متى تبحث الجوائز العربية عن ... الفائزين؟
2008-06-04
في كتاب الرسائل المتبادلة بين غونتر غراس وزميله الألماني الشرقي أوفه يونسون، وهو كاتب مهم وغير معروف في العالم العربي، الذي نُشربالألمانية قبل أشهر نقرأ ضمن ما نقرأ التفاصيل الأساسية والمهمة جداً التي تمثلتفي كيفية حصولهما على المنح والجوائز كي يواصلا مسيرتهما الكتابية، على رغم المحنالسياسية والاجتماعية على الصعيدين العام والخاص. فهما تعارفا واحدهما بالآخر فينهاية الخمسينات من القرن الماضي، وبما أن الأول كان يعتبر كاتباً ناجحاً من ناحيةانتشار كتبه وبيعها، فهو يحاول في كل الطرق إسناد صديقه، الذي ربما يفوقه أهمية منالناحية الأدبية، فحينما أحسّ أن أوفه يونسون يختنق كتابياً ولا يستطيع المواصلة،اقترح على ناشر صديقه افتعال منحة تفرّغ أدبية له إلى نيويورك، يموّلها غونتر غراس،شرط ألا يعرف الكاتب الصديق شيئاً عن المموّل.
أتينا على ذكر هذه التفاصيل لما للجوائز ومنح التفرّغ من أهمية،خصوصاً في بلداننا العربية، لأن جميع الكتّاب والباحثين والفنانين تقريباً لايعيشون من مدخول أعمالهم الفنية، والكتّاب خصوصاً... وقد كثُرت في الفترة الأخيرةالجوائز في معظم البلدان العربية، ولم تعد الدوافع إلى منحها سياسية أو من أجل شراءالذمم، إلا في ما ندر. لكن مشكلة معظم هذه الجوائز، ما خلا جائزة بوكر العربية، هوانعدام المهنية، من كل النواحي!
ومن أجل إيضاح ذلك، فإن جوائز الشيخ زايد وسلطان العويس، وهي من الجوائزالتقديرية، تطلب من الكاتب أو الباحث أو الفنان أو الناشر أن يتقدّم بنفسه إلىالجائزة، وعملية التقدّم هذه تصح فقط للجائزة التشجيعية لا الجائزة التقديرية. فالأحرى بإدارة هذه الجوائز أن تكلّف لجنة خاصة بها، باقتراح شخصيات تختارها سنوياًفي كل اختصاص، حتى لا تتكرر قضية شاعر مهم مثل سركون بولص الذي توفي من دون أن ينالجائزة من هذه الجوائز التقديرية، فقط لأنه ولألف سبب لم يتقدّم بنفسه إلى الجائزة،وحتى تكون اختيارات لجان الجائزة إشارات جديدة من أجل الاهتمام من جديد بهذا الباحثأو الكاتب. وهكذا يكون قرار الجائزة إعادة قراءة لكل ما يُنشر أو يُنجز من الأعمالالأدبية في العالم العربي! لا يوجد كاتب غربي كبير اليوم يقوم بإرسال طرد كبير يضمنسخاً عدة من أعماله مع سيرته الذاتية وصورة هويته، عسى تقرر اللجنة المحكمة منحهالجائزة، حتى يفاجأ بأنها لألف حساب وحساب تذهب إلى فلان أو علان من الكُتّاب. إنهاتشكل نوعاً من المهانة التي يجب الانتباه إليها في بلداننا العربية، لئلا تتحولقضية الجوائز إلى نوع من الاستجداء وترتيب حسابات أو تصفيتها بين هذا وذاك. ولمنيريد من أهل الاختصاص، لدينا ما يكفي من التفاصيل التي جعلتنا نتمنى، أو بالأحرىنطالب بجدية، أن يُصار إلى رفع مستوى العمل في لجان هذه الجوائز ومنحها المزيد منالمهنية، على أن تُرفد هذه الجوائز التقديرية والأخرى التشجيعية بمُنح تفرّغ لإنجازأعمال أساسية تحتاجها الثقافة العربية، مع ربطها بنشرات علمية. فمشاريع الاهتمامبالترجمة التي نقرأ عنها في الإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس والمغرب، تتطلبالارتقاء بمستوى العمل الثقافي، من دون أن تفوتنا الإشارة إلى أن الارتقاء بمستوىالتعليم في مختلف مراحله وحرية البحث العلمي وتوفير الإمكانات اللازمة هي الأساسالذي بواسطته يمكننا الارتقاء وتجاوز محاولات الترقيع التي لا يمكنها أن تدوم.
---
خالد المعالي كاتب عراقي مقيم في ألمانيا
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |