الهدف التالي لترامب بعد "سليماني"
سميرة المسالمة
2020-01-18
ينهي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرحلة التراسل عن بعد مع إيران بضربته المباشرة والقاتلة لقاسم سليماني، والقياديين البارزين في الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران، وآخرين قد يخفي قائد مليشيا حزب الله اللبنانية حسن نصر الله هويتهم الحقيقية لبعض الوقت، وهو يبتلع هزيمته ويغص بدموعه، ويستعد لما بعد طور تغيير قواعد الاشتباك التي أعلنتها الولايات المتحدة في عمليتها النوعية أمس الخميس الأول في 2020.
وهم بحسب أفراح الشارع العربي يمثلون رموز الإرهاب الإيراني في سوريا والعراق ولبنان والمنطقة عموماً، ما يعني أننا أمام مرحلة جديدة في المواجهة التي اختصرها ترامب بتغريدة واضحة المعاني "إن إيران لم تفز في الحرب يوماً ولكنها لم تخسر مفاوضات أبدا" ما يعني أنها أمام آخر فرصة للخيار بين حرب خاسرة قد لا تنجو قياداتها من مصير مماثل لسليماني، أو مفاوضات تضمن فيها ماء وجهها وفق عباءة أميركية مقاسها أصغر من إيران المتطاولة حتى حدود العواصم العربية الأربعالتي تتفاخر بالهيمنة عليها (بيروت وصنعاء ودمشق وبغداد) ، ولبسها يستوجب تغييراً ملموساً في شكل وسلوك وخطوات مرتديها.
من جديد تفتح الولايات المتحدة الأميركية الخيارات أمام إيران، بعد أن أنهت قصص "خزعبلاتها" حول قدسية وأسطورة قائد الحرس الثوري الذي التهم من أجساد السوريين والعراقيين وشرب من دمائهم، ليتحول إلى بعبع إيران خارج أراضيها، وتقرر بعمليتها "الاستئصالية" نوع المعركة وزمانها لتحشر النظام الإيراني في زاوية ضيقة فإما الرد على نفاد الصبر الأميركي عليها بحرب يقرر سلفاً ترامب أنها ستكون كسابقاتها "لن تربحها"، أو تبتلع تشبيحها لتتوسط حلفاءها من الغرب لمد طاولة مفاوضات تنهي فيها الإدارة الأميركية الأدوار السابقة التي سمحت بها لإيران في المنطقة بعد قرار انسحابها من العراق.
العملية التي أدت إلى مقتل القاسمي قائد الحرس الثوري ومعه "أبو مهدي المهندس أو جمال إبراهيمي" نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي تعيدنا إلى الشروط ال12 التي أعلنها مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي منذ نحو عام ونيف (16/11/2018) لعودة الولايات المتحدة لإبرام اتفاق مع إيران وتطبيع العلاقات التي تتضمن بين بنودها ما يتعلق بوقف تخصيب اليورانيوم وما يتعلق بالصواريخ الباليستية وإخلاء سبيل المحتجزين الأميركيين، وصولاً إلى وقف دعم الإرهاب بواسطة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والتعامل باحترام مع الحكومة العراقية وعدم عرقلة حل التشكيلات الشيعية المسلحة ونزع سلاحها، والتي تأتي على رأسها قوات الحشد الشعبي، ما يعني أن الولايات المتحدة انتقلت من مرحلة مطالبة إيران بالتنفيذ إلى مرحلة التنفيذ الأميركي المباشر وبأسلحتها الفتاكة.
ما يعني أن الشروط الأميركية التي تتشارك فيها إسرائيل لم توضع في الأدراج كما تروج آلة الدعاية الإيرانية ومن يدور في فلكها فهي ما تزال قيد الحياة ما يجعل الوجود الإيراني في سوريا مهدداً وتحت طائلة التنفيذ، من دون أن تتجاهل الولايات المتحدة التزاماتها في تحذير إيران من استمرار عربدتها على دول الجوار وممارسة عملياتها الإرهابية على حلفائها في المنطقة.
لم ينس آنذاك "بومبيو" حصة حزب الله كتنظيم إرهابي في المنطقة، والتي ساوته بالحوثيين وطالبان والقاعدة، ما يعني أنها بعد أن فرغت من رأس الإرهاب "أبو بكر البغدادي" وقياديين معه و"سليماني" و"المهندس" فإن التالي بحسب بنودها ال12 هو رأس أحد تلك التنظيمات المصنفة -على ذمتها- إرهابية فهل قرأ حسن نصر الله تلك الشروط وفهم مغزى العملية النوعية وتمزيق جثث من سمتهم الولايات المتحدة بالإرهابيين وتسلسل قائمة الموتى في تغريدات رئيسها؟