لم يعد هناك مايكفي
ستنتهي قريباً
ساعات هذا الليل المتأخرة
خمس دقائقَ فقط..
سأغلقُ دفاتري ومذكراتي اليومية
سأنزل الليل في ضلوعي المتحجرة
فغداً .. أنا على موعدٍ جديد
مع عصافيرِ الرَّب المتحررة
غداً
تعود الشمس لمكتبها ..
وتسبحُ في عيوني
نسمةٌ من الصباحِ
تستقر على شفتي قبلاتٌ منتظرة
وغداً
يصيح الديك في السهل
وتتراقص السنبلة على أنغامِ حنجرة
ويعود النبيذ الهارب
من قوارير الأمسِ المتكسرة
سأفتح شباك غرفةٍ ..إلى أن ينقشع الحلمُ
لأعودُ وأرى حقائب سفري
وأرى أوراق شعري العنيدة
و قصيدتي الأخيرة تتراقصُ..
وتختالُ على رفوفي متكبرة
...
إنها مجرد ليلةٌ متكررة
خمس دقائق وأطير على بساطٍ مخملي
يطير بي إلى حاراتي المدمرة
أتجول وحدي ..فأركضُ وحدي
أبحث عن ظل البيتِ
و أسوار ِ المدرسة
عن بائع الورد والعسلِ
عن خبزةٍ تركتها منذُ سنينٍ مقمرة
أبحثُ
عن وسادتي وسريري
عن بيت الله في بيتي
في كل زاوية
عن رسائل العشقِ العابرة
قد غاب الحبُ منذ سنين
معلقٌ على مشانق المعذرة
غداً
سيصيح شيوخ إلى الصلاةِ
وأجراصُ الكنائس والقداس
وتنفجر عيون المؤمنين بدموعٍ منهمرة
سيدعون بحياةِ الملكِ
وعمر الملك
وشوارب الملكِ
وتبقى طوابير الخبزِ والهواء منتظرة
تحصي الساعاتَ والأيام الغابرة
وامرأة تنحني وطفل على ثدييها
يرضع ألم الأبِ العالقِ في الخاصرة
غداً..
سيعودُ الحبُ من منفاهُ الأخير
ستعانق الحسناءُ حبيبها
مرةً ومرتين وثلاثاً وعاشرة
ستطير على سور شرفتي المهترئ حمامةٌ..
ترمي بين كفّي عيونَ من بقيت
على كتفي ساهرة
ترتلُ حروفاً دمشقيةً
تصيغً من شفتيها كلمات حائرة
ويدفئني شَعرُ امرأةٌ
وتعود حقيبتي المسافرة ..
غداً
سنهرب مرة أخرى من الزنازين
سنكسر قيود كل السجانينَ
لنحيى مرة أخرى ونطير
إلى يومٍ نخرج فيه
من هذه الولادة المتعسرة