلوا | على قَلْبِهِ وحْياً، بِما في صحيفَتي |
وما كانَ يدري ما أجنُّ وماالَّذي | حَشايَ منَ السِّرّ المَصونِ، أَكَنَّت |
وكشفُ حجابِ الجسمِ أبرزَ سرَّ ما | بهِ كانَ مستوراً لهُ منْ سريرتي |
فكنتُ بسرِّي عنهُ في خفية ٍ وقدْ | خفتهُ لوهنٍ منْ نحولي أنَّتي |
لَقيلَ كنَى ، أو مسّهُ طَيْفُ جِنّة ِ | له والهوى يأتي بكلِّ غريبة ِ |
وأفْرَطَ بي ضُرَّ، تلاشَتْ لَمْسّهِ | أحاديثُ نَفسٍ، بالمدامِعِ نُمّتِ |
فَلو هَمّ مَكروهُ الرّدى بي لما دَرى | مكاني ومنْ إخفاءِ حبِّكِ خفيتي |
وما بينَ شوقٍ واشتياقٍ فنبتُ في | تَوَلٍّ بِحَظْرٍ، أو تَجَلٍّ بِحَضْرة ِ |
فلوْ لفنائي منْء فنائكِ ردَّ لي | فُؤاديَ، لم يَرْغَبْ إلى دارِ غُرْبَة ِ |
وعنوان شاني ما أبثُّك بعضهُ | وما تَحْتَهُ، إظْهارُهُ فوقَ قُدْرَتي |
واُمْسِكُ، عَجْزاً، عن أُمورٍ كثيرة ٍ، | بِنُطقيَ لن تُحصى ، ولو قُلتُ قَلّتِ |
شفائي أشفى بل قَضى الوَجْدُ أن قَضى ، | وبردُ غليلي واجدٌ حرَّ غلَّتي |
وباليَ أبلى منْ ثيابِ تجلُّدي | بهِ الذاتُ، في الأعدامِ، نِيطَتْ بلَذة |
فلوْ كشفَ العوَّادُ بي وتحقَّقوا | منَ اللوحِ مامسَّني الصَّبابة ُ أبقتِ |
لما شاهدتْ منِّي بصائرهمْ سوى | فلا حَّي، إلاّ مِنْ حَياتي حَياتُهُ، |
ومنذُعفا رسمي وهِمْتُ، وَهَمْتُ في | وجودي فلم تظفر بكوني فكرتي |
وبعدُ فحالي فيكِ قامتْ بنفسها | وبيِّنتي في سبقِ روحي بنيَّتي |
ولمْ أحكِ في حبَّيكِ حالي تبرُّماً | بها لاضطِرابٍ، بل لتَنفِيسِ كُربَتي |
ويَحسُنُ إظهارُ التّجلّدِ للعِدى ، | ويقبحُ غيرُ العجزِ عندَ الأحبَّة ِ |
ويَمنَعُني شكوَايَ حُسْنُ تَصبّري، | ولو أشكُ للأعداء ما بي لأشكَت |
وعُقبى اصطِباري، في هَواكِ، حمِيدَة ٌ | عليكِ ولكنْ عنكِ غيرُ حميدة ِ |
وما حَلّ بي من مِحنَة ٍ، فهومِنحَة ٌ، | وقد سَلِمَتْ، من حَلّ عَقدٍ، عزيمتي |
وكَلّ أذًى في الحبّ مِنكِ، إذا بَدا، | جعلتُ لهُ شكري مكانَ شكيَّتي |
نَعَمْ وتَباريحُ الصّبابَة ِ، إنْ عَدَتْ | على َّ منَ النعماءِ في الحبِّ عدَّتِ |
ومنكِ شقائي بلْ بلائي منة ٌ | وفيكِ لباسُ البؤسِ أسبَغُ نِعمَة ِ |
أرانِيَ ما أولِيتُهُ خيرَ قِنْيَة ٍ، | قديمُ وَلائي فيكِ من شرّ فِتْيَة ِ |
فلاحٍ وواشٍ:ذاك يُهدي لِعِزّة ٍ | ضلالاً وذابي ظلَّ يهذي لغرَّة ِ |
أُخالِفُ ذا، في لومِهِ، عن تقًى ، كما | أخالِفُ ذا، في لؤمِهِ، عن تَقيّة |
و ما ردّ وجهي عن سبيلِكِ هولُ ما | لقيتُ، ولاضرّاءُ، في ذاكَ، مسّتِ |
ولا حلمَ لي في حمل ما فيكِ نالني | يُؤدّي لحَمدي، أولَمَدحِ موَدّتي |
قضى حسنكِ الدَّاعي إليكِ احتمالَ ما | قصصتُ وأقصى بعدَ ما بعدَ قصَّى |
وما هوَ إلاَّ أنْ ظهرتِ لناظري | بأكملِ أوصافٍ على الحسنِ أربتِ |
فحلَّيتِ لي البلوى فخلَّيتِ بينها | وبيني فكانتْ منكِ أجمل حلية ِ |
ومَن يتَحَرّشْ بالجمالِ إلى الرّدى ، | رأى نفْسَه، من أنفَس العيش، رُدّتِ |
ونفسٌ ترى في الحبِّ أنْ لا ترى عناً | ولا بالولا نفسٌ صفا العيش ودَّتِ |
وأينَ الصّفا هيْهاتِ من عَيشِ عاشِقٍ، | وجنَّة ُ عدنٍ بالمكارهِ حفَّتِ |
ولي نفسُ حرٍّ لو بذلتِ لها على | تَسَلّيكِ، ما فوْقَ المُنى ما تسلّتِ |
ولو أُبْعِدَتْ بالصّدّ والهجْرِ والقِلى | وقَطْعِ الرّجا، عن خُلّتي، ما تَخَلّتِ |
وعن مذهَبي، في الحُبّ، ماليَ مذهَبٌ | وإنْ مِلْتُ يوماً عنهُ فارَقتُ ملّتي |
ولوْ خطرتْ لي في سواكِ إرادة ٌ | على خاطري سهواً قضيتُ بردَّتي |
لكِ الحكمُ في أمري فما شئتِ فاصنعي | فلمْ تكُ إلاّ فيكِ لا عنكِ رغبتي |
ومُحْكَمِ عهدٍ، لم يُخامِرْهُ بيننا | تَخَيّلُ نَسْخٍ، وهوَ خيرُ أليّة |
وأخذكِ ميثاقَ الولا حيثُ لمْ أبنْ | بمظهرِ لبسِ النَّفسِ في فئ طينتي |
وسابِقِ عهدٍ لم يَحُلْ مُذْ عَهِدْتُهُ | ولاحِقِ عَقدٍ، جَلّعن حَلّ فترَة |
ومَطْلِعِ أنوارٍ بطلعتِكِ، التّي | لبهجتها كلُّ البدورِ استسرَّتِ |
ووصفِ كمالٍ فيكِ أحسنُ صورة ٍ | وأقوَمُها، في الخَلقِ، منهُ استمدّتِ |
ونعتِ جلالٍ منكِ يعذبُ دونهُ | عذابي، وتحلو، عِندَهُ ليَ قتْلَتي |
وسِرِّ جَمالٍ، عنكِ كُلّ مَلاحَة ٍ | بهِ ظهرتْ في العالمينَ وتمَّتِ |
وحُسْنٍ بهِ تُسبى النُّهَى دَلّني على | هوى ً حسنتْ فيهِ لعزِّك ذلَّتي |
ومعنًى ، ورَاءَ الحُسنِ، فيكِ شهِدتُهُ، | بهِ دَقّ عن إدراكِ عَينِ بَصيرَتي |
لأنتِ مُنى قلبي، وغايَة ُ بُغْيَتي، | وأقصى مُرادي، واختياري، وخِيرَتي |
خلعتُ عذاري واعتذاري لابسَ الـ | خلاعة ِ مسروراً بخلعي وخلعتي |
وخلعُ عذاري فيكِ فرضى وإنْ أبى اقـ | ترابيَ قومي والخلاعة ُ سنَّتي |
وليسوا بقومي مااسْتعابوا تَهتُّكي، | فأبدوا قلى ً واستحسنوا فيكِ جفوتي |
وأهليَ في دينِ الهوى أهلهُ وقدْ | رضُوا ليَ عاري، واستطابوا فضيحتي |
فمن شاء فليغضب سواك ولا أذى ً | إذا رضيتْ عنَّي كرامُ عشيرتي |
وإنْ فتنَ النِّساكِ بعض محاسن | لديكِ، فكُلٌّ منكِ موْضِعُ فِتنَتي |
وما احترتُ، حتى اخترتُ حُبّيكِ مَذهباً، | فوحيرتي إنْ لمْ تكنْ فيكِ خيرتي |
فقالتْ هوى غيري قصدتَ ودونهُ اقْـ | ـتَصَدتَ، عميّاً، عن سواء مَحجّتي |
وغرّكَ، حتى قُلتَ ما قُلتَ، لابِساً | بهِ شَينِ مَينٍ لبسُ نفسٍ تمنَّتِ |
وفي أنفَسِ الأوطارِ أمْسَيْتَ طامعاً | بنفسٍ تعدَّت طَورَهَا فتعدّتِ |
وكيفَ بحبى وهوَ أحسنُ خلة ٍ | تفوزُ بدعوى وهيَ أقبَح خلَّة ِ |
وأينَ السُّهَى مِن أكْمَهٍ عن مُرادِهِ | سَها، عَمَهاً، لكنْ أمانيكَ غرّت |
فقمتَ مقاماً حُطَّ قدرُكَ دونَهُ | على قدمٍ عن حظِّها ما تخطَّتِ |
ورُمتَ مراماً، دونَهُ كم تطاوَلت، | بِأعناقِها قومٌ إليهِ فجذَّت |
أتيتُ بيوتاً لم تُنَلْ من ظهورهَا | لَدَيّ، فَدَعْني من سَرَابٍ بِقيعة |
وبينَ يدِي نجواكَ قدَّمتَ زخرفاً | ترومُ بهِ عِزّاً، مرامِيهِ عَزّتِ |
وجئتَ بِوَجهٍ أبيضٍ، غيرَ مُسقِطٍ | لجاهِكَ في داريكَ حاطِبَ صفوتي |
ولو كنتَ بي من نقطة ِ الباءِ خفضة ً | رُفعتَ إلى مالَمْ تنلهُ بحيلة ِ |
بحيثُ ترى أن لا ترى ما عَدَدتهُ | وأنَّ الّذي أعددتَهُ غيرُ عُدَّة ِ |
ونَهْجُ سبيلي واضِحٌ لمنِ اهتدَى ، | ولكنَّها الأهواءُ عَمَّتْ فأعمَتِ |
وقد آنَ أن أبْدي هواكَ، ومن به | ضَناكَ، بما ينَفي ادّعاكَ محبّتي |
حليفُ غرامٍ أنتَ لكنْ بنفسهِ | وإبقاكَ وصفاً منكَ بعضُ أدلَّتي |
فلمْ تهوَني مالمْ تكنْ فيَّ فانياً | ولمْ تَفْنَ ما لا تُجْتَلى فيكَ صورَتي |
فدَعْ عنكَ دعوى الحبّ، وادعُ لِغَيرِهِ | فؤادَكَ، وادفَعْ عنكَ غَيّكَ بالتي |
وجانبْ جَنابَ الوصلِ هيهاتَ لمْ يكنْ | وهاأنتَ حيٌّ إن تكُنْ صادقاً مُتِ |
هوَ الحُبّ، إن لم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً | منَ الحُبّ، فاخترْذاك، أو خَلّ خُلّتي |
ودُونَكَ بحْراً خُضْتُهُ، وقَفَ الأُلى | إليكِ، ومَن لي أن تكونَ بقبضَتي |
وما أنا بالشَّاني الوفاة َ على الهوَى | وشأني الوفَا تأتي سِواهُ سجيَّتي |
وماذا عسى عنِّي يُقالُ سِوى قضَى | فُلانٌ، هوًى ، مَن لي بِذا، وهْو بُغيَتي |
أجَلْ أجَلي أرضى انقِضاهُ صبَابَة ً، | ولا وصْلَ، إن صَحّتْ، لحبّك، نسبتي |
وإنْ لمْ أفُزْ حَقاً إليكِ بِنِسبَة ٍ | لعزَّتها حسبي افتخاراً بتهمة ِ |
ودونَ اتّهامي إنْ قَضَيْتُ أسًى فما | أسأتُ بنفسٍ بالشهادة ِ سُرَّتِ |
ولي منكِ كافٍ إن هَدَرْتِ دمي، ولم | أُعدَّ شهيداً علمُ داعي منيَّتي |
ولم تَسْوَ روحي في وِصالِكِ بَذلَها | لدَى لِبَونٍ بينَ صونٍ وبذلة ِ |
وإني، إلى التّهديدِ بالموتِ، راكنٌ، | ومَن هولِهِ أركانُ غيري هُدَّت |
ولم تعسِفي بالقتلِ نفسِي بل لها | بهِ تُسعفي إن أنتِ أتلفت مُهجتي |
فإنْ صحَّ هذا القالُ منكِ رفعتِني | وأعليتِ مقداري وأغليتِ قيمتي |
وها أنا مستدعٍ قضاكِ وما بهِ | رضاكِ ولا أختارُ تأخيرَ مدَّتي |
وعِيدُكِ لي وعدٌ، وإنجازُهُ مُنى | ولي بغيرِ البعدِ إن يُرمَ يثبتِ |
وقد صِرتُ أرجو ما يُخافُ، فأسعِدي | به روح ميت للحياة استعدت |
وبي مَن بها نافسْتُ بالرّوحِ سالِكاً | سبيلَ الأُلى قَبلي أبَوا غيرَ شِرْعتي |
بِكُلّ قَبِيلٍ كَم قَتِيلٍ بها قَضَى | أسى لم يفز يوماً إليها بنظرة ِ |
وكمْ في الورى مثلي أماتتْ صبابة ً | ولوْ نَظَرَتْ عَطْفاً إليهِ لأحْيَتِ |
إذا ماأحَلّتْ، في هواها، دَمي، فَفي | ذُرى العِزّ والعَلْياءِ قَدري أحَلّتِ |
لعمري وإن أتلفتُ عمري بحبِّها | ربحتُ وإن أبلت حَشاي أبلّتِ |
ذللتُ لها في الحيِّ حتى وجدتُني | وأدنى منالٍ عندهمْ فوقَ همَّتي |
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |