Alef Logo
ابداعات
              

قصة / ارتباكة الماء

اشرف الخريبي

2006-12-19

خاص ألف
حين سال الماء.. سال و فاض وغطا الجسد و مال.ارتبك الماء فى مكان الفخذين و غاص . ارتبك و مال و فاض و غاص انحنى عند الجذع , غطا الرقبة و الصدر ثم سقط سهوا على الأريكة , الماء الدافئ / الماء الفاتر . الماء كان باردا , و الشيخ ملقى على الأريكة , لما استراح من عناء السنين , و من عناء السفر , يعانق زبد البحر كل مساء . لا أدرى ماذا حدث له ؟ قبل هذا اليوم. غير أن الماء سال والمسافات كانت بيننا تحن إلى ضحك مستحيل, إلى صخب الوجود تذهب العبارات إلي الأرض التي يحب الشيخ تعاريجها, إلي جوف البئر حين يدلى الدلو فيجئ الماء رطبا. هنيا يرشفه و يهتز ينظر في وجه السماء.

في الصبح المنور الرائق يحدثني عن الأصدقاء القدامى يتركني ليكلم البحر, يوشوش الجنية و يقول أنه جواب هذا العالم, و أنه يحب الرحيل, ليبحث عن المرسى, يفتش عن وتر تلمسه أصابعه الخبيرة, المرعوشة من فرط السنين التي رأته, يسير على الشط في أقصى الليالي وحيدا غارقا في النفور المستحيل من الأيام. هكذا كان معي لما بكى الماء و سال، فاض و غمر الجسد الفارة ثم استقل عن التغلغل في دم الشيخ. فصرخ الشيخ كان دائم التفكير في الرحيل, و في السنين التي رأته, في المراسي, و فيضان البحر. يحكى لي عن البلاد كلاما مشوقا, فأحن إلى البلاد, و أحن إلى الرحيل, و أسأله عن سر الليل, و سر البحر, و وحدته 0 فيجيب ذاك العارف ما الدنيا, و يضحك, ضحكا مستحيلا, فأضحك, كان الماء يسيل خجولا, يحن إلى الجسد الفاره, و أنا أحن إلى جذع صفصافة الشيخ أمام الدار, و البراعم التي يرويها تحن إلى يديه, حيث الجذور التي ألفت الأرض صلابتها. تصرخ الآن من فرط توجعها, حين عرفته, ظللت أحتمي به سنين من وجع البعاد, و من الحنين, من الدوامات في البحر, أسأله هو العارف ما الدنيا. فلا يجيب.يُقسم رغيف الخبز نصفين, ينظر في المدى, في البراح و في وجه السماء تستدير مقلتيه حتى آخر هما, يشير على البحر, يحكى ساعات عن تجارب الدنيا, فأغوص حتى منتهاي في عذوبة القصص الحميمة, في خشونة الصوت أنصت بلهفة الخائف للامان. كان الموج يحن إلى التموج في النسيم, في ألق الوجود
لحظة استولى الآسي على الأمواج . نهش زبد البحر كلام الشيخ , كان خشب السفن المتآكل , الشباك القديمة , حذاؤه الجلد , مركبته ذات القلاع , العشة البوص , المرسى , انشغل كل شئ بالحصار مع
الحزن ,
فى ذات هذا اليوم. صار الشيخ كالذي يتجمد فوق الأرض جليدا , سال الماء , و فاض , غرق هو في صمت و خشوع , سكن مرتخيا , فقمت من جواره مترقبا صوت الليل , تسللت إلى العشة و نمت , مطمئنا للمساء الذي يحب الشيخ .له سنين و هو يعتلى قمة الموج , يبحث عن الرزق , يداعب مركبته . كانت النوارس حين تحط تفهمه , فتمضى لحالها , تضاحكه , و تعانده . فيشهدني عليه , فأشهد , و يضحك , ضحكا خارجا من تجاعيد الوجه حين يمسح عنها رطوبة الصيف , فتستقر في تعاليمه , كنت لازلت أرقص في حزن , عندما كانت تئز الصخور , ملأت روحي من نظرته , ملامحه القديمة , تجاعيد وجهه المحفورة بالآسي ,
أتملى حتى النهاية في رعشة اليدين , كان التعب يدب إلى الماء , يفيض , يتدفق , يتكسر , يتلألأ , يترقرق , ينحدر , هل يفارق الجسد الفاره ؟ يريد الماء ألا يبارح الشيخ الفاهم ما الدنيا , ذاك الذي نام عندما سال الماء , سال , سال , سال ,
عندها كان مسجى فى ملكوت الله دون عناء , فارتبك الماء المتعب , و كان لارتباكه صوت الشجن و للبحر صوت ارتطام الموج بالصخر و للدموع صوت النزيف.






تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow