أحسن وأسوأ شخصية سورية للعام 2017!
فايز سارة
2018-01-06
طلبت صديقة صحافية سورية عبر حسابها في الفيسبوك من جمهور صفحتها، ان يجيبوا على سؤال عن احسن واسوأ شخصية سورية للعام 2017 بغرض كتابة مادة صحافية حول الموضوع.
وكعادة رواد الفيسبوك، راح أصحاب الأجوبة ينوسون مابين الجد والمزاح، يجيبون على السؤال بطرقهم المختلفة، التي تميزت بها روح الفيسبوك من طرافة واختلاطات رغم سعي الصديقة وجدية طلبها في الحصول على أسماء محددة فيما اقدر، ان لم يكن تقديري خطا ارتكبه كما في حالات تتكرر.
احد المشاركين قال: أنا الأفضل وأنا الأسوأ. واذا سمحت لنفسي ان اخرج بالجواب من الشخصنة الى العمومية، فيمكن القول ان السوري هو افضل شخصية واسوأ شخصية في هذا العام وفي كل عام!. بمعنى ان بين السوريين شخصيات هي الأفضل وفيهم ايضاً شخصيات هي الأسوأ، ليس فقط لان ملامح الافراد عندنا لم تعد ظاهرة في اطار المشهد السوري العام لطغيان الاخير، وانما أيضا لانه صار من الصعب وضع تقييم شخصي لكل سوري –الافي حالات قليلة او نادرة حتى-، حيث الكارثة السورية، احرقتنا جميعاً في السنوات السبع الماضية، وجعلت كل واحد فينا، كما الانسان الحي المرمي وسط لهيب النار، لم يعد يستقر على وضع او يمشي في مسار محدد.
ولان الوضع على ماهو عليه من تعقيد، فقد رأيت ان اذهب الى مجموعات الاحسن والأسوأ من السوريين، بدل ان تقييم وضع الافراد، ووصفهم بالاحسن او الأسوأ، وفي تقديري، ان احسن المجموعات تضم الاشخاص الذين لم تتلوث أيديهم في الدم السوري، ولاهم غرقوا في نهب ماله وممتلكاته أو انتهكوا حقوقه وكرامته والداعين الى حل سياسي، كما ان بين احسن السوريين الذي مازالوا يرون في انفسهم سوريين، ولم تجرفهم بعد الانقسامات ماقبل الوطنية من مكونات قومية او دينية- طائفية او مناطقية وعشائرية، كما لم تقطع بينهم الانتماءات الايدلوجية والسياسية، وتحولهم الى أعداء في وقت يفترض بهذه الانتماءات، ان تكون ذات طابع وطني همه تقدم السوريين وبلدهم، ودفعهم معاً على الطريق الأفضل، وهو الهدف الأخير للاديولوجيات والجماعات السياسية المختلفة على نحو ما هو مفترض.
كما ان بين الاحسن في مجموعات السوريين من مازالوا يعملون الى ترقية أحوال من حولهم من افراد الاسرة والجيران والاقارب والمعارف، يحرصون ما استطاعوا على توفير لقمة كريمة، وملاذ آمن وفرص للحياة باقل التكاليف في العمل والتعليم والصحة والتنقل والحصول على الخدمات، التي تجعل الحياة ممكنة، ولو بصعوبات مقدور عليها، وهو موقف لاينفصل عن ضرورة تضامنهم مع أهالي المناطق التي يحاصرها الجوع والمرض واستمرار القتل العبثي من الخارج والداخل، ومع المصابين بنكبات جماعية مثل اللاجئين والنازحين المشردين عن بيوتهم، وآخرين ممن فقدوا اعزاء لهم قتلاً واعتقالاَ او خطفاً واختفاء قسري، ليعود الاحياء الى احبتهم، وينال القتلة مايستحقون من عقاب.
ومثل الاحسن، فان الأسوأ في مجموعات السوريين الداعين الى استمرار الحرب والموغلين في عمليات القتل والإرهاب باعتبارها طريقاً للحل السوري القائم على التجانس الوظيفي وليس تجانس المواطنين، وما يتبعه التجانس من استبعاد مواطنة ملايين السوريين المهجرين واللاجئين والمختفين والمعتقلين، ومن الأسوأ في المجموعات الذين استدعوا الوجود الأجنبي ويبررون ما يرتكبه من جرائم في سوريا، ويمنعون تطبيع الحياة بعد كل ما أصاب السوريين من تداعيات القتل والإرهاب والفقر وغياب فرص العمل والتعليم والصحة.
وإذا كان لي فرصة تعين امثلة أكثر تحديداً للمجموعات، فاني أقول ان النساء السوريات، هي المجموعة الاحسن، التي وان تحملت كما الرجال أعباء الصراع بكل انواعه ومحتوياته في السبع سنوات الماضية، فقد تحملت على وجه الخصوص فاتورة عسف المتطرفين والإرهابيين في التشدد الذي فرضوه على المرأة في مكانتها وحركتها ولباسها، وتحملت قسوة قيم وعادات المجتمع التقليدي الذي لم يراعي مجريات الحرب ومافرضته عنوة على النساء من تحديات وارتكابات تمت عليها.
إن مجموعة النظام وبطانيه الضيقة، كانت الأسوأ بين المجموعات، ليس لمسؤوليتهم في اعتبار سوريا مزرعة لهم، وان السوريين عبيد فيها فقط، انما ايضاً بفعل دفعهم سوريا والسوريين الى اتون الكارثة وماحملته من تداعيات إنسانية وسياسية واتصادية واجتماعية، والاصرار على الاستمرار في هذا الطريق، والتنظير لهذا المسار وتبريره.
واذا كان لي ان اختصر الاحسن والاسوأ في شخص واحد لكل منهما، فاني ارشح للاحسن أمرأة فقدت معيل اطفالها، وقررت ان تكدح بكل ما استطاعت من قوة من اجل اعانتهم، وتصويب ما امكن من مستقبلهم، واختار لمكانة الأسوأ في السوريين رأس النظام الذي يتحمل من موقعه الذي سقط سياسياً وأخلاقياً كل المسؤولية عما حصل في سوريا في السنوات السبع الماضية من كوارث اصابت السوريين وسوريا.