"اللزوميات" للمعري: نسخة نادرة محقّقة
ألف
2020-09-18
تتعدّد النسخ الأولى من ديوان "اللزوميات" لأبي العلاء المعري، حيث طبع لأول مرّة طباعة حجرية عام 1885 في المطبعة الحسينية في مدينة بومباي الهندية لنسخة خطية مكتوبة سنة 639 هجرية، ثم طُبعت عدّة مرات في مصر، بعضها لم يكتمل لكنها كانت أقل أخطاءّ.
ضمن سلسلة "النشر الرقمي" في "معهد المخطوطات العربية" في القاهرة، صدرت دراسة لنسخة نادرة من الديوان لم تعتمد في نشرات المحققين السابقة مثل نشرة الخانجي وغيرها، وقام بتحقيقها الباحث أسامة عبد الرزاق شيراني.
ويفسّر شيراني أن هذه النسخة تعد "من أنفس نسخ الكتاب لأنها بغدادية كُتبت في مدينة السلام عام 496 هجرية، وكاتبها هو الإمام أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، وقد قرأها من أولها إلى آخرها قراءة ضبط وتصحيح على الإمام أبي زكرياء التبريزي، وقد سمع الأخير الكتاب كلّه على أبي العلاء مرتين؛ مرة بقراءة كاتبه، ومرة بقراءة غيره".
كتب هذه النسخة الجواليقي في بغداد عام 496 هجرية
يوضّح أيضاً أن النسخة كتبت بخط النسخ مضبوطة ضبطاً شبه تام، إذ ضبط فيها الحروف المهملة كذلك، ثم إن الإمام عبد الله بن الخشاب النحوي اللغوي قرأ الكتاب كلّه على الأمام الجواليقي وفرغ منه عام 517 هجرية (أي بعد 21 عاماً من بدء كتابته)، ثم انتقل الكتاب بعد ذلك إلى إمام مصر فكانت بحوزة أبي عبد الله محمد المصري المعروف ببهاء الدين ابن النحاس، وجاء على غلافها: بخط أبي منصور الجواليقي.
وافتتحت النسخة بـ"كتاب لزوم ما لا يلزم قبل حرف الروي. من شعر أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري. نظمه على حروف المعجم في العظة والوهد وذم الدنيا...."، حيث يلفت شيراني إلى أن أبو العلاء قد سمّى كتابه في مقدمته "لزوم ما لا يلزم" من دون هذه الزيادة، فيتحمل أن تكون من التبريزي أو الجواليقي، ويحتمل أن تكون من أبي العلاء نفسه.
يروي المحقق قصة انتقاله إلى مصر على لسان واحد ممن امتلكوا هذه النسخة لاحقاً، إذ كان يراه لدى ابن النحاس، حتى اشتراه له بعد رحيله ناصر الدين الرومي، ويورد كذلك بيتين للتبريزي يمتدح فيهما الكتاب قائلاً: تمتع به به علقاً نفيساً فإنه/ مقال بصير بالأمور حكيم/ أراك من الدنيا حقيقة حالها/ وسكانها من جاهل وعليم.
يبيّن شيراني الاختلافات بين هذه النسخة وطبعتي الخانجي والهيئة العامة المصرية للكتاب في اثنين وخمسين موضعاً، ومنها مخاطبته فيها أهل اللغة في الصفحة 22 بينما يخاطب أهل العلم في الطبعتين السالفتين، أو قوله فيها "في الأرض إلا منزلا" في الصفحة 75، بينما يرد في الطبعتين الأخرينيتن "في الدهر إلا منزلا".