عن الثورة السورية
2018-04-07
منذ أشهر عديدة ومريرة ما عدت قادرا على عدها وأنا أقاوم أن تجرفني مشاعري بعيدا عن الثورة، أقاوم أن أفقد ثقتي بها، وفقدان ثقتي بها يعني أنني أصدق كل ما يشاع عنها، ومع أن جميع الحقائق كانت واضحة أمام عيني خلال الأشهر العديدة والطويلة الفائتة بأن الثورة تسير في طريق غير الطريق الذي كنت أراه سليما، إلا أنني بقت متمسكا بموقفي بأن الثورة لابد منتصرة. ولكن ما يقوم به الثوار، وما فعلوه حتى الآن أفقدني أخيرا صوابي وصرت متأكدا أنه كان علينا أن نفكر ألف مرة، قبل أن نسمح لهؤلاء الثوار بحمل السلاح وقتال النظام.
كان من واجب النخبة أن تقرأ المستقبل وترى مسبقا النتيجة التي وصلنا إليها اليوم. كان على النخبة أن ترى بعين بصيرة أن لا أحد من الدول الكبرى سيكون إلى جانبها، فمعنى أن تكون تلك الدول في صفها يبدو مناقضا تماما لكونها مناصرة وداعمة وحامية لدولة إسرائيل المغتصبة. ووصول أي من الدول المحيطة بإسرائيل إلى الحكم الديموقراطي، يعني زوال إسرائيل من العالم ولو بعد حين. وكان لزاما على هذه الدول الحفاظ على طبيعة الحكم في دول المنطقة لتستمر في حماية دولة إسرائيل المغتصبة. وهذا يعني بالتالي إفشال ثورات الربيع العربي، حتى ولو لم يستمر الحكام أنفسهم الذي قام الربيع العربي ضدهم. هؤلاء يمكن استبدالهم بغيرهم من نفس الطينة ليضحكوا على شعوبهم بأنهم أعداء لإسرائيل في حين أن عملهم هو حمايتها.
إذن يجب الحكم على الثورات بالفشل، ومن ضمنها الثورة السورية. ولكن كيف؟؟؟ لو استمرت الجماهير تتظاهر بسلمية تامة وتدفع النظام إلى البطش بها لما استطاعت دولة من الدول الكبرى الدفاع عن الأنظمة.. والحل كان في عسكرة الثورة ودفعها إلى حمل السلاح مما أعطى النظام مبررا للبطش بها.
قلة قليلة حملت السلاح برغبة حقيقية لتحرير سورية من حكم الطغاة، وقلة قليلة كانوا صادقين وجديرين بالثقة، ولكن هؤلاء حيدوا ولم يسمح لهم بالتحرك، وضيقوا عليهم بوصول السلاح حتى فقدوا الأمل فانسحبوا أو اضطروا إلى أن يقاتلوا تحت إحدى الرايات التي تقاتل لغاياتها، أملا بالتمكن من فرض آرائهم لاحقا، ولكنهم أخطأوا في هذا ايضا.
إذن الثورة ليست بخير، وليس علينا أن نأمل بمستقبل مشرق بعد أن ينتهي حكم الأسد المنتهي أساسا والذي يعيش إلى الآن في غرفة إنعاش الغرب وأمريكا وإسرائيل.
كان يجب أن ننتبه إلى أن سلمية الثورة كانت يمكن أن تؤدي بنا إلى الحرية، فلو استمرت في سلميّتها لما تمكن النظام أن يحدث كل هذا الدمار، ولما استطاع أن يقتل ويمثل بكل هذه الفظاعة. كان بالإمكان أن تستمر الثورة بسلميتها، الخروج بتظاهرات يومية وليست أسبوعية ليهتفوا نريد الحرية.. وكان يمكن للنظام أن يطلق النار عليها ويقتل من يقتل، ولكن لم يكن ممكنا للغرب أن يصمت كل هذا الصمت أمام نظام يقتل شعبه المسالم فقط لأنه يطالب بالحرية. وكان سيضطر مرغما على التدخل ضد تلك الجرائم التي يقوم بها النظام ضد شعبه الأعزل.. وكانت الثورة ستنجح في أشهرها الأولى، ولكنا اليوم ننعم بدولة حرة ديمقراطية. ولكن حين حملنا السلاح سقطنا في فخ النظام. وانتهى أملنا بالحرية.
ولم يتوقف الأمر هنا، فابتكرت جبهة النصرة الاسلامية بغباء وتلتها داعش الدموية لتظهر للعام دموية الاسلام ومولت بالملايين من الدولارات لتجذب إيلها القتلة والمجرمين واللصوص حينها فقط انتهت الثورة.
كان يجب على القيادة السياسية الغبية، من المجلس الوطني وحتى الإئتلاف وباعتبارها الطليعة لهؤلاء الثوار أن يعلم أن حمل السلاح كان لمصلحة النظام وليس ضده، وإنه كان يجر الثوار السلمين ليحملوا السلاح ضده جرا، وصار يترك بين أيديهم السلاح مرميا على الأرض، وأي ثائر يصبح السلاح بين يديه سيستعمله حين توجه له النار. لقد جرنا النظام، وبتوجيهات من الجهات التي يرتبط معها، لحمل السلاح، وكان هذا بداية نهاية الثورة، وبداية دمار سورية وحضارة سورية.
كم شخصا كان يمكن للنظام أن يقتل من السوريين الحالمين الذين خرجوا وهم يهتفون من أجل حريتهم، وكم يستطيع العالم الذي يصمت اليوم عن كل هذا القتل وهذه المجازر. ولكن وجود النصرة و داعش و دمويتهما، أعطى المبرر على أساس أن النظام يدافع عن نفسه ضد عصابات مسلحة،
ليس عيبا أن يعترف المرء بخطئه، وعلينا أن نعترف على الملأ، أننا كنا مخطئين حين قبلنا بحمل السلاح، وحين رضينا به، وأننا شركاء حقيقيون للنظام ونتحمل المسؤولية كاملة عن كل شهيد روت دماؤه التراب السوري.
فما الذي حصل؟؟؟ أكثر من نصف المدن السورية مدمر، أكثر من ثلاثة أرباع المقاتلين يقاتلون لأغراض شخصية، المال، السلطة، النساء، وبضعة منهم يقاتلون لأجندات تخص مموليهم ومزوديهم بالسلاح. كان علينا أن نقرأ المستقبل جيدا، وأن نقرأ تاريخ المنطقة جيدا، وندرس خلفيات المقاتلين ومن أين جاءوا وكيف تربوا وتحت أي مبادئ نشأوا، وبعد تمحيص دقيق كنا سنصل إلى نتيجة مفادها أن هؤلاء تربوا، وهم جيل كامل، ولد وتربى تحت سلطة الأسد الأب، وبعده الابن، ورضعوا شهوة السلطة والمال، والسرقة، وأن عددا كبيرا منهم حمل السلاح لغاية لا تخص سوريا، ولا تحرير سوريا، ولا الوصول بها إلى دولة ديمقراطية، بل حملوا السلاح ليحققوا غايات شخصية جدا ومحدودة جدا تخصهم وحدهم، أو بمشاركة جهات خارجية لديها أجندات تخص سورية والمنطقة.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |