كتاب : الأصمعيات ج 3 المؤلف : الأصمعي
خاص ألف
2017-03-11
قال
قَيْس بن الخَطِيم
رَدَّ الخليطُ الجِمالَ فانصَرَفُوا ... ماذَا عليَهِمْ لوْ أنَّهُمْ وقَفُوا
لوْ وقَفُوا ساعةً نُسَائِلُهُمْ ... ريثَ يُضَحِّي جِمالَهُ السَلَفُ
فيهِمْ لعُوبُ العشاءِ آنِسِةُ ... الدَدِلِّ عَرُوبٌ يَسُوءُهَا الخَلَفُ
بينَ شُكُولِ النساءِ خِلْفَتُهَا ... قَصدٌ فَلا جِبِلةٌ وَلا قَضَفُ
تغتَرِقُ الطَرْفَ وهي لاهيةٌ ... كأَنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نَزَفُ
قضَى لهَا اللهُ حِيْنَ صَوَّرَها ... الخالِقُ ألاّ يُكِنَّهَا سَدَفُ
تَنامُ عَنْ كِبْرِ شأنِهَا فإذَا ... قامَتْ رُويْداً تكَادُ تَنْغَرِفُ
حَوراءُ جيداءُ يُستَضاءُ بهَا ... كأنَّهَا خُوظُ بانَةٍ قَصِفُ
تمشِي كَمَشْي الزهراءِ في دَمِثِ ... الرَمْلِ إلي السَهلِ دُونَهُ الجُرُفُ
ولا يَغِثُّ الحديثُ مَا نطقَتْ ... وهوَ بَفِيهَا ذُو لَذَّةٍ طَرِفُ
تخْزُنُهُ وهوَ مُشتَهىً حَسَنٌ ... وهوَ إذَا مَا تَكَلَّمَتْ أُنُفُ
كأنَّ لبَّاتِها تضمَّنُهَا ... هَزْلَى جَرادٍ أجوازَهُ خُلُفُ
كأنَّها دُرَّةُ أحاطَ بهَا ... الغوَّاصُ يَجْلُو عنْ وجهِهَا صَدفُ
يا رَبِّ لا تُبْعِدَنْ ديارَ بَنِي ... عُذ رَةَ حَيثُ انصرفْتِ وانصَرَفُوا
واللهِ ذِي المسجِدِ الحَرامِ ومَا ... جُلِّلَ مِنْ يُمنةٍ لهَا خُنُفُ
إنِّي لأهواكِ غيرَ كاذ بَةٍ ... قدْ شَفَّ منِّي الأحشاءُ والشَغَفُ
بلْ ليتَ أَهْلي وأهلَ أثلَةَ في ... دارٍ قريبٍ مِنْ حيثُ يُخْتَلفُ
هيهاتَ مِنْ أهلُهُ بيثربَ قدْ ... أَمْسَى ومِنْ دُونَ أهلِهِ سَرِفُ
أبلِغْ بَني جَحْجَبَى وقَومَهُمُ ... خَطْمَةُ أنَّا وَرَاءهُمْ أُنُفُ
وأنَّنَا دُونَ مَا يَسُوءهُمُ ... الأعداءُ مِنْ ضَيمِ خُطَّةٍ ٍنُكُفُ
إنَّا ولوْ قَدّمُوا الَّذي عَلِمُوا ... أكبادُنَا مِنْ وَرَائِهِمْ تَجِفُ
نَفْلِي بحَدِّ الصَفِيحِ هامَهُمُ ... وَفَلْيُ نَا هامَهُمْ بهَا عُنُفُ
لمَّا بَدَتْ غُد وَةً وجُوهُهُمُ ... حَنَّتْ إلينَا الأرْحامُ وَالصُحُفُ
لنَا بآجامِنَا وحوزَتِنَا ... بينَ ذُرَاهَا مَخَازِفٌ دُلُفُ
يَذُبُّ عَنْهُنَّ ساهِرٌ مَصعٌ ... سُودَ الغَوَاشِي كأنَّهَا غُرَفُ
كَفِيلُنَا للمُقَدِّمينَ قِفُوا ... عَنْ شَأوِكُمْ والحِرابُ تَخْتَلِفُ
يَتبَعُ آثارَهَا إذَا اخْتُلَجَتْ ... سُخْنٌ عَبِيطٌ عُرُوقُهُ تَكفُ
قال
المُمَزِّق العَبْديّ
أرِقْتُ فَلَمْ تَخْدَعْ بِعَينيَّ سِنَةٌ ... ومَنْ يَلْقَ ما لاقَيْتُ لا بَدَّ يَأَرَقِ
تَبيْتُ الهمُومُ الطارِقَاتُ يَعُدْنَنِي ... كمَا تَعْتَري الأهوالُ رَأسَ المُطَلَّقِِ
ونَاجِيةٍ عَدَّيْتُ مِنْ عِنْدِ ماجِدٍ ... إلَى واحِدٍ مِنْ غيرِ سُخطٍ مُفَرقِ
ترَاأى وتَرأى عنْدَ مَعقِدِ غَرزِهَا ... تَهاويِلَ مِنْ أَجلادِ هِرٍّ مُعَلَّقِِ
كأنَّ حَصَى المَعزاءِ عندَ فُروجِها ... نوادِي رَحاً رضّاحَةٍٍ لمْ تُدَقَّقِ
كأنَّ نضِيحَ البولِ من قَبلِ حاذِها ... مَلاثُ عَرُوسٍ أوْ ملاذِعُ أزرَقِ
وقدْ ضَمُرَتْ حتَّى التَقَى مِنْ نُسُوعِهَاعَرَى ذِي ثَلاثٍ لمْ تَكُنْ قَبلُ تَلْتَقِي
وقدْ تَخِذَتْ رجلِي لَدَى جَنْبِ غَرزِهَا ... نَسِيفاً كَأُفحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
أُنيخَتْ بِجوٍّ يَصرُخُ الدِيكُ عِندَهَا ... وباتَتْ بِقاعٍٍكادئِ النبتِ سَمْلَقِ
تناخ طليعاً ما تراع من الشذا ... ولو ظل في أوصالها العل يرتقي
ترُوحُ وتَغدُو مَا يُحَلُّ وضِيُنهَا ... إليكَ ابنَ مَاءِ المُزنِ وابنَ مُحَرِّقِ
عَلُوتُمْ ملُوكَ الناسِ في المجدِ والتُقَى ... وغَرْبُ نَداً مِنْ عُروَةِ الغزِّ يَستَقِي
وأنْتَ عمُودُ الدِينِ مهمَا تَقُلْ يُقَلْ ... ومهمَا تضَعْ مِنْ باطِلٍ لايُلَحَّقِ
وإنْ يجْيُبُوا تَشجُعْ وإنْ يبخَلُوا تَجُدْ ... وإنْ يَخرُقُوا بالأمرِ تَفضُلْ وَتْفُرقِ
أحَقاً أبيْتَ اللَعْنَ أنَّ ابنَ فَرْتَنَا ... عَلَى غَيْرِ إجرامٍ بِريقِي مُشرِّقِي
فإنْ كُنْتُ مَأكُولاً فكُنْ خيرَ آكِلٍ ... وإلا فَأدرِكْنِي ولمَّا أُمَزَّقِ
أكلّفْتَني أدواءَ قومٍ تركْتُهُمْ ... وإلا تَدارَكْنِي مِنَ البحرِ أغْرَقِ
فإنْ يُتهِمُوا أنْجِدْ خِلافاً عليهِمُ ... وإنْ يُعمِنُوا مُستَحقِبي الحربِ أعْرَقِ
فلا أنَا مَولاُهْم ولا في صحيفةٍ ... كَفَلْتُ عليهِمْ والكفالةُ تَعْتَقِي
وظَنِّي بهِ ألَّا يُكَدِّرَ نِعمَةً ... ولا يَقِلبَ الأعداءَ مِنْهُ بمَعبَقِِ
وقال
خُفَاف بن نُدْبَة
ألَا طَرَقَتْ أسماءُ في غَيرِ مَطرَقِ ... وأنَّي إذَا حَلَّتْ بنَجرانَ نلتَقِي
سَرَتْ كُلَّ وادٍ دُونَ رَهوَةَ دافِعٍ ... وجَلدانَ أو كرم ٍبليَّةَ مُحدِقِ
تجاوَزَتْ الأعراضَ حتَّى توسّنَتْ ... وسادِي ببابٍ دُونَ جِلْدانَ مُغلَقِ
بِغُرِّ الثنايَا خُيِّفَ الظَلْمُ بَينَهَا ... وسُنَّةِ رئمٍٍ بالجُنَينَةِ مُؤنقِ
ولمْ أرهَا إلا تعِلَّةَ ساعَةٍ ... عَلَى ساجرٍ أو نظرةً بالمُشَرَّقِ
وحيثُ الجميعُ الحاسِبونَ براكِسٍ ... وكانَ المُحاقُ موعِداً للتَّفَرُّقِ
بِوَجٍّ ومَا بَالِي بِوَجٍّ وبَالُها ... وَمَنْ يَلْقَ يَوماً جِدَّةَ الحُبِ يُخْلِقِِ
وأبدَي شُهُورُ الحجِّ مِنْهَا مَحَاسِناً ... ووَجْهاً متَى يَحْلُلْ لهُ الطِيبُ يُشْرِقِ
فإمَّا تَرينِي أقصَر اليومَ باطِلِي ... ولاحَ بياضُ الشيبِ في كُلِّ مَفرِقِي
وزايَلَني ريقُ الشبابِ وطَلُّهُ ... وبُدِّلتُ مِنهُ سَحقَ آخَرَ مُخلَقِ
فعثرَةَ مولاً قدْ نعشتُ وأُسرةٍ ... كِرامٍ وأبطالٍ لدَي كُلِّ مَأزِقِ
وحرَّةَ صادٍ قدْ نَضَحْتُ بِشَرْبَةٍ ... وقدْ ذَمَّ قَبلِي ليلَ آخرَ مُطْرِقِ
ونهبٍ كجُمَّاعِ الثُرَيَّا حوَيْتُهُ ... عِشاشٍ بِمنجاةِ القوائمِ خيفَقِِ
ومعشوقَةٍ طلقْتُها بمُرشَّةٍٍ ... لهَا سَنَنٌ كالا تْحمِيّ المُخرَّقِ
فباتَتْ سِليباً من أُناسٍ تُحبُّهُمْ ... كَئيباً ولوْلا طعنَتي لمْ تُطَلَّقِِ
وخيلٍ تَعَادَى لا هَوَادَةَ بينهَا ... شهِدتُ بمد لُوكِ المَعَاقمِ مُحْنَقِ
طويلٍ عُظَامٍ غيرِ حافٍ نمَا بِهِ ... سليمُ الشَظَا في مُكرَباتِ المُطَبَّقِِ
بصيرٍ بأطرافِ الحِدابِ مُقلصٍ ... نبيلٍ يُساوى بالطِّرافِ المُرَوَّقِ
إذَا مَا استحمَّتْ أرضُهُ مِن سَمَائِهِ ... جَرَى وَهْوَ مودُوعٌ وواعِدُ مِصْدَقِ
ومدَّ الشِمالُ طَعنَهُ في عِنانِهِ ... وباعَ كبوعِ الشادِنِ المُتَطَلِّقِ
قال أيضا
ً
ومَرقَبَةٍ يزِلُّ عنهَا حمامُها ... نَعامَتُهَا مَنْها بِضاحٍٍ مُزَلَّقِ
تَبِيتُ عِتاقُ الطيرِ في رقَبَاتِها ... كطُرَّةِ بيتِ الفارسيِّ المُعلَّقِِ
ربأتُ وَحُرْجُوجٍ جَهَدْتُ رَوَاحَها ... عَلَى لاحب ٍمِثِلِ الحَصيرِ المُشَقَّقِِ
تَبِيتُ إلي عِدٍّ تَقادَمَ عَهدُهُ ... فَطَبَّقَهُ حَرُّ النهارِ بَغَلفَقِِ
كأنَّ محافيَر السباعِ حياضُهُ ... لتعريِسِهَا جَنْبَ الإزاءِ المُمَزَّقِ
مُعرَّس ركبٍ قافِلينَ بصرَّةٍ ... صرادٍ إذَا مَا نارُهُمْ لمْ تُحَرَّقِ
فدعْ ذَا ولكنْ هلْ تَرَى ضوءَ بارقٍ ... يُضيءُ حبيّاًّ في ذُرَى مُتألِّقِِ
علاَ الأكمَ منهُ وابلٌ بعدَ وابلٍ ... فقدْ أرْهَقَتْ قِيعانُهُ كُلَّ مُرهَقِِ
يجُرُّ بأكتافٍ البحارٍ إلى المَلا ... رباباً لهُ مثلَ النَعَامِ المُعَلَّقِ
إذَا قُلتَ تَزهاهُ الرياحُ د نَا لَهُ ... ربابٌ لهُ مِثلُ النَعامِ المُوَسَّقِِ
كأنَّ الحُداةَ والمشايعَ وسْطُهُ ... وعُوذاً مطافِيلاً بأمعَزَ مَشْرُقِ
أسالَ سَفاً يعلُو العضاةَ غُثَاؤُهُ ... يُصفِّقُ في قيعانِها كُلَّ مَصفَقِِ
فجادَ شَرورَي فالستارَ فأصبحَتْ ... يَعَارُ لَهُ والوديانِ بمودِقِ
كأنَّ الضبابَ بالصَحَارَى عَشيَّةً ... رجالٌ دعَاهَا مُستضِيفٌ لِمْوسِقِِ
لهُ حدَبٌ يستخرِجُ الذئبَ كارِهاً ... يُمِرُّ غُثَاءً تحتَ غارٍ مُطَبَّقِِ
يشُقُّ الحِدابَ بالصحَارَى وينتَحي ... فِراخَ العُقابِ بالحِقاءِ المُحَلِّقِِ
قال
سلامَةُ بنُ جَنْدَل
لِمَنْ طَلَلٌ مِثلُ الكتابِ المُنمَّقِ ... خَلا عهدُهُ بينَ الصُليبِ فَمُطْرِقِ
أكَبَّ عليهِ كاتبٌ بدواتِهِ ... وحادِثُهُ في حِدَّةِ العينِ مُهرقُ
لأسماءَ إذْ تهوَى وصالَكَ إنَّها ... كَذِي جُدَّةٍٍ مِنْ وحشِ صاحَةَ مُرشِقِِ
لهُ بقرارِ الصُلبِ بَقلٌ يلُسُّهُ ... وإنْ يتقدَّمْ بالدكادِكِ يأنَقِِ
وقفْتُ بهَا ما إنْ تُبينُ لسائِلٍ ... وهلْ تفقَهُ الصُمُّ الخوالِدُ مَنْطِقِي
فَبٍتُّ كأنَّ الكأسَ طالَ أعتيادُها ... عَلىَّ بصافٍ مِنْ رحيقٍ مُرَوَّقِ
كريحٍ ذكيّ المِسكِ بالليلِ ريحُهُ ... يُصفَّقُ في إبريقِِ جَعدٍ مُنَطَّقِِ
ومَا ذَا تُبَكِّي مِنْ رُسُومٍٍ مُحيلةٍ ... خَلاءٍ كَسَحقِ اليُمنَةِ المُتَمَزِّقِ
ألا هَلْ أتَتْ أنباؤُنا أهلَ مأرِبٍ ... كمَا قدْ أتَتْ أهلَ الدَبَا والخَوَرْنَقِِ
بانَّا مَنَعْنَا بالفُروقِ نساءَنَا ... ونَحْنُ قتلْنَا مَنْ أتانَا بِملزَقِ
تُبلِّغُهُمْ عِيُس الركابِ وشؤُمُهَا ... فريقَى معدٍّ مِنْ تَهامٍ ومُعرِقِ
وموقِفُنَا في غيرِ دارٍ نأيَّةٍ ... ومَلحَقُنَا بالعارضِ المُتَألِقِِ
إذَا مَا عَلَونا ظَهرَنعلٍ كأنَّمَا ... على الهامِ منَّا قَيْضُ بيضٍ مُغَلَّقِِ
ِمِنَ الخِمسِ إذُ جاءوا إليْنَا بجَمْعِهِمْ ... غداةَ لقينَاهُمْ بجأوَاءَ فَيلَقِِ
كأنَّ النَعامَ باضَ فوقَ رُءوسهِمْ ... بنهْيٍ القِذافِ أو بنهي مُخَفِّقِِ
ضَمِنَّا عليهِمْ حافتيهِمْ بصادقٍ ... منَ الطَعنِ حتَّى أزمعُوا بتفرُّقِ
كأنَّ مُنَاخاً من فَتُوتٍ ومَنِزلاً ... بِحيثُ التقينَا مِنْ أكُفٍ وأسوُقِ
كأنَّهُمُ كانُوا ظِباءً بصفْصَفٍ ... أفاءَتْ عليهِمْ غبيَةٌ ذاتُ مِصدَقِ
كأنَّ اختلاسَ المشرَفيِّ رؤسَهُمْ ... هوىُّ جنُوبٍ في يبيسٍ مُحَرَّقِ
لدُنْ غُدوةً حتَّى أتى الليلُ دونَهُمْ ... ولمْ ينجُ إلا كُلُّ جرداءَ خيفَقِِ
ومستوعِبٍ في الجرْي فضلَ عِنانِكُمْ ... نُزُوَّ الغزالِ الشادِنِ المُتطلِّقِِ
فالقَوْا لنَا أرسانَ كُلِّ نجيَّةٍ ... وسابغةً كأنَّها مَتْنُ خِرْنِقِِ
مُداخَلَةٍ مِنْ نسجِ داوودَ شَكُّهَا ... كحبِّ الجَنَا مِنْ أُبلُمٍ مُتَفَلِّقِِ
فمَنْ يَكُ ذَا ثوبٍ تنَلْهُ رِمَاحُنَا ... ومَنْ يكُ عُرْياناً يُوايِلْ فَيُشْفَقِِ
ومَنْ يدَّعُوا فينَا يُعَالِجْ نسيئَةً ... ومَنْ لا يُغالُوا بالرَهائِنِ يُنْفِقِِ
وأمُّ بُجيْرٍ في نَمَارِقَ بينَنَا ... مَتَى يأتِهَا الأنباءُ تحمِشْ وتَلحَقِِ
تركْنَا بُجيرٍاً حيثُ مَا كانَ جَدَّهُ ... وفينَا فِراسٌ عانِياً غَيْرَ مُطْلَقِِ
ولوْلا جَنانُ الليلِ مَا آبَ عامِرٌ ... إلى جعفَرٍ سربالُهُ لمْ يُخَرَّقِ
بضَرْبٍ تظَلُّ الطيرُ فيهِ جوَانِحاً ... وَطَعْنٍ كأفواهِ المَزَادِ المُفتَّقِِ
فعزَّتُنَا ليسَتْ بشِعبٍ بِحَّرةٍ ... ولكنَّهَا بَحرٌ بصحراءَ فَيْهَقِِ
يُقمِّصُ بالبُوصيِّ فيهِ غوارِبٌ ... مَتَى مَا يَخُضْهَا ماهِرُ اللُجِّ يَغرقِ
ومجْدُ معدٍّ كانَ فوقَ علائِهِِ ... سبقنَاً بهِ إذْ يرتقُونَ ونَرتَقي
إذَا الهُندُوانِيّاتُ كُنَّ عصيّنَا ... بِها نَتَأيَّي كُلَّ شأنٍ ومَفرِقِ
نُجَلِّى مِصَاعاً بالسيُوفِ وُجُوهَنا ... إذَا اعتقَرَتْ أقدامُنَا عندَ مَأزِقِ
فَخَرْتُمْ علَيْنَا أنْ طردْتُمْ فوارِساً ... وقولُ فِراسٍ هاجَ فِعْلي وَمَنْطِقي
عجِلْتُمْ علينَا حُجَّتينِ عليكُمُ ... ومَا يَشَأِ الرحمنُ يعقِدْ ويُطلِقِِ
هوَ الجابرُ العظمَ الكَسيرَ ومَا يَشأُ ... مِنَ الأمرِ يجمَعْ بينَهُ ويُفَرِّقِ
هوَ المُد خِلُ النُعْمانَ بيتاً سماؤُهُ ... صُدُورُ الفُيُولِ بَعْدَ بيتٍ مُسَردَقِِ
وبعدَ مُصابِ المُزنِ كانَ يسوسُهُ ... ومَالِ مَعَدٍّ بعدَ مالِ مُحَرِّقِ
لهُ فحمةٌ ذفراءُ تنفي عد وَّهُ ... كمنْكبِ ضاحٍ مِنْ غمامةِ مَشْرِقِ
قال
ذُو الخِرَق الطُهَوِي
لمَّارَأَتْ إبِلي جاءَتْ حَلُوبَتُهَا ... هَزْلَي عِجَافاً عَلَيْهَا الريشُ والوَرَقُ
قالَتْ ألا تَبتَغي مَالاً تَعيشُ بهِ ... مِمَّا تُلاقي وَشَرُّ العيشةِ الرمَقُ
فيئِي إليكِ فإنَّا معشَرٌ صُبُرٌ ... في الجَد بِ لا خِفَّةٌ فينَا وَلا نَزَقُ
إنَّا إذَا حُطْمَةٌ حَتَّتْ لنَا وَرَقاً ... نمارِسُ العيدَ حتَّى يَنبُتَ الوَرَقُ
قال
المُفَضَّل النُكْرِيّ
ألمْ ترَ أنَّ جيرتَنَا استقَلُّوا ... فنِيَّتُنَا ونيتُهُمْ فَرِيقُ
فدمعِي لُؤلُؤٌ سَلِسٌ عُراهُ ... يَجُرُّ عَلى المَهَاوي مَا يَليقُ
غدَتْ مَا دُمْتَ إذْ شحطَتْ سُليْمَى ... وأنْتَ لِذكرِهَا طَرِبٌ مَشُوقُ
فودِّعْها وإنْ كانَتْ أَناةً ... مُبتَّلةً لهَا خَلْقٌ أَنيقُ
تُلَهِّى المرءَ بالحِدْثَانِ لِهواً ... وتَحْدِجُهُ كمَا حُدِجَ المُطِيقُ
فإنَّكَ لو رأيتَ غداةَ جِئْنَا ... ببطنِ أُثَالَ ضاحِيَةً نَسُوقُ
فِداءٌ خالَتي لِبَني حُيىٍّ ... خُصُوصاً يومَ كُسُّ القومِ رُوقُ
هُمُ صبَرُوا وصَبْرُهُمُ تلِيدٌ ... عَلَى العزاءِ إذْ بَلَغَ المضِيقُ
وهُمْ دفَعُوا المنيَّةَ فاستَقَلَّتْ ... دِراكاً بعدَ مَا كادَتْ تَحيِقُ
تلاقينَا بغينَةِ ذي طُريفٍ ... وبعضُهُمُ علَى بعضٍ حنيقُ
فَجاءُوا عارِضاً بَرِداً وجئُنَا ... كَسَيلِ العرضِ ضاقَ بهِ الطريقُ
مشَيْنَا شطرَهُمْ ومشوْا إلْينا ... وقُلنَا اليومَ ما تَقضِي الحُقُوقُ
رَميْنَا في وجوهِهِمُ بِرِشْقٍٍ ... تعَضُّ بهِ الحَنَاجِرُ والحُلُوقُ
كأنَّ النَبلَ بينهُمُ جَرادٌ ... تُلقِّيهِ شآميَةٌ خَرِيقُ
وَبَسْلٌ إنْ تَرَى فيهِمُ كَمِيَّاً ... كَبَا ليديْهِ إلَّا فيهِ فُوقُ
يُهَزْهِزُ صعدَةً جرداءَ فيهَا ... سِنانُ الموتِ أو قَرْنٌ مَحيقُ
وجدْنَا السُدَّ رخراخاً ضعِيفاً ... وكانَ النبعُ منبِتُهُ وَثيقُ
لقينَا الجهْمَ ثَعلَبَةَ بْنَ سَيْرٍ ... أضَرَّ بِمَنْ يُجَمِّعُ أوْ يَسوقُ
لدَى الَلأعلامِ مِنْ تلَعاتِ طِفلٍ ... ومنهُمْ مِنْ أضَجَّ بهِ الفُرُوقُ
فَخُوطٌ مِنْ بَنِي عمرِو بنِ عَوفٍ ... وأَفْنَاءُ العُمُورِ بهَا شَقِيقُ
فألفينَا الرِماحَ كأنَّ ضَرباً ... مَقيلَ الهامِ كَلٌّ مَا يَذوقُ
وجاوَرْنَا المَنُونَ بغيرِ نِكسٍ ... وَخاظِي الجَلزِثعلَبُهُ دَمِيقُ
كأنَّ هزيزَنا يومَ التقَيْنَا ... هَزِيزُ أباءَةٍ فيهَا خَريقُ
بكَلِ قرارةٍ وبِكُلِّ ريعٍٍ ... بنَانُ فتىً وجُمجُمةٌ فَليقُ
وكمْ مِنْ سيدٍ منَا ومنْهُمْ ... بذِي الطَرْفاءِ مَنطِقُهُ شَهيقُ
بكُلِّ مَجالٍة غادَرْتُ حِزقاً ... مِنْ الفِتيانِ مَبسِمُهُ رَقيقُ
فأشبَعْنَا السِباعَ واشبعُوهَا ... فراحَتْ كلُّهَا تَئِقٌ يَفوقُ
تركْنَا العُرحَ عاكفَةً عليهِمْ ... وللغربانِ مِنْ شَبعٍ نَغِيقُ
فأبكينَا نساءَهُمُ وأبكَوا ... نساءً مَا يَسوغُ لهُنَّ رِيقُ
يُجاوبنَ النِياحَ بكُلِّ فَجْرٍ ... فقَدْ صَحِلَتْ مِنْ النَوحِ الحُلُوقُ
قَتَلنَا الحارثَ الوضَّاحَ فيهِمْ ... فَخَرَّ كأنَّ لِمَّتَهُ العُذُوقُ
أصابَتْهُ رماحُ بنَي حُيىٍّ ... فَخَرَّ كأنَّهُ سيفٌ دَلُوُقُ
وقدْ قتلُوا بهِ منَّا غُلاماً ... كَرِيماً لمْ تُؤشِّبهُ العُرُوقُ
وسائلةٍ بثعلبَةَ بنِ سيرٍ ... فَقَدْ أوْدَتْ بثعلَبَةَ العُلُوقُ
وافلتْنَا ابْنَ قُرَّانٍ جَرِيضاً ... تَمُرَّ بهِ مُسَاعَفَةً خَزُوُقُ
تشُقُّ الأرضَ شائلَةَ الذُنَابَا ... وهادِيهَا كأنْ جِذْعٌ سَحُوُقُ
فلمَّا استيقَنُوا بالصبرِ منَّا ... تذكَّرَتِ العشائِرُ والحَزِيقُ
فأبقيْنَا ولوْ شِئنَا ترَكْناَ ... لُجْيماً لاتقُودُ ولا تَسُوقُ
وأنعمْنَا وابْأَسْنَا عليهِمْ ... لَنَا في كُلِّ أبياتٍ طَلِيقُ
قال
طَرَفَةُ بنُ العَبْد
لاغَرْوَ إلَّلا جارَتي وسُؤالَهَا ... ألا هَلْ لنَا أهلٌ سُئِلْتِ كذلِكِ
تُعيِّرُني طوفِي البلادَ ورِحلَتي ... ألا رُبَّ دَارٍ لي سَوى حُرِّ دَارِكِ
ظَلِلتُ بذِي الأرطَى فُويْقَ مُثَقَّبٍٍ ... ببِيئَةِ سُوءٍ هالِكاً أوْ كَهالِكِ
يَرُدُّ عَلَيَّ الريحُ ثوبِي قاعِداً ... لَدَى صَدَفِيٍّ كالحنِيَّة بارِكِ
قال
ضَابِئُ بن الحارِث بن أَرْطاةَ البُرْجُمِيّ
غَشِيتُ لِلَيلَى رَسْمَ دارٍ ومَنْزِلا ... أبَى باللوَى فالنيرِ أنْ يَتَحَوَّلا
تكادُ مغانِيهَا تقولُ مَنَ البِلا ... لِسائلِهَا عَنْ أَهلِهَا لا تَغَيَّلا
وقفتُ بهَا لا قاضِياً ليْ حَاجةً ... ولا أنْ تُبينَ الدارُ شَيئاً فأسئَلا
سِوَى أنَّنِي قدْ قُلتُ يا ليْتَ أَهْلَها ... بِها والمُنى كانَتْ أضَلَّ وأجهَلا
بَكَيْتَ ومَا يُبكيكَ مِنْ رسمِ دِمنةٍ ... تَبنَّى حمامٌ بينَها مُتَظلِّلا
عهدْتُ بهَا الحيَّ الجميعَ فأصبحُوا ... أَتَوْا داعِياً للهِ عَمَّ وخَلَّلا
عهدتُ بهَا فِتيانَ حربٍ وشتوةٍ ... كِراماً يَفُكُّونَ الأسيرَ المُكبَّلا
وكمْ دُونَ ليَلَى مِنْ فلاةٍ كأنَّمَا ... تَجَلَّلَ أعلاهَا مُلاءً مُفصَّلا
مهامِهِ تيهٍ مِنْ عُنيزَةَ أصبحتْ ... تَخالُ بهَا القَعْقَاعَ غاربِ أجزَلا
مُخنَّقَةٍ لا يُهتَدَى بِفَلاتِهَا ... مِنْ القومِ إلا مِنْ مَضَى وتوكَّلا
يُهالُ بهَا رَكبُ الفلاةِ مِنَ الرَدَى ... وَمِنْ خَوْفِ هادِيِهِمْ ومَا قَدْ تَحَمَّلا
إذَا جالَ فيهَا الثورُ شبَّهَتَ شخْصَهُ ... بجوزِ الفلاةِ بربَرِيًّا مُجَلَّلا
تُقطِّعُ جُونيَّ القَطَا دُونَ مائِهَا ... إذَا الآلُ بالبيدِ البَسَابسِ هَروَلا
إذَا حانَ فيهَا وقعَةُ الركبِ لمْ تَجِدْ ... بهَا العِيسَ إلا جِلْدَهَا مُتَفَلِّلا
قطعْتُ إلي معرُوفِها مُنكراتِها ... إذَا البيدُ هَمَّتْ بالضُحَىأنْ تَغَوَّلا
بأدماءَ حُرْجُوجٍ كأنَّ بِدَفِّهَا ... تهاويلَ هِرٍّ أوْ تهاويلَ أخْيَلا
تدافَعُ في ثِني الجد يلِ وتَنْتَحي ... إذَا مَا غَدَتْ دفواءَ في المَشي عَيِهَلا
تَدافُعَ غَسَّانيةٍ وسطَ لُجَّةٍ ... إذَا هِي هَمَّتْ يومَ ريحٍ لتُرْسَلا
كأنَّ بهًا شيْطَانةً مِنْ نجَائِهَا ... إذَا واكِفُ الذفرَى علَى الليتِ شَلْشَلا
وتُصبحُ عَنْ غبِّ السُرَى فكأَنَّها ... فِنيقٌ تَنَاهَى عَنْ رحالٍ فأرقَلا
وتنجُو إذَا زَالَ النهارُ كمَا نَجَا ... هَجَفٌّ أبوْ رألَيْنِ ريعَ فأجْفَلا
كأنَّي كَسَوْتُ الرحلَ أخنَسَ ناشِطاً ... أحَمَّ الشَوَى فرْداً بأجمادِ حَوْمَلا
رَعَا مِنْ د خُولِيْها لُعاعاً فَراقَهُ ... لَدُنْ غُدوَةً حتَّى يَرُوحَ مُؤصِّلا
فصَعَّدَ في وعسائِها ثُمَّتَ أنتَمَي ... إلَى أجبُلٍ مِنْهَا وَجاوََز أجْبُلا
فباتَ إلى أَرطاةِ حِقفٍ تَلُفُّهُ ... شآميَةٌ تُذ رِي الجُمانَ المُفصَّلا
توابِلُ مِنْ وطفاءَ لمْ يرَ ليلةً ... أشَدَّ أذَىً منهَا عليْهِ وأطوَلا
وباتَ وباتَ السارياتُ يُضِفْنَهُ ... إلي نقحٍ مِنْ ضائِنِ الرملِ أهيَلا
شديدَ سوادِ الحاجبينِ كأنَّمَا ... أُسفَّ صلا نارٍ فأصبحَ أَكحَلا
فصبَّحَهُ عندَ الشُرُوقِ غدِيَّةً ... أخُو قَنَصٍ يُشلي عِطَافاً وأَجْبَلا
فلمَّا رَأى ألَّلا يُحَاولنَ غيرَهُ ... أرادَ ليلقاهُنَّ بالشرِ أوَّلا
فجالَ عَلى وحشيِّهِ وكأنَّها ... يَعاسِيبُ صيفٍ إثرَهُ إذْ تَمَهَّلا
وكرَّ كَمَا كرَّ الحَوارِي يَبْتَغي ... إِلى اللهِ زُلْفَى أنْ يَكُرَّ فَيُقبَلا
وكرَّ وََمَا أدركْنَهُ غيرَ أنَّهُ ... كريمٌ عليهِ كبرياءُ فأقبَلا
يهُزُّ سِلاحاً لمْ يرَ الناسُ مِثْلَهُ ... سِلاحَ أَخي هيجَا أرَقَّ وأعدَلا
فمارَسَهَا حتَّى إذَا احمَرَّ روقُهُ ... وقْد عُلَّ مِنْ أجوافِهِنَّ وأَنْهِلا
يُساقِطَ عنهُ رَوقُهُ ضارِياتها ... سِقاطَ حَديدِ القينِ أخوَلَ أخوَلا
فظلَّ سَرَاةَ اليومِ يَطعنُ ظِلَّهُ ... بأطرافِ مدربَينِ حتَّى تَفَلَّلا
وراحَ كسيفِ الحِميرَيِّ بكفِّهِ ... نَضَا غمدَةُ عنهُ وأعطاهُ صَيقَلا
وآبَ عزيزَ النفسِ مانِعَ لحمِهِ ... إذَا مَا أرادَ البُعدَ منهَا تَمَهَّلا
قال
صُخيْر بن عُمَيْر التَيِمِيّ
تهزَأُ مِنْي أختُ آلِ طيسَلَهْ ... قالَتْ أراهُ مُملِقاً لا شيءَ لهْ
وهزيَّتْ منِّي بنْتُ موءَلَهْ ... قالَتْ أراهُ دَالِفاً قدْ دُنْى لَهْ
وأنتِ لا جنبتِ تبريحَ الولَهْ ... مزءُودةً أوْ فاقِداً أو مُثكِلهْ
الستِ أيَّامَ حللنَا الأعزَلَة ... وقبلُ إذْ نحنُ عَلى المُضلضَلَةْ
مثلَ الأتانِ نَصَفاً جَنَعْدَلَهْ ... وأنَّا في الضرابِ قِيلانُ القُلَهْ
أبقَى الزمانُ منكِ ناباً نَهبَلَهْ ... وَرَحِماً عِنْدَ الِلقاحِ مُقفَلَهْ
ومُضغَةً بالُلومِ سَحًّا مُبهلَهْ ... إمَّا تريْنِي للوقارِ والعَلَةْ
قارَبْتُ أمشي الفَنجَلَى والقعوَلَهْ ... وتارَةً أنبُثُ نَبْثَ النَقثَلَةْ
خَزَعلةَ الضِبعانِ راحَ الهنبَلَةْ ... وهَلْ عَلِمتِ فُحَشَاءَ جَهِلَهْ
ممغُوثَةً أعراضُهُمُ مُمَرطَلَهْ ... مِنْ كُلِّ ماءٍ آجنٍ وسَمَلَهْ
كَمَا تُماثُ في الهِناتِ الثَمَلَهْ ... وهَلْ عَلمتِ يا قُفَيَّ التَنْفُلهْ
ومرسَنَ العجِلِ وساقَ الحَجَلَهْ ... وغَضَنَ الضَبِّ وليطَ الجُعَلَهْ
وكشَّةَ الأفعَى ونفخَ الأصلَهْ ... أنِّي أفئْتُ المِأَدةَ المُؤَبَّلَهْ
ثُمَ أَفئْتُ بعدَهَا مُستَقبِلَهْ ... ولَمْ أضِعْ ما يَنْبَغي أنْ أفْعَلَهْ
وأفعَلُ العارِفَ قبلَ المسأَلَهْ ... وأنتِجُ العَيْرانَةَ السَجْلَلَهْ
وأطعَنُ السَحْسَاحَةَ المُشَلشِلْه ... على غِشاشِ دَهَشٍ وعَجْلَهْ
إذا أطاش الطغى ايدي البعله ... وصدق الفيل الجبان وهله
أقصدتُها فلمْ أجزْهَا أنْمُلَهْ ... مِنْ حيثُ عَمَّتْ عنْ سواءِ المَقْتَلهْ
وأطعَنُ الخدْباءَ ذاتَ الرعَلَهْ ... ترُدُّ في وجهِ الطبيبِ نَثَلَهْ
وهَلْ عَلِمْتِ بيَننَا للأوَّلَهْ ... شُرَبَةً مِنْ غَيْرِنا أو أُكَلَهْ
قال
امرؤ القيس
نطعُنُهُمْ سُلْكَي ومَخلُوجَةً ... لِفتَكَ لأمينِ عَلَى نابِلِ
إذْ هي أقساطٌ كرِجلِ الدَبَا ... أو كقَطَا كاظِمَةَ الناهِلِ
حلَّتْ لي الخمرُ وكنتُ امرءًا ... عَنْ شَربِهِمْ في شُغُلٍ شاغلِ
فاليومَ أشرَبْ غيرَ مُستَحقِبٍ ... إثماً ِمَنَ اللهِ ولا واغلِ
قال
الحارِثُ بنُ عُبَاد
قرِّبَا مربَطَ النَعامةِ منِّي ... لقِحَتْ حَرْبُ وايلٍ عَنْ حِبَالي
لمْ أكُنْ ِمِنْ جُناتِها عَلِمَ اللّ ... ه وإنِّي بِحَرِّهِا اليومَ صالِ
لا بُجَيْرٌ أغنَى قَبِيلاً وَلا رَهْ ... طُ كُلَيْبِ تَزاجَرُوا عَنْ ضَلالِ
قال
كَعْبُ بن سَعْد الغَنَويّ
لَقَدْ أغضبتِني أمُّ قيسٍ تَلُومُنِي ... ومَا لَوْمُ مِثْلي باطِلاً بِجَميلِ
تقولُ أَلا يا اسْتَبْقِ نفسَكَ لا تكُنْ ... تُساقُ لِغَبْراءٍ المَقامِ دَحُولِ
كَمُلقَى عِظامٍ أو كمهلَكِ سالِمٍ ... ولسْت لِميتٍ هالِكٍ بوَصيلِ
أراكَ امرءً تَرمي بنفسِكَ عامِداً ... مُرَامي تَغتالُ الرِجالَ بِغُولِ
وَمَنْ لا يَزَلْ يُرجى بِغيبٍ إيابُهُ ... يَجُوبُ ويغشَى هَوْلَ كُلِّ سبيلِ
عَلَى فَلَتٍ يُوشِكْ رَدىً أنْ يُصِيبَهُ ... إلى غَيرِ أدْنَى موضِعٍ لمَقِيلِ
ألمْ تعلَمي الاّ يُراخي مَنيَّتي ... قُعُودي ولا يُدنى الوفاةَ رَحيلي
معَ القدرِ الموقُوفِ حتَّى يُصيبَني ... حِمامِي لوْ أنَّ النفسَ غَيرُ عَجُولِ
فإنِّكِ والموتَ الذي تَرهبِينَهُ ... عَلَىَّ ومَا عَذّالَةٌ بِعَقُولِ
كداعِي هَدِيلٍ لا يُجَابُ إذَا دَعَا ... وَلا هوَ يَسلُوا عنْ دُعاءِ هدِيلِ
وذِي نَدَبٍ دَامي الأظلِّ قسمتُهُ ... مُحافظَةً بينِي وبينَ زَميلي
وزادٍ رفَعْتُ الكفَّ عنهُ عَفافَةً ... لأُوثِرَ في زادِي عليَّ أَكِيلي
وشخصٍ دَرَأتُ الشمسَ عنهُ براحَتي ... لأنظُرَ قبلَ الليلِ أينَ نُزُولي
ومُنْشَقِّ أعطافِ القميصِ دعوتُهُ ... وقَدْ سَدَّ جوزُ الليلِ كُلَّ سبيلِ
فقُلتُ لهُ قدْ طالَ نُومكَ فأرتَحِلْ ... ومَا ذاقَ طعمَ النومِ غيرَ قليلِ
سُحيراً وأعجازُ النجومِ كأنَّها ... صِوارٌ تدلَّى مِنْ سواءِ أمِيلِ
وقدْ شالَتِ الجوزاءُ حتَّى كأنَّها ... فَسَاطيطُ رَكبٍ بالفلاةِ نُزُولِ
ومنْ لايَنَلْ حتَّى يَسُدَّ خِلالَهُ ... يَجِدْ شهواتِ النفسِ غيرَ قليلِ
وعوراءَ قدْ قيلَتْ فلمْ استمِعْ لهَا ... ومَا الكِلمُ العَوراءُ لي بِقَبُولِ
ومَا أنَا للشيءِ الَّذي ليسَ نافِعِي ... ويغضَبُ منْهُ صاحبِي بقولِ
وأعرِضُ عَنْ مولاي لو شِئتَ سبَّني ... ومَا كُلَّ يومٍ حلمُهُ بأصِيلِ
ولمْ يلبثِ الجُهَّالُ أنْ يتهَضَّمُوا ... أخَا الحِلمِ مَا لمْ يَستعِنْ بجَهُولِ
وأذكُرُ أيَّامَ العشرَةِ بعدَ مَا ... أُميِّلُ غيظَ الصَدرِ كُلَّ مَمِيلِ
ولستُ بُمبدٍ للرجالِ سريرَتي ... ومَا أنَا عَنْ أسرارِهِمْ بِسَؤلِ
وقومٍ يَجُرُّونَ الثيابَ كأنَّهُمْ ... نَشاوَى وقْد نبهتُهُمْ لرحيِلِ
وعَافي الحَيَا طامِي الجمامِ وردتُهُ ... بِذي خُصلٍ صافي السَبيبِ رَجيلِ
وقدْ نَفَّرَ الليلُ النهارَ وأُلبِستْ ... سماوَةَ جوْنٍ مُجنِحٍ لأصيلِ
قال
حَجَلُ بنُ نَضلَة
أبلِغْ مُعَاويَةَ المُمَزِّقَ آيةً ... عَنِّي فَلَسْتُ كَبَعضِ مَنْ يَتَقوَّلُ
إنْ تلقنِي لا تَلْقَ نهزَةَ واحِدٍ ... لا طائِشٌ رَعِشٌ ولا أنَا أعْزَلُ
تحِتي الأغَرُّ وفوقَ جلدِي نثرَةٌ ... زَغفٌ تَرُدُّ السيفَ وَهْوَ مُفَلَّلُ
ومُقارِبُ الكَعبَيْنِ أسمَرُ عاتِرٌ ... فِيهِ سِنانٌ كَالقُدَامَى مِنْجَلُ
وَمُهَنَّدٌ في متنِهِ حرْمِيَّهٌ ... وكأنَّ متنَيهِ حَصِيرٌ مُرْمِلُ
يَسقِى قلائِصَنَا بِماءٍ آجِنٍ ... وإذَا يَقُومُ بِهِ الحَسِيرُ يُعَيَّلُ
قال
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَنَمَةَ
لأمِّ الأرضِ ويلٌ مَا أجَنَّتْ ... غَدَاةَ أضَرَّ بِالحَسَنِ السَّبِيلُ
نُقَسِّمُ مَالَهُ فِينَا وَنَدْعُوا ... أبَا الصَهباءِ إذْ جَنحَ الأصِيلُ
أجِدَّكَ لنْ تراهُ ولَنْ تَراهُ ... تَخُبُّ بهِ عُذافِرَةٌ ذَمُولُ
حَقيبَةُ رحلِهِ بَدَنٌ وَسَرْجٌ ... تُعارِضُهُ مُرَبَّبَةٌ دَءُولُ
إلى مِيعادِ أرْعَنَ مُكْفَهِرٍّ ... تُضَّمرُ في طوائِفِهِ الخُيُولُ
لَكَ المِرباعُ منهَا والصفَّايَا ... وَحُكْمُكَ والنَشِيطَةُ والفُضُولُ
لقَدْ ضَمِنَتْ بَنُو بدرِ بنِ عمروٍ ... وَلا يُوفي بِبِسْطامٍ قَتِيلُ
وخَرَّ عَلَى الألاءةِ لمْ يُوَسَّدْ ... كأنَّ بُرينَهُ سَيفٌ صَقِيلُ
فإنْ يَجْزَعْ عَلَيْهِ بَنُو أبيهِ ... فقَدْ فُجِعُوا وفَاتَهُمُ حَلِيلُ
بمطعامٍ إذَا الأشوالُ راحَتْ ... الي الحُجُراتِ ليسَ لَهَا فَصيلُ
ومقدامٍٍ إذَا الأبْطالُ حامتْ ... وعرَّدَ عَنْ حَلِيلتِهِ الحَليلُ
قال
عِلْباءُ بن أريم
ابن عوف من بني بكر بن وايل
ألا تِلْكُمَا عِرسِي تَصُدُّ بوجهِها ... وتَزْعَمُ في جاراتِها أنَّ من ظَلَمْ
أبُونَا ولمْ أظلِمْ بشيءٍ عَلِمْتُهُ ... سِوَى ما تَرَيْنَ في القَذالِ مِنْ القِدَمْ
فيَوماً تُوافينَا بوجهٍ مُقسَّمٍ ... كَانْ ظبيَةٌ تَعطُو إلي ناضِرِ السَلَمْ
وَيَوْماً تُريدُ مَالَنَا معَ مالِهَا ... فإنْ لَمْ نُنِلْهَا لمْ تُنِمْنَا وَلمْ تَنَمْ
نَبِيتُ كأنَّا في خُصُومٍ غَرامَةٌ ... وتَسْمَعُ جاراتِي التَأَلِّي والقَسَمْ
فقُلْتُ لهَا إلاّ تَنَاهَى فَإنَّني ... أخُو النكرِ حتَّى تَقْرعِي السِنَّ مِنْ نَدَمْ
ليجتَنِبَنْكِ العِيسُ حِبْساً عُكُومُها ... وَذُو مِرَّةٍ في العُسْرِ واليُسُرِ والعَدَمْ
وأيُّ مليكٍ من مَعَدٍّ علِمْتُمُ ... يُعَذِّبُ عَبْداً ذِي جَلالٍ وذَي كَرَمْ
أمِنْ أجلِ كَبشٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قَريَةٍ ... ولَا عندَ أذوادٍ رِتاعٍ وَلا غَنَمْ
يُمَشِّيْ كأنّ لا حيَّ بالجِزعِ غَيْرَهُ ... ويَعْلُو جرَاثيمَ المَخارمِ والَأَكَمْ
فوَ اللهِ مَا أدري وإنِّي لَصادِقٌ ... أمِنْ خَمَرٍ يَأتِي الضَلالَ أمِ أتَّخَمْ
بَصُرْتُ بهِ يَوْماً وقَدْ كانَ صُحْبَتي ... مِنْ الجُوعِ إلا يَبْلُغوا الرجمَ مِلءِ جَمْ
بذِي حَطَبٍ جَزْلٍ وسهلٍ لِفائِدٍ ... وَمبراةِ غَزّاءٍ يُقالُ لهَا هُذَمْ
وزندَي عَقارٍ في السلاحِ وقادِحٍ ... إذَا شِئْتَ أورَى قبلَ أنْ يَبْلُغَ السَأمْ
وقالَ صِحَابي إِنَّكَ اليومَ كائِنٌ ... عَلَيْنَا كَمَا عَفَّا قُدَارٌ عَلَى إرَمْ
وقدرٍ يُهَاهِي بالكلابِ قُتَارُها ... إذَا خَفَّ أيسارُ المَسَامِيحِ واللُحُمْ
أخذْتُ لدَينٍ مُطمئِنٍ صَحِيفةً ... وحالَفْتُ فيهَا كُلَّ مَنْ جارَ أوْ ظَلَمْ
أخَوَّفُ بالنُعمانِ حتَّى كأنَّمَا ... قتَلْتُ لهُ خالاً كَرِيماً أوْ ابْنَ عَمْ
وإنَّ يَدَ النُعمانِ ليْسَتْ بِكَزَّةٍ ... ولكِنْ سماءٌ تُمْطِرُ الوَبْلَ والدِيمْ
لبَسْتَ ثيابَ المقتِ إنْ آبَ سَالِماً ... ولَمَّا أفِتْهُ أوْ أجَرَّ إلى الرَجَمْ
يُثِيرُ عَلَىَّ التُرْبَ فَحْصاً برِجْلِهِ ... وقدْ بَلَغَ الذَلْقُ الشوارِبَ أو نَحَمْ
لَهُ اليَهٌ كأنَّهَا شَطُّ ناقَةٍ ... أيَحَّ إذَا مَا مُسَّ أبهَرُهُ فَحَمْ
وقَطَّعْتُهُ باللَوْمِ حتَّى أطاعَني ... وأُلقى علَي ظَهْرِ الحقيبَةِ أوْ وجَمْ
ورُحْنا علَى العبءِ المُعلَّقِ شِلْوُهُ ... وأكْرُعُهُ والرأسُ للذِئْبِ والرَخَمْ
موَاريثُ آبَائي وكانتْ تريكَةً ... لآلِ قُدَارٍ صاحبِ النُكْرِ والحُطَمْ
قال
المُتلَمِّسُ
تُعيِّرني أمّي رجالٌ ولنْ تَرى ... أخَا كرَمٍ إلَّا بانْ يتكَرَّما
وَمَنْ يَكُ ذا عِرْضٍ كريمٍ فلَمْ يصُنْ ... لهُ حسَباً كانَ اللَئيمَ المُذَمَّما
وهلْ ليَ أمٌّ غيْرُها إنْ ترَكْتُها ... أبى اللهُ إلَّا أنْ أكُونَ لها ابْنَما
أَحارِثُ أنَّا لوْ تُساطُ دِماؤُنا ... تزايَلْنَ حَتَّى لا يَمَسَّ دمٌ دمَاً
أمُنْتقِلاً منْ نصْرٍ بُهْثَةَ خلْتَني ... إلاَّ إنَّني منْهُمْ وإنْ كنْتُ أيْنَمَا
إلَا إنَّنَي منْهُمْ وعِرْضيَ عرْضُهُمْ ... كَذى الأنْفِ يَحْمي أنْفَهُ أنْ يُصَلَّما
لذي الحِلْمِ قبْلَ اليْومِ ما تُقْرَعُ العصَا ... وما عُلِّم الإنسانُ إلَّا ليَعْلَما
فإنَّ نِصابي إنْ سأَلْتَ ومَنْصبي ... منَ الناسِ قوْمٌ يفْتِنُونَ المُزَنَّما
وكُنَّا إذَا الجبَّارُ صعَّرَ خدَّهُ ... أقمْنا لهُ منْ ميْلِهِ فتقَوَّما
فلَوْ غيْرُ أخْوالي أرادوا نقيصَتي ... جعَلْتُ لهُمْ فُوْقَ العرَانينِ مِيسَمَا
وما كنْتُ إلَّا مثْلَ قاطعِ كفِّهِ ... بكفٍّ لَهُ أخْرَى فأصبَحَ أجْذَما
فلمّا استَقادَ الكفَّ بالكفِّ لمْ يجِدْ ... لهُ دَرَكاً في أنْ تَبينَا فأحْجَما
فأَطْرقَ إطْراقَ الشُجاعِ ولوْ يرَى ... مُساغاً لنابيْهِ الشُجاعُ لَصَمَّمَا
إذا ما أديمُ القومِ أنهَجَهُ البِلَى ... تفرَّي ولَوْ كتَبْتَهُ وتخَرَّما
إذا لمْ يزَلْ حبْلُ القَرينَيْنِ يلْتوي ... فلا بُدَّ يوْماً للقُوى أنْ تُجَذَّما
وقدْ كنْتُ أرجُو أنْ أكونَ لخَلْفكُمْ ... زعيماً فَما أحرَزْتُ أنْ أتَكَلَّما
لاُ ورِثَ بعْدي سُنَّةً يُهْتدى بها ... وأجْلوَ عنْ ذي شُبْهَةٍ أَنْ يُفَهَّما
أرى عُصُماً في نصْرٍ بُهْثةَ دائِباً ... وتَعْذُلُني في نصْرِ زيدٍ فبِئْسَ مَا
قال
عَوْف بن عطيّة التيمي
هُما إبِلانِ فيهمَا ما علِمْتُمُ ... فأَدُّوهُما إنْ شئْتُمُ أَنْ نُسَالما
وإنْ شئْتُمُ ألْقَحْتمُ ونتَجْتُمُ ... وإنْ شئْتمُ عيناً بعَينٍ كمَا همَا
وإنْ كانَ عقْلاً فاعْقِلوا لأخِيكمُ ... بَناتِ المخاضِ والبكارَ المَقَاحِما
جزَيْتُ بني الأعْشَي مكانَ لبونِهِمْ ... كِرامَ المخَاضِ واللِقاحِ الرَوائما
مهاريسَ لا تشْكو الوُجومَ ولَوْ رَعَتْ ... جِمادَ خُفافٍ أوْ رعتْ ذا جُماجِما
وتشْربُ أسْآرَ الحياضِ تسُوفُها ... وإنْ وَرَدتْ ماءَ المُرَيْرةِ آجِماً
فمَنْ مُبْلغٌ تَيْماً علَى نأْي دارِها ... سَراتهُمُ والحاملينَ العَظائِما
عمِدْتُ لأمْرٍ يرْحَضُ الذمَّ عنْكمُ ... ويغْسلُ عنْ حُرِّ الأنُوفِ الخَواتما
أبى أكْلَ أسْتاهِ المغازلِ ذمَّني ... ولمَّا تكُنْ فيها الرِبابُ عماعِما
فأمَّا الدِقاقُ الأسْؤُقِ الضُلْعُ منْهُمُ ... فلسْتُ بهاجيهِمْ وإنْ كنتُ لَائِمَا
بوُدِّهمِ لا قرَّبَ الُله وُدَّهُمْ ... ولا زالَ مُعْطيهِمْ منَ الخيْرِ جازِمَا
ولكنَّني أهْجُو صَفِىَّ بْنَ ثابتٍ ... مثَبَّجَةً لاقتْ من الطيْرِ حائِما
وحِضْباً ظَؤُوراً جَوْبُهُ خُلَّةُ اسْتِها ... وصفْواءَ ريقَ فوْقَها الماءُ دائِما
قال
عمرو بن الأسود
ولقدْ أمرْتُ أخاكِ عمْراً أمْرَةً ... فعصَى وضيَّعَهُ بذاتِ العُجْرُمِ
فإذَا أمَرْتُكِ بعْدهَا فتَبَيَّني ... أوْ أقْدمي يومَ الكَرِيهَةِ مُقْدَمي
قال
أبو الفَضْل الكِناني
في حوْمةِ الموْتِ الَّتي لا تَشْتكي ... غَمَراتِها الأبْطالُ غيْرَ تغَمْغُمِ
وكأَنَّمَا أقْدامُهُمْ وأكُفُّهُمْ ... كرَبٌ تساقطَ منْ خليجٍٍ مُفْعمِ
لمَّا سَمِعْتُ نداءَ مُرَّةَ قدْ علَا ... وابْنَىْ ربيعةَ في الغُبارِ الأقْتمِ
ومحلّماً يمْشونَ تحْتَ لِوَائهمْ ... والموتُ تحْتَ لواءِ آلِ محَلِّمِ
وسمِعْتُ يشْكُرَ تدَّعي بحُبَيِّبٍ ... تحْتَ العَجاجةِ وهي تقْطُرُ بالدَّمِ
وحُبيِّبٌ يُزْجونَ كلَّ طِمِرَّةٍ ... ومنَ اللهازمِ سحْبُ غيْرِ مصَرَّمِ
والَجمْعُ منْ ذُهْلٍ كانَّ زُهَاءَهُمْ ... جُرْبُ الجِمالِ يقودُها ابْنَا شعْثَمِ
قذَفُوا الرماحَ وباشرُوا بنُحُورهمْ ... عنْدَ الضِرابِ بكُلِّ ليْثٍ ضْيغَمِ
والخيْلُ تضْبِرْنَ الخَبارَ عوابِساً ... وعلَى مناسجِها سبائِبُ منْ دمِ
لا يصْدقونَ عنِ الوغَى بخُدُودهمْ ... في كلِّ سابغَةٍ كلَوْنِ العِظْلِمِ
نجَّاكَ مُهْرُ ابْنَيْ حلَامٍ منْهُمُ ... حتَّى اتَّقيْتَ الموْتَ بابْنَيْ حِذْيَمِ
ودَعَا بَني أمِّ الرُواعِ فأقْبَلوا ... عنْدَ اللقاءِ بكُلِّ شاكٍ مُعْلَمِ
يمْشُونَ في حلَقِ الحديدِ كمَا مشَتْ ... أسُدُ الغَريفِ بكُلِّ نحْسٍ مُظْلِمِ
فنَجَوْتَ منْ أرْماحِهِمْ منْ بعْدِ ما ... جاشَتْ إليْكَ النفْسُ غيْرَ المَأْزِمِ
قال
مُهَلْهِل بنُ رَبِيعَة
يا حارِ لا تجهلْ على أشياخِنَا ... إنَّا ذَوُو السُوراتِ والأحْلامْ
مِنَّا إذَا بلغَ الصبيُّ فِطامَهُ ... سائِسُ الأُمُورِ وحارِبُ الأقوَامْ
قتلُوا كُليباً ثُمَّ قَالوا أربعُوا ... كذَبُوا ورَبِّ الحلِّ والإحْرامْ
حتَّى نُبيدَ قبيلةً وقبيلةً ... قهراً ونَفْلِقَ بالسيوفِ الهامْ
ويَقُمْنَ ربِّاتُ الخدُورِ حواسِراً ... يمسَحْنَ عرضَ ذوائِبِ الأيتامْ
قال
طَرِيفٌ العَنْبَري
أوْ كُلَّمَا وردتْ عُكاظَ قبيلَةٌ ... بعثُوا إليَّ رسُولَهُمْ يتوَسَّمُ
فتوسَّمُونِي إنَّني أنَا ذَاكُمُ ... شاكٍ سِلاحي في الحوادثِ مُعْلَمُ
تحتِي الأغرُّ وفوقَ جِلدِي نثرةٌ ... زَغْفٌ ترُدُّ السيفَ وهوَ مُثَلَّمُ
حوْلي فورِاسُ مِنْ أُسيْدٍ شِجْعَةٌ ... وإذَا غَضِبْتُ فَحَوْلَ بيتِي خَضَّمُ
ولِكُلِّ بكرِيٍَّ لَدَيَّ عداوَةٌ ... وأبُو ربيعةَ شانِئٌ ومَحَلِّمُ
***
نهاية الجزء الثالث
ألف / خاص ألف
يتبع..
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |