النظام السوري يخترع: "هنريك بانتينوي..الصحافي في واشنطن بوست"
ألف
2021-03-20
"إلى حسان عباس"
هنريك بانتينوي هو اسم لشخص لا وجود له، اخترعته دعاية النظام السوري قبل سنوات، على أنه كاتب صحافي مرموق في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، وتنتشر له من حين إلى آخر نصوص تدعي وسائل الإعلام الموالية للنظام والصفحات التابعة له في مواقع التواصل، أنها نشرت في كبرى وسائل الإعلام الغربية دعماً لرئيس النظام بشار الأسد.
ويظهر أول ذِكر لبانتينوي العام 2012 ضمن منتديات خاصة بالشأن السوري. ويمكن رصد مقالات مزعومة له في وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية، من بينها قناة "العالم" الإيرانية العام 2017. كما عاد اسمه للظهور اليوم في "فايسبوك" بعد نشر مقال له يتحدث عن ذكاء الأسد وعظمة الجيش السوري وغير ذلك من العبارات المشابهة.
وفيما يمكن رصد العديد من المقالات المختلفة لهذه الشخصية، فإن النص المتعلق بذكاء الأسد تحديداً، يعاد تدويره كل عام، وظهر العام الماضي في الموقع الرسمي لحزب "البعث" الحاكم في البلاد.
وبحسب منصة "مسبار" المتخصصة في كشف الأخبار الكاذبة، يتشارك المستخدمون اليوم الخبر الزائف الذي يحمل عنوان: "الأسد ذكي جداً.. والجيش السوري عظيم.. والشعب السوري لا ينطبق عليه تصنيف العالم الثالث". وادعى ناشرو الخبر، أنّ المقال وصف ذكاء رئيس النظام السوري بأنه فاق حد المعقول، وأنّه بات قاب قوسين أو أدنى من إعلان انتصاره الكبير على العالم، وأنّ ما من جيش في العالم يمكنه تحمّل ما تحمّله الجيش السوري، لذا فهو جيش عظيم يستحق الاحترام.
والحال أن آخر مقال لـ"واشنطن بوست" عن الشأن السوري، نشر الأربعاء، وتناول موضوع الذكرى السنوية العاشرة للثورة السورية. كما أن "الكاتب" نفسه غير موجود حيث لا يتضمن أرشيف الصحيفة العريقة أي ذكر له.
لا يعتبر ذلك مفاجئاً بالطبع، فالنظام السوري طوال السنوات العشر الماضية، حاول الاستناد إلى تقارير كاذبة وشهادات مزورة لترويج أفكاره حول الصراع في البلاد. وتبرز حادثة اختلاق شهادات مفبركة لمنظمة "أطباء سويديون بلا حدود" حول فريق الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" ومجزرة الكيماوي في خان شيخون العام 2017، والتي حاكتها وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء حينها، ما استدعى إصدار المنظمة بياناً صححت فيه المعلومات المضللة.
وتكررت الشهادات نفسها، وشهادات مماثلة، ضمن الإعلام الرسمي، بما في ذلك قناة "الإخبارية السورية"، وقناة "المنار" التابعة لحزب الله وحتى "روسيا اليوم". حيث تحاول تلك الوسائل الإعلامية تأكيد "مصداقيتها" عبر الاستعانة بمصادر غربية، رغم العداء المعلن للغرب بوصفه المشرف على المؤامرة الكونية، علماً أن هذا التناقض في شتم الغرب من جهة والاستماتة في الاعتماد عليه من جهة ثانية ليس عشوائياً، لأن النظام يدرك أنه فاقد للمصداقية ويحتاج بالتالي إلى "جهات محايدة" تتبنى موقفه، بغض النظر عن دقة المعلومات التي يتم بثها.