كيف أكتب: لقاء مع إسماعيل كادارا ، مؤرخ ألبانيا / إعداد نوح شارني ترجمة
خاص ألف
2017-03-04
تكلم الروائي الألباني مؤلف (سقوط المدينة الحجرية) عن اختياره للسلاح الذي يحارب به الشمولية، وكيف تسنى له نشر أول أعماله؟
س- أين ترعرعت؟.
ج- في قرية قروسطية في جنوب ألبانيا.
س- وأين تعيش ولماذا؟.
ج- وزعت حياتي بين تيرانا وباريس.
س- ربحت أول جائزة دولية تمنحها المان بوكير عام 2005. كيف أثر فوزك بتلك الجائزة بأعمالك؟. هل كان لكسبك جائزة تمنح لأول مرة أثر في نفسك؟.
ج- كانت واحدة من أهم الجوائز التي كسبتها في حياتي ككاتب.
س- رشحت عدة مرات لجائزة نوبل في الأدب. القليل من الكتاب مروا بهذا الشرف. ما هو رد فعلك على تلك الترشيحات؟.
ج- نعم. صحيح أنني رشحت عدة مرات لتلك الجائزة. وفي كل مرة اعتبرت أنه شرف لي. على أية حال، حقيقة أنني لم أحصل عليها لا يزعجني. مع أن من ينتقدني يعتقد أن هذا ينغص قليلا. لكن دائما يوجد عدة متسابقين وفائز واحد. ولهذا السبب حينما يترشح شخص لجائزة تكون الحظوظ بعدم الفوز أكبر من عكس ذلك.
س- كافحت في سبيل الحقوق الفنية للمبدعين وضد الدكتاتورية. ما هي أهم الأعمال الأدبية الهامة التي أعجبك أسلوبها في مكافحة الدكتاتورية والشمولية؟.
س- على وجه العموم، الأدب هو عكس فطري للشمولية. وحكومات الطغيان كلها تنظر إلى الأدب بنفس الطريقة: على أنه عدو. وقد عشت لردح من الزمن في دولة شمولية. وأعرف جيدا ذلك الرعب الذي يقترن بها. ولذلك لدي حماسة منقطعة النظير للأعمال الأدبية التي ناضلت ضد الطغيان، من بولجاكوف وماندلشتام إلى سولجنتسين.
س – من فضلك اذكر ثلاثة كتب ( ليس من مؤلفاتك) ترى أنها تستحق القراءة.
ج- هذا سؤال صعب. لأنه يصعب أن تختار ثلاثة فقط. مع ذلك، سأحاول الإجابة: مكبث ودون كيشوت والمحاكمة لكافكا.
س- ما هو المكان الذي تعتقد أنه يلهمك؟.
ج- لو تمكنت في مكان معين من كتابة شيء جيد وله بنظري قيمة ، فإن لتلك البقعة روحا خاصة تهيمن علي. في ألبانيا، توجد مدينتان كتبت فيهما معظم أعمالي: جيروكاستير، مسقط رأسي. وتيرانا. في بقية العالم، أستطيع أن أذكر ثلاث مدن: الأهم هي باريس. وبعدها تأتي موسكو ونيويورك. في كل واحدة من تلك المدن كتبت رواية قصيرة.
س- صف لنا روتين حياتك حينما تفكر بكتاب وحبكته قبل أن تبدأ الكتابة . هل تخطط لكتابك قبل وقت أم تسمح له بالتدفق؟.
ج- سؤالك يتعلق بفترة من الحياة الأدبية وربما هي أصعب فترة يمكن أن تتكلم عنها. ولكن يمكن أن أقر بما يلي فقط: التخطيط المسبق يبدو لي ضروريا، ولكنه أيضا ضار. في نفس الوقت سيغلف الضباب تلك الصفحات التي كتبتها بعد مرور يوم فقط.
س- أخبرنا عن روتينك في الكتابة، ولا سيما الطقوس غير العادية التي ترتبط بعملية الكتابة، لو أنك تمر بهذه الطقوس.
ج- شكرا!.
أنا الآن أواجه دايلي دايجيست ( خلاصة اليوم) وشيت شيت (ورقة الغش والفهلوة). إنهم يقولون لن نعرض عنوانك على القراء لأي سبب كان.
مع ذلك أقول، في الواقع أنا أكتب في الصباح من 10 وحتى منتصف اليوم. ولا زلت أستعمل اليد بالكتابة. وأتوقف لو شعرت أنني وصلت لشيء مبهر، أو العكس، لو شعرت بعدم الراحة النفسية.
س- ماذا يدفعك للضحك؟.
ج- الوضع الحالي في بلدي (ألبانيا). مشاكله، الجوانب الكئيبة فيه، وقلة التفاهم بيننا.
س- وماذا يجبرك على البكاء؟.
ج- ما سبق ذكره نفسه.
س- لو تمكنت من إحياء شخص ميت، من تختار ولماذا؟.
ج- أنا مطمئن لأن هذا مستحيل. ولو كان ممكنا ساعاني كثيرا مما يسمى "الخجل من كثرة الاحتمالات". يوجد كثيرون علي أن أختار من بينهم.
س- ما هي الظروف التي نشرت فيها كتابك الأول؟.
ج- حصل ذلك عام 1955. وكنت طالبا في المدرسة الثانوية في مسقط رأسي ، مدينة جيروكاستير. وكانت مجموعة أشعار حملتني فجأة إلى الشهرة في البلدة. فقد أرسلت المخطوط إلى دار النشر الأساسية في تيرانا. أرسلتها في عام 1953 وكان عمري 16 عاما. وبعد ثلاثة شهور: تلقيت برقية من الناشر يقول فيها إننا ندرس إمكانية نشر كتابك الشعري. تفضل فورا إلى تيرانا. وكانت الرحلة بالحافلة من بلدتي إلى تيرانا تستغرق 10 ساعات. ولكن والدي الذي لم يهتم بما أكتب أصبح شديد الاهتمام بي. وأخبرني أنه يجب أن أسافر بسيارة سريعة وليس الحافلة.
س- هل هناك لحظة معينة شعرت بها أنك نجحت وحققت مكسبا ملموسا ككاتب؟.
ج- هي الرحلة التي ذكرتها أعلاه. الرحلة التي قمت بها بالتاكسي. في ذلك الوقت، كان من النادر جدا لطالب بعمري أن يستقل سيارة إلى العاصمة. وانتشر الخبر بسرعة النار في الهشيم. فقد رأت البلدة أنه شيء جديد. وتصور الكثيرون أن هذا إجراء لا بد منه: حينما يرسل شخص مخطوطة عليه أن يستقل التاكسي ليحصل على قرار من الناشر، هل سينشرها ويوافق.
س- ماذا من بين نتاجاتك ومشاريعك المكتملة يمنحك الشعور أن يومك كان ناجحا؟.
ج- اعتبر يومي جيدا، حينما يكون بين السطور التي كتبتها، شيء ناجم عن أعماقي البعيدة، أو ما أسميه ظهور الماسة. هذا يدل على كشف، دلالة على تماسك متناغم، أو شيء من هذا القبيل.
س- أخبرنا بقصة مرحة لها علاقة برحلة الترويج لكتاب أو للمشاركة بنشاط أدبي.
ج- ربما يجب أن أكشف لك المزيد عن ظروف كتابي الأول. شيء عن وصولي إلى تيرانا وذلك اللقاء في دار النشر. هناك، قابلت محررا مسنا تقريبا، وقد نظر لي بمزيد من الفضول، بعد عدة همهمات- هممم، هممم- صدرت عنه تلقائيا. نظر لي مباشرة وسألني: هنا لديك قصيدة قصيرة عن باريس. كيف واتاك التفكير بها؟. هززت منكبي، كما لو أنني أقول: لا أعلم. والحقيقة، في مخطوطتي توجد قصيدة باريسية مختصرة. وعن رغبتي بزيارتها ذات يوم. هز المحرر رأسه وقال: اسمعني أيها الشاب. أنا لا أجبرك على حذفها من كتابك، ولكن يجب أن أسألك: هل بمقدورك كتابة قصيدة عن موسكو؟. على سبيل المثال عن فتاة من موسكو كنت تتبادل معها في أيام المدرسة رسائل الصداقة. هل لديك شيء من هذا القبيل؟. والواقع كانت لدي صديقة تدعى لودميلا وكنت أبادلها الرسائل: مثلا..
عزيزتي لودميلا. وصل الربيع، والطقس هنا رائع جدا.
سألني وماذا عن أجوبتها؟.
في الواقع كتبت لي تقول: عزيزي إسماعيل. هنا سقطت أول دفعة من الثلوج في موسكو. آه، يا لها من ثلوج جميلة.
وكان بمقدوري كتابة قصيدة كهذه عن موسكو. وفعلت ذلك.
س- أخبرنا شيئا عن نفسك، شيئا غير معروف وربما هو مدهش.
ج- لو سألتني هذا السؤال قبل عدة شهور، ربما كان باستطاعتي تقديم الجواب. على أية حال، زوجتي هيلين كادارا، نشرت كتابها وهو ذكريات عن حياتنا. وفي كتابها وعنوانه: أزمنة العشرة قدمت كل شيء يمكن أن أفكربه. وأعتقد أنها لم تترك شيئا لم تكتبه. ولا يوجد الآن شيء أضيفه عني.
نوح شارني Noah Charney : كاتب يحمل الدكتوراة في تاريخ الفن. وهو أستاذ مشارك في الجامعة الأمريكية في روما وفي جامعة لوبليانا. الترجمة عن دايلي بيست. 31 كانون الثاني 2013
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |