اعطني مزبلة ... كي أكون ديكاًـ حسين بصبوص
خاص ألف
2017-02-11
كوردة تفتحت في غير موسمها مرغمةً , عانى من أحلامه المغتصبة في بلاده حد الإشباع , لم يحتمل قطاف الورد في كل حين , أراد أن يكون برعما , لن ينمو إلا في تربة بلاده الخصبة برحيق من رحلوا .
لم يكن حال الشاب السوري إبراهيم مسعود أفضل من بقية النازحين في داخل سوريا أو خارجها، عندما كان قاطناً إحدى الثكنات الشبابية التي اشتهرت بمدينة اسطنبول عن غيرها من المدن التركية , وغالبا ما يكون مكوناً من منزل مؤلف من ثلاث غرف يحوي على ما يقارب خمسة عشر شخصا فما فوق , حسب ما يقرر صاحب هذا السكن’ كان هذا واقع إبراهيم بدلا من حصوله على منزل مستقل يقطنه بمفرده أو مع صديق له , وذلك لارتفاع أجرة المنزل وتدني مستوى الدخل , ولاسيما لدى الشباب العاملين في مصانع ومحلات اسطنبول التجارية من باب ( بدنا نعيش ومشيها ) ليستطيعوا تأمين أبسط متطلبات الحياة , و أدناها ثمنا في دولة اللجوء أو في مدينة كمدينة اسطنبول التركية العظيمة. وكانوا قابلين بهذه الحياة المذلة حتى جاء صباح يوم الأربعاء في السابع عشر من شهر تشرين الأول عام 2016
كان موظفاً من بلدية منطقة الفاتح التي أقطنها , ظننت أنني نوعا ما أتمتع بحق السؤال كوني في ظل حماية دولة تحترم القانون وتحترم حقوق الإنسان , لم يكن سؤالي يتجاوز أن يثبت لي هذا الموظف أنه تابع للبلدية ببطاقة عمل يشهرها , أو ورقة القرار القاضي بأخلاء هذا المنزل أو بالأحرى هذا المخيم , لم يكن لدي حيلة بعد سؤالي إلا أن أتحمل قدر الإهانة التي وجهت إلي فيما بعد.
أسرعت وجمعت ما جمعت من أمتعة كانت مرمية في زوايا الغرفة، وما هي إلا لحظات حتى صرت لاجئا مرة أخرى بدولة اللجوء. أبحث عن رصيف يؤويني مع عدد كبير من الأصدقاء. كان يوما لا ينسى، عندما رأيت مستقبلا كاملا يضيع مني.
يتابع إبراهيم قوله , بينما أقف بجانب بعض الأصدقاء في نفس اللحظة وبنبرة موتورة , تحمل بطياتها ألم ووجع مترعان بشوق لوطن حر خالٍ من كل عبودية , يهمس أحدهم في أذني قائلاً يا صديقي ( كل ديك على مزبلته صياح ) ما كان مني إلا أن أرد قائلا ً :
" أعطوني مزبلة كي أكون ديكاً لا أريد أكثر من ذلك " حتى يرد الصوت ذاته قائلا :
" امتلأت الأرض بالمزابل وكثرت الديوك يا صاح "
كم من الطاقات المهدورة اليوم تدخر في مخيمات اللجوء و الأرصفة , بدلا من أن تدخر ضمن مؤسسات ثورية سورية تخدم قضية البلد .
لم نحلم بكوكب آخر أو مجرة أخرى , عندما قطعنا الحدود هاربين من بطش الأطراف جميعها في الثورة المغتصبة من كل الأطراف , بل كنا نحلم بالحرية لنا و لأبنائنا , في وقت منعت ديوك المزابل في بلدي من كتابة الكلام على الورق أو عزفه على آلة موسيقية أو الصراخ به على خشبة مسرح عن قصة ليلى والذئب أو ألف ليلة وليلة , كي لا تكون الصورة مشوهة إلى حد ما كالصورة التي رسمها النظام في ذهننا عن آبائنا وأجدادنا .
هو الواقع ذاته لو أسقطناه على واقع السياسات العالمية والإقليمية نجدهم كالديوك يصيحون كلٌ يريد من سوريتنا أن تكون مزبلة يصيح هو وحده عليها ولعله السبب الرئيسي الذي جعلنا إلى حد ما كالدجاج الذي سيبيض يوما ما البيضة الذهبية .
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |