مارتن لوثر كينغ.. بعيداً عن صناعة الرومانسية التاريخية
ألف
2020-07-25
يعيش الأفروأميركيون اليوم لحظة يرى البعض أنها حاسمة في تاريخ علاقة المواطن الأسود بالسلطة، تأتي بعد أكثر من خمسين عامًا من دخول الطلاب في الكليات والجامعات في جميع أنحاء البلاد، وتأسيس منظمات حقوقية للسود تتناول القضايا النسوية والقانونية والطلابية.
لكن على سبيل المثال، يتصارع الطالب الأفروأميركي اليوم في حرم الجامعات مع مجموعة واسعة من المخاوف مثل خصخصة قوات الشرطة الجامعية، وصعود التعبيرات العلنية عن العنصرية، والتحيز الجنسي وسط دعوات إلى "الكياسة" و"التسامح" ، ناهيك عن الخصخصة المستمرة للتعليم العالي.
وتأتي حركة "حياة السود مهمة" لتربط أعمال الشرطة بمجموعة أوسع من الترتيبات الاقتصادية التي تجرّم الفقراء من أصحاب البشرة الملوّنة بينما تحقق الأرباح للأغنياء. يكافح العمال من أجل رفع الحد الأدنى للأجور، ويسلطون الضوء على إهانات نظام يزيد من أرباح الأغنياء إلى أقصى حد دون الاهتمام بالعمال، ولا سيما إن كانوا سوداً.
وتحت شعار #SayHerName (قل اسمها)، تطرح النساء السود تساؤلات حول نظام يمحوهن من المشهد العام من خلال كشف الاضطهاد الممارس عند تقاطع العرق والجنس، وفي الوقت نفسه تظهر أصوات أفروأميركية تعمل تحت مفاهيم فارغة من التسامح والحلول الوسط.
يضم الكتاب مساهمات وقراءات من خمسة عشر من المنظرين السياسيين ومؤرخي الفكر السياسي
الوقت في أميركا اليوم بالنسبة للمجتمع الأفروأميركي وقت انطلق فيه الصراع على أشده، ويذكر باحتجاجات خمسينيات وستينيات أميركا، وكأن الزمن قد أعاد عقاربه إلى الوراء، وفي الآونة الأخيرة أعادت الجامعات الأميركية تقديم إصدارات نشرتها سابقاً في طبعات جديدة كنوع مكن التضامن مع احتجاجات الشارع ضد عنصرية الأميركي الأبيض تجاه السود، وخصصت معظم الجامعات مثل يال وهارفارد وكولومبيا مدونات لاستعادة تاريخ العنصرية ومعضلات المجتمعات الأفروأميركية والعنف الذي تمارسه الدولة ضدهم من خلال المؤسسات الأمنية.
من بين هذه الإصدارات، أعادت منشورات "هارفارد" مطلع الشهر الجاري نشر كتاب كان قد صدر أول عام 2018، تحت عنوان "لتشكيل عالم جديد: مقالات حول الفلسفة السياسية لمارتن لوثر كينغ" أعدّه وحرّره الأكاديميان تومي شيلبي وبراندون إم تيري.
يشير المحرران في مقدمتهما المشتركة أيضاً إلى أن التأريخ الحالي لحركة الحقوق المدنية التي تعتمد على كينغ يميل إلى التقليل من شأن أفكاره والنظر إليها كنوع من الرومانسية التاريخية، حيث تُرى مساهماته ومساهمات الحركة الأوسع بشكل أساسي كمحاولات عريضة القاعدة من الدولة ككل للتغلب على الانقسام العنصري الطويل لتشكيل اتحاد أميركي يبدو أكثر مثالية.
لكن الإطار الرومانسي الذي وضع فيه الأفروأميركيين خطابات كينغ، بحسب المحررين، لا يقدّر عمقه الفلسفي ودقته في مواضيع مثل حقوق العمل والرعاية الاجتماعية، وعدم المساواة الاقتصادية، والفقر، والحب، ونظرية الحرب العادلة، وأخلاق الفضيلة، واللاهوت السياسي، والعنف، والإمبريالية، والقومية، والتعويضات، والعدالة الاجتماعية وكتاباته الأكثر شيوعًا حول المواطنة والمساواة العرقية وحقوق التصويت والعصيان المدني واللاعنف.
من هنا، يضم الكتاب مساهمات وقراءات من خمسة عشر من المنظرين السياسيين ومؤرخي الفكر السياسي، بالإضافة إلى خاتمة من القس جوناثان ل. والتون، ليقدم العمل حالة متماسكة في الدفاع عن مساهمات كينغ في الفلسفة العامة، أكثر من وضد الجهود الرامية إلى وضعه في صومعة باعتباره ليس سوى "خطيب بارع وقائد ملهم" أو كشخص تكون مساهماته مجرد "تكتيكية وخطابية".
التأريخ الحالي لحركة الحقوق المدنية التي تعتمد على كينغ يميل إلى التقليل من شأن أفكاره
يريد المشاركون في الكتاب تفسير العمق الفلسفي لكينغ حول مجموعة واسعة من القضايا ومساهمته في النظرية السياسية الغربية والفلسفة العامة، على الرغم من أن التركيز المباشر على كينغ قد يجازف بتجاهل الوسط الشعبي الراديكالي الذي لا غنى عنه في إلهامه وتفكيره.
من أبرز المقالات التي يضمها الكتاب "فكرة الكرامة" لروبرت جودنج ويليامز، و"الكمالية الأخلاقية لبول سي تايلور، و"جذور العصيان المدني في الجمهورية والرق" لبرنارد آر، و"نظرية وممارسة السياسة اللاعنفية" لكارونا مانتينا، و"من الغضب إلى الحب: التطهير الذاتي والمقاومة السياسية" لمارثا نوسبوم، و"إثبات حقوق التصويت" لديريك داربي، و"سجون المنسيين: الغيتو والظلم الاقتصادي" لتومي شيلبي.
كما يضم الكتاب مقالات حول "مشكلة النوع الاجتماعي: الذكورة والدمج والعدالة" لبراندون تيري، و"العيش في المنطقة الحمراء: الوقت والديون والعدالة" للوري بلفور، و"تكاليف العنف: العسكرة والجغرافيا السياسية والمحاسبة" لليونيل ماكفيرسون وغيرها الكثير من المقالات التي تتناول المواطنة والأمل والحب.