لأنَّنا لسنا وحيدَين نصوص لماريو بينيديتي
ألف
2020-11-07
تضمُّ مجموعة "الحبّ، النساء والحياة" (1995)، التي اخترنا منها هذه القصائد، أفضل قصائد الحبّ التي كتبها الشاعر الأوروغوياني. الحبُّ، وفقاً له، هو بديل الموت، يُظهره لنا مليئاً بالإيمان، فهو القوَّة الرئيسة التي تحرّك الكائن البشري وتعلن وجوده.
امرأةٌ عاريةٌ في الظلمة
حينما تبتسمينَ
حينما تبتسمينَ
يخطرُ لي أنَّ ابتسامتَكِ هيَ النَّجاة،
الأثر الَّذي يتركه المستقبلُ فيكِ،
ذاكرة الخوف والأمل،
آثار خطواتِكِ في البحر،
نكهة الجلد وحزنه.
حتَّى العالم الذي يسهر مراقباً مراراته،
يبتسمُ معكِ،
حينما تبتسمينَ.
■ ■ ■
خطّة واستراتيجيَّة
خطَّتي هي تأمُّلكِ
أنْ أتعلَّمَ ما أنتِ،
أنْ أحبَّكِ كما أنتِ.
خطَّتي هي التّحدُّثُ إليكِ،
وسماعُكِ،
بناءُ جسرٍ من الكلمات لا يمكن تحطيمُه.
خطَّتي هي البقاءُ في ذكراكِ
لا أعرفُ كيفَ؟ بأيِّ حجَّة؟
إنّما، البقاءُ في ذكراكِ.
خطَّتي هي أن أكونَ صريحاً معَكِ
وأن أعرفَ أنَّكِ صريحةٌ
كي لا يخدعَ بعضُنا الآخر
ولا يكون هنالك بيننا
ستارٌ أو هاوية.
استراتيجيَّتي، في المقابل،
أكثرُ عمقاً وبساطة.
استراتيجيَّتي هي
لا أعرف كيفَ؟ بأيِّ حجَّةٍ؟
ولكن،
أن تحتاجيني
في أحد الأيَّام.
■ ■ ■
قلبٌ مُحصَّنٌ
لأنّي أمتلكُكِ ولا أمتلكُكِ
لأنّي أفكِّرُ فيكِ
لأنَّ المساءَ بعيونٍ مفتوحة
لأنَّ المساءَ يمضي، وأقول الحبَّ
لأنَّكِ جئتِ لأخذِ صورتِكِ،
وأنتِ أجملُ من كلِّ صوركِ
لأنَّكِ جميلةٌ من القدم حتَّى الرّوح
لأنَّكِ طيّبةٌ من الرّوح وصولاً إليَّ
لأنَّكِ تختبئينَ جميلةً بالغرور،
صغيرةً وجميلة
قلبي مُحَصَّن.
لأنَّكِ لي
لأنَّكِ لستِ لي
لأنِّي أنظرُ إليكِ وأموت
وأسوأ من موتي
هو إنْ لم أنظرْ إليكِ، يا حبيبتي،
إنْ لم أنظرْ إليكِ.
لأنَّكِ تُوجَدينَ دائماً في كلِّ الأماكن
لكن، تُوجَدينَ أفضل أنَّى أريدُ
لأنَّ فَمَكِ دَمٌ
وتشعرينَ بالبرد
يجبُ أنْ أحبَّكِ، يا حبيبتي
يجبُ أنْ أحبَّكِ.
حتَّى لو كان هذا الجرح يؤلم كاثنين،
حتَّى لو بحثتُ عنكِ ولم أجدْكِ
حتَّى لو مضى المساء
وامتلكتُكِ ولم أمتلكْكِ،
عَليَّ أنْ أُحبَّكِ، يا حبيبتي.
■ ■ ■
أحبُّكِ
يداكِ هما اللَّمسةُ اللطيفةُ الَّتي أُحبُّ
ذكرياتي اليوميَّة،
أحبُّكِ لأنَّ يديكِ تعملانِ من أجلِ العدالة.
إذا كنتُ أحبُّكِ فلأنَّكِ حبيبتي، وشريكتي، وكلُّ شيء
وفي الطريق، جنباً إلى جنب،
نكون أكثرَ من اثنين.
عيناكِ هما تعويذتي أمامَ الوقتِ السيّئ
أحبُّكِ من أجل نظرتِكِ الَّتي تُبصِرُ وتزرعُ المستقبل.
فمكِ الَّذي هو لكِ ولي
فمكِ هذا لا يُخطئُ
أحبُّكِ لأنَّ فَمَكِ يعرفُ كيفَ يصرخُ التّمرد.
إذا كنتُ أحبُّكِ فلأنَّكِ حبيبتي، وشريكتي، وكلُّ شيء
وفي الطريق، جنباً إلى جنب،
نكون أكثرَ من اثنين.
ومن أجل وجهكِ النَّقي
وخطوتكِ المتشرِّدة
وبُكائكِ على العالم،
ولأنَّكِ شعبٌ،
أحبُّكِ.
وَلأنَّ الحُبَّ ليس هالةً
ولا عبرةً غير نافعة،
ولأنَّنا لسنا وحيدَين،
أحبُّكِ.
أحبُّكِ
في جنَّتي،
أي في وطني
أنَّى الناسُ تعيشُ سعيدة
دون إذنٍ.
إذا كنتُ أحبُّكِ فلأنَّكِ حبيبتي، وشريكتي، وكلُّ شيء
وفي الطريق،
جنباً إلى جنب،
نكون أكثرَ من اثنين.
■ ■ ■
العكسُ بالعكسِ
أخافُ رؤيتَكِ
وأحتاجُ إلى رؤيتِكِ،
لديَّ آمالٌ برؤيتكِ
وارتباكٌ من رؤيتكِ.
تنتابُني رغبةٌ في العثورِ عليكِ
قلقٌ من العثورِ عليكِ
ثقة،
وشكوكٌ فقيرةٌ لإيجادِكِ.
أشعرُ كم هو ضروريٌّ لي سماعُكِ
والفرحُ لسماعِكِ،
أشعرُ كم حظّيَ جميلٌ لسماعِكِ
وأخافُ سماعكِ،
أي باختصار،
أنا مُتعبٌ
ومتوهِّج.
قد أكون مُتعباً أكثر من كونيَ مُتوهِّجاً،
لكن أيضاً، العكسُ بالعكسِ.
■ ■ ■
قصيدةٌ غزليَّةٌ في شريط كاسيت
الآنَ، بعدَ أن ضغطتُ زرَّ التَّشغيلِ،
سأتجرَّأُ وأبوحُ بما خشيْتُ
أنْ أقولَهُ لكِ وجهاً لوجه:
أن تضغطي، على الفور، زرَّ الإيقاف.
امرأةٌ عاريةٌ في الظلمة
امرأةٌ عاريةٌ في الظلمةِ
لها بريقٌ يُضيْءُ
بحيثُ إذا خابَ الأمل
وانقطعتِ الكهرباء،
أو حلَّ المساءُ دونَ قمر
كان ضروريّاً ومفيداً أن تكونَ معكَ امرأةٌ عارية.
امرأةٌ عاريةٌ في الظلمة،
تولِّد بريقاً يبعثُ على الثقة،
فيتحوَّلُ التقويمُ إلى عُطلة،
وترتجفُ أنسجةُ العنكبوتِ في الزوايا،
تنظرُ العيونُ المترقِّبةُ والسعيدة
ولا تتعب.
امرأةٌ عاريةٌ في الظلمة
دعوة للأيادي،
قدرٌ للشفاه،
واستهلاكٌ للقلب.
امرأةٌ عاريةٌ هي لغزٌ،
وفكُّ رموزِها العيدُ.
امرأةٌ عاريةٌ في الظلمة
تُفجِّرُ ضوءاً خاصّاً
وتضيْئُنا
مُحوِّلةً السقفَ إلى سماء.
معَ امرأةٍ حبيبةٍ أو مُضيئة،
تقهر الموتَ مرَّةً واحدة
سيكونُ عظيماً الإثمُ.
* ترجمها عن الإسبانية: جعفر العلوني
بطاقة
Mario Benedetti شاعر وروائي ومسرحي وناقد أدبي من الأوروغواي (1920 - 2009)، لديه أكثر من خمسين عملاً، أدبيّاً معظمها مترجم إلى لغات أجنبية. نُفي عن بلده لأسباب سياسية. له العديد من الكتب والروايات، أشهرها "الهدنة" (1960)، و"ربيع العمر المكسور" (1982). وفي الشعر: "يوميّات" (1979)، و"جغرافيا" (1984)، و"العالم الذي أتنفّسه" (2000)، و"الحبّ، النساء والحياة" (1995).