ذَكَرْتُكِ سَلْمَى وَالْغَمَامُ تَعَسْكَرَا
وَمَوْجُ بِحَارِ الْغَرْبِ ثَارَ وَكَبَّرا
وَمَرْكَبُنَا يَعْلُوُ فَلَا شَيْئَ فَوْقَهُ
وَيَدْنُو كَشَاهِينٍ تَحَسّّسَ أَعْفُرَا
أَعَاذِلُ هَذَا الْعَيْشُ لَا مَا أَرَيْتِنِي
بِخِدْرِكِ نَهْدَاً كَالْأَجَاصِ تَصَهَّرَا
وَجِيدَاً تَلِيعَاً بِالْعَقِيقِ مُحَبَّرٌ
وَثَغْرَاً كَضَوْءِ الْفَجْرِ بَانَ وَأَسْفَرَا
وَخَصْرَاً رَقِيقَاً كَالسِّجَنْجَلِ أَمْلَسٌ
وَخَدَّاً كَأَّنَ الْبَدْرَ مِنْهُ تَنَوّرَا
أَعَاذِلُ إِنَّ الْعِزَّ يُؤْتَى بِغُصَّةٍ
وَقَلْبٍ صَبُورٍ لَنْ يَحِيدَ وَيَفْتَرَا
وَإِتْلَافِ مَالٍ للضُّيُوفِ وَصِرَّةٍ
حَرَامٌ عَلَى الدِّينَارِ فِيهَا يُعَمِّرَا
وَخَوْضِ غِمَارِ الْحَرْبِ إِنْ هِيَ أُوقِدَتْ
بِجُرْدٍ مُغِيرَاتٍ تُقِلُّ السُّنَوَّرَا
فَمَنْ خَافَ أَنْ يَلْقَى الْحُتُوفَ بِدَرْبِهِ
فَلَيْسَ يَرُدُّ الْمَوْتَ أَنْ يَتَقَهْقَرَا
وَرِثْنَا جُدُوُدَاً فِي اللُّحُودِ جِسُومُهُمْ
وَفَضْلُهُمُ بِالنَّاسِ وَادٍ تَحَدَّرَا
فَدَارُهُمُ بِالنَّاسِ عَجَّتْ كَمَكْةٍ
فَيَدْخُلُ مُحْتَاجٌ لِيَخْرِجَ مُوسِرَا
وَيَكْفِي عَدِيمَ الْقَوْمِ أَنْ يَذْكُر اسْمَهُمْ
فَيَغْنى وُيُمْسِي فِي نَعِيمٍ مُنَشَّرَا
وَتُقْضَى لَهُ الْحَاجَاتُ وَقْتَ كَلَامِهِ
لِيَغْرَقَ بِالْمَعْرُوفِ وَالرِّفْدِ وَالْقِرَى
وَاسْمَهُمُ فَكَّاكُ قَيْدٍ مُوَثَّقٍ
تَصَدَّأَ مِنْ طُولِ السِّنِينِ وَغَبَّرَا
وَذِكْرُهُمُ لِلْخَصْمِ كَالمَوْتِ مُرْعِبٌ
كَأَّنَ مَلَاكَ الْمَوْتِ فِيهِمْ تَنَكَّرَا
هُمُ الْغَيْثُ وَقْتَ السِّلْمِ حَتَّى يُعَكَّرُوا
فَإِنْ عُكِّرُوا صَارُوا كَلَهْبٍ تَسَعَّرَا
سَلَاهِبُهُمْ فِي كُلِّ أَرْضٍ رِبَاطُهَا
عَلَيْهَا لِيُوثٌ دَارِعِينَ وَحُسَّرَا
وَرِثْتُهُمُ وَالْأَصْلُ يُنْتِجُ شِبْهَهُ
فَقَلْبِي إِلَى الْعَلْيَاءِ سَارَ وَشَمَّرَا
وَمَا مُرْعِبُ الْفِتْيَانِ عِنْدِي بِمُرْعِبٍ
فَلَمْ أَلْتَقِي خَصْمَاً وَلَمْ يَتَقَهْقَرَا
وَإِنِّي لَمُقْدَامٌ لِكُلِّ كَرِيهَةٍ
يَظْنُّ بِهَا الْكُهَّانُ مَوْتَاً مُقَدَّرَا
فَمَا يَجْعَلُ الضِّرْغَامَ قَرْمَاً بِغَابِهِ
مُجَابَهَةُ الْآسَادِ حَتَّى يُظَفَّرَا