عراتيك / الليل له آخر
2006-12-09
احتدامه يتفاقم حين يدخل غرفة الفندق، يواجه جحيم رغباته، تظهر امرأته وتبدأ الرجز بلكنتها الأجنبية، يسري في روحه داؤه ودواؤه، يصبح جمرة أوج الاتقاد، ليله توهجات على جسدها الأبيض البارد حتى ينطفئ المغربَ التالي، يصحو بطل (بابل الفيحاء) على تساؤل حزين من وحي تجربته وسط الخمسينات: فشل من قبل مع الخبازة بعد أن باعدت بينهما فروق الحسب والنسب والجاه والثروة، وفشل مع زوجته بعد تلف الاعتياد والرتابة ما بينهما، ويفشل مع الإفرنجية الآتية من بلاد الهون والساكسون، فهي في واد وهو في واد نهاية مطاف، فهل يحقق آصرة مع ما حوله لو عدلت دنياه وجعلت خادمته الجديدة تستجيب وتعطيه من حبها الفراتي؟هي بين ذراعيه، مطفأة هي الأخرى، يعود إلى التساؤل: أين علة خيباته واخفاقاته؟ هي شبه ميتة، أصابعه تركت على جلدها الأسمر آثارا كضرب سياط وهي لا تبالي، تطلع إليها..!..
لا سحابة تأتيه من زمهرير عزلة تنث على قرّه مزنة دافئة، فقراء، أغنياء، ضعاف، سمان، وطنيون، أجانب، سود، بيض، أذكياء، أغبياء.. ثمة دائما ما يفصل بين مخلوق وآخر، بين هوى يحرك حياته وقناعات راسخة تكلسه، لا جدول في أعماقه المزحومة بحصى عنت ومسلمات ينبجس إلى سطح وجود
حاضر لذاته، لا لغيره، هو سقيم عقيم، فهل الوحدة نهايته؟!
يتمرغ يائسا على بطنها الناعم رافضا الاعتراف بأن يده ملكت الكثير لكن عجزت في النهاية عن امتلاك البسيط: التواصل الصميمي مع الخدين، الآخر، ما يمنح إنسانا قدرة الإحساس بآدميته.. يصل استنتاجه الأبعد: أهو وأشباهه، ومدنيّته كلها، في زقاق مسدود؟!
لعل آخر، ليس في ترف بطل الفيحاء، رواية كتبت قبل ثلاثين عاما وصدرت قبل عقد ونيف، يكرر ذلك الاستنتاج، بعد زج في حربين، وأجنبي لم يخرجه من الورطة، ولا تفاهم أهله على الخروج منها، ولا هو تبيّن قدَرا وضيئا على وجه عابس، وهلالا مضيئا في ليل دامس..
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |