كتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع / جزء 4
خاص ألف
2016-01-25
باب حسن الابتداءات
هذه تسمية ابن المعتز، وأراد بها ابتداءات القصائد، وقد فرع المتأخرون من هذه التسمية براعة الاستهلال، وخصوا بها ابتداء المتكلم بمعنى ما يريد تكميله ولقد وقع في أثناء القصيدة.
وقد روى أن أحسن ابتداء ابتدأ به مولد قصيدة قول إسحاق بن إبراهيم الموصلي، حيث يقول خفيف:
هل إلى أن تنام عيني سبيل ... إن عهدي بالنوم عهد طويل
ومن إنشادات ابن المعتز في هذا الباب قول النابغة الذبياني طويل:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
ولعمري لقد أحسن ابن المعتز الاختيار، فإني أظنه نظر بين هذا الابتداء وبين ابتداء امرئ القيس في معلقته حيث قال طويل:
قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فرأى أن ابتداء امرئ القيس على تقدمه وكثرة معاني ابتداءاته متفاوت القسمين جداً، لأن صدر البيت جمع بين عذوبة اللفظ وسهولة السبك، وكثرة المعاني بالنسبة إلى العجز ما لم يجمع العجز، فإن ألفاظ العجز غريبة بالنسبة إلى ألفاظ الصدر، والعجز أقل معان من الصدر بخلاف بيت النابغة، فإنه لا تفاوت بين قسميه البتة، فبيت امرئ القيس وإن كان أكثر معان من بيت النابغة، فبيت النابغة أفضل، من جهة ملاءمة ألفاظه، ومساواة قسمية، ومثل بيت النابغة قول زهير طويل:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرى أفراس الصبا ورواحله
فإن قسمي هذا البيت متلائمان، فإن لفظ كل واحد منهما متوسط بين الغرابة والابتذال، وفي كل قسم منهما استعارتان، فقد تساويا في اللفظ والمعنى كبيت النابغة، وهذا من قول امرئ القيس طويل:
خليلي مرا بي على أم جندب ... نقضي لبانات الفؤاد المعذب
وإنما عظم ابتداء معلقة امرئ القيس في النفوس الاقتصار على سماع صدر البيت، فإنه يشغل الفكر بحسنه عن النظر في ملاءمة عجزه أو عدم ملاءمته، وهو الذي قيل عند سماعه للمنشد: حسبك، فإن قائل هذا الكلام أشعر الناس، لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في شطر بيت ولم يستنشد العجز منه شغلاً بحسن الصدر عنه، وإذا تأمل الناظر في نقد البيت بكماله ظهر له تفاوت القسمين، فعلم جملة أن الابتداء غير موصوف بحسن الابتداء، إذ حسن الابتداء عبارة عن ملاءمة القسمين.
ومن جيد ابتداءات المولدين قول أبي نواس وهو في غاية الحسن طويل:
خليلي هذا موقف من متيم ... فعوجا قليلاً وانظراه يسلم
وقوله طويل:
لمن دمن تزداد حسن رسوم ... على طول ما أقوت وطيب نسيم
ومن إنشادات ابن المعتز لأبي تمام بسيط
يا بعد غاية دمع العين إذ بعدوا ... هي الصبابة طول الدهر والكمد
وإذا وصلت إلى قول البحتري طويل:
بودي لو يهوى العذول ويعشق ... ليعلم أسباب الهوى كيف تعلق
وصلت إلى الغاية التي لا تدرك، وما سمع أشد مباينة كبيت جميل وهو قوله: طويل
ألا أيها النوام ويحكم هبوا ... أسائلكم ل يقتل الرجل الحب؟
وهذا البيت الذي قال فيه الرشيد إما للمفضل الضبي أو غيره: هل تعرف بيتاً نصفه بدوي في، شمله وباقيه مخنث في بذلة فأنشده البيت فاستحسن ذكره.
ولقد أحسن أبو الطيب ما شاء في قوله خفيف:
تراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقة في المآقي
لو لم يكدر صفوه ويقبح حسنه بقوله:
كيف ترثي التي برى كل جفن ... راءها غير جفنها غير راقي
وأكثر ابتداءات أبي العلاء المعري تأتي على سنن الصواب، كقوله: بسيط
يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر ... لعل بالجزع أعوانا على السهر
وكقوله طويل:
طربن لضوء البارق المتعالي ... ببغداد وهنا ما لهن ومالي
وقوله طويل:
مغاني اللوى من شخصك اليوم أطلال ... وفي النوم مغنى من خيالك محلال
وكقوله خفيف:
غير مجد في ملتي واعتقادي ... نوح باك ولا ترنم شاد
فهذه أمثلة ابتداءات القصائد.
وأما أمثلة براعة الاستهلال فمنها قول محمد بن الخياط طويل:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنى ... ولم أدر أن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني فأنفدت ما عندي
ولقد أحسن البحتري اتباعه في هذا المعنى حيث قال كامل:
أعدت يداه يدي وشرد جوده ... بخلي فأفقرني كما أغناني
ووثقت بالخلق الجميل معجلاً ... منه فأعطيت الذي أعطاني
وإذا نظرت إلى فواتح السور الفرقانية جملها ومفرداتها رأيت من البلاغة والتفنن في الفصاحة ما لا تقدر العبارة على حصر معناه، ومن أراد الوقوف على ذلك فليقف على كتابي المنعوت بالخواطر السوانح في كشف أسرار الفواتح والله أعلم.
باب صحة الأقسام
وهذا أول أبواب قدامة وصحة الأقسام عبارة عن استيفاء المتكلم أقسام المعنى الذي هو آخذ فيه، بحيث لا يغادر منه شيئاً، ومثال ذلك قوله تعلى: " هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً " وليس في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق، والطمع في الأمطار، ولا ثالث لهذين القسمين.
ومن لطيف ما وقع في هذه الجملة من البلاغة تقديم الخوف على الطمع، إذ كانت الصواعق تقع من أول برقة، ولا يحصل المطر إلا بعد توافر البرقات، فإن تواترها لا يكاد يكذب ولهذا كانت العرب تعد سبعين برقة وتنتجع، فلا تخطئ الغيث والكلأ، والى هذا أشار المتنبي بقوله وافر:
وقد أرد المياه بغير هاد ... سوى عدي لها برق الغمام
فلما كان الأمر المخوف من البرق يقع من أول برقة، أتى ذكر الخوف في الآية الكريمة مقدماً أولاً، ولما كان الأمر المطمع إنما يقع من البرق ناسخاً للخوف، لمجيء الفرج بعد الشدة، والميسرة بعد الأمر المخوف، أتى ذكر الطمع في الآية الكريمة ثانياً، وليكون الطمع بعد الحزن رحمة من الله سبحانه وتعالى بخلقه، وبشرى بحسن العاقبة لعباده، وقد أتى ابن رشيق بهذه الآية من شواهد التفسير، لما كان قوله سبحانه خوفاً وطمعاً كان مفسراً رؤية البرق، وهو قريب.
ومما جاءت صحة الأقسام فيه مدمجة في المقابلة من الكتاب العزيز قوله سبحانه: " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون " وقد اعترضت المطابقة بين القسمين المتقابلين واستوعبت أقسام الأوقات من طرفي كل يوم ووسطه.
ومن بديع صحة التقسيم قول علي عليه السلام: " أنعم على من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره " فإنه استوعب أقسام الدرجات العليا والسفلى والوسطى، وأقسام أحوال الإنسان وبين الفضل والنقص والكفاف وأتى في ضمن ذلك الطباق بين الغنى والحاجة والمناسبة في أميره ونظيره وأسيره.
ومثال صحة الأقسام من الكتاب العزيز أيضاً قوله: " الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم " فلم يترك سبحانه قسماً من أقسام الهيئات حتى أتى به، ومثل هذه الآية آية يونس وهي قوله تعالى: " وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً " لكن وقعت بين ترتيب الآيتين مغايرة أوجبتها البلاغة، فتضمن الكلام بها الائتلاف، وذلك أن الذكر يجب فيه تقديم القيام لأن المراد به الصلاة والله أعلم. والقيام واجب فيها للمستطيع، والقعود بعده عند العجز عن القيام، والاضطجاع عند العجز عن القعود، والضر يجب فيه تقديم الاضطجاع، وإذا زال بعض الضرر قعد المضطجع، وإذا زال كل الضرر قام القاعد فدعا لتتم الصحة وتكمل القوة، ويحصل التصرف، فإن قلت: هذا التأويل لا يتم إلا إذا كانت الواو هي العاطفة فلم عدل عنها وبها يحصل في الكلام حسن النسق وائتلاف الألفاظ مع المعاني إلى أو التي يسقط معها ذلك؟ قلت: تأثير الضر على أقسام: فإن من الضر ما يصرع المضرور عند وروده، ومنه ما يقعده، ومنه ما يأتي وصاحبه قائم ولا يبلغ به شيئاً من هذه الحالات، والدعاء عند أول مس الضر، فإن الضر والجزع عند الصدمة الأولى، فوجب العدول عن الواو لأو لتوخي الصدق في الخبر، والكلام على ذلك موصوف بالائتلاف وبحسن النسق، والخبر بذلك التأويل الأول عن شخص واحد، وبالتأويل الثاني عن أشخاص، فغلبت الكثرة، فوجب الإتيان بأو، وابتدئ بالشخص الذي يصرعه، لأن ضره أشد، فهو أكثر تضرعاً فوجب تقديم ذكره لأن تقديمه الأهم، وإذا تقدم ذكر المضطجع أوجب حسن الترتيب أن يليه ذكر القاعد وأن يلي ذكر القاعد ذكر القائم، فحصل حسن الترتيب، وائتلاف الألفاظ بمعانيها، وترجح مجيءُ أو على مجيءِ الواو، ولا تدل عليه من تعدد المضطرين دون الواو.
وكقوله: " يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً " لأنه سبحانه إما أن يفرد العبد: بهبة الإناث أو بهبة الذكور أو يجمعهما له، أو لا يهبه شيئاً، ووقعت صحة الأقسام في هذه الآية على ترتيب البلاغة، وهو الانتقال من الأدنى إلى الأعلى فقدم هبة الإناث لتنتقل منها إلى أعلى منها، وهي هبة الذكور، ثم انتقل إلى أعلى منها وهي هبة الإناث والذكور، فجاءت كل أقسام العطية بلفظ الهبة، وأفرد معنى الحرمان بالتأخر لأن أفضاله على عباده أهم من حرمانه إياهم، وتقديم الأهم أولى، وقال في معنى الحرمان: ويجعل عادلاً عن لفظ الهبة لتأتي الألفاظ ملائمة للمعاني قياساً على قوله تعالى: " أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاماً " وهكذا الاعتداد بالماء والنار، فأتى لفظ العطاء بلفظ الزرع، ومعنى الحرمان بلفظ الجعل.
وفي السنة من صحة الأقسام قول رسول الله عليه الصلاة والسلام " ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت " ولا رابع لهذه الأقسام.
ووقف أعرابي على حلقة الحسن البصري فقال: رحم الله من تصدق من فضل، أو واسى من كفاف، أو آثر من قوت: فقال الحسن: ما ترك الأعرابي منكم أحداً حتى عمه بالمسئلة.
ومن أمثلة هذا الباب الشعرية قول نصيب طويل:
فقال فريق القوم لا وفريقهم ... نعم وفريق ليمن الله ما ندري
فليس في أقسام الإجابة غير ما ذكر.
وقال بشار طويل:
فراح فريق في الإسار، ومثله ... قتيل، ومثل لاذ بالبحر هاربه
وأوجز من هذا في معناه قول عمرو بن الأهتم خفيف:
اشربا ما شربتما فهذيل ... من قتيل وهارب وأسير
ومن جيد صحة الأقسام قول شاعر الحماسة طويل:
وهبها كشيء لم يكن أو كنازح ... به الدار أو من غيبته المقابر
فلم يبق في تقسيم المعدوم شيئاً حق ذكره، لأن الشيء إما مقدراً لم يوجد، أو قد وجدد وعدم إما بالنزوح أو بالفناء، وكقول أبي تمام في الأفشين وقد أحرق كامل:
صلى لها حيا وكان وقودها ... ميتاً، ويدخلها مع الفجار
والبارع في هذا الباب قول عمرو بن كلثوم وافر:
نطاعن ما تراخى الصف عنا ... ونضرب بالسيوف إذا غشينا
وأحسب أن أول من نطق بصحة التقسيم زهير حيث قال: طويل
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عمي
ونقل أبو نواس هذا المعنى من الجد إلى الهزل، فقال في الحض على الشرب منسرح:
أمر غد أنت منه في لبس ... وأمس قد مر فاسل عن أمس
وإنما الشأن شأن يومك ذا ... فباكر الشمس بابنة الشمس
وكنت أظن أن زهيراً هو المبتدئ بصحة التقسيم حتى عثرت على قول امرئ القيس طويل:
وليس بذي رمح فيطعنني به ... وليس بذي سيف وليس بنبال
فاستوعب آلات القتال، ورتبها في البيت على ما يكون عليه في الحرب من الأفضل فالأفضل. فتمت صحة التقسيم بجميع شروطها كما ترى، وما ألطف قول بعض المغاربة خفيف:
شغل الدهر من لقاء حبيب ... ليت شعري متى؟ وكيف؟ وأينا؟
فاستوعب أقسام الظروف الزمانية والمكانية، وكيف التي يسأل بها عن الأحوال.
والنادر في صحة الأقسام قول عمر بن أبي ربيعة طويل:
تهيم إلى نعم فلا الشمل جامع ... ولا الحبل موصول ولا أنت مقصر
ولا قرب نعم إن دنت لك نافع ... ولا بعدها يسلى ولا أنت تصبر
باب صحة المقابلات
صحة المقابلات عبارة عن توخي المتكلم ترتيب الكلام على ما ينبغي، فإذا أتى بأشياء في صدر كلامه أتى بأضدادها في عجزه على الترتيب، بحيث يقابل الأول بالأول، والثاني بالثاني لا يخرم من ذلك شيئاً في المخالف والموافق، ومتى أخل بالترتيب كان الكلام فاسد المقابلة، وقد تكون المقابلة بغير الأضداد.
والفرق بين المقابلة والمطابقة من وجهين: أحدهما أن المقابلة لا تكون إلا بالجمع بين ضدين فذين، والمقابلة تكون غالباً بالجمع بين أربعة أضداد: ضدان في صدر الكلام، وضدان في عجزه، وتبلغ إلى الجمع بين عشرة أضداد: خمسة في الصدر، وخمسة في العجز. والثاني أن المطابقة لا تكون إلا بالأضداد، والمقابلة تكون بالأضداد وبغير الأضداد.
ومن معجز هذا الباب قوله تعالى: " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " فانظر إلى مجيء الليل والنهار في صدر الكلام، ثم قابلهما في عجز الكلام بضدين، وهما السكون والحركة على الترتيب، ثم عبر عن الحركة بلفظ الإرداف، فاستلزم الكلام ضرباً من المحاسن زائداً على المقابلة، وعدل عن لفظ الحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل لكون الحركة تكون لمصلحة ولمفسدة، وابتغاء الفضل حركة المصلحة دون المفسدة، وهي تشير إلى الإعانة بالقوة، وحسن الاختيار الدال على رجاحة العقل وسلامة الحس، وإضاءة الظرف الذي تلك الحركة المخصوصة واقعة فيه، ليهتدي المتحرك إلى بلوغ المأرب، ويتقي أسباب المهالك، والآية سيقت للاعتداد بالنعم، فوجب العدول عن لفظ الحركة إلى لفظ هو ردفه وتابعه ليتم حسن البيان، فتضمنت هذه الكلمات التي هي بعض آية عدة من المنافع والمصالح، التي لو عددت بألفاظها الموضوعة لها لاحتاجت في العبارة عنها إلى ألفاظ كثيرة. فحصل في الكلام بهذا السبب عدة ضروب من المحاسن، ألا تراه سبحانه جعل العلة في وجود الليل والنهار حصول منافع الإنسان، حيث قال: " لتسكنوا ولتبتغوا " بلام التعليل، فجمعت هذه الكلمات المقابلة، والتعليل، والإشارة، والإرداف، وائتلاف اللفظ مع المعنى، وحسن البيان، وحسن النسق، فلذلك جاء الكلام متلائماً آخذة أعناق بعضه بأعناق بعض، ثم أخبرن بالخبر الصادق أن جميع ما عدده من النعم بلفظه الخاص، وما تضمنته العبارة من النعم التي تلزم من لفظ الإرداف بعض رحمته، حيث قال بحرف التبعيض: " ومن رحمته " وكل هذا في بعض آية عدتها عشر كلمات، فالحظ هذه البلاغة الباهرة والفصاحة المتظاهرة.
ومن أمثلة صحة المقابلات قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا الخرق في شيء إلا شانه " فقابل عليه السلام الرفق بالخرق، والزين بالشين بأحسن ترتيب وأتم مناسبة بين الرفق والخرق ولفظتي شانه وزانه.
ومن أمثلة صحة المقابلات الشعرية قول القائل أحسبه كثيراً في مقابلة الأضداد من أناشيد قدامة طويل:
فوا عجباً كيف اتفقنا فناصح ... وفي ومطوي على الغل غادر
فإن هذا الشاعر لما قدم ذكر النصح والوفاء في صدر البيت، قابلهما بذكر الغل والغدر في عجزه على الترتيب، لا، الغل ضد النصح، والغدر ضد الوفاء. وقد وقع في مقابلة الأضداد ما جمع بين ستة أضداد وهو بيت أنشده أبو دلامة للمنصور، وقد سأله عن أشعر بيت في المقابلة فأنشده بسيط
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
فإن الشاعر قابل أحسن بأقبح، والدين بالكفر، والدنيا بالإفلاس، فجمع بيته ما لم يجمعه بيت قيل قبله في التقابل، ولا خلاف في أنه لم يقل قبله مثله، وأما بعده فقد غير المتنبي في وجوه الناس بقوله بسيط
أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي
فإنه جمع بين عشر مقابلات، قابل أزور بأنثنى، وسواداً ببياض، والليل بالصبح، ويشفع بيغرى، ولفظة لي بلفظة بي على الترتيب، ولا أعلم في باب التقابل أفضل من هذا البيت لجمعه من المقابلات ما لم يجمعه بيت لشاعر قبله ولا بعده إلى يومنا هذا، مع ما فيه من تمكين قافيته، بخلاف البيت الذي أنشده أبو دلامة، فإن قافيته مستدعاة لكون حسن الأشياء التي ذكرها، وقبحها لا يختص بالرجل دون المرأة، والمعنى قد تم بدون ذكر الرجل، ولو كان لما اضطر إلى القافية التي أفاد بها معنى زائداً بحيث يقول: بالبشر لكان البيت نادراً، غير أن المقابلة التي في البيت الذي أنشده أبو دلامة أفضل من المقابلة التي في بيت أبي الطيب، لأن المقابلة التي في البيت الأول بالأضداد، والتي في بيت المتنبي بالأضداد وبغير الأضداد، والمقابلة بالأضداد أفضل مراعاة للاشتقاق، لأن التقابل: التضاد والتناقض، فبيت المتنبي فضل بالكثرة والبيت الأول أفضل بجودة المقابلة، وقد أنشد بعض المؤلفين في هذا الباب قول أبي نواس طويل:
أرى الفضل للدنيا وللدين جامعاً ... كما السهم فيه الفوق والريش والنصل
وزعم أن هذا البيت فاسد المقابلة من جهة أنه قابل الدنيا والدين الذين هما طرفان بطرفي السهم، وهما الفوق والنصل، ونفي الريش لا مقابل له، وعندي أن البيت صحيح المقابلة، لأن أبا نواس قصد أن الممدوح جمع من الدين والدنيا ما ينتفع به، وما لا بد للعاقل المكلف منه، وهما طرفا نقيض، كما جمع طرفا السهم ما لا غنى بالسهم عنه، لأن الفوق موضوع الوتر، والريش الموصل، والنصل المصمى، فشبه الممدوح بالسهم الجامع لمصالح الطرفين، ولما كان الريش والفوق في طرف واحد كانا معاً مقابلين للنصل، إذ هو في الطرف الآخر، ولم يضر تعدادهما. وهو يريد الطرف الجامع لهما على أن الإخلال بصحة التقسيم في ظاهر اللفظ لا يفسد صحة المقابلة، فرب كلام وقع في ظاهر لفظه إخلال ببعض أقسامه، لكون ذلك القسم لم يذكر فيه بالفعل، وكان مذكوراً فيه بالقوة في باطنه، فجاء ظاهر لفظه يوهم الإخلال وهو بريء منه، كما جاء في قوله تعالى: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً " فقدم في صدر الكلام أمران: الوعد بالفقر، والأمر بالفحشاء، ثم قابل الشيئين في الظاهر بشيء واحد وهو الوعد. فأوهم أنه أخل بذكر الأمر، وليس كذلك، وإنما لما كان الفضل مقابلاً للفقر، والمغفرة مقابلة للأمر بالفحشاء لأن الفحشاء توجب العقوبة. والمغفرة تقابل العقوبة، استغنى بذكر المقابل عن ذكر مقابله، لأن ذكر أحدهما ملزوم ذكر الآخر، ومثل ذلك من الشعر الفصيح قول القائل وافر:
أسرناهم وأنعمنا عليهم ... وأسقينا دماءهم الترابا
فما صبروا لبأس عند حرب ... ولا أدوا لحسن يد ثواباً
فإن ظاهر لفظ البيتين يؤذن بأن الشاعر أخل بمقابل قوله:
وأسقينا دماءهم الترابا
لأنه قابل اليأس بسلب الصبر، والإنعام بنفي الثواب، وليس الأمر كذلك لأن القتل والأسر داخلان في بأس الحرب، فهما شيء واحد وإن تعدد مقابلهما معاً بالصبر، لأنه يكون عليهما. والله أعلم.
باب صحة التفسير والتبيين
وهو أن يأتي المتكلم في أول الكلام، أو الشاعر في بيت من الشعر بمعنى لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه دون أن يفسر، إما في البيت الآخر، أو في بقية البيت إن كان الكلام الذي يحتاج إلى التفسير في أوله.
ووقوع التفسير من الكلام على أنحاء: بعد الشرط، وما هو في معناه، وبعد الجار والمجرور، وبعد المبتدإ الذي التفسير خبره. فمثال ما وقع منه بعد الحروف المتضمنة معنى الشرط قول الفرزدق طويل:
لقد جئت قوماً لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملاً ثقل مغرم
لألفيت منهم معطياً ومطاعناً ... وراءك شزراً بالوشيج المقوم
ومثال ما جاء بعد الجار والمجرور قول الحسين بن مطير الأسدي كامل:
وله بلا حزن ولا بمسرة ... ضحك يواصل بينه وبكاء
وكلا الرجلين - أعني الفرزدق وابن مطير - لم يراعيا الترتيب، وإن كان عدم الترتيب مع حسن الجوار وقرب الملائم لا ينقص به حسن الكلام البليغ، بل هو عندي نوع من صحة التفسير، ألا ترى إلى قوله تعالى: " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم " ثم قال بعد ذلك: " وأما الذين ابيضت وجوههم " ومثل ذلك قول الله تعالى: " بسم الله الرحمن الرحيم " فإنه لما قدم ذكر الأبلغ على ما دونه - وطريق البلاغة الترقي - نعلم من هذا الترتيب أن توخي الملاءمة، وحسن الجوار أولى من حسن الترتيب، إذ كان اسم الله تعالى يختص به دون بقية أسماءه، وكان الرحمن وصفاً مختصاً به دون بقية صفاته، فأتبع الأخص بالأخص، ولتوخي الملاءمة ومراعاة حسن الجوار عدل عن الإيضاح، وتعمد التقديم والتأخير الذي هو أحد الوجوه الثلاثة التي يحصل بها الإشكال، فإن التنزيل لو كان في آية الطهارة، " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤسكم " لم تختلف العلماء في المسح والغسل، لكن القصد إلى نظم الكلام على الوجه الأحسن من مجاورة الملائم بالملائم ليكون لفظ الكلام مؤتلفاً مع معناه، عدل عن ذلك الترتيب إلى التقديم والتأخير، لأن كل من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضوء أصحابه والتابعين لهم بإحسان لم يرو أن أحداً منهم غسل رجليه قبل مسح رأسه، وإذا علم أن مسح الرأس مقدم على غسل الرجلين علم أن الواجب غسل الرجل من حيث إنه سبحانه قدم ذكر مسح الرأس، ليعلمنا ترتيب غسل الأعضاء في الوضوء كما كانت في الغسل، فإن الغسل يختم فيه بغسل الرجلين، ولما أخر ذكر الرجلين أتى بالتحديد ليعلم أن الأمر فيهما معطوف على الأعضاء المغسولة، لا على العضو الممسوح، فإن المسح لم تضرب له غاية احتراساً ممن يظن أن الرجل ممسوحة، ولعربية الشافعي ومعرفته بكنه بلاغة العرب أوجب الترتيب في الوضوء، لكون الآية جاءت مرتبة للأعضاء، ولم يحفل بالتقديم والتأخير، وإن أوجب لبساً اتكالاً على ما في التحديد من دفع ذلك اللبس. وما سمعت ولا غيري بمستمع كقول الله سبحانه وتعالى: " سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون " فإن صحة التقسيم اندرجت في صحة التفسير، واندمج الترتيب والتهذيب في صحة التقسيم، وحصل الائتلاف من حصول الترتيب، إذ قدم سبحانه النبات، وثنى بأشرف الحيوان، فكان غيره من الحيوان بطريق أولى، ثم ثلث بقوله: " ومما لا يعلمون " فاندرج تحت هذا العموم كل ما اختص الله بعلمه من المولدات الثلاث، بل من جميع المخلوقات من كل موجود سوى الله، فحصل الترقي على سنن الفصاحة، والمشي على نهج البلاغة وأتت الفاصلة في غاية التمكين، فالآية الكريمة لذلك تصلح أن تكون شاهداً للتفسير، والتقسيم، والتهذيب، والائتلاف، والتمكين، وإنما خصصت بها باب التفسير، لأنه أول مذكور فيها، ومنه تتفرع بقية ما انطوت عليه من المحاسن، ولقد أحسن ابن شرف القيرواني في التفسير الواقع بعد الجار والمجرور حيث قال طويل:
لمختلفي الحاجات جمع ببابه ... فهذا له فن وهذا له فن
فللخامل العليا وللمعدم الغنى ... وللمذنب العتبى وللخائف الأمن
ون أناشيد قدامة فيما جاء من التفسير بعد الحروف المتضمنة معنى الشرط قول صالح بن جناح اللخمي طويل:
لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ثم فطن الشاعر إلى أنه أجمل في قوله: وإن كنت محتاجاً إلى الحلم، فإنني في بعض الأوقات إلى الجهل أحوج، ولم يبين كونه إذا احتاج إلى الجهل واضطر له هل يقدر على أن يجهل؟ فقال في البيت الثاني طويل:
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فبين أن عنده حلم لمن يعامله بالحلم، وجهل لمن يعامله بالجهل، وهذا بسط قول عمرو بن كلثوم وافر:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
لكن بيت ابن جناح أمشى على سنن العدل من بيت ابن كلثوم لاستضاءته بنور القرآن العزيز، وتأدبه بأدبه لأنه عقد بالوزن قوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " .
ثم فطن - أعني ابن جناح - إلى كونه لم يتبين العلة التي تحوجه إلى الجهل، فقال في البيت الثالث طويل:
فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج
ومثال ما جاء من التفسير بعد خبر المبتدإ بشرط أن يكون المفسر مجملاً والمفسر له مفصلاً قول ابن الرومي كامل:
آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم
منها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم
وهذا أفضل ما سمعته في باب التفسير من الشعر، فإنه راعى فيه الترتيب أحسن مراعاة، فلو كمله بأن يستوعب فيه أقسام منافع النجوم بأن يضيف إلى ما ذكره سقياها الأرض، حصل في بيته صحة التقسيم مع صحة التفسير، وإن كان هذا غير لازم للشاعر، لكنه لو اتفق له ذلك كان أحسن. ولما لحظت ذلك خطر لي أن أعمل معناه على ما وقع لي من صحة التقسيم مع صحة التفسير، فقلت في شرف الدين حسن بن سناء الملك؛ طويل:
لآبائك الماضين يا حسن الندى ... صفات بها لا غير تعلو المراتب
وجوه وآراء وشهب عزائم ... وأيد بديجور الخطوب كواكب
يماط الدجى منها ويهدي بها الورى ... ويرحم من يجنى وتسقى السحائب
ومن بديع التفسير قول أبي جعفر الخراز النظيري من نظر بلنسية، من شعراء المائة السادسة في ابن عباد طويل:
وما زلت أجني منك والدهر ممحل ... ولا ثمر يجني ولا زرع يحصد
ثمار أياد دانيات قطوفها ... لأغصانها ظل علي ممدد
يرى جارياً ماء المكارم تحتها ... وأطيار شكري فوقهن تغرد
ون التفسير نوع لا تعرف صحته، لأنه يأتي مفسراً لشيء مقدر في النفس، لم يجر له ذكر في الكلام الذي تقدم، لكنه يكون ملزوم الكلام المتقدم من ظاهر اللفظ، ولأن المفسر لا تنحصر تفاصيله كقول المتنبي كامل:
وجلا الوداع من الحبيب محاسناً ... حسن العزاء وقد جلين قبيح
فيد مسلمة وطرف شاخص ... وحشاً يذوب ومدمع مسفوح
وذلك أن البيت الثاني لا يصلح أن يكون تفسيراً للبيت الأول، لأن البيت الأول أشار إلى صفات الحبيب، والبيت الثاني يشير إلى أحوال المحب، وإنما لما قال في البيت الأول إن الوداع جلا من الحبيب محاسناً قبح عند رؤيتها، كان كأنه قدر في نفسه أنه عندما تحقق مقارنة تلك المحاسن بقيت حاله على ما شرحه وفسره في البيت الثاني.
ومن مليح التفسير وبديعه قول محمد ابن وهيب في المعتصم بسيط
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ولقد أحسن مجد الملك بن شمس الخلافة حين تناول هذا المعنى ما شاء، فإنه وطأ له توطئة ملائمة، لو اقتصرنا في تفضيله عليها كانت كافية لا سيما وقد زاد فيه زيادة غير خافية عن ذي بصيرة حيث قال كامل:
شيئان حدث بالقساوة عنهما ... قلب الذي يهواه قلبي والحجر
وثلاثة بالجود حدث عنهم ... البحر والملك المعظم والمطر
لكن واسطة الثلاثة خيرها ... وكذاك خير العقد واسطة الدرر
ومن التفسير ضرب يأتي في حشو البيت وهو غريب في التفسير، لأن غالب مجيء التفسير إما في عجز البيت، أو في بيت آخر، وهو قول عمرو بن كلثوم وافر:
ويوم كريهة طعناً وضرباً ... أقر به مواليك العيونا
فقوله: " طعناً وضرباً " تفسير ليوم الكريهة.
ومن لطيف التفسير وغريبه تفسير وقع بعد الإخبار، وهو غير الأقسام المتقدمة، وذلك قول أبي حية النميري طويل:
فألقت قناعاً دونه الشمس واتقت ... بأحسن موصولين: كف ومعصم
والمعنى من قول النابغة الذبياني كامل:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد
وبيت أبي حية أجزل لفظاً، وأتم معنى، وأحسن رونقاً وديباجة.
ومن مليح التفسير الذي وقع في بيت قول بعض المغاربة بسيط
صالوا وجالوا وضاؤوا واحتبوا فهم ... أسد ومزن وأقمار وأجبال
فإنه أحسن فيه الترتيب، ووقع التفسير في عجز البيت كله، والمفسر في الصدر كل بحيث أتى كل قسم مستقلاً بنفسه، وجمع إلى ذلك المساواة، فإن لفظه طبق معناه، ومن التفسير نوع يتقدم التفسير فيه على المفسر، كقول زينب بنت زياد المؤدب من شواعر العرب طويل:
ولا أبى الواشون إلا فراقنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار
وشنوا على أسماعنا كل غارة ... وقلت حماتي عند ذاك وأنصاري
غزوتهم من مقلتيك وأدمعي ... ومن نفسي بالسيف والماء والنار
فقولها: من مقلتيك وأدمعي ومن نفسي تفسير لبقية البيت.
ومن معجز التفسير ما جاء في الكتاب العزيز منه كقوله تعالى: " والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومهم من يمشي على أربع " فذكر سبحانه الجنس الأعلى أولاً حيث قال: " كل دابة " فاستغرق أجناس كل ما دب ودرج. ثم فسر هذا الجنس بعد ذلك بالأجناس المتوسطة والأنواع، حيث قال: فمنهم، ومنهم، ومنهم مراعياً للترتيب وذلك أنه قدم ما يمشي بغير آلة لكون الآية سيقت لبيان القدرة وتعجب السامع، وما يمشي بغير آلة أعجب مما يمشي بآلة، فلذلك كان تقديمه ملائماً لمقصود الآية، ثم ثنى بالأفضل فالأفضل، فأتى بما يمشي على رجلين، وهو الآدمي والطائر، لتمام خلق الإنسان وكمال حسن صورته، ولما في الطائر من عجب الطيران الدال على الخفة، مع ما فيه من كثافة الأرضية، وثلث بما يمشي على أربع لأنه أحسن الحيوان البهيم وأقواه، تغليباً له على ما يمشي على أكثر من الأربع من الحشرات، وإن كان داخلاً فيما يمشي على الأربع، وإنما خص ذلك بالذكر دونه لفضله عليه، فاستوعب الأقسام، وأحسن الترتيب، فتضمنت هذه الكلمات التي هي بعض آية عدة من المحاسن، وهي صحة التفسير وصحة التقسيم، مع مراعاة الترتيب، والإشارة، وائتلاف اللفظ مع المعنى وحسن النسق.
نهاية الجزء الرابع
ألف / خاص ألف
يتبع ...
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |