خذ صورة- لتبقى على قيد الحياة فترة أطول/ كاثلين روني
ألف
خاص ألف
2017-11-18
وجدت جون في لائحة كريغ في بوسطن، ثم جاء هو ليبحث عني في ساحة هارفارد. كنت أقف قرب نفق الخط الأحمر، وبيدي مظلة، وأرتدي معطف المطر القرمزي. ولم أكن أرتدي الجوارب. وكذلك دون ثياب داخلية.
و غني عن القول أن القمصان والسراويل وحمالات الأثداء تترك علامات على الجلد العاري- خطوط رفيعة من حمالات الأثداء، وأخاديد حول الخصر من مطاط السراويل. ومع أنها صعبة على الملاحظة للعين المجردة، مثل هذه الآثار قد تتلف صورة عارضة عارية. ولذلك،وكما أوصاني مستخدمي، كنت مكشوفة تماما. وعلى العموم كنت أعلم أنني سأتخلى عن كل القشور، حتى لو أنه لم يطلب ذلك. كانت لهجته مترددة، ورخيصة، حينما سمعتها بجهاز الخلوي- ولأنني تورطت في هذه المهنة الغريبة، فانا لا أتعامل مع الثياب الأساسية، وقد عرفت ذلك عدة مرات من قبل.
كنت أقف على الحجارة الرمادية الصقيلة تحت قطرات المطر، وأنا أرتجف من القلق. وفي أية لحظة يمكن أن أقابل فنانا له اسم في لائحة كريغ، وكان الميعاد في جو غير قانوني، كأنه فخ، وكما لو أن الدفع من تحت الطاولة. لم يسبق لي أن سمعت بهذا الشخص من أي فنان آخر، ولا من خلال إحدى المدارس، أو من جماعة أو زمرة.
ولم يكن هناك تزكيات، ولا معلومات مسبقة، ولا أية توصيات من المؤسسة. كان الأمر كأنه شراء كمية من الحشيش.
اتصلت بجون بالخليوي لأخبره أنني أنتظر، وخلال المكالمة كنت أتأمل الصحيفة المحلية المعروضة في كشك على مدخل الأنفاق، والزبائن الذين التفوا حولها، بمعاطف المطر، والثياب الثقيلة، والقبعات، وشبهتهم بالبصل، فهم شرائح وراء شرائح مدفونة تحت طبقات من الثياب. وكان الطقس رطبا وباردا، مع أننا دخلنا في بواكير الربيع. ولكن هؤلاء القراء الذين يشترون المجلات والصحف القادمة من مختلف أرجاء المعمورة، لا يعرفون سري. ولا أحد ممن مر في هذه الساحة يعرف شيئا عن حكايتي. باستثناء خطيبي مارتين، فقد أطلعته على السر حفاظا على سلامة العلاقة بيننا: وأخبرته أنني مستعدة للعمل دائما كعارضة دون ثياب. وفي كل مرة يتنفس فيها مارتين أستطيع أن أشاهد وأعد أنفاسه، وكلما تنفست بمقدوره أن يرى خيوط أنفاسي.
ولهذا السبب هو موجود الآن معي: ليتأكد أنني بمأمن، وليتأكد أنني سأكون على قيد الحياة. توقفت سيارة مضغوطة زرقاء من ماركة فولفو بجوار الرصيف ولوح لي بيده رجل في أواسط العمر، كأنه مساحات زجاج السيارة. وبدأ المطر يهطل بغزارة، ونحن نفتح الباب ونندفع إلى الداخل
قال جون وأنا أقفز إلى المقعد الأمامي:" هل أنت كاثلين".
قلت:" نعم، هذا أكيد".
ثم قدمت له مارتين وشرحت لماذا جاء معي. وتوقعت أن يزعج ذلك جون، لكنه تفهم موقفي. وأكد أنه يسره فتح أبواب الأستوديو أمام مارتين، شريطة أن يغادر حالما يبدأ التصوير. ولم أعترض. كان من المستغرب أن أتعرى وأعرض نفسي لكاميرا إنسان غريب، لكن وجود خطيبي معي خفف الإحراج وأخرجني من الحالة النفسية التي ترافق التصوير وأعادتني إلى جو مسرح اللامعقول، وربما أجواء مسرح القسوة، هذه الأحاسيس كانت تتوقف على ذوق الإنسان المعني.
قال جون:" أنت محقة في توخي الحذر، لربما كنت شخصية معقدة ومريضة".
ولاحظت أنه يتعرق قليلا، وقطرات ناعمة تنحدر على جبهته الشاحبة والعريضة، تحت تجاعيد شعره الخفيف والأسود بلون الحديد. لكن ربما هذه هي قطرات المطر. وكان بمقدوري أن أشم رائحة سترته الجلدية. كل شيء يبدو هنا سائلا وملوثا وعكرا. اغتصبت ضحكة باردة، ولكن خرجت مبتورة، ومسننة مثل الزجاج المكسور.
قال مارتين:" حسنا، أنت رجل شجاع أيضا، استقبلتنا دون سابق معرفة، لربما كنا الثنائي الخطير بوني وكلايد".
ورد جون بدماثة:" بجدية أنا أحترم الحذر بدواعي السلامة. هذا شيء مهم. من المستغرب أن تأتي العارضات وحيدات. ولكن النساء ترتكبن الأخطاء إذا كن يائسات، على ما أعتقد".
ولكن أنا لا أعتبر نفسي يائسة، مع أنني كذلك- إنما ليس من أجل النقود. لا أعلم بالضبط الدواعي للقنوط. لقد عملت بانتظام كموديل للفنانين ولعدة سنوات، ومعظم الحالات كانت في حصص الرسم من موديل، والطباعة، أو أنني عملت لفنانين تشكيليين، وأحيانا نحاتين. ولكن في أحيان قليلة كنت أقبل التصوير، وتقريبا على الدوام أرفض المصور إذا لم أعرف عنه شيئا، من خلال توصية او من سمعة الحسنة. إنما هذه المرة، قبلت المهمة لأن الثمن ممتاز. وأيضا بسبب التلهف للتجريب واختبار الثقة بالنفس.
ودون مزيد من التلكؤ انطلق جون بسيارته.
كاثي روني: Kathleen Rooney كاتبة أمريكية كانت تعمل كموديل للفنانين، وهذه ترجمة لمقتطفات من كتاب (امرأة عارية: حياتي كموديل). منشورات جامعة أركانساس. 2009.