أربع قصائد بول فرلين ت نجيب مبارك
ألف
2019-03-16
الموسيقى قبل كلِّ شيء،
لهذا من الأفضل أن يكون المُفرد
شاسعاً جداً وقابلاً للذوبان في الهواء،
دون أن يُوزن به شيء أو يُشكل.
يجب أيضاً أن لا تذهب بعيداً
اِختَر كلماتك من دون أيّ احتقار:
لا شيء أعزّ من أغنية رمادية
حيث ينضمّ اللّامحدّد إلى المعروف.
إنّها عيونٌ جميلة خلف الأشرعة،
إنه يومٌ عظيم يرتعش عند الظهيرة،
إنّه الأزرق الفوضويّ لنجوم واضحة
يسطع في سماء الخريف الفاتر !
ذلك لأنّنا نريد الفارق من جديد
وليس اللّون، ولا شيء غير الفارق !
آه ! وحده الفارق يُزوّج الحلمَ للحلم
والنّاي للنّفير !
اهرُب بعيداً جداً من الذّروة القاتلة،
من الرّوح القاسية والضّحك البذيء،
اللّذين يُضحكان عيون اللّازورد،
ومن كلّ هذا الثّوم في مطبخ حقير !
أمسِك بالبلاغة واِلْوِ عُنقَها !
ستقوم بأمرٍ جيّد، على متن قطارِ الجُهد،
حين تجعل القافية أكثرَ رزانة.
تُرى لو حرصنا عليها، إلى أين ستذهب؟
يا مَن سوف يدّعي بإنّ أخطاءً في القافية !
يا له من طفلٍ أصمّ أو زنجيّ معتُوه
لقد صاغ لنا جوهرةً من بنس واحد
تبدو جوفاء ومزيّفة تحت شجرة ليمون !
الموسيقى أيضاً ودائماً !
أن يصير شِعرُك ذلك الّشيء الطائر
الّذي نحسّه هارباً من روحٍ في الزّقاق
نحو سماوات وصَبابات أخرى
أن يصير شِعرك مغامرةً جميلة
تنثرها ريح الصباح المتوتّرة،
تلك الّتي سوف تُفتِّح النّعناع والزعتر...
وكلّ ما يتبقّى فهو "أَدَب" !
إلى كليمين
أغاني الجندول الصوفيّة،
أغاني الحبّ من دون كلمات،
عزيزتي، لأنّ عينيك
بلونِ السماوات
لأنّ صوتك، الغريب
مثل رؤيا مُزعجة
مثل رؤيا تخضُّ أفقَ
صَوابي،
لأنّ عطرَ البَجعة
في شحوبِ وجهك
ولأنّ عفَّة القلب
في شذَاك،
آه ! لأنّ وجودك كلّه
موسيقى تنفُذُ
هالاتٌ حول ملائكةٍ ميّتين
نغماتٌ وعطور
فليكن، قلبي الماكر
وهو يُفضي إليك
في مراسلاته
على وتيرةِ رقصِ العوالم،
فليكن هكذا !
كم كانت روحي حزينة
آه كم كانت حزينة،
روحي حزينة بسبب امرأة.
لم يرتح لي بَال
رغم أنّ قلبي راح،
رغم أنّ روحي وقلبي
لاذا بالفرار من هذه المرأة.
بينما قلبي، قلبي الرهيف جداً
يقول لروحي: هل يمكن
- وهل كان يمكن- أن نتصوّر
هذا المنفى الفاخر، هذا المنفى الحزين؟
بينما روحي تقول لقلبي: هل أعرف
أنا نفسي ماذا يريد منّا هذا الفخّ
لنكون حاضرين هنا رغم أنّنا منفيّون،
لنظلّ أبعدَ فأبعد معاً؟
في ضجر السّهل اللّانهائي
في ضجر
السَّهل اللّانهائي
يلمع الثّلج المتردّد
مثل الرمال.
السّماء من نحاس
بدون أيّ توهج.
حسبنا أن نرى
القمر يحيا ويموت.
مثل غيومٍ تتموّج رماداً
أشجارُ السنديان
في الغابات المقبلة
مع البخار.
السّماءُ من نحاسٍ
بدون أيِّ توهّج.
حسبنا أن نرى
القمر يحيا ويموت.
غرابٌ مصدور
وأنت، أيّتها الذئاب العجاف
ما الّذي حصل لك
بعد هذه القُبلات الرمادية؟
في ضجر
السّهل اللّانهائي
يلمع الثّلج المتردّد
مثل الرّمال.
ترجمة: نجيب مبارك