العنف أداة الرجال لقمع زوجاتهم وورقة بيد النساء للمواجهة
2018-03-17
تصاعد العنف ضد النساء السوريات اللاجئات في الدول الأوروبية واختلفت أدواته، ووصل لدرجة تفاخر البعض بقتل زوجاتهم، وبث جرائمهم عبر مواقع التوصل الاجتماعي، بينما في أحيان أخرى، بات العنف شمّاعة تلجأ إليها بعض النساء للتخلص من أزواجهن، من خلال تهديدهم بتقديم شكاوى للجهات المختصة في حال ممارسة أي عنف ضدهن.
وتزايدت حالات العنف ضد النساء السوريات من قِبل أزواجهن، وبلغ العنف حده الأعلى مع ارتفاع حالات قتل السوريات على يد أزواجهن أو مطلقيهن، ما يثير التساؤلات حول أسباب تزايد تلك الظاهرة.
أبو مروان “هذه نهايتكن”
وتداول ناشطون الأسبوع الماضي مقطع فيديو يظهر لاجئ سوري من حلب يدعى أبو مروان، وهو يعترف بقتل طليقته البالغة من العمر 37 عاماً بعدة طعنات بالسكين، مطالباً أصدقاءه بنشر الفيديو، إلا أن قناة “الدوتشفله” الألمانية أشارت إلى أن الشرطة ألقت القبض عليه في محطة المترو.
ويسرد أبو مروان البالغ من العمر 41 عاماً في الفيديو، قصة خلافه مع زوجته، والتي انفصلت عنه وتزوجت من آخر ورفضت أن تعطيه الأولاد، ما دفعه لقتلها، ووجه رسالة عبر الفيديو إلى النساء السوريات في أوروبا اللواتي يزعجن أزواجهن، قائلاً “هذه نهايتكن”.
وسبق الجريمة التي ارتكبها أبو مروان العديد من الجرائم التي ارتكبها السوريون بحق زوجاتهم في أوروبا، ومنها إقدام رجل سوري يبلغ من العمر 54 عاماً على قتل زوجته (41 عاماً) بأكثر من 20 طعنة، بدافع الغيرة، وذلك في تشرين الثاني الماضي في جزيرة روجن الألمانية.
وفي حادثة أخرى، قتل رجل سوري من مدينة عفرين يُدعى حميد، زوجته البالغة من العمر 27 وابنتيه، ووضعهم في ثلاجة بمدينة يولاند الدنماركية في تشرين الأول عام 2016، وذلك بعد خلاف بينهما، حيث كان حميد يريد العودة إلى سوريا، فيما رفضت زوجته الفكرة، مما فاقم الخلاف بينهما ودفعه إلى قتلها.
وأفادت دراسة أممية صدرت عام 2016 بعنوان “ليست مجرد أرقام”، أن 67 % من النساء السوريات تلقين عقاباً بدنياً من أزواجهن، وكانت 87 % منها على شكل عنف جسدي.
وعي المرأة أثار النقمة عليها
وتبرز العديد من العوامل التي تقف وراء تزايد العنف ضد النساء السوريات، تحدثت عنها المرشدة الاجتماعية منيرة الزوربة لــ سوريتنا قائلةً “شعور الرجل بالنقص والدونية تجاه المرأة عزز العنف ضدها، ففي سوريا كان يشعر بالسيطرة عليها، أما في أوروبا فهي تمتلك قرارها وحريتها، وهناك محاكم ومنظمات تدافع عن حقوقها، ما جعل من النساء السوريات أكثر وعياً، وهو ما أثار نقمة الرجال، وشكّل لديهم ردة فعل عكسية دفعتهم إلى ارتكاب العنف ضد زوجاتهم”.
“شعور الرجل بالنقص تجاه المرأة عزز العنف ضدها، ففي سوريا كان يشعر بالسيطرة عليها، أما في أوروبا فهي تمتلك قرارها وحريتها، وهناك محاكم ومنظمات تدافع عن حقوقها، ما جعل النساء أكثر وعياً، وهو ما أثار نقمة الرجال، وشكّل لديهم ردة فعل عكسية دفعتهم إلى العنف ضد زوجاتهم”.
وأضافت منيرة “بعض الرجال يمارسون العنف ضد زوجاتهم نتيجة شعورهم بالفشل في عدم قدرتهم على حماية الأسرة في سوريا، وتأمين متطلباتها والأمان لها، وبالتالي السفر إلى أوروبا، لذلك يبحث الرجل في هذه الحالة عمن هو أضعف منه ألا وهي زوجته، ويمارس العنف ضدها لينتقم من نفسه، ومن الظروف المحيطة به”.
في حين اعتبر الباحث الاجتماعي خالد سميح أن اللاجئات السوريات إلى أوروبا “وجدن أنفسهن أمام مجتمع جديد أكثر تحرراً، فلجأن لبعض التغيير في أسلوب حياتهن، كالاهتمام بالمظهر، أو مطالبة الرجل بالتغيير والانفتاح على المجتمع أكثر، مما دفع بعض الرجال للمبادرة بقمعهن وضربهن خشية أن يتمردن”.
أيام اللبن أسود انتهت
ولم تحتمل الكثير من النساء الضرب الذي تعرضن له، لذا لجأت بعضهن للشكوى ضد أزواجهن، حيث تنتشر في أوروبا جمعيات تُعنى بالدفاع عن حقوق المرأة، والتي تقوم بدورها بتأمين حياة كريمة للزوجة بعيداً عن عنف زوجها.
وقالت منيرة الزوربة: “تخصص الدول الأوروبية راتباً شهرياً للنساء، ما أوقف اعتمادها على الرجل مادياً، إضافة لتحملها الإهانة من قبل الزوج والتفكير مراراً قبل طلب الطلاق، فالزوجة التي اعتادت أن تقول اللبن أسود إن طلب زوجها ذلك، مستعدة اليوم وببساطة أن تقدم شكوى ضده، وتطلب الانفصال”.
في المقابل، أخفت الكثير من السيدات السوريات ما تعرضن له من قمع وضرب من أزواجهن، تقول مها المقيمة في برلين “تحرص صديقتي على عدم مغادرة الكامب خشية أن تظهر آثار ضرب زوجها للآخرين، لأنها كانت حريصة على عدم الانفصال خوفاً من تفكك أسرتها وبالتالي ضياع أولادها”.
العنف ورقة ضغط
“إذهبي وادّعي عليه بالعنف وسوف ترين به العجب العجاب”، جملة تعلمتها بعض النساء قبل سفرهن إلى أوروبا أو حين وصولهن إلى هناك، حيث أيقنت النساء أن للمرأة في أوروبا حقوقاً مقدسة، ومع أي خلاف، تلجأ بعض النساء، اللواتي يعانين في الأساس من عدم تفاهم مع أزواجهن، إلى تقديم شكاوى بحجة تعرضهن للعنف.
وفي هذه الحال، تحصل النساء على امتيازات ورعاية منقطعة النظير، حيث تمنحها القوانين الأوروبية حق طلب الحماية، والعناية بها وبالأطفال من كافة النواحي.
واستخدمت الكثير من النساء هذه الصلاحيات كورقة ضغط على أزواجهن لتحقيق رغباتهن، تقول مها “لجأت إحدى صديقاتي فور وصولها إلى الدنمارك لتهديد زوجها بتقديم شكوى ضده للأمن، والادعاء بأنه ضربها إن منعها مما تحب، فكان يرضخ لأوامرها مجبراً”.
وتنتشر في أوروبا جمعيات تعنى بحقوق المرأة، ومنها منظمة “أرض النساء” الغير حكومية في ألمانيا، والتي تُعنى بالنساء اللواتي يعشن العنف الأسري، وخاصة المهاجرات، حيث تتولى تلك المنظمة تقديم النصيحة والاستشارة هاتفياً للنساء.
كما تسعى المنظمة إلى تقديم حلول وقائية وعاجلة، من أجل تخليص المرأة من العنف الذي تعيشه في عشها الزوجي، حيث يتم أخذها مع أولادها إلى شقة أخرى مجهولة العنوان حتى لا يعرف زوجها مكانها، وفي حالات التهديد بالقتل تمنحهم المنظمة بالتعاون مع الدوائر الرسمية هويات جديدة.