التايمز: بوتين يشرف على تفتيت سوريا بعد تراجع الولايات المتحدة
2019-12-07
نشرت صحيفة التايمز تقريرا أعده، ريتشارد سبنسر، من سوريا يقول فيه إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتصدر الحوار السياسي مع تركيا بخصوص عمليتها العسكرية شمالي سوريا، بعدما أدار الرئيس، رجب طيب أردوغان ظهره للولايات المتحدة.
يقول الكاتب إن الرئيس بوتين هو الذي سيشرف على تفتيت شمالي سوريا بعدما أدار الرئيس أردوغان ظهره لتدخل أمريكي، باحثا عن مساعدة روسية لإنهاء الأزمة الحدودية.
وسيسافر أردوغان إلى موسكو لمقابلة بوتين في نهاية الشهر لبحث الحملة العسكرية التي تشنها بلاده على المسلحين الأكراد. ويجري الرئيس التركي هذه المحادثات قبل مقابلته الرئيس الأمريكي يوم 13 نوفمبر/ تشرين الأول.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قال إن المحادثات بين بوتين وأردوغان ستتناول "حماية وحدة تراب الجمهورية العربية السورية مع مواصلة الحرب على بقايا الجماعات المسلحة".
وعبر ترامب عن عدم اكتراثه لتقدم روسيا لملء الفراغ الذي تركه الانسحاب الأمريكي، واصفا قراره بأنه "جيد من الناحية الاستراتيجية"، مضيفا أن المسلحين الأكراد، الذين ساعدوا في دحر تنظيم الدولة الإسلامية "ليسوا ملائكة".
ويذكر الكاتب أن الرئيس التركي رفض استقبال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الذي وصل إلى أنقرة يطلب وقف إطلاق النار.
ورفض أيضا في البداية استقبال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، قبل أن يلين في موقفه.
ويرى ريتشارد أن مواقف الرئيس التركي دليل على تراجع نفوذ ترامب عند أنقرة، وهو ما يفتح الباب أمام بوتين لضم تركيا إلى صفه أكثر، وتعميق الخلاف في حلف شمال الأطلسي ناتو.
وساعدت روسيا أيضا في التوصل إلى اتفاق بين المسلحين الأكراد والحكومة الروسية. وسمح هذا الاتفاق للقوات الحكومية بدخول المناطق التي كان يسيطر عليها المسلحون الأكراد، ووقف الحملة العسكرية التركية بهدف إنشاء "منطقة آمنة" على الحدود بعمق 20 ميلا على طول 300 ميل من الحدود.
وأكدت روسيا على أنها لن تسمح باشتباكات بين القوات التركية والسورية، وهو ما يعني، حسب الكاتب، أن بوتين هو الذي يحدد مدى نجاح العملية العسكرية التي يقودها أردوغان.
ونقل الكاتب عن مسؤول في "قوات سوريا الديمقراطية" قوله إن بنود الاتفاق مع الحكومة السورية تنص على انتشار القوات الحكومية على طول المنطقة الحدودية، ولكن الاتفاق يسمح للمسلحين الأكراد المشاركة مع القوات الحكومية السورية في إبعاد المسلحين المناوئين لتركيا من الأراضي السورية.
واعترف المسؤول الكردي أن الحكومة السورية لم تقدم أي وعد بخصوص الاستقلال الذاتي بعد انتهاء الأزمة وعودة الاستقرار والنظام إلى البلاد.
"الفشل يشترك فيه ترامب وأوباما"
ونشرت صحيفة آي مقالا كتبته، رولا خلف، تقول فيه إن الرئيسين الأمريكيين دونالد ترامب وباراك أوباما اشتركا بأخطائهما في الوضع الذي آلت إليه سوريا من فراغ.
توعد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بضرب النظام السوري إن هو استعمل الأسلحة الكيميائية
تقول رولا: كان ذلك في أبريل/ نيسان 2017، وكان العالم مصدوما من هجوم كيميائي على بلدة خان شيخون شمال غربي سوريا. وقال دونالد ترامب، متأثرا من صورة الأطفال القتلى، إنه على الرغم من اعتراضه على التدخل في حرب الشرق الأوسط فإنه شخص يتمتع بالمرونة.
وأضاف أن "هذه الجمعة البشعة التي ارتكبها الأسد لا يمكن السكوت عنها".
وبعد أيام أطلقت الولايات المتحدة صواريخ كروز على قاعدة عسكرية سورية. ووصف الرئيس الأمريكي الرئيس السوري، بشار الأسد باعتباره المسؤول عن هذا الهجوم الكيميائي، بأنه "وحش".
وترى رولا أن هذا "الوحش" نفسه يستفيد اليوم من "مرونة" ترامب. فقد قرر الرئيس الأمريكي، دون استشارة أحد، سحب قواته من سوريا، مانحا بذلك الضوء الأخضر لتركيا لشن حملة عسكرية على المسلحين الأكراد حلفاء الولايات المتحدة.
وكان على المسلحين الأكراد الاختيار بين الاندحار أو البقاء على قيد الحياة، وقد اختاروا البقاء، عندما توجهوا إلى القوات الحكومية السورية لتنتشر على الحدود وتحميهم من الحملة العسكرية التركية.
وتضيف الكاتبة أن خيانة ترامب للقوات الكردية التي تقاتلها تركيا بسبب علاقتها مع حزب العمال الكردستاني، تشبه مهزلة "الخط الأحمر" الذي كان يتحدث عنه أوباما.
فقد قرر في عام 2013 عدم معاقبة الأسد على استعمال الأسلحة الكيميائية، الأمر الذي كان يسميه الأمريكيون خطا أحمر.
والغريب أن ترامب قصف سوريا أربع مرات بعدها حتى يثبت أنه أكثر جرأة من سلفه.
وترى رولا أن تردد أوباما بشأن سوريا أدى إلى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، والآن ترامب يفسد الجهود التي بذلت من أجل القضاء على هذا التنظيم، ويفتح باب هروب منتمين وداعمين له من المعتقلات التي يحرسها المسلحون الأكراد. كما سمه لنظام الأسد القمعي المتسلط من بسط سيطرته على المناطق التي كانت بيد الأكراد.
وتضيف أن من بين تبعات ما أقدم عليه ترامب التي ربما لم يفكر فيها هي أنه عندما ينتصر الأسد فإن إيران تنتصر أيضا، وهي التي تدعم نظام دمشق وتقويه.
ولعل إيران هي الدولة الوحيدة التي سعى ترامب إلى تقويضها والضغط عليها بكل ما أوتي من أسباب، ولكن يبدو، حسب الكاتبة، أن هذه الضغوط تتوقف عند الحدود السورية.
وتستفيد روسيا أيضا من قرارات ترامب في سوريا. فقد تقدمت موسكو لتؤدي دور الوسيط في إبرام اتفاق بين المسلحين الأكراد والحكومة السورية. وقد يكون ترامب من المعجبين بشخصية بوتين ولكن السياسة الأمريكية الرسمية لا تتضمن تعزيز نفوذ روسيا في الشرق الأوسط.
الدول الغربية والزعامة الأمريكية
ونشرت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا كتبه، جنان غانيش، يقول فيه إن ترامب يذكر الدول الغربية بأنها تحب الزعامة الأمريكية.
دونالد ترامب أثار حفيظة قادة الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة
يقول جنان إن الدول التي تتذمر من مواقف الولايات المتحدة تجاه الدول الأوروبية تتناسى بسهولة كبيرة كيف أن فرنسا سحبت قواتها من قيادة حلف شمال الأطلسي عام 1966 وكيف أن ألمانيا الغربية وقتها كانت تستميل جارتها الشيوعية، دون اكتراث بالولايات المتحدة.
وتتناسى هذه الدول أيضا الاحتجاجات الأوروبية على الرئيسين الأمريكيين رونالد ريغان وجورج بوش.
فالعالم يتذمر من وجود الأمريكيين في كل مكان ثم يشتكي من إهمال الولايات المتحدة له.
وما يفعله الرئيس ترامب دون أن يقصد هو إنهاء هذه الازدواجية. فكلما تخلى عن التزامات بلاده الدولية شعرت الدول الأخرى بالضرر الذي يلحق النظام العالمي جراء ذلك.
وكان قراره بالتخلي عن المسلحين الأكراد في سوريا أمام الحملة العسكرية التركية مثالا واضحا عن هذه القضية. ولكن كانت هناك أمثلة أخرى، مثل قراراته بشأن التجارة الدولية والتغير المناخي.
فالدول المعروفة تاريخيا بامتعاضها من القوة الأمريكية تجتاز اليوم امتحان مواجهة الصعوبات دون الولايات المتحدة.
ويرى الكاتب أنه من الطبيعي أن تنفض الدول الغربية عن الولايات المتحدة إذا وجدت أن واشنطن غير ملتزمة في علاقاتها الأوروبية. ولكن الواقع، حسب الكاتب، ليس بهذه السهولة لأن الاتحاد الأوروبي، على الرغم من وقته الاقتصادية فهو أبعد عن الوحدة في المجال الدبلوماسي والعسكري.
ويضيف أن الصين تملك مقومات الزعامة، ولكن ما من دولة ديمقراطية ترضى بأن تدور في فلك الصين. كما أن غالبية الرأي العام في بقية أوروبا وآسيا وأفريقيا تفضل عالما تقوده الولايات المتحدة على عالم تقوده الصين أو يقوده البلدان أو لا تقوده أي دولة.
فمن المستبعد على المدى المتوسط باقل تقدير تعويض الولايات المتحدة. وإذا أراد الرئيس الأمريكي المقبل استعادة دور بلاده فإن الحلفاء جاهزون وينتظرون ذلك.