ميسون.. فريسة لرغبات شقيقها!
2019-12-07
لطالما حذرتني أمي أن أبتعد عن الغرباء وألا أثق بهم لكنها نسيت أن تخبرني أن الطعنة قد تكون من أقرب الناس”، تروي “ميسون” والخوف يتلبسها، كيف تعرضت لتحرش جنسي متكرر من قبل شقيقها المراهق.
ميسون محمود (اسم مستعار)، لم ترغب بكشف اسمها الحقيقي لحساسية الموضوع، تبلغ من العمر ٢٠ عاماً، وهي الابنة الوحيدة في عائلة سورية مؤلفة من أربعة شباب ذكور، وقعت في سن المراهقة، فريسة لاستغلال جنسي من قبل أحد إخوتها، أو ما يُعرف وفق المفهوم الديني بـ “زنا المحارم”.
وتعتبر الجرائم الجنسية من أكثر الجرائم التي تفكك المجتمعات وتضعف تماسكها، لا سيما في مجتمع “محافظ” كالمجتمع السوري، وتعكس وجود خلل عميق في التربية والسلوك عند أفراده، نتيجة ضعف “الثقافة الجنسية”، فضلاً عن الثقافة المتشنجة تجاه مفهوم “الشرف”.
لم يكن من السهل على ميسون الإفصاح، عما كان يفعله شقيقها معها، أنه سرها “الثقيل” الجاثم على صدرها، فكان الخوف بادياً عليها وهي تفشي بالسر لأول مرة.
ماذا حدث؟
“فتح وائل باب غرفتي بهدوء مبتسماً ابتسامةً صفراء حينها لم أبالِ؛ فبادرته بابتسامة. جلس على السرير وضيق المسافة بيننا وبدأ يتحدث معي بطريقة غريبة لم أفهمها!
لم تكمل ميسون حديثها هذا، لأنها غرقت في البكاء، وكان لابد من التوقف والصمت للحظات.
كانت في الخامسة عشرة من عمرها، عندما بدأ شقيقها وائل، الذي يكبرها بسنة ونصف، التحرش بها، وتذكر تفاصيل ذلك المساء جيداً، عندما بقيت لوحدها في المنزل بعد خروج أمها لزيارة إحدى الجارات.
انقبضت ملامح وجه ميسون وهي تتابع حديثها: ترجيتهُ كثيراً بأن يبتعد عني لكنه قال لي “خرسي وإذا بتحكي لحدا لسانك بحرقلك ياه”.
وتضيف: خفت جداً أن يخبر أمي بما حصل... لقد كان يهددني حتى بنظراتهِ إلي، لم أعد قادرة على النوم. كنت أشعر بأنه في أي لحظة سينقض علي.
بعد تلك الليلة تكررت اعتداءات وائل وتحرشه بميسون على مدار عامين، وبنبرة مليئة بالرعب تقول: كان يستغل أي موقف أكون فيه لوحدي ليلمس أطراف جسدي النحيل، “كنت أحترق يومياً من الداخل، عاجزة حتى عن الصراخ”.
“تابو” الجنس
لا يعدّ ما تعرضت له ميسون، نادر الحدوث، بل هناك العديد من الرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا لمثل هذه الأفعال في طفولتهم أو مراهقتهم، وحملوا تداعياتها النفسية لفترات طويلة، وربما لم يستطيعوا التخلص منها، لأن “تابو” الجنس في المجتمعات الشرقية يكمّم الأفواه، ولا يشفع للضحية.
ميسون الآن، متزوجة ولديها طفلة، تعيش حياة طبيعية مع أسرتها الصغيرة في تركيا، بالكاد استطاعت التخلص من الآثار النفسية الصادمة لما مرّت به بعد زواجها وخلاصها من ذلك المنزل.
أصبح صوت ميسون هادئاً وهي تروي يوم تقدّم فيه محمد (زوجها) لخطبتها، “لم أتردد في اتخاذ قرار الزواج علَّ هذه العلاقة الجديدة تغلقُ صفحة الماضي (...)، ولكن كان من الصعب عليّ ّتقبل زوجي في البداية”.
“كنت أخاف ما كون بنت”، كانت ميسون تخشى ألا تكون عذراء، لأنها لم تكن تعرف كيف تتحول “البنت إلى امرأة”، نتيجة ثقافة جنسية ضحلة في محيطها، على ما يبدو.
وتغيب الثقافة الجنسية عادة، في المجتمع السوري، سواء كان في المنزل أو في المناهج الدراسية، فيما عدا بعض الدروس الدينية “السطحية”، التي تتناول مواضيع كـ”العادة الشهرية” وسبل التطهر منها، من دون التطرق إلى المعلومات الصحيحة التي لا بد للطفل أو المراهق اكتسابها لمنع انحرافه مستقبلاً.
((كشفت صحيفة “صدى الشام”، في تحقيق نشرته قبل شهرين أن “التربية الجنسية” حلقة مفقودة من المناهج الدراسية في سورية، وأن هناك اختلاف في آراء السوريين بين مؤيد ومعارض لادخال مادة الثقافة الجنسية في المناهج الدراسية، بينما يرى البعض أن تعليم الثقافة الجنسية للطفل يجب أن يكون في المنزل، وليس المدرسة))..
بعد عام من زواجها رزقت ميسون بطفلة، أسمتها نور.. أما أخوها وائل فقد قتل في قصف جوي شنته طائرات النظام السوري على مدينة حلب، وتقول ميسون: بعد أشهر قليلة من ولادة نور أتتني مكالمة هاتفية من أمي:
– ألو .. أهلين إمي.
– أخوكي وائل مات يا بنتي.
قطعتُ الاتصال، ولوهلةٍ شعرتُ بالفرح لا أدري أكانت هذه عدالة السماء أم أن القدر حاول معاقبتهُ؟!.
لم تستطع ميسون، إلى الآن إخبار أحد بقصتها، وإلى ساعة كتابة هذه القصة، كان الخوف ينتابها، لذا اشترطت بأن نستبدلَ الأسماء الحقيقة بأسماء مستعارة، ومع ذلك ختمت حديثها:
“لا يجب علينا أن نلعب دور الضحية بجميع أبعادها، فنحن أيضا نتشارك في نفس الجريمة حين نكتفي بالصمت.. امنحوا أولادكم حق المصارحة وعلموهم”.
“مجتمعنا محافظ ينكر هذه الظواهر، ويدفن رأسه بالرمال، فقد اعتدنا إخفاء ما يتعلق بالجنس خوفاً من وصمة العار”.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |