Alef Logo
ابداعات
              

اللّعبة

محمد نجيب بوجناح

خاص ألف

2015-11-04


إلى ج.م.ف


فلنتحدّث... فلنتحدّث قليلا..

عن كلّ شيء وعن اللاشي

...فلنتحدّث

إن رغبتَ

.. عن تاريخ العالم

عن برج بابل..عن النجوم

إن أردتَ..

عن بنات باريس..

عن القمم..قمم الأرض طبعا،

فعلى المرّيخ لا شيء مؤكد

عن برج السيرس

وسماء أستنكيتو السّابعة وبرج إيفل

هل تعلم أنّ السّيد إيفل إبتدع حمّالات الصّدر؟

بل حمّالات الجوارب...

فلنتحدّث إذن..

عن الواجهات الوردية في شارع أمستردام الأحمر

أحبّ الللآلئ السوداء في الأضواء الوردية

والشّراشف الوردية..

وماء الورد..

هل تعرف ماء الورد؟


فلنتحدّث قليلا..

عن الطّقس المتوعْد والليل الثقيل

عن كرة القدم..والبولينغ

أفتقد ابنتي.. وأنتَ؟

لماذا لم تحدّثني عنها؟

سألتني عنك

بعد أنْ مضيتَ

أحبّ الأطفال الذين يطرحون الأسئلة

لكنّ ابنتكِ كانت متعجرفةً

-أين أبي؟

-ومِن أين لي أن أعرف يا بنيتي

أكرهك أيّها النذل.


لنَنْسَ...ولنتحدثْ

عن سفراتنا

عن الأطباق الصّينية..

والنّساء السلافيّات..

الموسيقى..نيو أورليون..

عن البيرة..قارورة سان ميخآل في ساحة مايور

وحده لوركا يبدع أروع منها..

آه..الأسبانيات

لماذا التوغّل في الزمن والفضاء، وأنتَ هنا ؟


"الأنسان يسافر لضيق في هيكله " ج.م.ف


والآن وأنت هنا،

تريد أن تتحدث لكنّكَ تصمتُ.

لعلّه طبق الكسكس قد صرعك..

تناولْ كأس شاي..بالنعناع

قد يساعدك على الهضم

إمسك جيّدا البنيّة

إبق قليلا !

فأنتَ لم تتحدّث بعدُ

ومضيتَ

أراقبك من البلكون تعبر الشّارع الكبير..

أنتَ متعبٌ.

إنّه بدون شكّ طبق الكسكس..

اللّوم على زوجتي

ونظريتها عن الفلافل الثلاثة،

التي تجعلُ أصدقائي شاحبين.


تلك المرأة تناديك..

إنّني أراها من البلكون..

لكنّك لاتنظر إليها.

كم أنت متعب

ليس من اللياقة أن تعبر الطريق

مُطأطأ الرأس عندما تناديك إمرأة للنجدة.

اللامبالات تقتل..

قلت لي ذلك ذات يومٍ وردّدت لحنا لجليبير بيكو.

ربّما كانت يائسةٍ تلك المرأة في الطريق.

وابتسامتكَ..وكلماتك..

كلمة من لاشيء

حرف أو حرفان

كقرصة ملح

في حساء بلا طعمٍ

يمكن أن تنقذ حياةً.

قلتَ ذلك لي..في السْماء...

في بهو نزل في زوتيمر..

في شارع في بيومل..

لاأذكر..

كنّا نسافر كثيرا..

وكنّا نتحدث كثيرا..عن الآخرين..

أبدا عن أنفسنا..

وتختفي في حفرة المترو..

قلتَ أنكَ ستكلّمني..

من موسكو أو من فارسوفيا..

وستكون هنالك يوم الأربعاء.

سأحجز لك في النّزل

نظّمت كلّ شيء كالعادة...لكنّ ذلك الخميس كان أسودًا...

يفتح السّيد نوفاك الألماني النّافذة..كنت أدخّن كثيرا

هاتفت فرانسواز في باريس

قالت لي مازحة: ربّما إختطفوه..

الكلمات سهلة في فم فرانسواز..والضّحكات أيضا

-هل تعرف..إنّه غريب الأطوار

ربما كان الآن في حضن امرأة

- ربّما

- سيأتي غدا بعد أن يرتاح

- ربّما

-لا تقلق، أفكّر فيك

- شكرا فرانسواز


كلّ الطّائرات كانت في الموعد..

السياح والرّياضيون..

رجال الأعمال..

الفقراء والأثرياء..

المرضى والقدّيسون..

العاشقون والمكروهون..

مهرّبو المخدّرات والنساء..

حاويات السّردين والتفاح

وجرائد الصّباح والمساء..

الرسائل المرشحة بماء الورد

أو برماد الحزن..

إلاّ أنت ياصديقي.

تناولتُ العشاء بمفردي.

أكره الأكل وحيدا في النّزُلِ.

وحيدا لا أستطيع التّحدث..

هل تسمّي حديثا طلب شريحة تتار

أو قطعة تيراميسو

أو كريمة محروقة

أو لعق عطر إمرأة تمرّ؟

لست قلقا..

غدا سنتحدّثُ

ولن تستاء عندما أفرغ نظرياتي

عن التّاريخ والعنصرية

والعولمة والنساء.

لن تنظر عبر النافذة.

.ستستمع إليّ

وإذا تكلّمتَ سأسمعكَ..أعِدُكَ


في الغدّ رنّ الهاتف.

لاأعرف أحدا في دوسلدورف.

وأنتَ لم أعرفكَ أبدا.

حتّى وإن كنتَ تُبكيني الآن..

ويا ليتني بكيت دمعاَ

إنّه كوكتيل من الخوف والحيرة

واليأس والندم..

بدون كلمات.

أنا غريبٌ أينما حللتُ.

حتّى بالنّسبة لك..

كنتَ تعرفُ ذلك.

أرتعش أمام النزل الكئيب، بدون نجوم.

حوض الحمّام صغيرٌ.

لعلّك كنت متعبا لتسقطَ هكذا

في حوض الحمّام

وإنّها لفكرة مضحكة

أنْ تلفّ أنبوب الدشّ حول عنقك

لتُخْمدَ كلماتكَ.

لماذا لم تقل لي أنّك تكره الكلام؟

كنتُ سأدعك لحالكَ..

ولكن..

الانسان الذي لا يستطيع الكلامَ إنسان ميّتٌ.

وأنت الدليل على ذلك..

وبما أنّكَ لاتستطيع الكلام فلن تستطيع أن تحيى

يالها من لعبة .. يا صديقي..

أن تسقط في حوض حمّام،

حبلُ الدشّ حولَ العنقِ

لتخنق كلماتك..

كي أتركك في حالكَ..

ولِتسخر منّي


يأمرني الشرطي الألماني بالخروج..

بما أنّني تعرّفتُ عليك

- نعم أعرفه

وألمح شفتيك تنبسان بكلمة،

لعلّها الأخيرة قبل أن تودّعني.

!- كذّابْ

وتقهقه.

وفمي مللآن..

كبوليمي..

أتقيأ كلّ الكلام الذي حشوته في جسدي

كي لاأكلّمكَ بعد الآن


لكنّك كنتَ تحسن الكتابة

-اطلب ابنتي

لم تقل لي أنّ لك بنتا.

ولعلّك لم تكن تتحدّث إليها كثيرا.

-أبي هل عدتَ؟

والحال أنّه ليس من الصّعب أن تنتبه للكْنتي.

تجمّدت الكلمات في..و

كانتْ تتكلّم..تتكلّم..تتكلّم..

وكنتُ أصمتُ.

تلك هي لعبتك إذنْ.

لقد هزمتني.



محمد نجيب بوجناح

تونس






























































































































































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow