نجل المشير عامر: أبي لم يكن وزير دفاع مصر في النكسة / أشرف عبد الحميد
ألف
2017-10-28
مفاجآت كثيرة كشفها الدكتور #عمرو_عبد_الحكيم عامر، نجل المشير #عبد_الحكيم_عامر وزير الدفاع المصري إبان عهد الرئيس الراحل #جمال_عبد_الناصر، حيث أكد براءة والده من نكسة يونيو 67، وأن والده قتل بالسم ولم ينتحر وفقا لتقارير رسمية مصرية، كما اتهم رجال عبد الناصر وإعلامه بتشويه سمعة والده للتخلص منه وتحميله مسؤولية الهزيمة وضياع الأرض العربية.
وقال نجل المشير في مقابلة مع" العربية.نت" إن والده لم يكن وزير الحربية في 5 يونيو/حزيران 67، وطلب من عبد الناصر عدم خوض الحرب بسبب إنهاك الجيش في حرب #اليمن، وعندما رأى إصرار ناصر على خوض الحرب طلب منه التريث وعدم التعجل لحين إتمام استعدادات الجيش وبناء دشم الطيران، وفوجئ بعبد الناصر يخبره أنه لن يخوض الحرب وأنه يهدد فقط، وأن الروس طلبوا منه عدم البدء بالضربة الأولى حتى لا تتدخل الدول الكبرى ضد مصر، إلا أنه فوجئ بقرار عبد الناصر بإغلاق الملاحة في خليج العقبة، وبالتالي استفزاز إسرائيل التي شنت الحرب.
نجل المشير عبد الكيم عامر
وكشف نجل المشير عن تطورات علاقة والده بناصر وكيف أفسدها مسؤولون، كما كشف العديد من الوقائع التي أدت لنكسة يونيو، ومحاولة رجال عبد الناصر السيطرة على مقاليد الأمور والحكم، وكيف تسببوا في الوقيعة بين ضباط ثورة يوليو حتى نجح السادات في التخلص منهم والانتقام لمصر ولرجال الثورة.
وقبل أن نخوض في تفاصيل الحوار طلب نجل المشير إعادة التعريف بوالده، فقال إنه ينتمي لأسرة ثرية في محافظة المنيا، وكان والده الشيخ علي عامر عمدة قرية أسطال، تخرج من الكلية الحربية في العام 1939 وشارك في حرب 1948 في نفس وحدة جمال عبد الناصر.
حصل المشير عامر على نوط الشجاعة في حرب 48 وتمت ترقيته استثنائياً، ورغم أن خاله كان محمد حيدر باشا وزير الدفاع أثناء حرب 1948 إلا أنه شارك في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار مع جمال عبد الناصر الذي أطاح بالملك ورجاله، وكانت مهمته تجنيد الضباط للانضمام للتنظيم.
وقال نجل المشير عامر إن والده عين في العام 1954 وزيرا للحربية مع احتفاظه بمنصبه في القيادة العامة للقوات المسلحة، وكان له دور كبير في إنهاء أزمة مارس عام 1954، ورفض أن يقوم سلاح الطيران بقصف سلاح الفرسان الذي كان رافضا لعزل محمد نجيب، وقال جملته الشهيرة: "على جثتي أن يقوم ضابط بضرب ضابط آخر وأنا في الجيش".
جمال عبد الناصر والمشير عامر
وفي عام 1964 أصبح المشير عامر نائباً أول لرئيس الجمهورية، وأضيفت إليه مهمة رئاسة اللجنة العليا للسد العالي، ثم رئاسة المجلس الأعلى للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي.
وذكر الدكتور عمرو عبد الحكيم أن والده وراء تأسيس جيش مصر الحديث، وله دور كبير في تطويره وإنشاء بعض الوحدات القتالية به مثل سلاح المظلات والصاعقة، وهو أول من فكر في إنشاء مستشفيات تابعة للجيش، على رأسها "مستشفى المعادي العسكري" كما كان له دور بارز في تحويل الجيش من جيش يسمى "المحمل" إلى جيش نظامي قوي، كما دشن عدة مصانع حربية تابعة له لإنتاج السلاح وتزويده بما يحتاجه، وله دوره في تطوير العقيدة القتالية والاهتمام بالفرد المقاتل.
نص الحوار
* حتى الآن مازالت نكسة يونيو يتحملها المشير عامر ويتهمه البعض بأنه دفع بالجيش لخوض معركة خاسرة دون استعداد، ما أدى لضياع الأرض العربية واحتلال إسرائيل للجولان وسيناء؟
- والدي بريء من كل هذه الاتهامات بشهادة كبار قيادات الجيش التي أعلنوها في مذكراتهم وكشفوا من خلالها تفاصيل الحرب كاملة، مثل مذكرات الفريق أنور القاضي والفريق مدكور أبو العز والفريق صدقي محمود، وحتى مذكرات شمس بدران، ولكننا لا نقرأ، إضافة إلى تعمد الإعلام تجاهلها، فضلا عن أننا كأسرة المشير لم يكن لنا حق الرد طيلة 40 سنة جرت خلالها عملية غسيل العقول وحرماننا من الدفاع عن أنفسنا وعن والدنا، في ظل وجود إعلام شمولي وغياب وسائل الإعلام الخاصة والفضائيات.
ويضيف نجل المشير أن الحقيقة الكاملة التي لم يذكرها أحد حتى لا تهتز صورة الزعيم هي أن قرار الحرب كان قرارا شخصيا لعبد الناصر وسوء تقدير للموقف منه، واتخذ القرار بناء على حسابات خاطئة وتقديرات غير حقيقية، خصوصاً بعد التوتر العسكري على الجبهة السورية الإسرائيلية، فقد طلب في 16 مايو/أيار 1967 سحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء، وبعدها أعلن إغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية.
ويتابع نجل المشير: اجتمع عبد الناصر مع قادة الجيش بحضور المشير عامر الذي كان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بينما كان وزير الحربية الفعلي المعين بقرار رسمي من عبد الناصر هو شمس بدران منذ العام 1966، وكان الاجتماع في قاعدة أبو صوير الجوية، وطلب منهم تقدير موقف والتعرف على مدى جاهزية الجيش للحرب، وقال له والدي إن الجيش منهك بسبب وجود 60% من القوات في اليمن، إضافة إلى أن القوات الجوية تحتاج بعض الوقت لبناء دشم للطائرات، وفوجئ الجميع بعبد الناصر يخبرهم بكارثة أخرى، وهي طلبه منهم ألا تكون مصر هي البادئة بالعدوان وفقا لنصيحة الروس الذين أخبروه أنه لو بدأت مصر بالعدوان فسوف تتعرض لعقوبات دولية وتدخل دولي وربما عسكري، وهو ما استجاب له وطلب من القادة أن يتحملوا الضربة الأولى ويردوا عليها بعد ذلك، وهنا قال له قائد القوات الجوية الفريق صدقي محمود إن ما تطلبه مستحيل عسكريا، فمعنى أن تبدأ إسرائيل بالضربة الأولى أن تقضي على 80% من مطاراتنا وطائراتنا، وستصبح بقية القوات بدون غطاء جوي، فقال لهم عبد الناصر إن إسرائيل لن تخوض الحرب ولن تندفع، لذلك رغم أن معلومات المخابرات التي وصلت لعبد الناصر شخصيا أكدت أن إسرائيل تستعد لتوجيه ضربة عسكرية في 5 يونيو.
عامر وعبد الناصر وأنور السادات
* إذاً أنت تحمل عبد الناصر مسؤولية النكسة وليس والدك أو قادة الجيش؟
- والدي لم يكن وزير الحربية وقتها، بل كان نائبا للرئيس، ولم يقرر خوض الحرب بل عارضها، وقال لعبد الناصر إن الحرب في هذا التوقيت ستضر بالبلد والجيش معا، فكيف يتحمل إذن مسؤولية النكسة؟ كما حذر قادة الجيش عبد الناصر أيضا من ذلك، وفي النهاية صاحب القرار السياسي هو المسؤول عما حدث، لأن القادة أبلغوه بتقديرهم للموقف، ومع ذلك سار في اتجاه آخر وكان إعلانه التنحي كاشفا لمسؤوليته عما حدث.
* ولماذا اتهم الجميع وعلى رأسهم عبد الناصر والدك بالمسؤولية وأحال قادة الطيران وبعض قادة الجيش للمحاكمة العسكرية بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب في الهزيمة؟
- كما قلت لك سابقا والدي رفض الحرب كما رفض من قبل خوض حرب اليمن وقدم استقالته عام 1961 بسبب ذلك، ولكن عبد الناصر رفضها وأعاده من جديد، وجاء قرار ناصر بتحديد إقامة والدي بسبب وشايات كثيرة من 4 مسؤولين كبار بالدولة وقتها، وكانوا من أقرب رجال عبد الناصر، وتسببوا في أزمات له مع جميع أصدقائه وزملائه من قادة ثورة يوليو، مع العلم أن هؤلاء المسؤولين لم يكونوا من الضباط الأحرار، وعقب الحرب بأيام قليلة قدم والدي استقالته من جميع مناصبه، وترك القاهرة وتوجه لمسقط رأسه في قرية اسطال بالمنيا للراحة، والسؤال المهم هو: إذا كان والدي ترك لهم الحكم وتخلى عن جميع مناصبه فلماذا كان إصرارهم الرهيب على إعادته مرة أخرى؟ وأقول إن هؤلاء المسؤولون الأربعة أخبروا عبد الناصر أن المشير يعرف كثيرا عن أسباب النكسة، وربما يتكلم ويكشف الحقائق التي قد تثير الشعب والجيش معا، وابتعاده قد يدفعه لذلك، ولذلك توجه 3 مسؤولين بينهم الصحافي محمد حسنين هيكل إلى قريتنا في المنيا، وطلبوا من والدي العودة للقاهرة والجلوس مع عبد الناصر وإعادة الوئام بينهما، وفشل الجميع في ذلك ما عدا هيكل الذي نجح في إقناع والدي بالعودة ومقابلة عبد الناصر وليته لم يفعل.
* لماذا ليته لم يفعل؟
- لأنه ببساطة كان هذا هو الفخ الذي استدرجوا والدي إليه، فقد اعتقدوا أنه ربما يدبر لانقلاب عسكري بواسطة رجاله ضد عبد الناصر، خاصة أن قادة الجيش وكل أفراده يحبونه ويرفضون رحيله، وكان مكتبه مفتوحا للجميع، ويلبي طلبات أي ضابط أو جندي يلجأ إليه، وهذا الأمر كان يسبب إزعاجا لناصر ورجاله، وذهب والدي إلى القاهرة بناء على اتفاق مع هيكل ومكث في فيلته بالجيزة أسبوعا لحين لقاء عبد الناصر، وخلال هذا الأسبوع زار والدي في منزله أغلب قادة الجيش الكبار للاطمئنان عليه، والشكوى من قرارات إحالتهم للمحاكمة بتهمة التقصير والإهمال، وطالبوه باعتباره شاهدا على الأحداث ومطلعا على أنهم لم يقصروا ولم يهملوا وأن يوضح الأمر لعبد الناصر، ووافق على ذلك استنادا للصداقة والعلاقة الوثيقة التي تربطه بناصر، وعندما علم رجال عبد الناصر بوجود هؤلاء القادة في منزل المشير، اعتقدوا أن انقلابا عسكريا بات وشيكا، فأبلغوا عبد الناصر الذي حدد الموعد فورا لمقابلة عامر، وهناك حدث الفخ.
* كيف؟
- كان رجال عبد الناصر قد خططوا واستعدوا لاقتحام المنزل فور خروج المشير عامر منه لمقابلة عبد الناصر، وقرروا القبض على كل من فيه سواء قادة الجيش الكبار الذين كانوا متواجدين، أو أقاربنا من القرية الذين أتوا لحماية والدي، فهو وزير دفاع سابق ويحتاج لحراسة، وهو ما لم يكن متوفرا ، فتطوع أقاربنا وقاموا بهذه المهمة مزودين بالعصي والشوم، وعقب خروج والدي من المنزل داهمته قوة عسكرية بأوامر من الفريق محمد فوزي وزير الحربية، واعتقلوا كل من فيه، وفور وصول المشير لمقابلة عبد الناصر وقد حضر المقابلة اثنان من هؤلاء المسؤولين الأربعة، دار حديث ودي في البداية بين ناصر وعامر، ثم تطور الأمر بعدما أخبر عبد الناصر والدي بأنه تم اعتقال كل من في المنزل، وأن معلومات وصلته أن عامر يخطط لانقلاب عسكري ضده، ثم صدم والدي في النهاية بقوله إنه قرر تحديد إقامته، فحزن المشير بشدة وانصرف عائدا لمنزله، وفي اليوم التالي عثر عليه ميتا، وأعلنت وسائل الإعلام المصرية أنه انتحر.
* وهل كان انتحارا بالفعل أم أن ما تردد عن قتله كان صحيحا؟
- الصحيح أنه قتل، والأدلة موجودة وبتقارير رسمية حكومية من الطب الشرعي وبتوقيع أعظم قياداته، إضافة لتقرير أستاذ التحاليل الطبية الدكتور علي دياب الذي أكد في تقريره أنه عثر بدم والدي على سم الأكونتين القاتل وبجرعة تكفي لقتل عدة أفراد مجتمعين، إضافة لذلك فقد كان والدي موقنا أنهم لن يتركوه وأنهم قد يقتلونه.
* ولماذا قتلوه؟
- لأنه يحمل خزائن الأسرار التي يجب ألا تفتح، عبد الناصر بعد عام 1956 أصبح زعيما يتحدث العالم عنه، وأحلام الزعامة هذه هي من ضيعت مصر ووالدي معها، وكانت الزعامة وأحلامها وراء دفعه بالجيش في معارك خاسرة كحرب اليمن، وجعلته يقضي على رصيد مصر من الذهب والاحتياطي النقدي لمساعدة الثورات وحركات التحرر العربية والإفريقية، ووصلنا في 67 إلى أن أصبحت مصر الدولة لا تجد أموالا لتلبية احتياجات الجيش من السلاح، ولذلك بعد هذه الصورة الوردية التي رسمها الإعلام للزعيم لا يمكن أن يتخيل وجود من يستطيع أن يغيرها ويمحوها بل وينسفها لو تكلم وتحدث وكشف الحقيقة المرة، مع العلم أن والدي صعيدي ومتمسك بأخلاقه التي تربى عليها، وهي عدم خيانة الصديق مهما حدث، وسأكشف واقعة تجسد ذلك، وهي أن والدي وعبد الناصر اتفقا وأقسما العهد أمام جدي لوالدي في منزل العائلة بقرية اسطال بعد ثورة يوليو مباشرة على عدم خيانة العهد، وعلى عدم تخلي أي منهما عن الآخر، ولذلك كلما حاول أحد أن يؤلب والدي على عبد الناصر كان يقول: بيننا عهد وقسم.
* وماذا حدث لكم ولباقي أفراد العائلة بعد رحيل والدك، هل تعرضتم لمضايقات، وهل حاول المسؤولون الأربعة أن يساوموكم على الصمت؟
- نعم ضايقونا واعتقلوا جميع أفراد العائلة بمن فيهم والدتي، فقد ظلت في السجن 6 شهور، وسحبت منا كافة مخصصاتنا، وحتى معاش والدي الشهري الذي نعيش منه ألغوه، وسحبت منا سياراتنا، وذهب شقيقي جمال لعبد الناصر يرجوه أن يترك لنا سيارتنا الوحيدة التي اشتراها والدي من ماله الخاص لقضاء طلبات الأسرة، ووافق بعد إلحاح شقيقي، وعادت لنا بعض المخصصات، وعلى رأسها المعاش الشهري بعد رحيل عبد الناصر وتولي السادات.
*وأين كان الرئيس السادات من كل ذلك؟ وماذا فعل معكم؟ ولماذا لا تطلبون فتح تحقيق في مقتل المشير؟
- السادات من أذكى الشخصيات التي يمكن أن تتعامل معها، ومن أنبلهم، أنا شخصيا أحبه، كان داهية وسياسيا محنكا أعاد الأرض، وجلب النصر، وصحح أخطاء عبد الناصر، أعاد لنا مخصصاتنا، وكان والدي عندما يختفي قليلا ويلجأ لعزلة قصيرة طلبا للهدوء والراحة، ويفشل عبد الناصر في العثور عليه، يقول لرجاله اطلبوا السادات وأبلغوه أنني أريد المشير فهو الوحيد الذي يعرف مكانه، ويعرف كيف يأتي به، وكان والدي يحب السادات ومقتنعا به وبكفاءته ودهائه السياسي، وعندما كان يحدث خلاف بين ناصر وعامر كان السادات يتدخل لاحتوائه، السادات عاملنا بلطف ومودة، وكان يعلم الكثير من أسباب النكسة وبراءة والدي منها، لكن لم يكن أحد يستطيع أيام عبد الناصر أن يتحدث بالحقيقة، ولعلي هنا أخبرك بشيء ربما لا يعلمه الكثيرون، وهي أنه كان هناك اتفاق ضمني بين قادة ثورة يوليو أن يتولى الحكم مع عبد الناصر أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة، وبدأ تنفيذ ذلك الاتفاق من 7 مارس 1958 حين قرر ناصر تعيين نائبين له، وهما المشير عبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادي، وفي عام 1961 عُين زكريا محيي الدين نائبًا لرئيس الجمهورية حتى مارس 1968، كما عين حسين الشافعي نائبًا لرئيس الجمهورية، وبعده السادات، حيث أوكل له ناصر هذا المنصب بسبب تزايد الخلافات داخل مجلس قيادة الثورة، خاصة بعد هزيمة يونيو، وقبل رحيل عبد الناصر بعام لم يكن متواجدا في السلطة من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة سوى السادات، لذلك عندما تولى الحكم رسميا في العام 1970 اعتقد المسؤولون الأربعة المقربون من ناصر أن السادات سيكون حاكما على الورق وبلا صلاحيات لفترة مؤقتة تنفيذا للاتفاق السابق، وبعدها يطيحون به ويتم تعيين أحدهم رئيسا للجمهورية وهو علي صبري، ولكن السادات وبدهائه ولعلمه المسبق بما كانوا يفعلونه أيام عبد الناصر تخلص منهم، وأطلق عليهم الوصف الصحيح لهم وهو مراكز القوى.
قبر المشير عامر
* لم أشأ أن أسألك عن هوية المسؤولين الأربعة الذين اتهمتهم سابقا بإفساد العلاقة بين والدك وعبد الناصر ولكن ذكرت الآن اسم علي صبري.. فمن الثلاثة الباقون؟
- محمد فوزي وزير الحربية، وأمين هويدي مدير المخابرات، وشعراوي جمعة وزير الداخلية، ومعهم سامي شرف مدير مكتب ناصر، هؤلاء شوهوا صورة والدي، وأفسدوا العلاقة بينه وبين صديق عمره، وخرجت مذكرات وتقارير ومقالات تتهم والدي في أخلاقه، وأن له علاقات نسائية، وزعموا أن له علاقة بالمطربة وردة، وهو ما كذبته الأخيرة نفسها، كما زعموا أنه تزوج والدتي سرا، وهو لا يمت للحقيقة بصلة، فليس من المنطق أبدا أن يتزوج وزير دفاع مصر ونائب رئيس الجمهورية والرجل الثاني لمدة 7 سنوات كاملة وينجب دون أن يعلم أحد من الأجهزة القوية التي كانت تراقب كل كبيرة وصغيرة، وهنا كنت أسأل طالما أن لدينا أقوى أجهزة ترصد كل كبيرة وصغيرة: لماذا لم ينشروا ولو صورة واحدة تثبت صدق مزاعمهم، وتثبت أن والدي كانت له علاقات نسائية؟ حتى ما تردد أن المشير ورجاله كانوا يسهرون ليلة 5 يونيو في إحدى القواعد الجوية بأنشاص مع سيدات وفروا عراة وقت حدوث الضربة الجوية كان فرية واتهاما ظالما، كما سعى هؤلاء لتشويه صورة أقوى رجل في مصر وقتها وأحد أهم الشخصيات الوطنية التي قدمت لمصر الكثير، وهو صلاح نصر مدير المخابرات، وحاكموه باتهامات ثبت كذبها بعد ذلك فيما يسمى قضية "انحراف المخابرات" ووجود تعذيب بها، واستغلوا سيدة نشرت مذكراتها قبل سنوات لتشويهه واتهامه بأنه كان ساديا وغير ذلك، ناسين أو متناسيين أن الرجل أسس أحد أهم أجهزة المخابرات في المنطقة والعالم، وهو الجهاز الذي كان ولا يزال يحمي مصر من أكثر المخاطر والمؤامرات التي تتعرض لها.
ويضيف نجل المشير أن المفاجأة الأكبر أنهم رغم تشويههم لهذا الرجل الوطني، وتركه في السجن باتهامات ظالمة سعوا للإفراج عن صحافي كبير ضبط متلبسا بالجاسوسية، وتركوا صحافيا آخر لم يترك أحدا من رموز مصر إلا وشوهه عدا عبد الناصر، وتبين بعد ذلك أن كل ما كان يكتبه في مذكراته كذب وافتراء ويجافي الحقيقة والمنطق.
خلاصة القول كما يقول نجل المشير عامر أننا يجب أن نتعلم من أخطائنا التاريخية، ويجب أن نطالب بلجنة لإعادة توثيق وصياغة التاريخ الحقيقي بمنتهى الشفافية والتجرد الكامل من الأهواء الشخصية، والاطلاع على محاضر الاجتماعات الرسمية، خاصة بعد مرور أكثر من 50 عاما على هذه الأحداث حتى يعرف المصريون الحقيقة كاملة، وحتى يتأكد كل مصري أن التاريخ سينصفه، وسيحصل على حقه ولن يتم ظلمه مهما حدث.
ويختتم نجل المشير قائلا: "الحكام ليسوا شياطين وليسوا ملائكة، فكل منهم له أخطاؤه وله إنجازاته، ولكننا نحكم عليهم وفقا لمشاعرنا وأهوائنا فقط".