كنت قد مررت مرورا سريعا على الشعر الشعبي للنساء البشتونيات في افغانستان الذي جمعه الاديب الافغاني الكبير بهاء الدين مجروح في كتاب عنوانه " رمان قندهار" وترجمته الصحافية التونسية جليلة الدخلاوي. الشعر النسوي الافغاني يسمى " اللانداي" وهو ما يقابل "الدارمي" عندنا. وعنوان الكتاب أخذ من بيت من اللانداي يقول:
ادخل يدك برفق تحت اكمامي
فقد ازهر رمان قندهار ونضج
اشعار تقطر حرية وجرأة تجعلك لا تصدق انها تصدر عن بلد اشتهر بالقمع والقتل والتكفير والتحجب المتزمت والتحريم. كنت قبل ان اقرأه "ازامط" نساء العالم ان كتبن مثل ما تكتبه نساؤنا من غزل في دارمياتهن، لكني تراجعت منحنيا امام جرأة الأفغانيات وروحهن الحرة المتمردة وتحديهن. انها ارتجالات نسوية لاغان تقطر عشقا وانوثة.
هذه نماذج من اللانداي، ولا اقول انها لا تحتاج الى تعليق، بل انا عاجز عن التعليق الذي اخاف ان يفسد على القارئ لذة قرائتها والابحار في معانيها:
1.
تعال
كن زهرة على صدري
لأنعشك كل صباح بضحكة
2.
اجمع الحطب واضرم النار
فقد اعتدت ان اقدم جسدي في الضوء
3.
طوعا اعطيك فمي
فلماذا حركت جرتي؟
ها انني قد تبللت
4.
خلف الباب
كنت انا ادلك نهدي العاريين
فلمحتني
5.
تنازلت لك طوعا عن امتياز فمي
فعبثا تبحث عن فتحة السروال
6.
تعلم كيف تلتهم فمي:
ارخ شفتيك اولا
ثم بلطف .. اقتحم خط اسناني
7.
خذني اولا بين ذارعيك
ثم احتضني
بعدها فقط
يمكنك الالتصاق بفخذي الحريريتين
8.
صنعت بي ما شئت
فرد على وجهي الخمار
كي أنام
9.
سروالي الأحمر بلون النار
ينحدر من على فخذي
قلبي يقول لي:
انك ستكون في بيتي الليلة
10
يريد حبيبي
ان يحتفظ بلساني في فمه
لا للذة .. بل ليفرض سيطرته علي
انها نسمات الحرية المدهشة التي لا تترك لك غير ان تقف امامها حائرا. شعر خال من البكاء والانكسار الذي عهدناه في اشعارنا النسوية وغير النسوية. يقول مجروح الذي جمع هذه الكلمات، انها «غناء دنيوي، لا يمجد الحب الصوفي ولا يطمح لبلوغ اليقين. غناء يحتفل بالفرح واللذة".
وفوق هذا وذاك انها اغان شجاعة، فمن اشجع ممن تغني، وهي في افغانستان:
غدا سيشبع الجياع من عشاقي
لأنني سأشق القرية
سافرة الوجه
وشعري تلعب فيه الرياح